(بوسي) ونور الشريف.. حب في الحياة وعلى الشاشة (3)
* كان اللقاء السينمائي الأول بين (بوسي) ونور الشريف في فيلم (السكرية) لحسن الإمام عام 1974
* شكل نور الشريف المرحلة الأهم في العطاء السينمائي لـ (بوسي)
* عمل (بوسي) ونور الشريف في ثمانية عشر فيلما، وكانا أبرز الثنائيات في الفترة بين عامي 1973و2001
* كتب الناقد مجدي فهمي عن أداء (بوسي) في فيلم (الضحايا) قائلا: بدت في عيني، متأثرة بزبيدة ثروت
بقلم الناقد والباحث السينمائي : محمود قاسم
يهمنا ونحن نتحدث عن مشوار النجمة (بوسي) أن نتوقف عند الثنائيات الفنية التي صنعتها على الشاشة مع اثنين من النجوم هما (نور الشريف)، قرينها في الفن والحياة أيضا.
ثم فاروق الفيشاوي الذي جمعتهما ستة عشر فيلماً منذ أن التقيا معاً لأول مرة في عام 1982 في فيلم (فتوة الجبل)، حيث كونا ثنائياً تكرر وجوده في أفلام متباينة الأهمية .
الثنائي (بوسي) ونور الشريف
اليوم سنتوقف مع جزء من أفلام بوسي مع النجم نور الشريف، وفي الحلقة القادمة نستكمل الرحلة، خاصة وأن الثنائي (بوسي ـ نور الشريف) هو المرحلة الأهم في تاريخ الفنانة، سواء على المستوى الإنساني والعائلي، أو على المستوى الفني خاصة السينما.
فقد التقت (بوسي) بنور في فترة مبكرة من حياتها كما تحكي إلى عنتر السيد في مجلة الكواكب فتقول: (حبيته بكل أحاسيسي ومشاعري، وكنت لا أستطيع أن أبوح بحبي لأحد، لأنني كما قلت كنت في ذلك الوقت في الصف الثالث الإعدادي وعمري لا يتخطى 15 عاماً.
إقرأ أيضا : (بوسي) .. قطة الشاشة التى غزت القلوب منذ طفولتها (1)
ولكن كنت جرئيه جداً في حياتي، وأعترفت بحبي لنور لـ (ماما)، لكن والدي كان لا يعرف ذلك، ورغم أنني اعترفت لها بقصة حبي، إلا أنها وقفت ضد هذا الموضوع بقوة.
وحاولت أن تثنيني عن هذا الحب لأنني مازلت صغيرة، وفي سنوات الدراسة، ولكنني صممت على رأيّ واحتفظت بحبي حتى الصف الثالث الثانوي وفي ذلك الوقت تمت خطبتي بعد 4 سنوات حب).
رومانسية نور و(بوسي)
شكل نور الشريف المرحلة الأهم في العطاء السينمائي لـ (بوسي)، وقد ارتبط الاثنان لدى المتفرج بأجواء الرومانسية المثالية.
وهى صورة مرغوبة دائماً في الأفلام التي يقوم ببطولتها النجوم من المتزوجين، حيث يود المتفرج أن يرى في قصص الأفلام التمثيلية امتداداً لواقع أو مشاعر حقيقية في الحياة.
فحين تعبر الفنانة (بوسي) لحبيبها في الفيلم أنها تحبه، فهي تحبه بالفعل في التمثيل والحياة، لذا عمل الاثنان في ثمانية عشر فيلماً.
وكان نور و(بوسي) أبرز الثنائيات في الفترة بين عامي 1973 و2001، وقد جسدا في أغلب هذه الأفلام دور العاشقين، أو الزوجين.
خاصة في أفلام: (قطة على نار، وحبيبي دائماً، والحكم آخر الجلسة، وجذور في الهواء، ولعبة الانتقام)، ثم (كروانة)، وأخيراً (العاشقان).
هما إذن عاشقان في مجموعة كبيرة من الأفلام، الحب بينهما مثالي، وهو التعبير الذي استخدمناه آنفاً، فهو حب لا يعرف المستحيل.
وإن كانت نهايته في الكثير من الأحيان هى الفراق بالموت، مثلما حدث في (حبيبي دائماً، وكروانة).
السكرية جمعت بين نور و(بوسي)
كان اللقاء السينمائي الأول بين (بوسي) ونور الشريف في فيلم (السكرية) لحسن الإمام عام 1974، دون أن تكون هناك فرصة لالتقاء العاطفي بينهما.
فهي ابنة من أحفاد السيد أحمد عبدالجواد، سوف تتزوج من ابن خالتها، الذي أطلق لحيته، وأعلن التزامه الديني، وبدا خجولاً، مليئاً بالحياة.
أما هى ففتاة متفتحة، تعيش في فترة الأربعينيات بما يختلف عن الحياة التي عاشتها والدتها وخالتها من تشدد اجتماعي وانغلاق.
فقد أطلقت لشعرها العنان، ويمكنها أن تكشف بعضاً من الديكولتيه، وهى فتاة جميلة، تقرر أن تحطم خجل خطيبها الذي سيتقدم إليها.
وأن تختصر فترة التقارب الأول بينهما، فترمي عليه شباكها، وتطلق ضحكتها الرنانة المجلجلة، المعهودة عن الممثلة!، وهى كفيلة أن توقع الرجل، وأن تجعله يختصر زمن تقربه إليها.
أما (نور الشريف) الزوج في الواقع، فهو في (السكرية) يقوم بدور (كمال) الذي يعجب بالشقيقة الصغرى لحبيبته التي سبق أن أحبها في (قصر الشوق)، وسافرت مع زوجها إلى الولايات المتحدة، فتركت قلبه محطماً، كي يجدد قصة حب أخرى مع أختها الصغرى.
النصابين الخمسة بين (بوسي) ونور
كان اللقاء الثاني الذي جمع بين بوسي ونور، في سوريا في العام نفسه، في فيلم باسم (النصابين الخمسة) إخراج نجدي حافظ.
لم تكن بين الاثنين قصة حب مباشرة، بل أن حميدة (بوسي) سوف تحب رجلاً آخر، هو محمود (محمود جبر) الذي تقرر مجموعة من الأشخاص الاستيلاء على نقوده.
فهو رجل بالغ الثراء والبخل معاً، لهذا يصبح هدفاً لكل من حوله، حيث تتشاجر النساء من أجل الحصول عليه.
وقصة الحب الأساسية في الفيلم هى بين النصاب (شكري وناهد) التي ترى (محمود أفندي) يعدّ أمواله المكدسة.
ثم تقوم (حميدة) بإلقاء الشباك على محمود وسط رغبة أهل العمارة في الاستيلاء على الأموال لرجل صدمته ضربة في رأسه فبدا غائباً عن الوعي، وهو يتنقل بين الأماكن.
وعلى كل فنحن أمام فيلم لا تدخله (بوسي) في حساباتها ولا (نور الشريف)، لكنه عمل فني، أياً كانت قيمته، جمعهما معاً، خاصة خارج مصر .
لكن في العام نفسه، يكون اللقاء المباشر الأول بين الزوجين (بوسي) ونور على الشاشة في فيلم (ليال لن تعود) إخراج تيسير عبود.
إقرأ أيضا : (بوسي).. صاحبة الضحكة الأنثوية المجلجلة (2)
وهو فيلم كانت البطولة الأولى فيه لناهد شريف، أسوة بالفيلم الأسبق، لكن (بوسي) كانت موجودة في المجال العاطفي أمامه.
وذلك من خلال رغبة حسين في الانتقام من حبيبته القديمة (ليلى) التي تركته، واقترنت بثري يدعى (رضوان) من خلال إغواء ابنة الزوج التي تحبها (ليلى) كابنتها، فقد سبق لليلى أن ارتبطت بعلاقة غير شرعية مع (حسين).
وعندما يلتقيان بعد أن تتزوج من الثري العجوز ، يظهر (حسين) كي يهدد (منى)، ويهددها بإفشاء سرها إلى زوجها، ثم يرمي بشباكه على الشابة (ليلى)، ابنة الزوج التي سرعان ما تقع في هواه وتنساق إليه فيحاول الاعتداء عليها.
وأمام هذه التوترات، فإن الزوجة تصل في الوقت المناسب وتقتل (حسين) كي تنقذ (ليلى)، قد لا تهمنا بقية الحدوتة في الفيلم، ولكن تهمنا الشخصية التي جسدتها (بوسي) في الفيلم ، وارتباطها بصورة العلاقة في الحياة.
فقد بدأ الثنائي سينمائياً بشكل غير عاطفي، أو رومانسي، ولاشك أن هذا النوع من العلاقات يؤثر على السمة العامة في ثوب الرومانسية الذي ظهر به الزوجان في الفيلم.
فالمتفرج الذي يرى (حسين)، وهو يحاول أن يخدع (ليلى) وأن يغتصبها كنوع من الانتقام من زوجة أبيها، يعرف جيداً أن الممثلين الذين يؤديا هاتين الشخصيتين، هما في الواقع زوجان سعيدان!.
ويترك هذا أثراً سلبياً يعضد الإحساس بالتمثيل لدى المتفرج الذي يعرف تماماً أن الممثل لا يمكن أن يتوافق مع (حسين) فيما يفعله بليلى، وأن (ليلى) لا يمكن للممثل أن يفعل بها هذا في الواقع.
أشكال الثنائيات السينمائية
يسوقنا هذا إلى ما يسمى بأشكال الثنائيات السينمائية، فالثنائي الرومانسي، دائماً ما يكون في حالة حب، مثل الثنائي الذي شكله (عماد حمدي، وفاتن حمامة).
وهناك ما يسمى بالثنائي المشارك، الذي يؤدي فيه الممثلان الرئيسيان فيه أدواراً لرجل وامرأة ، هما في الغالب في حالة نفور اجتماعي أوعاطفي، لو حتى ارتبطا في الأفلام برباط شرعي، ولعل أشهر هذه الثنائيات هما (نور الشريف، وميرفت أمين).
إذن فقد شكل الثنائي الذي ربط بين (بوسي) ونور الشريف، مرحلة وسط بين النوعين المذكورين، فالعلاقات لم تكن كلها رومانسية رقيقة.
تلك التي ربطت بين الطرفين في الأفلام التي جمعت بينهما، وسوف ترى أن الثنائي كان متنافراً في بعض الأفلام، متوحداً إلى أقصى حداً في البعض الآخر.
وقد اتضح هذا بكل وضوح في أفلامهما الأولى معاً، بل اتضح أيضاً في أفلام جمعتهما كزوجين، حسب موضوع الفيلم.
(بوسي) وفيلم (الضحايا)
في عام 1975، دارت أحداث فيلم (الضحايا) داخل إحدى إصلاحيات للبنات المراهقات حيث يتولى الدكتور (عصمت) مسؤولية المشرف الاجتماعي، لهذه الإصلاحية.
وهى سجن خاص للقاصرات اللاتي حصلن على حكم قضائي، و(منى/ بوسي) في هذا الفيلم، هى واحدة من مجموعة مراهقات صغيرات جئن بسبب جرائم ارتكبتها، وتفننت كل واحدة منهن في تدبير المقالب، أو المكائد للدكتور (عصمت)، فالسجينات من كل نوع، وكل بيئة، والتهم مختلفة متباينة، يجمعهن جميعاً سن متقارب.
و(منى) المراهقة تزوجت من رجل يكبرها في السن رغماً عن أنفها، فلما فشل في أن يرويها جنسياً اتخذت لنفسها عشيقاً، لم يكن سوى تاجر رقيق، وقد قبض عليها عندما داهمت الشرطة شقته.
إقرأ أيضا : سر لقاء (ديمس روسس) ببوسي ونورا في نهاية السبعينات، وغنائه الأخير لـ (تحيا مصر) !
إذن فنحن لسنا أمام ثنائي، ولم تكن البطولة المطلقة قد صارت حتى الآن من نصيب (بوسي)، بعد تجربتها مع سعد عرفة.
فالدكتور (عصمت) يحاول بشتى الطرق، أن يمنح الفتيات الحنان والحب والنصيحة، وذلك رغم كل المتاعب التي يواجهها.
فقد راحت منى تطارده بصورة متكررة مما اضطره أن يعالجها طبياً للحد من رغباتها، ثم ألحقها للعمل كممرضة عند الطبيب الذي عالجها.
الذي يذكر هذا الفيلم، يرى في (بوسي) نجمة إغراء من المقام الأول، وذلك في المشاهد التي ترمي شباكها حول المشرف الاجتماعي.
فهي صاحبة ممتلكات جسدية فاتنة، تستطيع أن تتلوى أمامه بكل ما لديها من قدرة على توليد الفتنة لديه، أما هو فيبدو جامداً، صلداً، يقاومها بكل قوته.
وقد كتب مجدي فهمي، عن أداء (بوسي) في هذا الفيلم قائلا: (بدت في عيني، متأثرة بزبيدة ثروت)، ولعله يقصد بذلك جمال الوجه وبراءته، وليس محاولة الفتاة أن تكون مغرية، على كل فلاشك أن الوجه البريء لـ (بوسي)، ساعد في أن تكون القطة هنا تجمع بين الاستكانة، والقدرة على خربشة من أمامها.