* برزت من تلك الأعمال في عام 1970 مسرحيتان مصريتان على مسرح برلين، الأولى (النار والزيتون) تأليف الفريد فرج
* قام محفوظ عبد الرحمن بكتابة مسرحية (كوكب الفئران)، عام 1986م، وفيها رمز للصهيونية وأفعالها في أراض (فلسطين) بالفئران المفترسة
* سارع الفنان الكبير يوسف وهبي بعرض مسرحيته (الصهيوني) التى قام بتأليفها وبطولتها وإخراجها على مسرح الأوبرا الملكية
* (فتوح نشاطي) والكاتب (نيروز عبد الملك) قدما مسرحية من تأليفهما بعنوان (العائد من فلسطين)، على خشبة المسرح القومي بطولة (أحمد علام)
* بأسلوب المسرح التسجيلي كتب يسري الجندي مسرحيته (اليهودي التائه) بعد هزيمة يونية وفيها يعطي الأمل في إنقاذ فلسطين من براثن الصهيونية
أكد (فؤاد حداد) في مسرحيته (الحمل الفلسطين)ي رفض الشعب الفلسطيني للحياة في ظل الاحتلال، وأن المقاومة ستستمر لأن روحها موجودة في بطون الحوامل.
كتب : أحمد السماحي
لم تغب (فلسطين) كقضة مصيرية عن نبض المسرح المصري منذ بدايته، حيث قدم مجموعة من أهم أعماله المسرحية تتحدث عن جوانبها الظاهرة والباطنة، سواء بالتعبيرالمباشر أو الرمز.
وقد كتب هذه الأعمال مسرحيون كبارا منهم (عبدالرحمن الشرقاوي، رشاد رشدي، الفريد فرج، سعد الدين وهبة، نعمان عاشور، لطفي الخولي، معين بسيسو، سهيل إدريس، هارون هاشم رشيد، علي سالم، محفوظ عبدالرحمن، يسري الجندي، أبوالعلا السلاموني، محمد سلماوي، شريف الشوباشي).
ولاقت عروض هؤلاء الكتاب نجاحا كبيرا، واستطاعت جذب مشاهدة جماهيرية ضخمة، واستقطبت كتابات نقدية هامة،
ولقد برزت من تلك الأعمال في عام 1970 مسرحيتان مصريتان على مسرح برلين، الأولى (النار والزيتون) تأليف الفريد فرج، وكتب أشعارها شاعر (فلسطين) محمود درويش، وألحان علي إسماعيل، وبطولة (محمود ياسين، محمود الحديني، رجاء حسين، نجاة علي، وغيرهم).
والثانية (الغرباء لا يشربون القهوة) تأليف محمود دياب، ويوم شاهد الشاعر اليهودي (فلاديمير ديفيد) مسرح محمود دياب قال: (هذا الفن علمني حقيقة الصراع العربي الإسرائيلي).
إقرأ أيضا : (التغريبة الفلسطينية).. أيقونة دراما (فلسطين) بلا منازع (2)
أما المستشار النمساوي (بريت باور) فقال: شاهدت مسرحية (النار والزيتون) وعرفت قضية فلسطين من خلال مسرح ألفريد فرج، أما الناقد (فرانس أيدولف) فقال (النار والزيتون) مسرحية ملهمة عبرت عن عمق الجرح الذي أحدثه العدو الصهيوني في الأرض المحتلة، عمق مادي ونفسي وحضاري.
ولجأ كثير من الكتاب في حديثهم عن قضية (فلسطين) إلى الرمز، من هولاء الدكتور رشاد رشدي في مسرحيته (حبيبتي شامينا) التي قدمت على المسرح القومي من إخراج سمير العصفوري عام 1972م.
وفيها استوحى أحداثها وشخوصها من نشيد الإنشاد، ورمز لفلسطين بشخصية شامينا، كذلك قام محفوظ عبد الرحمن بكتابة مسرحية (كوكب الفئران)، عام 1986م.
وفيها رمز للصهيونية وأفعالها في أراض (فلسطين) بالفئران المفترسة التي أهلكت الأراضي الزراعية في إحدى القرى الريفية، وأيضاً كتب سمير الجمل مسرحية “الأم” عام 1988م.
وفيها رمز لـ (فلسطين) بالفتاة المغتصبة، كما رمز للعرب في اختلافهم حول القضية الفلسطينية بأشقاء الفتاة المختلفين حول إيجاد الحل الأمثل لمأستها.
جورج أبيض و(فلسطين)
تعود علاقة (فلسطين) بالمسرح المصري إلى بداية القرن الماضي وبالتحديد عام 1913م، فقد عرفت (فلسطين) عروض المسرح من خلال الفرق المصرية، عندما زارت فرقتي جورج أبيض، وسلامة حجازي، مدينتي (يافا، والقدس).
ومثلت فيهما ثلاث مسرحيات، هى (لويس الحادي عشر، وأوديب، وصلاح الدين الأيوبي)، وهذه العروض تعد أول عروض مسرحية عربية في المدن الفلسطينية، ومسرحية (صلاح الدين الأيوبي) لها دلالتها فعندما عرضت في القدس ذكرت الأهالي بأمجاد بطولة هذا القائد العربي المسلم في استرداده لمدينة القدس.
إقرأ أيضا : حارس القدس وحراس الدراما السورية
وبعد النجاح الذى حققته فرقتي جورج أبيض، وسلامه حجازي توالت العروض المسرحية كما يقول الدكتور “سيد على إسماعيل” في بحثه عن “المسرح والقضية الفلسطينة”، فقدم كل من (علي الكسار، ومنيرة المهدية، وفوزي منيب، ويوسف وهبي، ونجيب الريحاني، وفرقة عكاشة) العديد من العروض المسرحية الناجحة.
يوسف وهبي يتبرع لـ (فلسطين)
ولم يتوقف جهد المسرحيين على مساندة (فلسطين) بعرض أعمالهم فقط، فعندما اندلعت (ثورة البراق) هو الاسم الذي أطلقه الفلسطينيون على الاشتباكات العنيفة التى اندلعت في مدينة القدس في 9 أغسطس 1929، أيام الانتداب البريطاني على فلسطين.
فقد سارع الفنان (يوسف وهبي) بتقديم حفلة خيرية بمسرحه في شهر ديسمبرعام 1929م، وعرض فيها مسرحيته (كرسي الاعتراف)، ويومها تبرع بإيرادها لمنكوبي عرب فلسطين من الجرحى أوالقتلى والشهداء أوالمحكوم عليهم بالإعدام، ممن دافعوا عن (حائط البراق) بوصفه من الأمانات الإسلامية المقدسة.
الصهيوني.. ونكبة (فلسطين)
بعد إعلان الكيان الصهيوني بأن (فلسطين) أصبحت دولته، سارع الفنان الكبير يوسف وهبي بعرض مسرحيته (الصهيوني) التى قام بتأليفها وبطولتها وإخراجها على مسرح الأوبرا الملكية، وشاركه البطولة ( فؤاد شفيق، أمينة رزق).
وتدور أحداثها حول شاب ابن باشا عسكري قديم يسخط على أبوه الذي يراع شابا عابثا، فيقرر أن يصبح ضابطاً بسلاح الطيران بالجيش المصري تلبية لنداء الواجب في حرب الصهيونيين بفلسطين، وتدور باقي الأحداث التى تحمل مفاجأت عديدة.
فتوح نشاطي و(العائد من فلسطين)
وفى نفس الفترة يقدم الفنان (فتوح نشاطي) والكاتب (نيروز عبد الملك) مسرحية من تأليفهما بعنوان (العائد من فلسطين)، على خشبة المسرح القومي في موسم 1949/1950م بطولة (أحمد علام) وإخراج فتوح نشاطي.
إقرأ أيضا : (طوفان الأقصى) يتجسد في ألبوم (يا قدس يا حبيبتي) تحية لشعب (فلسطين)
والمسرحية لم تعالج نكبة فلسطين بصورة مباشرة، بل رمزت لها بأحد الضباط المصريين العائدين من حرب 1948، بعد أن سبقه خبر غير صحيح يعلن وفاته، ولكنه يعود حياً بعد شهرين.
وكأن المؤلفين أرادا أن يقولا إن (فلسطين) ستعود، وأن خبر ضياعها خبر كاذب، وقريباً ستعود إلى الأمة العربية، ونفس الفكرة طرحها الكاتب (داود جمجوم) في مسرحيته (فلسطين للعرب)، التي ألفها عام 1948م.
الخيانة العظمى لـ (فلسطين)
بعد أن أثار موضوع قضية المتاجرة فى الأسلحة الفاسدة فى حرب (فلسطين) جدلا كبيرا في الشارع المصري، كان طبيعيا أن يتناوله المسرح، فقدم عملاق المسرح يوسف وهبي عام 1951 مسرحيته الخالدة (الخيانة العظمي)، التى قام بتأليفها وإخراجها وبطولتها مع فاخر فاخر، منسى فهمى، نجمة إبراهيم، ولطفي الحكيم.
مأساة اللاجئين في (فلسطين)
وعن مآسي اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات، وما يعانونه من جوع وإذلال وموت ومرض، وشعور بالظلم، قدم الكاتب محمد مصطفى شبانة عام 1961م، مسرحيته (عائدون) هذه المآسي التي تعرض لها اللاجئون في المخيمات لم تنل من عزيمتهم، بل زادتهم إصراراً وإيماناً بالعودة إلى ديارهم في فلسطين.
وهذا هو هدف مؤلف المسرحية، الذي عبر عنه في (نشيد العودة) لهارون هاشم رشيد كخير ختام للمسرحية.
شكلت هزيمة 5 يونية عام 1967 صدمة كبرى للعرب بصفة عامة، وللمصريين والفلسطينيين بصفة خاصة، ومن ثم فقد ترجم المسرح هذه المأساة التى يعيشها العرب.
فقدم المسرح القومي عام 1969 رائعة عبدالرحمن الشرقاوي (وطني عكا) إخراج كرم مطاوع، وبطولة (سميحة أيوب، محمد السبع، عزت العلايلي، نعيمة وصفي، وغيرهم).
اليهودي التائه في (فلسطين)
وبأسلوب المسرح التسجيلي كتب يسري الجندي مسرحيته (اليهودي التائه) بعد هزيمة يونية وفيها يعطي الأمل في إنقاذ فلسطين من براثن الصهيونية، وهذا الأمل تمثل في انتظار المخلّص، لأن فلسطين دائماً تنتظره، وهذا المخلص يظهر في كل عصر ثم يختفي ليعود مرة أخرى في صورة جديدة.
ولم يقتصر (الجندي) على تقديم هذا العمل الهام عن فلسطين، لكنه قدم أكثر من خمس مسرحيات أهمها (واقدساه) إخراج منصف السويسي، بطولة مجموعة من الفنانيين المصريين والعرب، و(القضية 2007) إخراج حسن الوزير، و(السيرك الدولي* إخراج محمد صديق.
فؤاد حداد و(الحمل الفلسطيني)
ولم يتوقف الحديث عن قضية (فلسطين) فى المسرح المصري على جيل معين أو كتاب معينين، فقد تبارى عدد كبير من الشعراء والمؤلفين فى تقديم أعمال تتناول القضية مثل الشاعر فؤاد حداد الذى كتب مسرحية (الحمل الفلسطيني) عام 1987، المأخوذة من ديوان للشاعر بالاسم نفسه.
إقرأ أيضا : تحفة الدراما السورية “حارس القدس” .. الفن في خدمة الدين
ويحكي قصة قضية (فلسطين) من خلال الاعتداءات الإسرائيلية والمساندات الأمريكية، مع سلبية العرب في الدفاع عن كرامتهم، وفي نهاية العرض أكدّ المؤلف رفض الشعب الفلسطيني للحياة في ظل الاحتلال، وأن المقاومة ستستمر لأن روحها موجودة في بطون الحوامل.
العرب يحتضون (فلسطين) بمصر
احتضن المسرح المصري أعمال كثيرة عن القضية لكتاب عرب من هؤلاء الكاتب والدكتور اللبناني سهيل إدريس الذى قدم مسرحية (زهرة من دم) إخراج كمال ياسين، (ثورة الزنج) لمعين بسيسو، إخراج نبيل الألفي.
(السؤال) لهارون هاشم رشيد التي عرضها المسرح القومي تحت اسم (سقوط بارليف) من إخراج سناء شافع، مسرحية (نداء الأرض)، إعداد وإخراج المخرج الفلسطيني حسين الأسمر.
وكانت آخر العروض المسرحية التى قدمت مسرحية (لن تسقط القدس – عام 2002)، تأليف الكاتب شريف الشوباشي، وإخراج فهمي الخولي، بطولة نور الشريف وعفاف راضي.
ربما توقف نبض المسرح المصري عند هذا الحد في تناوله للقضية على خشباته مغلقا الستار، ليترك الدور للدراما التليفزيونية، والتي برزت تجلياتها مع أحداث الشارع الفسطيني في العديد من الأعمال التوثيقية التي توضح جوانب القضية المركزية في تاريخ العرب.