لأن (طوفان الأقصى) أعادنا بالذاكرة إلى زمن الفن الجميل، حيث قدم أساطين الطرب مثل (أم كلثوم، عبد الوهاب، عبد الحليم، فيروز، نجاح سلام، سعاد محمد، محمد قنديل) وغيرهم من الكبار الذين داعبت حناجرهم أجمل الأغاني التي شدو بها لـ (فلسطين).
في الحلقتين السابقتين قدمنا روائع هؤلاء الكبار حين تفاعلوا مع القضية الفلسطينية، واليوم نستمكل أغاني هؤلاء الكبار، ونقدم مجموعة مختارة من جيل الوسط والشباب الذين غنوا لفلسطين في مواقف وأحداث عاصرت القضية وهى ترواح مكانها.
إقرأ أيضا : (فلسطين).. أطلقت شرارة الثلاثي (أم كلثوم ونزار وعبدالوهاب)
في صبيحة يوم 22 أغسطس 1966 قام اليهودي المتطرف (مايكل دينس روهن) بإحراق المسجد الأقصى، وهز هذا الحدث الأليم الوجدان العربي.
وكان من أجمل ما كتب قصيدة (حبيبة السماء) للشاعر محمود حسن إسماعيل، ألحان رياض السنباطي، وغناء (سعاد محمد) وفيها يصف الشاعر المشهد الحزين.
فهد بلان يغني لـ (فلسطين)
هذا المشهد ألهب قلب المطرب السوري (فهد بلان) فغنى (المسجد الأقصى جريح)، كلمات على ذوالفقار شاكر، ألحان محمود الشريف، وغنى أيضا لنفس الملحن (قدس العرب) كلمات محسن الخياط.
وقد عاد (بلان) في فترات مختلفة ليغني للقدس و(فلسطين) مثل: “القدس بتنادي”، و(فلسطين أرضنا، وفي فلسطين لا مفر)، وجميعها من كلمات ظافر الصابوني، وألحان عبد الفتاح سكر، وإنتاج إذاعة دمشق عام 1975
سيد مكاوي والعطش لـ (لفلسطين)
ولعل أشهر أغنيات حرق المسجد الأقصي كانت (يا قدس فين الآذان) كلمات عبدالفتاح مصطفى، ألحان عبدالعظيم محمد، غناء محمد قنديل، وغنى سيد مكاوي من ألحانه و كلمات فؤاد حداد (ولا في قلبي ولا عينيّه إلا فلسطين/ وأنا العطشان ماليش ميَّه إلا فلسطين).
ومن الأغنيات التي عبرت بحق عن المكانة التي احتلتها القدس في تلك الفترة في أولويات الفن العربي والإعلام العربي أغنية فؤاد حداد وسيد مكاوي الشهيرة (الأرض بتتكلم عربي).
موفق بهجت و(فلسطين)
بقيت صورة القدس في سبعينيات القرن العشرين، أسيرة تحولات عديدة ألمت بالقضية الفلسطينية، وبالأغنية العربية أيضاً، وفى بداية السبعينات قدم المطرب السورى المقيم في القاهرة (موفق بهجت) أغنية (سلام على الناصرة)، كلمات ميخائيل صواب، ألحان حسن غندور.
وأنشد كارم محمود وفايدة كامل وسهير فهمى، أوبريت (فلسطين) كلمات مازن النقيب، ألحان وجيه بدرخان، ومن الشباب غنى محمد منير (القدس) كلمات مجدي نجيب، ألحان هاني شنودة.
إقرأ أيضا : (طوفان الأقصى) يتجسد في ألبوم (يا قدس يا حبيبتي) تحية لشعب (فلسطين)
وفي نهاية الثمانينيات، جاءت انتفاضة أطفال الحجارة، التي اندلعت آواخر العام 1987، لتكتب فصلا ملحمياً جديداً من فصول القضية، وتوالت إثرها القصائد والأغنيات التي خلدت هذه الانتفاضة، وسعت لمواكبة أثرها الملهم والعالق بالأمل في الوجدان العربي.
وقد ظهرت العديد من الأغنيات لـ (فلسطين)، لعل أشهرها ملحمة (أطفال الحجارة) لمحمد رشدي، وأغنية (فلسطيني) لعلى الحجار، وأغنيات مارسيل خليفة (نشيد الانتفاضه، أنشوده الحجر، بالأخضر كفناه، منتصب القامه أمشي)، وغيرها الكثير.
أما (جوليا بطرس) فقدمت (وين الملايين، ثوار الأرض، حجار المنسيين)، وغيرها، وتخصص اللبناني (أحمد قعبور) فى الغناء الوطني وكان لـ (فلسطين) القسم الأكبر من غنائه.
ولعل أشهر ألبوماته (أناديكم) وجدير بالذكر أن هؤلاء المطربيين الثلاثة تحديدا كان غنائهم لفلسطين سببا في شهرتهم العريضة على مستوى العالم العربي.
لطيفة.. قصائد لـ (فلسطين)
فى التسعينات انشغل الجميع فى الأغنية الشبابية حتى فاجأت (لطيفة) جمهورها من خلال ألبومها (تلومني الدنيا) عام 1998 بغناء قصيدة رائعة عن القدس بعنوان (الإنسان) كلمات الشاعر نزار قباني، حيث غنتها مع قيصر الغناء (كاظم الساهر).
وفى نفس الفترة قدمت المطربة المعتزلة (إيمان الطوخي) أغنية رائعة من كلمات عبدالسلام أمين، ولحن عمار الشريعي يقول مطلعها: (يا قدس يا خضرا يا مريم العذراء مين للحمى والدين/ يا صورة الأسراء جرحك فى قلبي أليم).
إقرأ أيضا : تحفة الدراما السورية “حارس القدس” .. الفن في خدمة الدين
ويستمر بركان الغناء مواكبا لبركان الدماء في (فلسطين) على مر الأجيال، فيقدم المطرب (إيمان البحر درويش) العديد من الأغنيات التى تتغنى بالقضية، حيث يعتبر الأكثر غزاره في جيله.
حتى أنه قام بعمل ألبوم كامل بعنوان (إدن يا بلال) أهداه إلى كل شهداء فلسطين والأمة الإسلامية فى كل مكان، ومن أشهر أغنيات هذا الألبوم الذى كتبه مصطفى درويش (سيف الله، أحرار، آن الآوان، فى سبيل الله، يالأقصى يالجنة)، والآخيرة كلمات أحمد عبدالعزيز، كما قدم أغنية أخرى عن فلسطين بعنوان (الجرح الآليم).
كما غنى المطرب (علي الحجار) أيضا مجموعة كبيرة من الأغنيات لفلسطين، منها (هز هلالك يا صلاح الدين، فلسطيني، عم بطاطا)، كلمات سيد حجاب، ألحان فاروق الشرنوبي، (المسجد الأقصى والقدس) كلمات بشير عياد، ألحان أحمد الحجار.
صابرين وأغاني انتفاضة (فلسطين)
في الثامن والعشرين من سبتمبر عام 2000 دخل رئيس الوزراء الإسرائيلي “إرئيل شارون” إلى باحة المسجد الأقصى في القدس برفقة حراسه، الأمر الذي دفع جموع المصلين إلى التجمهر ومحاولة التصدي له.
وجاءت نتيجة هذا العمل الاستفزازي لتعلن اندلاع الانتفاضة الثانية، التي بلغت ذروتها بعملية (السور الواقي) الإسرائيلية، وتدمير مخيم جنين عام 2000، مرة أخرى حضرت القدس في قلب الحدث.
إقرأ أيضا : حارس القدس وحراس الدراما السورية
فقد سميت هذه الانتفاضة بـ (انتفاضة الأقصى)، التي توالى التعبير الغنائي عنها سريعاً، وتوالت الأغنيات لشتى المطربين من أنحاء الوطن العربي، فقدم مجموعة من الفنانين المصريين أوبريتاً غنائياً، كتب كلماته الدكتور مدحت عدل، ولحنه رياض الهمشري ووزعه حميد الشاعري بعنوان: (القدس هترجع لنا).
شارك فيه 28 فناناً مصرياً من بينهم: (هدى سلطان، محمود ياسين، سميحة أيوب – ناديا لطفي- مدحت صالح – خالد عجاج – حكيم – أنوشكا- صابرين- يسرا- إسعاد يونس- منى عبد الغني) وقد أخرجه طارق العريان.
آمال ماهر.. (عربية يا أرض فلسطين)
وغنت آمال ماهر قصيدة (عربية يا أرض فلسطين)، كلمات عبدالسلام أمين، وألحان عمار الشريعي، كما قدمت رائعتها (أختى وفاء) كلمات عمر بطيشه، وألحان عمار الشريعي، عن الشهيدة (وفاء إدريس) أول فتاة فجرت نفسها في انتفاضة الأقصى.
وبصوت شجي غنى محمد فؤاد (الأقصى نادى) ألحان محمد حوار، كلمات مدحت العدل، وقدم هاني شاكر – الذي سبق أن قدم العديد من الأغنيات للقضية مثل (القدس هتفضل عربية، فلسطين) – أغنية (أبواب القدس).
وقدمت (أصالة) أغنية (أولى القبلتين) بألحان وكلمات الفنان الليبي (علي الكيلاني)، وصرخ (وليد توفيق) وهو يشدو (بصوت الحجر، والناصرة، وكبار الثوار)، وغنى عمرو دياب أغنية فاشلة بعنوان (القدس أرضنا).
تامر حسني (ترابك يا فلسطين)
وقدم تامر حسني (ترابك يا فلسطين)، وغنت نوال الزغبي: (يا قدس كم أتوق إلى الصلاة/ حيث الرجاء في ترابك الحبيب)، وأحلام (شباب الحجارة)، وعاصي الحلاني “صامدون،وجايين) وطعم الحرية لفلسطين العربية)، ولطارق فؤاد (القدس).
وغنت لطيفه (وقفة عز)، وكاظم الساهر (ياقدس)، وعبدالله الرويشد (القدس لنا)، ثم عمر عبدالات في (قادم).
صرخة محمد عبده لـ (فلسطن)
ولم يقتصر الغناء للقدس على دولة بعينها، فبكت كل الدول العربية القدس، وتغنى المطرب الخليجي (عبادي الجوهر) بقدر من الشجن (صرخة القدس).
وشارك (الجوهر) المطربيين (محمد عبده وعبدالله رشاد، على عبدالكريم، محمد عمر، رابح صقر، طلال سلامة، راشد الفارس في أوبريت (إلا القدس)، كلمات المعنى، وألحان محمد شفيق.
وقدم المطرب السعودي (عبدالله رشاد) أكثر من أغنية عن (فلسطين) مثل (أنا فلسطين) كلمات سعود سالم، ألحان سامي إحسان، و(فلسطين) كلمات سعود الشيخ، وألحان عادل الصالح.
وغنى المطرب المغربي الكبير (عبدالوهاب الدوكالي) ثلاثة أغنيات للقدس من ألحانه هى (فلسطين) كلمات أحمد العلج، و(في القدس لازم نصلي، ومحراب القدس)، كلمات حسن المفتي.
ومع اختيار القدس عاصمة للثقافة العربية العام 2009، قدمت دفعة جديدة من الأغنيات التي تمجد القدس، وتحتفي بهويتها العربية، فغنى (هاني شاك) من ألحانه، وكلمات الشاعر الفلسطيني (رامي اليوسف) أغنية (أنا مصرى ودمى فلسطينى).
كان قدمها في الحفل الذي أحياه في رام الله، وغنت (أصالة نصري)، في المناسبة ذاتها (يا قدس يا طهر الله يا روح الله)، كتب كلماتها د. نبيل طعمة، ولحنها خالد حيدر.
عساف آخر من غنى لـ (فلسطين)
تعد آخر الأعمال التى قدمت عن فلسطين أوبريتان الأول (فى طريقك يا فلسطين) كلمات مدحت العدل، ألحان صلاح الشرنوبي، توزيع حميد الشاعري غناء (إيهاب توفيق، شذى حسون، ديانا كرازون، شذا، شريف إسماعيل، أحمد العطار، إيساف، مي سليم، أحمد سعد، سلمى صباحي).
والأوبريت الثاني (فلسطين) كلمات مصطفى كامل، ألحان حسن أباظة، توزيع خالد عرفه، وغناء (هاني شاكر، إيهاب توفيق، مجد القاسم، محمود الليثي، سمية)، وإخراج شريف أحمد سمير.
ولم يتوقف هدير الأغاني عن (فلسطين) حيث قدم المطرب الفلسطيني (محمد عساف) أغنية وطنية داعمةً للانتفاضة الفلسطينية الثالثة (انتفاضة القدس) بعنوان: (يا يمّه هادي رجالك) الأغنية من كلمات الشاعر جمال الدريميلي، ألحان وائل يازجي، توزيع سعد هنيّة.
وحيا عساف في ختام الأغنية جماهير الشعب الفلسطيني قائلا: (إن هذه الأغنية إهداء لكل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، وخاصة للمدافعين عن مدينة القدس المحتلة).
وما زالت القدس غنوة العرب الشجية، ولازال الباب مفتوح للإبداع طلما وجه القوة لم يهزم بعد، بدليل تقديم (أحمد سعد) أغنية (غصن الزيتون)،مع انطلاق (طوفان الأقصى)، وكذلك (ميدو راشد، وإنجي عصام) بأغنية (عربية يا أرض فلسطين).