* نجاح سلام كانت فى زيارة لـ (القدس) فغنت من ألحان حليم الرومي
* حرب (فلسطين) كانت سببا في اكتشاف المطربة الكبيرة (سعاد محمد)
* صوت الرصاص (فايدة كامل) غنت أنشودة (البركان العربي)
* أنشد حليم الرومي من ألحانه قصيدة (أرض فلسطين) للشاعر الفلسطيني أبي سلمى
* اشتهرت من بين أغاني (فريد) الوطنية أنشودة (المارد العربي)
كتب: أحمد السماحي
(طوفان الأقصى) يذكرنا باشتعال ثورة الغضب العربي – التى لم تخمد أبدا – فى الأراضي المحتلة من أجل استعادة (القدس) أو (زهرة المدائن)، اشتعلت ثورة موازية تأججت بحناجر كبار فنانينا العرب من المحيط إلى الخليج، لتنطلق قنابل الأوتار تفجر براكين الثأر لـ (فلسطين)، وتمجد الشهداء وتفضح المذابح البشعة للصهاينة.
لتصبح استعادة الأرض السليبة هى المرادف الوحيد للحياة، فالمتابع للغناء المصري والعربي سوف يلحظ أنه لا يوجد مطرب مصري أو عربي صاحب قضية أو رسالة فى غنائه لم يتغن بـ (فلسطين) سواء فى الماضي أو الحاضر.
إقرأ أيضا : محمد شمروخ يكتب: ماذا قلنا عن (فلسطين)؟.. بين السينما والتعليم والإعلام!
فالحقيقة أن (فلسطين) ومنها القدس في القلب وحدت كل المطربين المصريين والعرب بداية من الموسيقار محمد عبدالوهاب وأساطين النغم، انتهاءا بفرقة اسكندريلا، والمطرب الفلسطيني محمد عساف.
كانت بداية الغناء لـ (فلسطين) فى شهر نوفمبر عام 1947 عندما صدر قرار الأمم المتحدة بتقسيم (فلسطين) يومهاغنت الصبية الصغيرة التى لم تتجاوز السادسة عشر نجاح سلام التى كانت فى زيارة لـ (القدس) أغنية من كلمات الشاعر محمد على فتوح، وألحان حليم الرومي.
يقول مطلعها: هبت ملوك العرب/ تفدي الحرم بالروح/ وترد سهم العدا/ وتنقذ يتامى تنوح/ يا مجلس الأمن روح أمن نفسك روح/ فلسطين ملك العرب، وفى نفس المرحلة تنبأت بنوايا الكيان الصهيوني.
(بولس سلامة) يتنبأ بأحداث في (فلسطين)
أو بصورة أدق تنبأ الشاعر (بولس سلامة) بما سيحدث في (فلسطين)، فغنت له قصيدة من ألحان (نجيب السراج)، يقول مطلعها: يا زائراً مهد عيسى غير مضطرب/ لا تأمنن الدرب / صار الدرب أتونا/ يا قاصد المسجد الأقصي/ أما لمحت عيناك حائط المبكي ثعابينا.
إقرأ أيضا : تحفة الدراما السورية “حارس القدس” .. الفن في خدمة الدين
وقبل قيام دولة إسرائيل بشهر تقريبا، حدثت مذبحة (دير ياسين) يوم 9 إبريل 1948، على يد الجماعتين الصهيونيتين (أرجون وشتيرن)، ففجرت هذه المذبحة براكين الغضب الإبداعي عند الشعراء والفنانيين المصريين.
فكتب الشاعر الراحل على محمد طه، ولحن وغنى محمد عبدالوهاب رائعته (فلسطين)، التى يدعو فيها أخاه العربي للنضال، قائلا: أَخِي ، جَاوَزَ الظَّالِمُونَ المَدَى/ فَحَقَّ الجِهَادُ وَحَقَّ الفِدَا / أَنَتْرُكُهُمْ يَغْصِبُونَ العُرُوبَةَ / مَجْدَ الأُبُوَّةِ وَالسُّؤْدَدَا؟، وغنى الموسيقار محمد عبد الوهاب هذه القصيدة المدوية مستنهضا للعزائم والهمم، فكانت نشيداً كاسحاً متوهجاً تردده كل إذاعات العالم العربي.
(فلسطين) اكتشفت (سعاد محمد)
كثير لا يعرفون أن حرب (فلسطين) كانت سببا في اكتشاف المطربة الكبيرة (سعاد محمد) حيث استدعتها المنتجة “عزيزة أمير” في أثناء تلك الفترة لتقوم ببطولة فيلم (فتاة من فلسطين) بعد اندلاع الحرب مباشرة حيث غنت أغنية “القطار” كلمات بيرم التونسي، ألحان رياض السنباطي،وهى عبارة عن ديالوج بينها وبين الكورس يبدأ كالتالي، كورس:
ايش صابك يا صبية وين رايحة ومنين جاية؟
المطربة: فارقنا الأرض الخضرة تشعل فيها نار حمره
حسرة عليكي يا حسرة ويا ويل الصهيونيه
يا فلسطين فارقناكي تبكي عليكي البواكي.
كما غنت لنفس الشاعر والملحن أغنية (يا مجاهد في سبيل الله) وفيها تصف العصابات الصهيونية بالخفافيش.
ثورة يوليو.. و(فلسطين)
مع قيام ثورة 23 يوليو 1952، وخصوصا بعد العدوان الثلاثي على مصر في سنة 1956، انتشرت مجموعة من الأغاني والأناشيد التي تربط مصر بـ (فلسطين)، مثل نشيد (قولوا لمصر تغني معايا) كلمات أحمد شفيق كامل الذي شارك فيه عبد العزيز محمود ومحمد عبد المطلب وعبد الغني السيد وسعد عبد الوهاب ومحمد عبد الوهاب. وفيه مقطع عن (فلسطين) يغنيه عبدالمطلب يقول: (قولوا لعرابي أخدنا بتارك/ ملّي خانوك/ خرج الغاصب اللي شرانا ملّي باعوك/ واللي باقيلنا نخلص تارنا لفلسطين وديار عروبتنا).
إقرأ أيضا : حارس القدس وحراس الدراما السورية
وفي هذه الفترة غنت صوت الرصاص (فايدة كامل) أنشودة (البركان العربي الهادي/ جالوا وقت وثار)، كلمات محمد كمال بدر، ألحان عبدالعظيم محمد، والتي تقول فيها: جيش جبار، جيش جرار/ صوته بيدوي يا فلسطين، دقت ساعة التار، كما قدمت أيضا نشيد (لآخر نقطة بدمي)، كلمات يوسف شوقي وألحان علي إسماعيل الذي تقول فيه: (أنا عملاق قواه كل ثائر، في فلسطين وفي أرض الجزائر).
وغنى صوت النيل (محمد قنديل) من ألحان أحمد صدقي بعد عدوان 1956 (غزة..غزة.. إحنا فداها، أرض العزة ما أغلاها، غزة غزة ما حننساها)، وأنشد حليم الرومي من ألحانه قصيدة (أرض فلسطين) للشاعر الفلسطيني أبي سلمى.
وبصورة مؤكدة غنت المجموعة من أشعار الشاعر هارون هاشم الرشيد (إننا لعائدون)، ولحن الملحن العظيم عبدالحميد توفيق ذكي، لنفس شاعر العودة قصيدة (فلسطين) غناء كارم محمود.
(فلسطين).. وتحولات الستينات
شهدت فترة الستينيات من القرن العشرين، أحداثاً وتطورات ومتغيرات كبرى في سياق القضية الفلسطينية، ساهمت في شحذ إحساس الأغنية العربية، ودفعت مبدعيها إلى السعي لمواكبة هذا كله عبر أغنيات خاطبت الوجدان.
وأرخت بشكل أو بآخر لتلك الأحداث والمتغيرات، فيخصص الموسيقار محمد عبدالوهاب جزء من أغنيته (ناصر كلنا بنحبك) لحسين السيد عام 1960 لـ (فلسطين).
فيقول في نهاية الأغنية: (شعبك يافلسطين/ مش ممكن هايسيب تاره/ جيش التحرير ع الباب مستنى يعود لدياره/ شمسك يافلسطين هاتطلع وحقوق لكى هاترجع/ كل الشعب العربى سلاحك وسلاحه وحده وقومية).
ثم يعاود الموسيقار محمد عبدالوهاب مرة أخرى لغناء القصائد لفلسطين بعد 13 عاما من رائعته الأولى، ليقدم عام 1961 قصيدة جديدة بعنوان (فلسطين) تأليف الشاعر صالح جودت، يقول مطلعها: (مهد البطولات أرض العروبة/ أرض العلا من قديم الحقب).
وفي سنة 1963 لحن محمد عبد الوهاب من كلمات حسين السيد نشيد (صوت الجماهير) لمجموعة المطربين وفيه غنت (فايدة كامل) المقطع التالي: (باسم اتحادنا قوم يا كفاحنا/ قول للصهاينة المعتدين/ راية العروبة عرفت طريقها، من عام تمانية وأربعين).
وغنت أيضا (يا قدسنا)، وفي عام 1965 غنى محمد عبد الوهاب بصوته (والله وعرفنا الحب)، وفيها يقول: (وحياة حبك/ لأجل عيونك يا فلسطين/ راجعين راجعين/ جيش تحريرك إيدو في إيدنا/ بكرا حيعلن عيدو وعيدنا).
ويذكر الشاعر الراحل على مهدي الجمهور المصري والعربي بمأساة (دير ياسين)، من خلال رائعته (ثلاثة أخوة من دير ياسين)، ألحان عبدالعظيم محمد، وغناء وردة، ويغني عباس البليدي (فلسطين يا حره يا أرض السلام على كل عادى ترابك حرام).
فريد الأطرش.. المارد العربي
وقدم محمد قنديل أكثر من أغنية منها (شعبك راجع يا فلسطين)، و(طير يا طاير)، وبصوت أقرب للنحيب غنى وديع الصافى (فلسطين يا بلادي)، وأهدى المطرب والملحن عبدالعزيز محمود شعب غزة أغنية (إلى طريق النصر).
وتألقت مع كل هؤلاء (عصمت عبد العليم)، وهى تغني (صوت فلسطين)، وبصوت خاشع تردد (لوردكاش) قائلة: (بإذن الله يافلسطين على الأعداء منصورين)، أما شريفة فاضل فغنت لحيفا (راجعين يا حيفا يا عربية/ وقلوبنا هناك مستنية)، وعلى نفس الدرب غنت حورية حسن (بلدي الغالية)، وقدم أحمد سامي (سلاما بلادى) وغنى المطرب السوري رفيق شكري (يا دارنا).
وكان من المستحيل أن يتجاهل الموسيقار الكبير فريد الأطرش الغناء لفلسطين سواء كمطرب أو ملحن فقد اشتهرت من بين أغانيه الوطنية أغنية (المارد العربي)، وفيها مقطع يقول في ختامه (مش رح ننساك يا فلسطين)، وغنى أيضا للأخطل الصغير قصيدة (ثورة فلسطين)
في الحلقة القادمة: تجليات (أم كلثوم وعبد الوهاب ونزار)