كتب: محمد حبوشة
صواريخ في مواجهة الكلمة.. لم تشفع الخوذة وشارة الصحافة أمام آلة الحرب (الإسرائيلية العنصرية) التي تتعمد استهداف (الصحفيين) الفلسطينيين أثناء التغطية الإعلامية لجرائم الاحتلال، في محاولة من جانبها لطمس صورة جرائمه بالكامل وحجبها عن العالم.
وقال نائب نقيب الصحفيين بغزة د. تحسين الأسطل، قامت الآلة العسكرية الإسرائيلية، بتدمير أكثر من 40 مؤسسة إعلامية وصحفية تتبع لوكالات محلية وعربية وأجنيبة، تم تدمير مكاتبهم بالكامل عبر استهداف الأبراج الذي يتخذون فيها شققا لمكاتبهم.
وأكد الأسطل، أن الاحتلال لم يحذر (الصحفيين)، ولم يعطي لهم فرصة بإخلاء الأبراج من معداتهم وآلاتهم الصحفية، وإنما تم اخلاءهم شخصياً، وبقيت معداتهم تحت أنقاض الأبراج التي يعملون بها، منوها بأن استهدافه لتلك الأبراج يؤكد على أنه يريد طمس عيون الحقيقة التي تبث جرائم الاحتلال.
وأضاف (الأسطل): نحن في نقابة (الصحفيين) حذرنا من مخاطر الجريمة وتواصلنا مع الاتحاد الدولي للصحفيين والتي أكدت تضامنها مع الشعب الفلسطيني ووقوفها إلى جانبها من أجل ملاحقة الاحتلا التي يرتكبه جرائمه بحق الصحفيين.
إقرأ أيضا : حسين نوح يكتب : الرعب من شيرين أبو عاقلة !
وتابع نائب نقيب (الصحفيين بغزة): سنواصل في ملاحقات المحتل من خلال توثيق الجرائم التي ترتكب بحق (الصحفيين) والمثول بها محكمة الجنايات الدولية، لذا نطلب من الصحفيين أخذ الحيطة والحذر أثناء التغطية الإعلامية وارتداء الخوذة وشارة الصحافة والدرع وكل ما يدلل على أنهم صحفيين حتى لا نترك فرصة للاحتلال يدَّعي بأنهم غير صحفيين ويستهدفهم. .
وفي السياق نفسه، ارتفع عدد (الصحفيين) الذين استهدفهم الاحتلال الإسرائيلي إلى 6، واثنين مفقودين، منذ بدء عملية طوفان الأقصى حيث شن طيران الاحتلال غارات عنيفة على حي الرمال غرب مدينة غزة.
كما قصفت قوات الاحتلال (برج حجي) في شارع (المؤسسات) بغزة ودمرته بالكامل، ما أدى إلى ارتقاء الصحفي سعيد الطويل من سكان رفح جنوباً، ويعمل رئيس تحرير موقع إخباري، والصحفي محمد صبح من سكان غزة، ويعمل مصورالوكالة إعلامية.
وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فإن (الصحفيين) جرى استهدافهم من قبل طائرات الاحتلال في أثناء تغطيتهم إخلاء إحدى البنايات المهددة بالقصف غربيّ غزة.
وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) إن ثلاثة من (الصحفيين) قتلوا فجر الثلاثاء جراء قصف الطائرات الحربية الإسرائيلية لمكان عملهم في غزة، كما نشرت بياناً أكدت فيه مقتل الصحفية (سلام ميمة) وزوجها وأطفالها الثلاثة (هادي وعلي وشام) في قصف منزلهم في مخيم جباليا شمال قطاع غزة.
ارتفاع عدد شهداء (الصحفيين)
ليرتفع عدد القتلى (الصحفيين) إلى حوالي ثمانية منذ بداية القصف الإسرائيلي على غزة وفقاً لوكالة الأنباء الفلسطينية وهم: (إبراهيم لافي، ومحمد جرغون، ومحمد الصالحي، وأسعد شملخ، ومحمد صبح، وسعيد الطويل، سلام ميمة، وهشام النواجحة.
ومن جانبه أعرب ناصر أبو بكر، نقيب الصحفيين الفلسطينيين، عن إدانته لما يرتكبه الاحتلال الإسرائيلى من جرائم بحق الشعب الفلسطينى، والتى تأتى وفق نهج مُحدد يستهدف ممارسة جرائم الحرب ضد الفلسطينيين.
وأكد (أبو بكر)، خلال مداخلة على شاشة (القاهرة الإخبارية) أول أمس الثلاثاء، أن الاحتلال الإسرائيلى ارتكب 9 آلاف جريمة واعتداء بحق الشعب الفلسطينى منذ عام 2012، وهو ما يأتى وفق نهجٍ تتبعه سُلطات الاحتلال لممارسة جرائم الحرب فى حق فلسطين.
إقرأ أيضا : محمد شمروخ يكتب : العبقرى مزراحى .. راعى فتنة شيرين أبو عاقلة
وشدد على أن الجرائم التى يرتكبها الاحتلال الإسرائيلى تجعل (الصحفيين) الفلسطينيين أكثر إصرارا على نقل الحقيقة، مهما كانت الانتهاكات التى يتعرضون لها من قِبل الاحتلال الإسرائيلي.
وشددت النقابة على إدانتها الغارات التي تشنها قوات جيش الاحتلال الصهيوني، والتي أدت إلى استشهاد وإصابة مئات الفلسطينيين، وهدم عشرات المنازل في قطاع غزة، مؤكدة دعمها الكامل لحق الشعب الفلسطيني في المقاومة، والرد على جرائم الاحتلال الإسرائيلي المتكررة بكل الوسائل المشروعة، التي كفلتها المواثيق والمعاهدات الدولية.
الحقيقة المرة تقول أن اليوم يثبت الاحتلال من جديد أن استهداف (الصحفيين) هو منهج وسياسية مستمرة لديه، وأن هذه السياسة لا تقف عند حد الاعتداء بالضرب والاعتقال كما حدث مع البديري.
وإنما تصل إلى القتل كما حدث مع مراسلة الجزيرة (شيرين أبو عاقلة)، التي استهدفت خلال تغطيتها اقتحام الاحتلال لمدينة جنين من قبل قناص احتلال على نحو متعمّد، هي ومنتج الجزيرة علي السمودي الذي أصيب بالرصاص الحي.
(شيرين أبو عاقلة) تستعيد المأساة
استشهاد (أبو عاقلة) ليس الانتهاك الوحيد من الاحتلال، فقد تواصلت الانتهاكات الإسرائيلية من اعتقالات وقتل وعرقلة في الأحداث الميدانية التي يغطيها الصحفيون على الأرض خلال الاجتياحات في الضفة الغربية، والحروب على القطاع، والاقتحامات في الأقصى، والانتفاضات السابقة، وحتى في الفعاليات السلمية الأسبوعية في المناطق المهددة.
ووثق المركز الفلسطيني للحريات والتنمية (مدى) خلال عام 2021 ما يزيد على 368 انتهاكا، من بينها 155 انتهاكا مباشرا بين إصابات وقتل، حيث استشهد 3 من (الصحفيين) خلال العدوان على القطاع هم: (محمد شاهين، وعبد الحميد الكولك، ويوسف محمد أبو حسين).
وفي العام الماضي أيضا قصف الاحتلال 33 مقرا صحفيا في قطاع غزة خلال العدوان، منها ما دمر تدميرا كليا، ومع بداية العام وثق المركز في متابعته الشهرية 100 انتهاك ضد (الصحفيين)، معظمها خلال شهر أبريل/نيسان الماضي وتركزت ضد الصحفيين في القدس المحتلة ومخيم جنين، خلال تغطيتهم الأحداث.
ومن جانب آخر، يقبع في سجون الاحتلال، حسب نادي الأسير الفلسطيني، 16 صحفيا، من بينهم الصحفي محمود عيسى المعتقل منذ عام 1993، والصحفية بشرى الطويل من مدينة البيرة التي اعتقلت خلال السنوات الماضية 6 مرات، معظمها إداريا.
وفي بيان إدانة له، قال مركز (مدى): إن (إمعان قوات الاحتلال الإسرائيلي في ارتكاب مزيد من الجرائم والاعتداءات الجسيمة بحق الصحفيين الفلسطينيين ووسائل الإعلام الفلسطينية يؤكد أن الهدف الأساس من وراء ذلك هو حجب جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني عن الرأي العام العالمي”.
وحسب بيان (مدى) فإن إفلات مرتكبي جميع هذه الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية ضد (الصحفيين) ووسائل الإعلام في فلسطين هو الذي يشجع الاحتلال على ارتكاب مزيد منها، مطالبا بملاحقة مرتكبي هذه الجرائم وتقديمهم للعدالة.
استهداف (الصحفيين) بطريقة عمدية
يقول منسق لجنة دعم (الصحفيين) في فلسطين صالح المصري إن إسرائيل ارتكبت في العدوان الأخير جرائم حرب استهدفت المدنيين والصحفيين، ويتبين ذلك من خلال استهداف متعمد للأبراج المدنية رغم علمها بوجود مقار إعلامية بها.
وبحسب المصري، كان الهدف (إخراس الصحافة، حتى تمارس إسرائيل جرائمها بصمت وبعيدا عن أنظار العالم.. ورغم ذلك، ظلت صورة العدوان على الهواء مباشرة).
وقالت مديرة مركز إعلام، خلود مصالحة، إن عناصر الشرطة وقوات الأمن الإسرائيلية يتعمدون الاعتداء على (الصحفيين) وعرقلة عملهم بهدف منعهم من توثيق الأحداث وفرض تعميم إعلامي على الأحداث.
وذلك لإكساب الرواية الإسرائيلية شرعية ومصداقية أمام العالم؛ مما يظهر اعتماد سياسة ممنهجة لقمع (الصحفيين) بالتوازي مع قمع الاحتجاجات والاعتداءات على الفعاليات النضالية، وهذا ما وثقته الكاميرات كثيرا في حي الشيخ جراح.
وتعتقد (مصالحة) أن قمع قوات الأمن الإسرائيلية للصحفيين، والاعتداء على طواقم وسائل الإعلام، وتقديم بعضهم للمحاكمة، وتقييد تحركاتهم، وسحب بطاقات الصحافة منهم، لا يمس فقط بالقوانين المحلية والدولية المدافعة عن حقوق الصحفيين، إنما يمس وبشكل سافر بحق الإنسان في معرفة الوقائع والحقائق، وعلى ما يبدو أن هناك الكثير من الحقائق على أرض الواقع تحاول إسرائيل إخفاءها وصياغة رواية بديلة.
لم تقتصر ممارسات قوات الأمن الإسرائيلية على الاعتداءات الجسدية على (الصحفيين) الفلسطينيين وانتهاك حقوقهم؛ بل تصاعد العدوان الإسرائيلي على الفضاء الرقمي والرواية الرقمية، وشمل أيضا الاعتداء على المحتوى والمضامين الإعلامية على شبكات التواصل الاجتماعي خلال شهر مايو/أيار 2021، إلى جانب انتشار خطاب الكراهية والتحريض على الفلسطينيين.
وأظهر تقرير توثيقي بعنوان (العدوان على الحقوق الرقمية الفلسطينية) أصدره (المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي في حيفا (حملة)، وجود أكثر من 500 بلاغ للحقوق الرقمية الفلسطينية.
انتهاكات (الصحفيين) على السوشيال ميدا
وقدم التقرير تفصيلا للانتهاكات على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، بحيث أن 50% من هذه الانتهاكات كانت على منصة (إنستغرام Instagram، و35% على منصة فيسبوك Facebook، بينما وثق ما نسبته 11% من مجمل الحالات على منصة تويتر Twitter و1% منها على تيك توك TikTok.
وعن معاني ودلالات توسع دائرة الاستهداف للمضامين والمحتوى الرقمي الفلسطيني، يقول مدير مركز (حملة) نديم ناشف، إن ذلك يشير إلى ازدياد غير مسبوق لرقابة شركات وسائل التواصل ومنصات الإعلام الاجتماعي للخطاب السياسي الفلسطيني.
وأوضح (ناشف) أنه منذ 6 مايو الماضي تم شطب الكثير من المنشورات والتغريدات والمحتوى الإعلامي عن الشيخ جراح والأحداث بالقدس، والاحتجاجات ببلدات الداخل الفلسطيني، واعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، والعدوان العسكري على غزة.
ويستدل من معطيات التقرير التوثيقي، وفق ما أكد (ناشف)، أن محاربة المحتوى الرقمي الفلسطيني تجاوز الشطب وإزالة المحتوى، بحيث شمل أيضا إغلاق وتعليق الحسابات الفلسطينية، فيما لم تقدم المنصات وشركات مواقع التواصل تفسيرا مقنعا لذلك.
ويرجح أن تكون وحدة (السايبر cyber) التابعة لوزارة القضاء الإسرائيلية، خلف هذه الانتهاكات، التي رافقت الهبة الشعبية الفلسطينية، علما أنها قدمت خلال السنوات الماضية عشرات آلاف الحالات للشركات بدون أي إجراء قانوني.
موقف (الصحفيين) المصريين
جدير بالذكر أنه خرج عشرات الصحفيين المصريين على سلالم نقابة الصحفيين بوسط القاهرة، يهتفون ضد إسرائيل وجرائمها بحق الشعب الفلسطيني، وقاموا بحرق العلم الإسرائيلي والأمريكي.
وردد المشاركون هتافات: (هنرددها جيل ورا جيل تسقط تسقط إسرائيل، الموت الموت لإسرائيل، أول مطلب للجماهير قفل سفارة وطرد سفير، يا نصر الله قولوا لهنية إوعى تسيب البندقية، يا فلسطيني يا فلسطيني أرضك أرضي ودينك ديني، و(بالكاميرا والقلم الجاف الصحافة مش بتخاف، كما قاموا بحرق العلم الإسرائيلي.
وكانت نقابة الصحفيين المصريين أعلنت اتخاذ عدد من الإجراءات بينها:
1- تفعيل لجنة الإغاثة ودعم الشعب الفلسطيني، على أن يتم ذلك بالتنسيق مع النقابات الشقيقة ومؤسسات المجتمع المدني وكل القوى الوطنية الداعمة للأشقاء في فلسطين المحتلة، خصوصًا بعد إعلان الاحتلال الصهيوني حالة الحرب وتصاعد الهجمة الوحشية البربرية ضد الشعب الفلسطيني في غزة.
2- العمل على إعادة تفعيل الحساب المخصص لدعم الأشقاء الفلسطينيين في نقابة الصحفيين، ومخاطبة الجهات المعنية بهذا الشأن، على أن يخصص دخل ما يتم التبرع به لصالح أسر الشهداء من الصحفيين الفلسطينيين وكذلك لدعم الهلال الأحمر الفلسطيني، كبادرة رمزية للتضامن مع أهلنا في غزة بعد العدوان الصهيوني على القطاع.
3- تواصل نقابة الصحفيين المصريين مع نظيرتها الفلسطينية والجهات المعنية لمتابعة حالة المصابين للمساهمة في تسهيل إجراءات نقلهم لتلقي العلاج في مصر، والتواصل مع الجهات كافة لتقديم التسهيلات لهم.
4- الإعداد لحملة تبرع بالدم في مبنى النقابة لصالح الجرحى الفلسطينيين في قطاع غزة بالتنسيق مع الهلال الأحمر، على أن يتم الإعلان عن موعدها في أقرب وقت ممكن.
5- تدشين لجنة لرصد وتوثيق الانتهاكات التي ترتكبها قوات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، على أن يكون من بين مهامها التواصل مع اتحادات الصحفيين العربية والدولية والمنظمات العاملة في مجال حرية الصحافة.
وذلك لفضح جرائم الاحتلال الصهيوني ضد الصحفيين الفلسطينيين بعد ارتفاع عدد الشهداء إلي 7 صحفيين وتزايد أعداد المصابين، واستهداف المقرات الإعلامية وطواقم التصوير التي تقوم بالتغطية المباشرة لأحداث غزة الدموية.