بقلم الشاعر الكبير: إبراهيم رضوان
حتي هذه اللحظة لا أصدق ما حدث معي، و مع الأستاذ (كمال الطويل)، بداية الحكاية مفرحة، ونهايتها محزنة جدا.
كنت كلما جلست مع الأستاذ (كمال الطويل)، يذهب في بعض الأحيان إلي البيانو، وأمامه أغنية لي، ثم تتغير ملامح وجهه فجأة، ويغلق البيانو بعصبية شديدة!، وهو يقول: (هانلحن لمين؟ هو فيه حد هايقدر أو يتجرأ علي الغناء بعد عبد الحليم؟!).
و قبل أن تغلبه دموعه، يدخل (كمال الطويل) معي في أي موضوع، يبعدنا عن سيرة العندليب، فمثلا يقول لي عن أغنية يلحنها لي لمطربة، قصة الأغنيه تقول أن الحبيبه غير مقتنعه بسفر حبيبها، فيهمس لي: (شوف يا أخي الستات، بتقوله في الأول إيه؟ هاتجيب إيه يا حبيبي يا غايب؟! يعني هي عايزه تعرف الأول، هو هايجيب إيه؟!.
إقرأ أيضا : إبراهيم رضوان يكتب: قال لي (كمال الطويل) سأدفع ثمن الأغنية عن (هاني شاكر)!
وبعد ما تعرف اللي هايجيبه تقوله، هاتجيب إيه، مش عايزه مجايب)، ولم يكن هذا هو ما أقصده نهائيا، ولم يخطر في بالي، هذا التفسير نهائيا أيضا.
كنت أقول: (هاتجيب إيه يا حبيبي ياغايب)، أقصد مفيش حاجه ناقصانا، يبقي إيه لزمة سفرك؟ هاتجيب إيه، مش عايزه مجايب، لماذا؟ عايزاك إنت!.
وكنت أخجل دائما أمام ولا أشرح له أيضا ما أقصده في أغنيتي لعبد الحليم التى تبدأ بجملة (فوق المحطة، وقفنا بنداري الدموع).
(كمال الطويل) جوه المحطة
يسألني (كمال الطويل): (فوق المحطة، يعني واقفين علي المحطة من فوق؟!) فأقول له: (خليها: جوه المحطة).
ويعود ويسألني نفس السؤال القديم: ممكن حد يملي فراغ عبد الحليم حافظ؟! أعتدل في جلستي، وأنا أقول له: (ليا صديق في طلخا إسمه حسين سند)، وهو شاب وسيم جدا، خريج فلسفة، كل اللي يسمعه يقول: أحلى صوت في مصر بعد عبد الحليم)، فيسألني الأستاذ (كمال الطويل): حد من الملحنين سمعه قبل كده؟!
فأرد : أيوه، محمد الموجي استمع إليه في رأس البر، حيث غني له الأدعية التى لحنها لحليم، لكن الموجي لم يهتم به!.
إقرأ أيضا : إبراهيم رضوان يكشف لـ (كمال الطويل) حقيقة زنزانة مصطفى أمين
اتصل الأستاذ (كمال الطويل) بالموجي ليسأله، إذا كان يذكر هذا الشاب، فقال له: (أذكره با الطبع، وهو من أجمل الأصوات التي سمعتها في حياتي).
فيسأله (كمال الطويل): ولماذا لم تهتم به و تجاهلته؟! فرد عليه الموجي: (أنا لاحظت و هو ماشي معايا في مصيف رأس البر إنه ولع سيجارة من سيجارة!).
تكلم الأستاذ (كمال الطويل) مع الموجي في أكثر من موضوع، إلي أن انتهت المحادثه بينهما، ووجدته يسألني هو سند مدخن شره؟!
(كمال الطويل) والمطرب الوسيم
فرددت: لأ، بس ممكن يبطلها، فيقول لي: (طيب ممكن أسمعه؟، وإمتي؟) فأرد: (في أي وقت حضرتك تشوفه، علي فكرة: حسين وهو طفل غني قدام عبد الرئيس جمال عبد الناصر أغنية (حكاية شعب).
ويومها الرئيس باسه، وهو ده اللي غني (مدد مدد.. شدي حيلك يا بلد) قبل محمد نوح، وكنا بنروح نغنيها في القرى و العزب.
وكان الغفر بيطاردونا في كل مكان، ويقبضوا علينا، ويسلمونا للعمدة، ويفضل حابسنا لحد ما يأخد أمر من مأمور المركز أنه يسيبنا، دا أيام ما كنت عاملين فرقه غنائيه اسمها (المنصوره 67).
فيقول لي الأستاذ (كمال الطويل): (خلاص هاته معاك في أي وقت أسمعه).
إقرأ أيضا : إبراهيم رضوان يكتب: مع (كمال الطويل).. ذكريات المعتقل!
أبلغت صديقي حسين سند، بما حدث، فلم يصدق أنه سيري الأستاذ كمال الطويل شخصيا، فهو يحب كل أغنياته.
واتفقت معه علي الموعد الذي سنسافر فيه، وأبلغت الأستاذ به، وصلنا إلي منزل الأستاذ بالزمالك، جلسنا في حجرة الصالون، كان جسد صديقي يرتعش.
ودخل علينا الأستاذ (كمال الطويل) وسلم عليه و قبله، ووجه له الحديث قائلا: (هو انت خايف مني، اعتبرني زي والدك، تشرب إيه قهوة، أنا اللي هاروح أجيبهالك بنفسي).
وأحضر القهوة له ولصديقي، والعصير لي، بعدها بفترة طويلة قال له: (أنا سمعت من إبراهيم إنك بتغني، يا ريت أسمع صوتك).
استجمع صديقي قوته، وغني أمام الأستاذ أغنيات خاصه بحليم والطويل، ظل الأستاذ صامتا لفترة طويلة حتي ظننت أن صوت حسين لم يعجبه!.
وكانت المفاجأة نظر الأستاذ (كمال الطويل) لي طويلا، وهو يقول: (هو دا الصوت اللي كنت بادور عليه!)، فأسأله: يعني حضرتك هاتلحن له؟!
فيرد: (لأ!.. هاخلي بليغ حمدي يعمله لحن، ومحمد الموجي يعمله لحن، وهاعمله حفلة تتذاع علي الهواء).
وأسأله: حضرتك مش هاتعمله لحن ليه؟ فيرد: (لأني هاكون مشغول بمراقبة الناس، وهى بتسمعه، شطارتك تكتب أغنيه يلحنها الموجي، وأغنيه يلحنها بليغ).
خرجنا من عند الأستاذ (كمال الطويل)، وصديقي يبكي من الفرحة، تفرغت تماما للكتابة، حتي انتهيت من أغنية الموجي، وأغنية بليغ حمدي.
(كمال الطويل) ومولد نجم جديد
وسمعهما الأستاذ (كمال الطويل) وأعجب بهما جدا، وأسمعهما لهما، واتفق معهما، علي الإحتفال بمولد نجم جديد سيعوض الفراغ الذي تركه العندليب الأسمر.
أعجب بليغ بكلمات الأغنية التي كنت أقول فيها:
يظهر بأنى كبرت جدا ياحبيبتى على الهوى
أيام زمان، أنا كنت باشعر بالسعادة
والأمان واحنا سوى
كونتي حياتي، كل عمري، جنتي
ياما بكيت من فرحتي
ساعة ما تحكي ليا بختي
وسكة السفر اللي قدامي تمللي ..
وانتي ماسكه كفتي
دلوقتى جيتى، غيبتى، شئ مايهمني
حبيتى غيرى، خونتى، أخلصتى
مش هايهز قلبى اطمنى
الخوف عليكى، مات فى روحى، وانطوى
يظهر بأنى كبرت جدا ياحبيبتى على الهوى
………………………..
ولا١٠٠ سنة
تقدر تنسيني بأني، شفت إيدك حاضنه إيد إنسان جديد
كنتى سعيدة، وللأسف، كان هو برضه
بهمسك الكداب سعيد
نفس الخداع، دوقته زمان، نفس الخداع
نفس الدراع، اللي بيرجف في الدراع
هاتمر أيامنا بنا
ساعة، ليالي، شهور، سنة
هايفوق في يوم زيى، يلاقي، نفسه شارد جوه ليل
ناده علي القمر اللي ضاع
نفس الخداع، دوقته زمان، نفس الخداع
ماتهزنيش بالدمعتين
الدمعتين دول كدابين
عودي يا معسولة العنين
دلوقتي جيتي، غيبتي، شئ ما يهمني
حبيتي غيري، خونتي، أخلصتي
مش ها يهز قلبي اطمني
الخوف عليكي مات في قلبي وانطوي
يظهر بأني كبرت جدا يا حبيبتي علي الهوي
………………………..
أنا مش هاقلك يا حبيبتي..
يوم هاسيبك للزمن أو للقدر
أبدا هاسيبك، وامشي أغني كل ليلة
وإيد في إيدي للقمر
أيوه باحبك، بس من غير إحترام
أيوه باحبك بس حاسس
إن تفكيري في ماضينا حرام
يا ألف كلمة حب خضره ع الورق إتقطعي
يا ذكري ماشيه ورايا دايما إرجعي
يا حبيبتي لأ يا غريبه عني إسمعي
أنا ماشي ماشي، زى ما قدري يريد
إيد فوق كتافي ليلة، وليلة تانيه متغرب وحيد
يوم في جنازة، يوم في عيد
يا حبيبتي لأ يا غريبه عني
عيشي ألف وألف قصة
بس حاسبي ع القلوب
آخر ما كنت اتصوره..
إنك من الصنف اللي كل دقيقة ويا جديد يدوب
دلوقتي جيتي، غيبتي، شئ ما يهمني
حبيتي غيري خونتي أخلصتي
مش هايهز قلبي اطمني
الخوف عليكي مات في قلبي وانطوي
يظهر بأني كبرت جدا، يا حبيبتي علي الهوى
انتهي بليغ حمدي من تلحين الأغنية، وقام عم (إبراهيم الحجار) بتدريب (سند)، وانتهي الموجي أيضا من تلحين الأغنية الخاصة به، استعدادا للحدث الكبير الذي انتهي بمأساه أحزنتني!
وأنا حضرة المواطن
أهم حاجة فيكى، فى حاراتك لسه قاطن.
عاشق رموش عنيكى
………………………..
وباحب مخلصينك، لو كانوا مخلصينك
من أى أزمة، وأعشق الأخ لو يصونك
………………………..
وأعينك فى الشدايد، وأعينك لما اعوزك
أرفض فى عهد بايد
واقطف توتك، ولوزك
………………………..
وفاهم كل حاجه..مع إن الإيد قصيره
وساعات أنادى موجه، تحرك البحيره
………………………..
وساعات أنطق واقولو..اتحمل المصاعب
وساعات مااقدرش انول..من حبى غير متاعب
………………………..
وساعات أنام بدون..ما اتعشى يا حبيبتى
وساعات جوه السجون..أهمس بأنك انتى..
………………………..
توب الحريه لىّ.. والجلابيه واسعه
فى الروح أكبر قضيه..و السمعه الطاهره ناصعه
………………………..
و بحاول أحكى عنك..و اقول للكل إنك..
مظلومه معانا جدا..برغم كبر سنك
………………………..
يا صاحبة الكرامة.. والإبن المعجبانى
ها تعودى بالسلامه..من ألف شط تانى
………………………..
ف ما تقلقيش علينا.. وما تقلقيش عليكى
لو شلوا يوم إيدينا ..برضه ها نبنى فيكى
………………………..
أنا حضرة المواطن.. أوراق مجدك معايا
يا حسن لينا فاتن ..إنتى ست الصبايا
………………………..
أنا حضرة المواطن ..ها خد حمايه منك
لو حتى الجو عاطن.. مش هابعد لحظه عنك
………………………..
و للحديث بقيه