بقلم: محمد حبوشة
يذكرنا بيان (أبو عبيدة) الناطق باسم (كتائب القسام)، الذي أذاعته قناة (الجزيرة)، بالإرهاب الوحشي الذي مارسه – ويمارسه – تنظيم (داعش) في المناطق التي تقع تحت سيطرته، والذي يتمثل في فظائع أخرى كثيرة، منها عمليات هتك أعراض، وقطع رؤوس، وتمثيل بجثث، وبتر أطراف، وسبي نساء وبيعهن، فضلا عن عمليات تطهير عرقي وتدمير قبور أنبياء، وهدم مساجد، ولهذا يعد هذا أمر مستكر تماما!
ولعل هذه الممارسات غير الإنسانية التي أعلنت عنها (كتائب القسام) تعيد إلى الأذهان الممارسات البربرية والهمجية التي عرفتها الإنسانية في بعض فترات التدهور والانحطاط، والذي حتما ستسغله الآلة الإعلامية اليهودية، بحيث تجهض كل أعمال المقاومة المشروعة حاليا.
في بيان صادم وغير متوقع، حذرت (كتائب القسام)، الذراع العسكرية لحركة (حماس) مساء أمس الاثنين، من أن كل استهداف لبيوت قطاع غزّة دون سابق إنذار سيقابله إعدام رهينة من الأسرى الإسرائيليين المدنيين لدى الحركة، وأنها ستبث ذلك بالصوت والصورة.
إقرأ أيضا : بهاء الدين يوسف يكتب : أشباح بيروت .. محاولة ساذجة لشيطنة المقاومة
وقال الناطق باسم (كتائب القسام) في نص بيانه الغريب: إننا في كتائب الشهيد عز الدين القسام نؤمن بالأخلاق الدينية والعسكرية والإنسانية التي عبر عنها الأخ قائد الأركان في خطاب الإعلان عن معركة طوفان الأقصى ونؤمن بتعليمات ديننا الحنيف في الحفاظ على حياة الرهائن والأسرى.
الا أن الإجرام الصهيوني تجاه أبناء شعبنا الآمنين وهدم بيوت المدنيين على رؤوسهم والقتل الجماعي للأطفال والنساء والشيوخ في منازلهم؛ لأن العدو لا يفهم لغة الأخلاق والإنسانية، سنخاطبه باللغة التي يعرفها جيداً.
إننا في الساعات الماضية تجرعنا الألم تجاه ما حصل لعائلات كثيرة في كل قطاع غزه من إجرام صهيوني فاشي همجي بقصف المنازل على رؤوس ساكنيها وبالتالي فإننا قررنا أن نضع حدا لهذا.
إعدام (كتائب القسام) للمدنيين
فأنه ومن هذه الساعة نعلن بأن كل استهداف لأبناء شعبنا الآمنين في بيوتهم دون سابق إنذار سنقابله آسفين بإعدام رهينة من رهائن العدو المدنيين لدينا وسنبث ذلك مضطرين بالصوت والصورة.
وإننا إذ نعلن عن هذا القرار لنحمل أمام العالم العدو الصهيوني وقيادته مسؤولية هذا القرار فالكرة في ملعبه من الآن، وقد أعذر من أنذر (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون).
ظني أن مثل هذا البيان من جانب (كتائب القسام) سيقلب الطاولة على جهود عملية (طوفان الأقصى)، وسيواجه باستنكار دولي في ظل سيطرة اليهود على آلة الإعلام العالمية، كما أن هذه الممارسات ليست من الإسلام الذي يحثنا على معاملة الأسرى معاملة كريمة، لا أن نغدر بهم.
إقرأ أيضا : محمد حبوشة يكتب : (نتفليكس) تداعب خيال الفلسطيني في الغربة
صحيح إن العدو الإسرائيلي لا يفهم لغة الإنسانية والأخلاق، لكن لاينبغي أن نخاطبه باللغة التي يعرفه بحسب (كتائب القسام)، ورغم تجرعنا الألم تجاه ما حصل لعائلات كثيرة بغزة من إجرام صهيوني فاشي، لكن يبقى أن نعريه أمام المجتمع الدولي الذي يكيل بمكيالين.
ربما يكون الاحتلال الصيوني هو من أعدم الأسرى، فهو من أعلن اليوم أن قصف غزة سيستمر حتى لو أدى ذلك إلى إيذاء الأسرى، كما الاحتلال يرتكب مجازر كبرى وغير مسبوقة في قطاع غزة منذ بدء عدوانه الأخير، ومع ذلك لا ينبغي أنا نواجهه بأسلوب (داعش) المقيت.
خاصة أنه كان قائد هيئة الأركان في (كتائب القسام)، محمد ضيف، أعلن السبت الماضي، انطلاق عملية (طوفان الأقصى) بعد إطلاق آلاف الصواريخ من غزة، باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48، بالتزامن مع هجوم بري وبحري وجوي، على مستوطنات (الغلاف) ومواقع الاحتلال العسكرية، وهو ما أدى لقتل وجرح مئات الجنود والمستوطنين وأسر العشرات.
(كتائب القسام) تقدم على الكارثة
فلننظر إلى كيف تشير تحليلات أوساط إسرائيلية، إلى أن وجود العديد من الأسرى من الجنود والمستوطنين لدى حركة (حماس) في قطاع غزة قد يكون له تأثير كبير بقدرة جيش الاحتلال على تنفيذ عمليات عسكرية في عمق القطاع، وذلك في سياق الحرب التي أعلنها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على غزة.
ووفقا للمعلق العسكري الإسرائيلي (ران إيدلست)، فإن مجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن، الذي سيقرر طابع العمليات التي ستنفذها إسرائيل في إطار الحرب المعلنة، سيكون مطالبا بالموازنة بين حجم وطابع العمليات ومتطلبات الحفاظ على حياة الجنود والمستوطنين الأسرى لدى حركة (حماس) في غزة وداخل إسرائيل.
إقرأ أيضا : شيرين أبو عاقلة.. لتبقى ذكراك عنوانا للوحشية الإسرائيلية !
وأشار (إيدلست)، في تحليل نشرته (معاريف)، إلى (وجود سيناريوهين ممكنين لنهاية المواجهة الحالية، حيث يمكن التوصل إلى وقف إطلاق نار بعد انتهاء المواجهات مع (كتائب القسام) داخل إسرائيل، أو يمكن أن يشن الجيش ضربة كبيرة ضد حركة (حماس) في القطاع، وهو ما حدث خلال الساعات الماضية في سيناريو الإقدام على الكارثة.
وحذر إيدليست من أن انضمام (حزب الله) وإيران إلى المواجهة يمكن أن يقلب الأوضاع رأساً على عقب، على اعتبار أنه لن يكون بوسع تل أبيب التفرغ لغزة إذا تفجرت مواجهة على الساحة الشمالية)، منبها إلى أنه ليس بوسع إسرائيل التعاطي مع غزة عبر سياسة (العصا والجزرة) التي ثبت فشلها.
إذن فإن بيان (كتائب القسام) لم يضع الكرة في ملعب العدو الإسرائيلي، بل يشجع الصهاينة على الغرق في المستنقع، الذي يغير معادلة القوة، فكما نرى فإنه يلجأ الجيش الإسرائيلي إلى سياسة الأرض المحروقة التي تبيد غزة تحت غطاء دولي ويعقد الموقف برمته.
لذا نناشد (كتاب القسام) بعدم تنفيد تهديدها (الداعشي) كي تضيع الفرصة على الكيان الصهيوني في إيجاد مبرر غير أخلاقى للتوغل في قطاع غزة وتحويلة إلى محرقة تخرج الفسلطيين من البوابة الخلفية للتاريخ خالين الوفاض.