فرق القنال تنشد أجمل وأصدق (أغنيات أكتوبر)
* تكونت فرق القنال من قلب نكسة يونيو عام 1967
* قدمت فرق القنال أغنيات وطنية من لون جديد يتسم بتلقائية صادقة وعفوية محببة
* أنتقد كابتن غزالي أغنية (سواح) لعبدالحليم حافظ، من خلال أغنية (مش هقول سواح)
* كانوا يطوفون فى كل الأماكن التى كانت تضم تجمعات من مهجري محافظات القنال ويغنوا
كتب : أحمد السماحي
من الأغنيات التى تعرضت لظلم كبير ولا أحد يتذكرها أثناء الحديث في وسائل الأعلام المختلفة عن (أغنيات أكتوبر)، أغنيات (فرق القنال) هذه الفرق التى أنشدت أعذب وأروع الأغنيات الحماسية.
قبل أن نتطرق لـ (أغنيات أكتوبر) لهذه الفرق، تعالوا بنا نرجع إلى عام 1967 فبعد عدوان الخامس من يونيو وتهجير أبناء مدن القنال إلى المحافظات الآخرى، تكونت لأول مرة فرق من شبابها تغني للصمود والإصرار والأمل، وتنشد الأرض والمدفع والرجال الساهرين فى المواقع.
وتحلم باليوم المنشود، أغنيات وطنية من لون جديد يتسم بتلقائية صادقة وعفوية محببة إلى النفوس، وتعكس كل أصالة شعبنا العظيم.
وتتميز بأنها تقوم برصد الأحداث المتعاقبة، وتؤرخ لها فى نسيج شعري وأداء جماعي قوي، وانتشرت الفرق.
ولاد الأرض وشباب البحر
ظهرت فرقة السويس المعروفة باسم (ولاد الأرض) كانت كلمتهم وقود المقاومة والصمود فكان الكابتن غزالى وكامل عيد رمضان وآخرون يغنون للأمل والمقاومة، ورفض الاستسلام واليأس، والإيمان بالمصرى القادر على خلق حتمية عودة الأرض المغتصبة، واسترداد الكرامة حتى تحقق لهم ذلك فغنوا (أغنيات أكتوبر)، و العبوروالشهداء.
وظهرت أيضا فرقة (شباب الإسماعيلية) التى عرفت بنشيدها (على هدير المدافع) وغيرها من (أغنيات أكتوبر) الحماسية التى بحثنا عنها على الإنترنت ولم نجدها.
وأخيرا فرقة (شباب البحر) من أبناء بورسعيد والتى اختيرت فى يوليو 1972 لتمثيل مصر فى مهرجان الشباب الأول فى الجزائر.
وكان لابد لهذه الفرق من تسجيل هذه الفترة الحاسمة والرائعة من تاريخ نضالنا الوطني والتى بدأت فى السادس من أكتوبر.
إقرأ أيضا : 100 أغنية تسجل أسطورة الجيش المصري العظيم في حرب أكتوبر
انطلقت فرقة (شباب البحر) البورسعيدية بشبابها الخمسين من العمال، وطلبة الجامعات، والمدارس الثانوية، بقيادة عبدالرحمن عرنوس المعيد بالمعهد العالي للفنون المسرحية، انطلقت الفرقة تغني (أغنيات أكتوبر).
ولرجال التضحيات ففي ثاني أيام المعركة وقفت الفرقة رغم قيود الإضاءة فى وسط ميدان الحسين أبو الشهداء لتغني:
يا نصر شاور شاور علينا شاور
شاور لبلدي ولأهل بلدي وأرض بلدي
وقول لبلدي دا رجلتنا قاموا وعدوا
وللتكاتف وللوحدة العربية الرائعة التى بلورتها معركة المصير غنى الشباب:
جمعنا الشمل فى وحدة مصر
لأجل يرفرف طير النصر
وعندما بدأ العدو يشن علينا الحرب النفسية المسعورة فى محاولة يائسة لإخفاء هزائمه وانكساره انتشرت الفرقة تغني في كل مكان ثم غنت (أغنيات أكتوبر):
أعرف عدوك لما يروج للاشاعات
الحرب دي أنواع
ممكن تكون نفسية أو حتى اقتصادية
أوعك تسمع للاشاعات
أغاني المقاومة الشعبية
وبعد قرار الرئيس (محمد أنور السادات) بإشراك المقاومة الشعبية فى ردع العدو الإسرائيلي، وليتحقق التلاحم العظيم بين شعب مصر وقواته المسلحه الباسلة، وجهت الفرقة هذا النداء لأبناء القتال ليحملوا السلاح (كتفا سلاح يا ولاد كتفا سلاح).
وأثناء الغارات الإسرائيلية الغادرة على محافظة الشرقية ومدن شمال الدلتا واسقاطها الشراك الخداعية من لعب أطفال وغيرها بقصد الإضرار بالمواطنيين العزل، سارعت الفرقة تحذر من الإقتراب من هذه الأشياء الملقاة فى الطرقات:
يا عم يا للي ماشي أوعك تلاقي هدية
ملفوفة بالسلوفان أحسن تكون ألغام.
وعندما اقترب موعد عودة المهاجرين إلى شاطئ القنال المحررة فقد كتب شباب بورسعيد الخطاب التالي إلى مدينتهم الباسلة:
عدينا وخطينا وهنرجع للبلد
وحنفرش رمل سينا بالخضرة والأمل
كل مهاجر حيرجع ونعلق التمرحنة
فرقة ولاد الأرض
إقرأ أيضا : بليغ حمدي .. بطل حرب أكتوبر الغنائي الذي تنبأ بالنصر!
جاء ميلاد فرقة (ولاد الأرض) من رحم هزيمة يونيو 1967، حيث أسسها محمد أحمد غزالى الشاعر والملحن الشهير بلقب (كابتن غزالى).
وكانت الفرقة تبث روح الحماسة الوطنية فى نفوس المقاومة الشعبية و قوات الجيش و طلاب الجامعات خلال حرب الإستنزاف، ثم بعد ذلك (أغنيات أكتوبر).
الأبنودي وحمام ورجب
ضمت الفرقة عددا من أبناء السويس و انضم إليهم الشاعر عبدالرحمن الأبنودى، و الملحن إبراهيم رجب، والمطرب محمد حمام، وهم الثلاثى الذى أبدع رائعة (يا بيوت السويس يا بيوت مدينتى).
كما انضم لهم المطرب محمد العزبى الذى غنى من تأليف وتلحين كابتن غزالى:
والله، والله، والله، والله
هترجع تانى لبيتك ولغيطك يا خال
وها تلقى الرملة خضرة على طول القنال
والله، والله، والله، والله
هترجع تانى لبيتك وبنصرك تتخايل
وغنى لهم أيضا سمير الإسكندرانى (من برج الحمام بيطل مدفعى) وفايدة كامل التى غنت (فات الكتير يا بلدنا)، وغيرهم .
وفي أعقاب الهزيمة تبارى أهلي مدينة السويس الباسلة في حمل السلاح دفاعا عن الوطن، غير أن حمل السلاح لم يكن كافيا لشحذ الهمم وتضميد الجرح.
كان لابد من أن تعلو الكفوف وتصفق على نغمات السمسمية لتشحذ الهمم ويعود اليقين بحلم النصر المبين، فغنت الفرقة:
بينا يللا بينا، نحرر أراضينا
و عضم إخوانا، نلموا نلموا
نسنوا نسنوا، و نعمل منه
مدافع، و ندافع، ونجيب النصر
هدية لمصر .
وكانوا يطوفون فى كل الأماكن التى كانت تضم تجمعات من مهجري محافظات القنال، ويغنوا…
غني يا سمسمية لرصاص البندقية
ولكل إيد قوية حاضنة زنودها المدافع
غني للجنود، سمير وعلي ومسعود
وغباشي لجل يعود وفي إيده النصر ليا
غني ودقي الجلاجل مطرح ضرب القنابل
راح تطرح السنابل .. ويصبح خيرها ليا
ويرددون وشعب السويس يردد معهم بقوة وصوت كله حماس ووطنية:
هادي يا هادي
نصرك قريب يا بلادي
علشانك اضحي بعمري
وأعيد بسلاحي أمجادي.
غضب حليم من غزالي
في هذه الفترة انتقد كابتن غزالي الإعلام المصرى، وما تبثه الإذاعة المصرية من أغانٍ عاطفية، حتى إنه سخر من أغنية عبدالحليم حافظ (سواح) وغنى قائلا :
لأ لأ لأ لأ لأ مش ح أغنى للقمر
ولا للشجر،ولا للورد فى غيطانه
ولا نيش سواح، ولا هقول للهوى طوّحنى
طول ما فيكى يا بلدى شبر مستباح
ولم ينس عبدالحليم حافظ هذه الأغنية وظل غاضبا من كابتن غزالي حتى وفاته.
وغنت فرقة (أولاد الأرض) أيضا للحرب:
إحنا لها إحنا لها، الحرب إحنا لها
حانخوضها شعب وجيش سوا
وكانت من أقوى أغنياتهم فى هذه الفترة أغنية تقول بعض كلماتها:
عطشان يا رفاقة للتار من اسرائيل
عطشان والجرح ملح، م الوقفة في الهجير
ياعدان غيطانا اطلع، قوم فتش ع السبيل
أنا راضع غل طينها موالي من أنينها
مصر يا ضحكة غلابة
أما بعد العبور فاختلف الواقع وتغيرت الصورة، وأترسمت البهجة والأمل فى أغنياتهم، وانسحبت كلمات التمني، وكان من الطبيعي أن تتغنى الفرقة التى كانت مكونة من 16 شابا تتراوح أعمارهم ما بين ( 16 و30) وجميعهم من العمال والطلبة، للفجر الجديد والأمل الذى يختمر فى وجدان الأمة فغنوا (أغنيات أكتوبر) :
ابعت يا ديان وهات
طيارات تعمل غارات
هات مدافع هات هاونات
هات عساكرك
ع القنال أنا صاحي
ومع هدير المدافع وجنازير الدبابات وهي تشق طريق الانتصار على أرض سيناء الغالية مكتسحة كل ما قيل من مزاعم وأباطيل وخرافة، كانت أوتار السمسمية تضرب بعنف لتقول (أغنيات أكتوبر) مع شباب السويس:
حي على السلاح، أهو جه أوانك يا شعبي
خلوا الكلام بالمدافع، فى قلب سينا يعدي
خلوا صلاة الحرب، هيه آدان السنة دي”
كما غنوا للعسكري البطل الذى يحرس أرضه وشرفه على الجبهة قائلين:
الفاتحة للعسكري، سبع السباع الفللي
واقف وحاضن مدفعه، بطل وحارس موقعه.