كتب: محمد حبوشة
على الرغم من المسلسلات الكويتية هى الأهم والأكثر تأثيرا وشهرة في الدراما الخليجية، وتمتلك قدرة كبيرة على التطور والتكيف مع الوقت، ولعل أهم ما يميزها قدرتها السحرية على مناقشة الواقع الاجتماعي الخليجي بصدق وبأساليب في غاية الجمال والإبداع، إلا أنها أخفت قليلا في مسلسل (حب بين السطور).
ربما تتفوق الإنتاجات الكويتية في تصنيفات كثيرة ومتنوعة مثل الرومانسية والدراما والكوميديا وغيرها، أي أنها مناسبة لجميع الأذواق، إلا أن مسلسل (حب بين السطور) المأخوذ عن مسلسل كوري بنفس الاسم يفتقد لكثير من الحرارة وعفوية الأداء، فقد جاء باهتا وممللا إلى حد كبير في كثير من الحلقات.
(حب بين السطور) الكوري
مسلسل (حب بين السطور الكوري) الذي عرض قبل 5 سنوات، بسيط ولطيف حيث يحتوى على مواقف كوميديا مغلف برومانسية خفيفة، حيث يروي قصة (كانغ دان أي) الذي تهرب زوجته بحفل زفافها من العرس وتختبئ بسيارة البطل (تشا إيون) هو صديق الطفولة.
وبالنهاية تتزوج وكل واحد منهم يعيش حياة مختلفة حتى يكتشف (تشا إيون) هو أنه صديقته تطلقت وتعيش ببيته بالسر وتصير أحداث بينهم رومانسية وكوميدية في إطار من التشويق واٌثارة ربما لأن المسلسل مكثف لايتعدى 16 حلقة.
إقرأ ايضا : سعد الفرج .. عميد الدراما الخليجية
أما المسلسل الكويتي الاجتماعي (حب بين السطور)، من تأليف علياء الكاظمي وإخراج خالد جمال وإنتاج شركة (أبيز برودكشنز) ويشارك في بطولته نخبة من نجوم الساحة، لكنه يفتقد إلى الرومانسية والكوميديا التي تحقق عنوان المسلسل.
يسلط (حب بين السطور) الضوء على رحلة نماذج في الحياة ما بين صراعات واختبارات حياتية قد تقلب معادلة كل منهم الإنسانية رأسا على عقب، وقصته مختلفة عن النسخة الكورية التي حملت الاسم نفسه.
وتدور حول (صالح/ إبراهيم الحربي) الذي يتزوج في شبابه من ابنة عمه (لطيفة/ باسمة حمادة) وينجب منها 3 أبناء، ثم يقدم على بعض التصرفات التي تضع ثروة العائلة على المحك.
تشابك الأحداث في (حب بين السطور)
وتتوالى الأحداث وتتشابك في (حب بين السطور) حتى تصل إلى ذروتها، ونرى تأثير ذلك على كل الشخصيات التي تكون أمام تحديات حقيقية، مع مناقشة عدد من القضايا المجتمعية مثل الزواج من أجنبي، ومشاكل مواقع التواصل الاجتماعي وتأثيرها على المستخدمين، وقضية تعاطي المخدرات، وتعدد الزوجات، وغيرها من المشاكل.
وعلى الرغم من الفنان إبراهيم الحربي قال: (أجسد شخصية صالح في المسلسل البعيد عن الابتذال والإسفاف، إلا أن أداءه جاء باهتا للغاية، ولم يتقن دور الرجل المقعد على كرسي متحرك خلال نصف الحلقات يعكس خبرته الطويلة في التجسيد الدرامي بحكم أنه (دنجوان) الدراما الخليجية
من جانبها، رأت الفنانة باسمة حمادة، أن (المسلسل بشكل عام يتكلم عن علاقة الإنسان بالآخر وما هو الحب، هل يبني أم يهدم؟، ونحن في هذا البيت الذي يمثل المجتمع المصغر أسرة تعيش حياة مستقرة وغير مستقرة، الأمر الذي قد يحصل مع الجميع، إلا أن أداءه جاء متشنجا يفتقد للدفء الأسري المطلوب.
إقرأ ايضا : إبراهيم الحربي .. دنجوان الشاشة الخليجية الذي يرفض العنف
أما الفنانة الدكتورة (غدير السبتي)، فقالت: (أخيرا بعد سنوات من تقديمي للشخصية الشريرة، سأطل على المشاهدين مجسدة دور امرأة أربعينية طيبة جدا تدعى منيرة، لكنها تعاني من المجتمع والعائلة بسبب عدم زواجها، وكما هو معلوم، فالمرأة في المجتمع العربي عندما تصل لهذا العمر تسمى بالعانس.
إلا أنني أراها (مس كاستنج) فلا هى تلك الأكاديمية التي تعنى بتفاصيل الشخصية على المستوى النفسي والاجتماعي ولا تحمل بريق تلك الخبرة التي كونتها طوال حياتها التمثيلية الطويلة.
(علي كاكولي) في (حب بين السطور)
ظني أن الفنان (علي كاكولي) هو الوحيد الذي تعمق بالتفاصيل، حيث يجسد شخصية الابن الأكبر (وضاح) الذي لديه حب التملك، فهو يحب نفسه ويبدي مصلحته الشخصية قبل أي شيء آخر، كما أن الكاتبة عالية ربما وازنت بين الخير والشر، في شخصيته التي بها خير مطلق أو شر مطلق.
أما الفنان (عبدالله عبدالرضا) الذي لعب دور (مشعل)، وهو الأخ الأصغر(المدلل) جاء ناعما، خاصة عندما يظهر الدموع في عينينه أكثر من مرة، ما يفسر لماذا بدا متسرعا في اتخاذ قراراته ولا يبالي بعواقب الأمور، وربما ساهم في ذلك أنه شخصية مضطهدة نوعا ما في البيت وعلاقته مع أخيه الأكبر سيئة جدا.
إقرأ ايضا : (غسيل) .. 8 حلقات من المتعة والإثارة والتشويق
(عبدالله عبدالرضا) خاض تجربة مهمة في حياته المهنية من خلال دوره في مسلسل (غسيل) وتميزه في أدائه الذي ترك بصمة في سطور وأقلام الكثير من النقاد والمشاهدين.
ومع توالي الأحداث يجد حياته في الخارج مع فتاة تدعى (مي/ إيمان الحسيني) -التي اتقنت دورها إلى حد كبيرا عازفة على أوتار المشاعر الإنسانية بدرجة تضعها في مصاف نجوم الرومانسية في الخليج -، فهو يعيش معها قصة حب، وما شده لها أنها قريبة مني نوعا ما، وفيها شيء من شخصيته الحقيقية.
وبالنسبة الفنانة (شوق الهاجري) فقد جسدت شخصية (جوى)، دلوعة البيت، بين الصعود والهبوط من حلقة لأخرى في (حب بين السطور)، حيث تمر ببعض المشاكل العاطفية وأخرى مع أسرتها.
ففي البداية، تجدها تلك الفتاة المحبة للحياة (حيل مشتطّة) وأيضا القريبة من صديقاتها، لكن مع توالي الأحداث تمر بظروف ومشاكل أسرية تغير طباعها إلى أن تجدها الهادئة والتي تعيش ببساطة في نهاية الحلقات.
(حسين الحداد) في (حب بين السطور)
وتجسد الفنانة (أسرار دهراب)، شخصية (زينة)، التي وصفتها بـ (الفتاة الطيبة جداً، لكنها بالمقابل ذات شخصية قوية، هى محبة لأهلها ولا ترفض لوالدتها طلبا، لكن أيضا تمتلك قواعد لا تتعداها، ما جعل أداءها مقيدا تارة، وتارة يفلت منها زمام الشخصية بفعل حركات جنونية غير معقولة.
(زينة) أيضا تعيش قصة حب، ومن خلالها تتعرض للعديد من الأحداث، وربما على حد قولها أنها كانت مستمتعة كثيراً في (اللوكشين) وتتعاون مع نجوم تجتمع بهم للمرة الأولى، لكنها أداءها لم يكن حرفيا بالمرة.
الفنان (نواف الفجي)، جسد شخصية إبراهيم، الشاب (الجنتل) المحترم المتزن الذي لا يرضى بالغلط، يرتبط في خيوط درامية كثيرة، ما يجعله يتعمق بظروف مغايرة عن شخصيته كاملة.
صحيح أنك تحب الشخصية في (حب بين السطور) لكنه لم يجد أسلوبا جاذبا يوفر له أداء مبهرا، على العكس تماما جاء الأداء باهتا على مستوى الصوت غير المفهوم في مواقف كثيرة، خاصة في لحظات انفعاله القليلة، وأيضا افتقاده إلى لغة جسد تشير إلى موهبة حقيقية.
إقرأ ايضا : سعاد العبد الله .. سندريلا الشاشة الخليجية
ومع كل الملاحظات السابقة أري أن الفنان (حسين الحداد) أدى دور (إياد) على مستوى رشاقة الحركة وتعابير الوجه التي تجمع بين الشر والكوميديا على نحو يؤكد موهبة هذا الفنان الذي أرى له مستقبل كبير في التجسيد الدرامي الاحترافي.
الأخطاء الإخراجية كثيرة وجسيمة التي جرحت أعين المشاهد أثناء متابعة المسلسل، وبرغم من تلك الأخطاء فإن الرباعي (علي كاكولي، عبد الله عبد الرضا، إيمان الحسيني، حسن الحداد) كانوا بالنسبة لنا هم القطرة الجمالية التي تعالج وتجعلنا نتمتع بالمشاهدة ومتابعة أحداث (حب بين السطور) رغم الحبكة الدرامية الضعيفة.
هذا (الرباعي) أبدع في أبعادهم الثلاثية للشخصية من حيث: البعد النفسي والاجتماعي والمادي، تميزوا في الأداء والحوار والتعبير وأخص (التعبير الجسدي)، وذلك بالرغم من أخطاء الكوادر الإخراجية والعدسة التي أعاقت الكثير في توصيل الأداء وتعبير الممثل!
فإن بالنسبة لي كمشاهد أجزم بأن (الأربعة) اجتهدوا جميعا لتوصيل هذا الأداء، وبالفعل جهدهم وصل للمشاهد، حتى حواراتهم ومخارج الألفاظ في كلماتهم سواء بالنطق ودرجة الصوت وتعبير تلك الحروف على انفعال سواء على الوجه أو الجسد أبدعوا وتميزوا برسم شخصياتهما ليحق لهم أن يكونوا أيقونة (حب بين السطور).