بقلم: أميرة أنور عبد ربه
أصبحت المنصات الرقمية في الفترة الأخيرة مقصدا للعديد من كبار الفنانين لتقديم نوعية مختلفة من الدراما، في حلقات قليلة لم يعتادوا عليها من قبل، ومنذ اسبوع أعلن عن تقديم مسلسل يتضمن 5 حكايات مختلفة من مسلسل (حدث بالفعل) أولها للنجمة الكبيرة (غادة عبد الرازق).
المسلسل من تأليف فادي النجار وإخراج هشام الرشيدي والذي يتضمن أحداث حقيقية مستوحاة من أحد ملفات الأمراض النفسية والتي وقعت أحداثها في أكثر من دولة عربية.
وقد بدأت الحكاية الأولي باسم (تحت الحزام) للنجمة (غادة عبدالرازق)، التي تخوض تجربة المنصات للمرة الأولي، حيث تقدم دور طبيبة نفسية لديها ابن هو كل حياتها تحبه حب مرضي.
إقرأ أيضا : غادة عبدالرازق بين سعادة وشقاء الفن ورقي الانفصال !
وهي حالة نراها مع كثير من الأمهات اللاتي تتعلقن بابنائهن بشكل هستيري يصل إلى درجة الجنون، فلا تريد أن تشاركها أخري فيه وفي سبيل ذلك تلجأ إلى كل الحيل والطرق لإنهاء أي علاقة عاطفية مع أي فتاة يقرر الارتباط بها، أوتشعر بإنه يحبها!. وهو ما نتعرف عليه من خلال الأحداث التي تبدأ بتجهيزها لحفل زفاف ابنها الفنان (خالد أنور) من (سلمى أبو ضيف) التي نكتشف أنها كانت مريضة نفسية تعالجها الأم (غادة عبدالرازق).
وبالفعل تتعافي ولكن خلال التجهيز للعرس تكتشف الأم بسيطرتها على ابنها وبقرارات تتعارض معها كتغيير قاعة الفرح من غير الرجوع لها!، وهو المشهد الذي قدمته (غادة عبد الرازق) ببراعة.
أحاسيس (غادة عبد الرزق)
عندما لاحظت بتعلق ابنها وحبه لخطيبته عندما رفض تناول الإفطار معها، ولكنه غير رأيه عندما علم أن خطيبته ستتناول الإفطار معها، كمية الأحاسيس والمشاعر التي أظهرتها (غادة عبد الرزق) بنظرات وجهها وحسرة عينيها وحزنها بانه يضيع منها مع قرار بالانتقام في نفس اللحظة.
تعبيرات لن تراها إلا مع ممثلة متمكنه مثل (غادة عبد الرازق) تعلم جيدا أين وكيف تعبر بكل صدق عن أحاسيس الأمومة الزائدة التي تصل إلى الجنون! من خطيبة الابن لتفاجأ بكارثة أخرى، وهى أنهم قرروا السفر إلى لندن بعد الزفاف دون علمها.
إقرأ أيضا : غياب المنافسة يهدد صناعة الدراما المصرية (1)
لتنقلب أحداث المسلسل رأسا على عقب، وهنا تقرر الانتقام وخطفها ليلة الزفاف!، وتبدأ رحلة البحث مع ابنها المصدوم بشكل هادئ وبثبات انفعالي ساعدها في ذلك كونها طبيبة نفسية وتعلم جيدا ماذا تفعل؟، وكيف تظهر ردود أفعالها بالشكل والوقت المناسب؟
فنحن أمام الطبيبة النفسية (عالية) – جسدتها ببراعة (غادة عبد الرازق) – هى نفسها في حاجة للعلاج النفسي من حبها المرضي لابنها!، إننا أمام حب تعدي وتجاوز كل حدود العقل والمنطق!.
وهو المشهد الثاني الذي عبرت عنه (غادة عبد الرازق) بحرفية عالية، عندما شاهدت ابنها يبكي على خطيبته لترفض ماتراه منه من كسرة قلب، وتؤكد له أنه كل حياتها ولا تريد أن تراه بهذا الشكل.
وأنها مستعده لفعل أي شيئ له، (الشيزوفرينيا) في أعلي صورها وأشكالها فهي لاتعي ما حدث لابنها ولا يهمها إلا الاستحواذ عليه بأي شكل ووسيلة غير مهتمة بنتائج ما تفعل !
المسلسل غلب علي جميع مشاهده الكثير من الغموض والتشويق بداية من خطفها لخطيبة ابنها وحبسها في أحد الأماكن المهجورة ورحلة بحث صديقتها المقربة (ليلى) عنها التي تصل إلى بعض الخيوط بأن الأم هى السبب في اختفائها.
وبكل سذاجة تذهب للأم لإخبارها رغم شكوكها في البداية فيها وهى إحدي نقاط ضعف السيناريو لتواجه نفس مصير صديقتها، بل وقتلها ثم قتل (مريم/ سلمي ابو ضيف) وتوريط صديقتها في ذلك !
كل ذلك والشرطة لم تستطع التوصل إلى ذلك لتغلق القضية وتستمر الطبيبة في حياتها وتزوج ابنها الفتاة التي تريدها بمواصفاتها الخاصة!
(غادة عبد الرزاق).. نهاية بلا منطق
لا أعلم لماذا لم ينتهي المسلسل النهاية الطبيعية للقصة الحقيقية حيث تم القبض علي الطبيبة النفسية (عالية/ غادة عبد الرازق) بعد فترة ولكن تمت معاقبتها في النهاية، وهو مالم يحدث في العمل !
أليس من الأجدي أن أقدم القصة بتفاصيلها حقيقية لكي نري عقوبة مقنعة ومرضية لنا من تلك النماذج غير الطبيعية التي تعيش بيننا حتي تكون عبرة للجميع !
أعتقد أن أضعف حلقات العمل هى الحلقة الثالثة والأخيرة التي شعر المشاهد بنقلات مفقودة، كما بدا في المواجهة المنتظرة بين الأم والابن كانت في حلم حيث عاتبها وقال لها إنها طبيبة نفسية ولكنها أكثر مريضة في حاجة للعلاج النفسي!
لينقلنا بعدها فجأة إلى مشهد وجودها في المنزل مع حفيدها ومكالمة من ابنها وزوجته وكأن شيئا لم يكن !
نهاية قد يراها البعض غير منطقية وضعيفة، إلا أن صناع العمل قد يكون لهم رؤية أخرى، وإن كنت أرى أنه طالما قدمت أحداث حقيقية من ملفات مرضي نفسيين لابد أن اقدم ما حدث لهم في النهاية وأنقل الواقع بكل صدق.
(غادة عبد الرازق) و(سلمي أبو ضيف)
جميع المشاهد التي جمعت بين (غادة عبد الرازق) و(سلمي أبو ضيف) من مواجهات مباشرة بينهم هى إحدي نقاط القوة بالعمل، وأظهرت كل التفاصيل والدوافع النفسية والخفية في حياة كل منهما، والتي جعلت الأم تعترف في حوار جرئ وصريح لما تعرضت له من قسوة من زوجها !
لقد قدمت (سلمي أبو ضيف) أهم أدوارها منذ ظهورها بوعي شديد وبإتقان يحسب لها، فقد استطاعت أن تقدم دور المريضة التي تعافت بشكل عفوي وصادق، وأعتقد أنه سيكون بداية لأدوار أخري مهمة لها في مشوارها الفني .
لاشك أن (غادة عبد الرازق)، نجمة من طراز فريد أثبتت في 3 حلقات فقط أنها ممثلة الأدوار الصعبة المركبة بكل احترافية شديدة، فمشاهدها مع ابنها وخطيبته قمة في الإبداع.
والتنقل بتعبيرات وجهها من حب وكره وحقد وانتقام وحسرة في آن واحد، وبمشهد واحد أمر لا يستطيع عليه إلا (غادة عبد الرازق)، فقد ذكرتني في هذا الدور بدورها في مسلسل مع (سبق الاصرار)، وكأنها عودة منها مرة أخري لخطف ساحة الدراما من جديد.
وهو ما حدث بعد انتهاء الحلقات والإشادة الكبيرة من الجمهور على أدائها وتقمصها للدور بكل احترافية، والدليل تلك الإشادة التي كتبتها النجمة الكبيرة (نبيلة عبيد) عن فخامة وحلاوة ادائها في هذا العمل الذي أعاد بريق (غادة عبدالرازق) من جديد !.