بقلم الكاتب والأديب: محمد عبد الواحد
.. ولـ (سامية جمال) في حياتها العاطفية مراحل، منها ما نبع خالصا من القلب مجردا من الحسابات، ومنها ما كان تكوينه من أرقام وحسابات ومعادلات عقلانية، ومنها ما بعد النضج وهو ما جمع بين حبيب القلب وأرقام الآلة الحاسبة وتداعيات العقل.
وقد كان وإلى النهاية هو حب القلب الأول عند (سامية جمال)، وقد بادلها قلب الأطرش موجة بموجة، وانعكس ذلك على نجاحهما فنيا كثنائي متفرد في السينما الاستعراضية، ورغم حب فريد لها بجنون إلا أن حبه لفنه ولفريد الفنان غلب على حبه لفريد الانسان.
لذلك قرر ألا يتزوج أبدا.. لا (سامية جمال) ولا غيرها.. مؤمنا بأن الفنان إذا تزوج ذوت في وجدانه عاطفة الحب مصدر الحب والإلهام و تحولت إلى حياة روتينية بغيضة قاتلة للفن، والتخطى بالشعور حدود الواقع الضيق إلى وديان الجمال وسهول الإبداع.
تعلقت مشاعر (سامية جمال) بفريد في البداية من خلال صوته في الراديو وألحانة التي ترقص عليها، وحينما صادفتها صورته للمرة الأولى على غلاف مجلة ازدادت به تعلقا.
حتى أنها اشترت من ذات العدد عشرة نسخ وذهبت إلى عملها بكازينو (بديعة مصابنى) لتصادف هناك طفلا فقدمت له غلاف المجلة تسأله: (عارف مين دا يا حبيبى؟).
وكررت عليه السؤال مرات علها تأنس من إجابته بسماع اسم الحبيب ليفاجئها صوت فريد من خلفها (دا أنا.. فريد الطرش)، وحينما التفتت لتتأكد من حقيقة ما سمعت راحت في إغمائه فزع لها فريد في البداية لكنه فرح بها في النهاية لما له من مثل هذا الأثر على مثل هذه الجميلة السمراء.
بعدها وبينما يصطحب فريد الأطرش صديقته الأرستقراطية – والتي تهرب من الزواج بها أيضا – إلى ملهى الأريزونا بالقرب من ميدان الأوبرا ليجلسا سويا أمام مسرح الملهى.
(سامية جمال) و(فريد الأطرش)
وحينما خرجت (سامية جمال) للرقص وفوجئت به يتطلع إليها غمرتها السعادة فكانت ترقص له وحده دون باقى الصالة.. أنهت (سامية جمال) وصلتها بتصفيق جنونى من فريد وإعجاب تبدى لصديقته أنه تجاوز مرحلة الإعجاب الفني ليغلى الدم في عروقها وتوبخه لتلتفت بعدها إلى (سامية جمال).
وتبدأ في سبها بشتائم و أوصاف بشعة سمعها الجميع، وزادت انفعالاتها إلى الدرجة التي بها غادرت مقعدها وصعدت إلى البيست لتهوى بكفها على وجه (سامية جمال) في صفعة مدوية.
إقرأ أيضا : فريد وسامية جمال قصة حب رائعة أفسدها ولاد الحلال! (2)
جرت (سامية جمال) تغادر المسرح باكية.. تعود الصديقة الأرستقراطية إلى فريد ليفاجئها بصفعة هائلة، وهو يكيل لها نفس الشتائم التي وجهتها لسامية لتسارع بالانصراف في لحظة نهاية للعلاقة بينهما.
كانت هذه الليلة بداية تطور جديد في العلاقة بين فريد الأطرش و(سامية جمال) تبلورت في الانسجام بل والتناغم الى درجة شبه التوحد معا في إنتاج العديد من الأفلام الاستعراضية المتوالية: (أحبك انت، عفريته هانم، ماتقولش لحد، آخر كدبة، تعالى سلم).
ورغم هذا الحب إلا أن إخلاص فريد لمبدأه من ناحية الزواج قد تأكد في تكرار تهربه من تتويج علاقتهما بالزواج خاصة مع انتشار الشائعات التي بدأت تمس هذه العلاقة.. عند هذا الحد قررت سامية الابتعاد تماما وكتابة كلمة النهاية التي تظهر في نهاية كل فيلم على قصتها مع فريد وإلى الأبد.
(سامية جمال) و(الملك فاروق)
وقد كانت هذه المرحلة هى مزج البداية والنهاية لمرحلتين، فقد لعب الملك فاروق دورا في إنهاء مرحلة فريد الأطرش في حياة (سامية جمال).. البداية كانت حينما لمحها يوما في جلسة منفردة مع فريد في إحدى المحلات.
وكان الملك فاروق لايحب فريد على الإطلاق، ولا فريد يحبه، وقد ظهرت دوافع ذلك بعد طلاق فاروق من (ناريمان) حيث ألمح فريد إلى حبه السابق لها من خلال أغنية (نورا نورا يا نورا).
إقرأ أيضا : فريد الأطرش صفع بنت الذوات بسبب سامية جمال (1)
و قد سارع فاروق إلى طلب يدها من بعد عزل فاروق وعودة (ناريمان) من المنفى معه إلا أن طلبه قوبل بالرفض من والدة (ناريمان) بل وأصدرت الأم بيانا يحذر فريد من مجرد التفكير في الزواج بملكه ليرد فريد (إننى أمير من نسل أمراء الدروز.. أبا عن جد.. بينما ناريمان لم تحصل على صفة الملكة إلا بعد زواجها من الملك)، وها أنا أضع كل حسبى ونسبى وثروتى كلها أمامها).
والعجيب أن الملك فاروق لم يكن يحب (سامية جمال) بل وكان يلقبها بـ (سمجة جمال)، لكنه قرر إغاظة فريد والحصول عليها كما هى هوايته المعتادة، وقد أشار الصحفى مصطفى امين في كتابه (ليالى فاروق) أن الملك قد دعا (سامية جمال) لإحياء حفل خاص استدعاها في نهايته لتبيت ليلة في استراحته الخاصة مما زاد الأمور تعقيدا بين فريد و(سامية جمال) مؤكدا بحبر داكن و خط عريض كلمة النهاية.
(سامية جمال) و(شبرد كينج)
بعد فشل قصة الحب بين فريد الأطرش و(سامية جمال) وافقت على الزواج من متعهد الحفلات الأمريكي (شبرد كينج) الذى التقت به في باريس، ولأنه كان مسيحيا فقد أحضرته معها إلى مصر ليشهر إسلامه في الأزهر – وقد عقبت (قسمت رشدى أباظة) فيما بعد في حوار تليفزيوني (بأن هذا الزواج كان بدافع انتقامها من فريد الأطرش).
انتقلت (سامية جمال) مع زوجها الأمريكي إلى ولاية تكساس وهناك حصل لها (كينج) على عقود عمل بمبالغ باهظة في 15 ولاية أمريكية لتقضى (سامية جمال) في الوفاء بهذه العقود عامين ونصف من العمل الدائم.
و قد تخلل عملها بالمسارح اشتراكها في فيلم أمريكي وآخر فرنسى بعنوان (على بابا و الأربعين حرامى)، وقد فوجئت (سامية جمال) بالتغير في المعاملة من طرف (كينج) يوما بعد يوم إلى الأسوأ.. واكتشفت في النهاية استيلائه على أموالها فطلبت منه الطلاق عائدة إلى مصر بهزيمة فادحة وجراح.
(سامية جمال) و (بليغ حمدي)
نشأت قصة غرام قصيرة بين الراقصة السمراء وملحن بعضا من موسيقاها العبقرى الذى لن يتكرر في تاريخ الموسيقى العربية (بليغ حمدى) والذى يصغرها بثمانى سنوات، كانت (سامية جمال) بالنسبة له نغمة جديدة من الجمال وحضور طاغ من الأنوثة).
ابتسامة دائمة يحتاجها الفنان مفتاحا لمغاليق الإلهام.. تمت الخطوبة بالفعل والبدء في تجهيز عش الزوجية لإتمام الزواج بحسب اتفاقهما بعد الانتهاء من تصوير فيلم (الرجل الثاني).
إقرأ أيضا : في ذكراه الثلاثين.. كيف جمعت سامية جمال (بليغ حمدي) بأم كلثوم؟
لكن صديقة لبليغ وهى فنانة ناشئة اسمها (روحية جمال) اتصلت بـ (سامية جمال) لتخبرها بعمق علاقتها مع (بليغ) لتكاشف سامية بليغ بذلك طالبة وضع حد لقصتها أو قصة (روحية).
وعدها بليغ بذلك وانصرف دون عودة بقرار و إنما بتهرب متكرر من العودة للتواصل فقررت (سامية جمال) إنهاء هذه العلاقة بشكل نهائي.
وإلى لقاء في الحلقة القادمة