(كريمان) .. ورحلت قطة السينما المصرية في صمت !
بقلم: أميرة أنور عبد ربه
لا أخفي أنني كنت واحدة من عشاق النجمة الراحلة (كاريمان)، فهي مزيج من الموهبة والأنوثة الساحرة وخفة الدم المصرية التي تسحرك من أول طلة لها، هى تركيبة فنية مختلفة لذلك من الصعب جدا أن تجد من يشبه موهبتها وطريقتها.. إنها الفنانة الجميلة صاحبة الطلة المميزة.
إحدى فنانات الزمن الجميل التي لن تتكرر، أو قطة السينما المصرية كما كان يطلق عليها، فهي الفتاة الشقية، خفيفة الدم، جميلة الشكل، لقد كانت تخطف العيون والقلوب بمجرد ظهورها على الشاشة.
أحبت الكاميرا النجمة (كريمان) منذ ظهورها الأول على شاشة سينما الأبيض والأسود في فيلم (الحموات الفاتنات) الذي يعد البطولة الأولي لها في عالم السينما، والذي كانت مشاركتها فيه بعد واقعة طريفة مع المنتجة آسيا.
إقرأ أيضا : سكر هانم .. (أيقونة الأفلام الكوميدية) هل كان يروج للمثلية الجنسية؟!
حيث رفضت ظهور (كريمان) من قبل لصغر سنها، فقامت بارتداء حذاء ذو كعب عالي ووضعت أحمر شفاة لكي تصبح مناسبة للدور، وبالفعل وافقت المنتجة آسيا علي قبولها بالدور.
وقد كانت بداية (كريمان) في السينما التي عشقتها، وقدمت فيها مايقرب من 24 فيلما وهو عدد جيدا مقارنة بعدد السنوات التي قضتها في الفن، حيث أنهت مشوارها الفني سريعا بعد 12 عاما فقط وهي في قمة توهجها وشهرتها، ويتردد أن السبب هو رغبتها في التفرغ لرعاية ابنها الوحيد بعد زواجها.
لم تكن السينما هى بدايتها الأولي في عالم الفن، وإنما كانت وجهتها الأولي في الإذاعة المصرية مع بابا شارو، حيث كانت تتمتع بصوت جميل ومتميز وهى طفلة، وبعدها لمس الجميع موهبتها ولباقتها التي تؤهلها للعمل بمجال التمثيل.
ولقد كانت (كاريمان) بطلة فرقة إسماعيل ياسين المسرحية لمدة 3 سنوات وشاركته فيلم الفانوس السحري حيث لعبت دور خطيبته .
(كريمان) وفيلم (بنات اليوم)
من أهم أفلام (كريمان) التي أحبها الجمهور وكان سببا مباشرا في شهرتها هو فيلم (بنات اليوم) مع المطرب الكبير (عبدالحليم حافظ) والنجمة المتألقة (ماجدة)، حيث كانت تلعب دور (بثينة) صديقة النجمة (آمال فريد) الفتاة الشقية التي كانت تحلم بالحرية وعدم القيود.
وكانت تشجعها علي ذلك، ولكنها وقعت في غرام الفنان المتميز بالشقاوة والحيوية أيضا (أحمد رمزي)، وفي فيلم (فتافيت السكر) جسدت دور ( سلوي) صديقة النجمة المتألقة آنذاك (سامية جمال).
وكانت ترتبط كل منهما بقصة حب مع النجمين (عمر الحريري وكمال الشناوي)، واضطرروا إلى اختلاق كذبة حتي تستطيع لقائهما بحرية، كما شاركت في فيلم (تمر حنة) مع النجمة الاستعراضية (نعيمة عاكف) في دور (ابنة الباشا) ولعبت دور موظفة في فيلم (مراتي مدير عام).
(كريمان).. طلة ساحرة
ورغم قصر مساحة بعض الأدوار إلا أنها كانت لها طلة ساحرة وتأثير كبير بمجرد ظهورها في الفيلم التي تشارك فيه، فتكسبه بريقا آخاذا ولا فتا للانتباه.
لقد ولدت (كريمان محمد سالم) في مدينة القاهرة في عام 1936 لأب مصري وأم مصرية تنحدر من جذور تركية، وقد درست (كريمان) في مدرسة الليسيه، وبجانب حبها للتمثل كانت تمتلك أيضا موهبة غنائية منذ الصغر.
وقدمت عدد من الأغاني في الإذاعة المصرية، قام بتلحينها عدد من الملحنين الكبار مثل (محمد الموجي وعلي إسماعيل وكمال الطويل، وغيرهما من كبار الملحنين في ذلك الزمن الجميل.
إقرأ أيضا : سامي فريد يكتب : وفهم البنداري مقلب عبدالوهاب !
لم تحظي (كاريمان) بالتقدير الكافي الذي كانت تستحقه ويليق بموهبتها الكبيرة، ولا أعلم لماذا لم يتم تكريمها في أي من المهرجانات المصرية بدلا من تكرار نفس الأسماء أكثر من مرة !
ولا أدري أيضا هل كان يتم دعوتها للتكريم ولم تقبل أم أنها لم تكن في حسبان السادة المسئولين بالمهرجانات، لذا أتمني أن يتم إهداء الدورة القادمة من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي إلى روحها وعرض أحد أفلامها خلال فترة المهرجان، أول عمل فيلم تسجيلي يوثق لمراحل حياتها الثرية بالإبداع والتألق، وهذا أقل ما يجب مع فنانة منحت حياتها للسينما في زمن الأبيض والأسود.
لقد قررت (كاريمان) اعتزال الفن وقضت حياتها بعيدا عن الأعين في صمت مثلما رحلت أيضا، والمفارقة أن يكون رحيلها في نفس الشهر التي ولدت فيه في 18 سبتمبر الحالي ليكون ذكري ميلادها ووفاتها في آن واحد.
رحم الله الفنانة الجميلة (كريمان) صاحبة الحضور الخاص، والتي أضاءت الشاشة السينمائية بروائع أفلامها التي تمتعت بالرشاقة والكوميديا رغم أن غالبية المخرجين حصروها في دور البنت الشقية، إلا أنها تمتعت بقد كبير من الاحترام من جانب الجمهور والنقاد على حد سواء.