بقلم الإعلامي: علي عبد الرحمن
في مناسبة مسلسل (سفاح الجيزة) الذي يعرض حاليا، من أهم وظائف الإعلام التي تعلمناها في كليات وأكاديميات ومعاهد الإعلام أنه أي الإعلام يقوم بوظائف التربية والتنشئه والتنوير وباقي وظائف الإعلام الأخرى.
ولكن مانشاهده الآن من برامج الجريمه من قتل وسرقه وإرهاب ونصب وابتزاز وبلطجة مثل (سفاح الجيزة) لا يؤدي هذه الوظائف و إن كان إنتاجه يهدف إلي التوعية و التحذير والنصح والارشاد.
ولكن يبدو أن الهدف المرجو من هذه البرامج في واد و ما تفعله هذه البرامج في أذهان وثقافة وسلوك المشاهدين في واد اخر.
إقرأ أيضا : العنف في شوارع المحروسة وغياب الوعي !ِ
ذلك لأن المعالجه البرامجيه وطريقه التناول لا تقدم هذه النوعية من البرامج بشكل يعظم الجرم ويوضح الآثار السلبيه المترتبة عليه ويشرح تتطرف وشرود الجاني بل يقدمه صوره لذكاء وفطنه الجاني في طرق ارتكابه لجرائمه من خلال سردها عبر الشاشات لكيفيه التخطيط و المراوغه حتي تنفيذ جريمته.
كما يظهر الجاني عبر هذه النوعية من البرامج مفتخرا منتشيا بذكائه وخبراته في الهروب من رجال الشرطه والقانون كما يعدد مبرراته الوهمية لارتكاب جريمته سواء للانتقام أو أخذ الحق كسبب لسلوكه المتطرف، كما حدث في مسلسل (سفاح الجيزة).
ورغم أن شعار كل هذه النوعية من البرامج هو (الجريمه لا تفيد والجاني سيعقاب) إلا أن اي من هذين الهدفين لم يتحقق نظرا لسوء المعالجة وخطأ التناول وقله وعي المحاورين بأهداف هذه البرامج.
وكم من جريمه تم ارتكابها تآثرا بمشاهدة هذه البرامج و تعلمآ من حواديت الجناء لكيفيه ارتكاب الجريمة وكيفيه التخلص من أثرها وكيفية الهروب من العدالة.
سفاح الجيزة وترسيخ الجريمة
وكثير من شبابنا تعلموا كيفيه ارتكاب الجرائم من هذه البرامج على غرار سفاح الجيزة، وآخرون منهم تعلموا أساليب النصب والابتزاز والتهديد من حكايات الجناه داخل هذه البرامج.
والبعض تعلم كيفيه صناعه المتفجرات وطرق تجنيد الشباب من هذا المحتوي ايضأ ولعل انتشار جرائم القتل بدافع الحب أو بدافع الانتقام أو بدافع التجربة كل ذلك كان بسبب سوء التناول الإعلامي وتشوه المحتوي المقدم حوله فنون الجريمه والاعيب الجناة.
وهذا يتطلب وجود مختصين من رجال القانون والشرطة و خبراء علم النفس وصناع المحتوى الإعلامي لإعاده صياغه المعالجة البرامجيه وطريقه التناول لموضوعات الجريمه بشكل مهني علمي مدروس يؤدي إلي بلوغ الهدف بدقه ومكافحه الجريمه والحد من انتشارها و القضاء على تأثر الشباب،
إقرأ أيضا : دراما إفساد الشباب.. (جعفر العمدة) نموذجا سلبيا صارخا!
وذلك بما تطرحه هذه البرامج من أفكار ضاره بالفرد والأسرة والمجتمع، أكتب هذا الكلام بمناسبة انتاج وعرض مسلسل (سفاح الجيزه) واللغط الدائر حوله بخصوص ذكائها وفطنة.
وتعدد جرائم هذا السفاح لدرجه أن عملية القتل عنده ارتبطت بتقديم الطعام للضحيه قبل التخلص منها، حتي أن شبابنا اليوم أصبح يتندر علي هذا السلوك ضد أي شخص يقول له أو لها (أعملك حاجه تاكليها أو تاكلها).
والغريب أن دراما الواقع وإنجازات وهموم وضغوط والعديد من الرواد المصريين في كل المجالات داخل مصر وخارجها يستحقون أن تصنع لهم الدراما إما محاكاة للواقع أو توثيقا للواقع أو استشرافا للمستقبل أو تخليدا لقمم مصر في كل المجالات.
وإذا كان ما شد انتباه جهه الإنتاج للعمل وفريق عمل مسلسل (سفاح الجيزة) هو تعدد ضحايا السفاح و مراواغته في التخلص من الجثث والهروب من العداله مؤقتا و نسب الاثاره في هذه الموضوعات.
إلا أن الواقع المصري به من الدراما التي تشد الانتباه ما هو أكثر من ذلك بكثير وتقديم الدراما عنه هو لصالح المجتمع ومواطنيه، وكم من جندي أو ضابط قتله عشرات الإرهابين وكم من مواطنين بسطاء أبلغوا عن إرهابين ومخاطرهم.
وكم من مصري قدم جديدا لمصر والعالم أجمع في مجال تخصصه من أفكار وابتكاراته للبشرية، وكم من مواطنين شرفاء قضوا في أحداث الوطن و في حاله الطوارئ والغرق و الحريق و الإرهاب والتنمية.
سفاح الجيزة وصناعة المحتوى
وكم من معلم علم، وكم من أم ربت، وكم ، وكم، إلا أن كل ذلك لم يثر اهتمام صناع المحتوي و مبدعي الدراما في مسلسل (سفاح الجيزة) وغيره حتي يجسدون ذلك في أعمال درامية مكلفه تنقل للأجيال القدوه وتعظم أبناء الوطن المخلصين،وتؤدي الدراما دورها المنشود من خلال هذه الأعمال الإيجابية الرائدة.
وبالنظر إلى محتوى البرامج والدراما وما تتركه من آثار سلبية علي الوطن و شبابه نجد أن صناع المحتوي ومبدعي الدراما قدموا لنا ما يلي:
إقرأ أيضا : العنف والبلطجة .. ظاهرة سلبية في دراما رمضان
دراما تعلم فنون الإرهاب وصناعة المتفجرات، ودراما تتعلم فنون القتل والتنكيل، ودراما تأصل لفنون البلطجه وأخري لطرق النصب والإحتيال.
وأصبحنا نكرم القتله ونهمش الشرفاء نعظم الجريمة كما جاء في (سفاح الجيزة)، ونغض البصر عن كل جيد، نصنع محتوي لهؤلاء القتلة، ولانصنع دراما لما هو أدعى في مجتمعنا، ننسي العلماء والرواد والأبطال والعائشون عطاءا وبذلا.
فأين لجان قراءة النصوص، وأين المتابعة والرقابة؟، وأين المجلس الأعلي ولجانه وأين النقابة وأين خبراء الوطن ومختصيه؟، هذه أموال الشعب،وهذه شاشاته، ولابد من محتوي يرتضيه ويفيده.
ولقد بح صوتنا هنا من المناداة بخطة قومية لإعلام الوطن وخطه نوعية لدراماه تغطي أوجه الحياه فيه من أجل إعلام واع ومحتوي هادف ورسالة تنافسية تلائم عصر النهضه، والجمهورية الجديدة، ومواطنها ومواصفاته العصريه.. حمي الله مصر، وأصلح دراماها، وتحيا دوما مصر.