السينما و الصيف وشواطئ مصر الساحرة المبهجة (2/2)
* تعتبر سنوات السبعينيات ومع انتشار موضة الجونلة القصيرة التي لاتختلف عن المايوه، هي ذروة أفلام المصايف والشواطئ
* أفلام رحلة العمر وسقطت في بحر العسل وبيت من رمال والعاطفة والجسد وفي الصيف لازم نحب أشهر أفلام السبعينات على الشواطئ
* ظلت الأسكندرية هي المصيف الاجتماعي الأول في الكثير من الأفلام، حتى ظهرت مصايف بديلة في التسعينات وما بعدها
* ظل التمدد في الشواطئ محدودا حتي تم تحرير سيناء، فانطلق المصطافون الي شواطئ بحار أخري في البحر الأحمر، وسيناء، ثم الي الساحل الشمالي
بقلم الناقد والباحث السينمائي : محمود قاسم
ما أن يأتي الصيف حتى تلعب الشواطئ دورا مهما في حياة المصريين والعرب، فقبل العلمين، والساحل الشمالي، وخليج نعمة، وشاطئ روميل بمرسي مطروح، كانت شواطئ الإسكندرية ومازالت مقصد المصريين.
والشواطئ في الصيف ملتقى الأحبة عائلات وأصدقاء، فيها يفرون من لهيب الشمس المحرقة أملا في نسمة هواء ترد الروح على شواطئ المنتزه والعجمي والمعمورة وسموحة وزيزينيا وستانلي والشاطبي وسيدي بشر.
بين النزول إلى البحر، وبائع الفريسكا، والآيس كريم، والحاجة الساقعة يدور يوم المصطفين، ولأن السينما المصرية جزء من حياة المصريين وكانت تعبر عن كل ما يدور في حياتهم لهذا كان طبيعيا أن تدور أحداث بعض الأفلام على الشواطئ.
في الأسبوع الماضي توقفنا عند أول الأفلام التى صورت على الشاطئ في الصيف، واستعرضنا قصصها وأبطالها، وهذا الأسبوع نستكمل الرحلة.
الصيف.. العاطفة والجسد
تعتبر سنوات السبعينيات ومع انتشار موضة الجونلة القصيرة التي لاتختلف عن المايوه، فإن الكثير من بنات القاهرة قد ذهبن الي المصيف مجددا، وبحث المخرجون في قصص إحسان عبد القدوس وغيره عن قصص تناسب الصيف.
ولعل أشهر هذه الأعمال هو فيلم (العاطفة والجسد) إخراج حسن رمزي عام 1972، وتدور أغلب أحداثه في شاطئ المنتزه.
والبطلة غالبا ترتدي المايوه الذي يكشف جمالها، وهي لاتغادر المكان حتي وإن اختفي حبيبها أحمد، فالمصيف هو مكان اللقاء، والعودة.
وسقطت في بحر العسل
في عام 1977 قدم صلاح أبو سيف القصة الرابعة من رواية (البنات والصيف) تحت عنوان (وسقطت في بحر العسل) والعسل هنا هو الحب!
والفتاة هى ملكة جمال الشاطئ، التي تفاجئ أن حبيبها (بكر) له علاقة بإمرأة أخري فتصيبها الوساوس أن منافستها لابد أن تكون أجمل منها، وتصدم حين تكتشف أن هذه المنافسه هي امرأة بدينة جدا اشبه بالثور، وأنها المرأة التي تولت رعايته دوما.
الصيف ورحلة العمر
في تلك الفترة جاء بقية السينمايون في الصيف إلى المنتزه للعمل في افلام عديدة منها فيلم (حبيبتي شقية جدا) إخراج نيازي مصطفي، وعاد سعد عرفة الي قصص العشق والبحر في افلام بالغة الجرأة منها (رحلة العمر) عام 1974.
وفيه يتعرف مخرج سينمائي تجاوز الخمسين علي فتاة بالغة الشبق، لم يغادرا الرمال وهي ترتدي البكيني، كما لم يغادرا غرفة النوم بحثا عن الإشباع!.
أما الفيلم الثاني لسعد عرفة فهو (بيت من رمال) حيث شواطئ الاسكندرية، وقصة حب بين فتاة صغيرة وحبيبها الشاب، وتذهب كي تعيش معه قبل أن تموت غرقا.
الصيف ومصايف بديلة
ظلت الأسكندرية هى ملتقى الجميع الصيف، فهي المصيف الاجتماعي الأول في الكثير من الأفلام، ورغم أن بعض الأفلام دارت أحداثها في المصايف البديلة ومنها (معجزة السماء) اخراج عاطف سالم 1956، ثم (باحب السيما) بعد اربعين عاما.
فيما بين الفترتين كانت هناك وقائع متباينة، فالسبعينيات شهدت اقبالا منقطع النظير علي شواطئ الاسكندرية.
وخاصة شاطئ المنتزة، والمعمورة، في أفلام من الطابع الشبابي الكوميدي مثل (في الصيف لازم نحب) لمحمد عبد العزيز، و(سؤال في الحب) لبركات، و(جنس ناعم) لمحمد عبد العزيز، وأفلام أخري.
الزحف للعجمي في الصيف
المصيف حالة جماعية خاصة أقرب الي مراكز الاستشفاء، كلما كان منغلقا كلما حقق هدفه، وفي البداية كانت الاسكندرية الصحراوية حتي اذا زحف العمران بحث الناس عن أماكن جديدة تتسم بالخصوصية في فصل الصيف.
ومن هنا جاء الزحف الي منطقة العجمي بكل ما بها من خصوصية وجمال رغم خطورة الاستحمام، وظهرت الشواطئ الخاصة التي يباح فيها ارتداء المايوهات القطعتين أو البيكيني.
كانت السينما أول من صورت هذا التحرر في أفلام الصيف، ومنها فيلم (أين المفر) اخراج نادرجلال حيث استمتعت الزوجة بارتداء بيكيني علي جسد بالغ الاثارة فأثارت شهوة حارس مخبول فاغتصبها.
وبدلا من أن تذهب رحلات الصيف الجماعية الي الأسكندرية، فان الرحلات الجديدة توجهت إلى العجمي مثلما حدث في فيلم (دسوقي أفندي في المصيف) اخراج عمر عبد العزيز.
الصيف وسيناء والساحل الشمالي
ظل التمدد في الشواطئ محدودا حتي تم تحرير سيناء، فانطلق المصطافون إلى شواطئ بحار أخري في البحر الأحمر، وسيناء، ثم الي الساحل الشمالي.
وزاد عدد الأفلام التي تدورأحداثها في الصيف وكثرت الأماكن البديلة، وصارت أكثر فخامة وثراء، وتواءمت مع الطبقات الاجتماعية الجديدة التي أمكنها شراء كل شئ.
أسست السينما لنفسها مدنها الخاصة جدا للمتعة والتصييف، وظل أبناء هذه الطبقات أكثر تحررا في ملابسهم، وعاداتهم، وقصصهم، وتغير شكل البنات والصيف.
وبدأت الأسكندرية تعترف بالشيخوخة التي أصابتها رغم الأزدحام الشديد عليها، انه ازدحام شعبي، مقرون بالأزياء الخليجية التي حلت علينا، وصارت النساء يسبحن بالجلابيب، وأحيانا النقاب.
وانقسم المجتمع، وكان من أواخر الأفلام التي تم تصويرها في الأسكندرية في الصيف خلال التسعينيات فيلم (آيس كريم في جليم) لخيري بشارة، و(البحر بيضجك ليه) لمحمد كامل القليوبي.
وشاهدنا قرية مارينا بفخامتها سينمائيا للمرة الأولي، وفي فيلم (الجنتل) لعلي عبد الخالق 1998، بدت المدينة الإصطناعية الجديدة بكل ما بها من فخامة بالغة السحر، لتناسب قوانين السينما في صناعة الابهار.
فتاة من إسرائيل في الصيف
الصورة التي ظهرت عليها المدينة العائدة طابا في فيلم (فتاة من اسرائيل) جعل المنافسة لصالح تلك الشواطئ المستعادة لتدور أحداث الكثير من الأفلام هناك في جنوب سيناء حيث تختلط الأجناس، والحكايات في الصيف.
وفيما يشبه السينما السياحية، وفي عام 2001 بدا كأن هناك انكسارا أصاب الكاميرات لتصوير الحسناوات بملابس البحر مع الطبيعة الخلابة الممتدة لنري قصص حب، وتهريب.
ومصايف، ونجمات جميلات يتنافسن علي الشباب في أفلام كثيرة العدد منها (سنة أولي نصب) لكاملة أبو ذكري، و(الباشا تلميذ) و(خليج نعمة).
وأيضا (بنات وموتوسيكلات)، و(حريم كريم) و(انت عمري) الذي تدورحداثه في الغردقة، وجميعها أفلام شبابية عن المصايف الجديدة في البلاد.
قبل زحمة الصيف
بعد يناير 2011 بدا كأنما هناك انكسار ملحوظ أصاب القصص المكتوبة في موسم الصيف، فلم يعد المصريون يميلون الي المصايف أيا كانت أشكالها، سكن أبطال هذه الأفلام في العشوائيات والأحياء الفقيرة.
والظاهرة لاتزال مستمرة، لانعرف متي ستنتهي، الا أن كبار المخرجين بدأوا يعبرون الحواجز ويعودون بأبطالهم ونسائهم الي أماكن المصايف الخاصة ومن أبرز هذه الأفلام (قبل زحمة الصيف) للمخرج الراحل محمد خان.
وأيضا فيلم (قدرات غير عادية) لداوود عبد السيد، و(الخضرة والماء والوجه الحسن) ليسري نصر الله، وفي انتظار الجديد.