نكشف المحذوف من رائعة فرقة (صابرين)، أغنية (لحظة) لفدوى طوقان وكاميليا جبران
المطرب الحقيقي يمتلك حساً استثنائياً بالكلمة التي يغنيها، فهي لابد أن تتسرب إلى أعماقه، وتذوب في وجدانه، ويجب ألا تكون زائدة، أو مكررة، أو ثقيلة على الأذن، وإلا رفضها على الفور وطلب من الشاعر مؤلف الأغنية تغيير هذه الكلمة أو ذلك المقطع، فى هذا الباب سنتوقف مع بعض الأغنيات التى تم تغيير بعض كلماتها، أوحذفها.
كتب : أحمد السماحي
فرقة (صابرين) من الفرق الغنائية المهمة التى تكونت في فلسطين عام 1980 وكانت تغني للصمود والإصرار والأمل، وتنشد الأرض، والمدفع، وتحلم باليوم المنشود، يوم تحرر فلسطين، وأسسها الموسيقار سعيد مراد الذي قام بتلحين معظم أغنياتها، وتغنت هذه الفرقة بأشعار كبار شعراء العالم العربي، بصوت المغنية الرائعة كاميليا جبران.
وكانت من أوائل الفرق الفنية الجادة مضمونا في اختيار المواضيع، والجماليات، فكانت فعلا مختبرا غنائيا وموسيقيا للعديد من كتاب الأغاني والعازفين، وكانت إحدى الإسهامات الجادة في الارتقاء بالأغنية الفلسطينية.
أصدرت فرقة (صابرين) على مدار تاريخها الفني خمسة ألبومات قامت كاميليا جبران المطربة الرئيسية للفرقة بالغناء في أربعة ألبومات منها.
(صابرين) ودخان البراكين
كان إصدار كل ألبوم لفرقة (صابرين) يتزامن مع دخول القضية الفلسطينية إلى منعطف سياسي مهم، حمل أول ألبومات الفرقة عنوان (دخان البراكين)، وصدر في أوائل ثمانينيات القرن العشرين بالتزامن مع الإجتياح الإسرائيلي للبنان ومجزرتي صبرا وشاتيلا.
وكانت أغاني الألبوم متجذرة في الفولكلور والتراث الشعبي الفلسطيني، وتضمنت قصائد لشعراء فلسطينيين كبار مثل محمود درويش وسميح القاسم.
(صابرين) وموت النبي
أصدرت فرقة (صابرين) ألبومها الثاني، والذي حمل عنوان (موت النبي)، خلال فترة الاستبطان الإسرائيلي قبيل اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وكان هذا الألبوم بمثابة فعل مقاومة وحُملت أغانيه برسالة واضحة فقد ركزت على تصوير جوانب الحياة اليومية للفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي.
أما الألبوم الثالث للفرقة فقد كان بعنوان (جاي الحمام) وصدر في عام 1994 وكان متفائلاً بسبب تزامنه مع الأمل الذي بثته في النفوس اتفاقية (أوسلو للسلام) قبل توقفها في وقت لاحق.
صدر الألبوم الرابع لفرقة (صابرين) في عام 2000، وكان بعنوان (على فين)، وقد عكست أغاني هذا الألبوم شعورًا بالحنين العميق واليأس وتضمنت قصائد للشعراء العرب (طلال حيدر وسيد حجاب و فدوى طوقان).
صدر الألبوم الخامس لفرقة (صابرين) بعدما انسحبت كاميليا جبران وهاجرت إلى فرنسا، وقد حمل الألبوم عنوان بعنوان (معزوج)، وتضمن الألبوم أغاني مشحونة بالحماس كانت من كلمات الموسيقار سعيد مراد وقام بغنائها الممثل الفلسطيني محمد بكري.
(صابرين) و(لحظة) فدوى طوقان
من الشعراء المهمين الذين تعاونت معهم فرقة (صابرين)، في ألبوم (على فين) الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان التى تمثل رمزا شعريا نسويا وطنيا، والتى تأثرت بشعراء المهجر.
وكانت مِن أوائل مَن نظم الشعر العربي الحر، وحازت العديد من الجوائز والأوسمة، وغلب على شعرها الهم، وكانت حياة فدوى محفوفة بالأحداث الأليمة المتتالية، حيث توفي والدها ثم أخوها ومعلمها إبراهيم، وأعقب ذلك احتلال فلسطين إبان نكبة 1948.
وتركت تلك المآسي المتلاحقة أثرا واضحًا في نفسية فدوى، كما يظهر من شعرها في ديوانها الأول (وحدي مع الأيام)، ورغما الظروف الصعبة، أثبتت فدوى نفسها سياسيا واجتماعيا في مدينتها (نابلس)، إيمانًا منها بدورها الفاعل بشأن القضية الفلسطينية.
وعرفت فدوى بتميزها وفرادتها بين شعراء ذلك الزمن، فتمردت على القصيد، وتحررت من الشعر وقوالبه، ما منحها فرصة حرة في التعبير عن مكنونات نفسها بصدق وتجرد.
فدوى طوقان متابعة لفرقة (صابرين)
كانت فدوى طوقان متابعة دقيقة لفرقة (صابرين) وسعيدة بخطواتهم الفنية المتميزة، لهذا سعدت جدا عندما وقع اختيارهم على قصيدة (لحظة) لتلحينها وغنائها.
وقد وقع احتيار سعيد مراد، وكاميليا جبران على مقدمة القصيدة، وقاموا بحذف باقي الأبيات، وهذا الأسبوع في باب (محذوفات الأغاني) ننشر القصيدة كاملة.
كما كتبتها فدوى طوقان، وستجدون الكلمات المحذوفة مكتوبة باللون الأحمر:
منيتي صمتا، هدوءاً، لا تقل لي
كان أو سوف يكون
لا تحدثني عن الأمس ولا تذهب لغد
هذه اللحظة عندي ما لها قبل وبعد
لم يعد للزمن المحدود عندي أي معنى
قد تلاشى الأمس أصداء، وظلاّ
والغد المجهول يمتد بعيداً ليس يجلى
ربما كان سوف ما رسمت
يد أحلامي وأحلامك فيه
ربما كان سوى ما نرتجيه
هذه اللحظة، لا شيء سواها
زهرة قد فتّحت بين يدينا
لا ثمارٌ، لا جذور
زهرةٌ آنية الروعة فلنمسك
بها قبل العبور يا حبيبي بوركت لحظتنا
ما علينا إن تكن مرّت كظلّ الطير خطفنا
فهي ذخرٌ لرؤانا، عالم من عالم أشهى وأغنى
من دنانا، هي عمر
………………………
أترانا نذرع الأيام، نمشي مثقلين
نطأ العوسج نعيا
بالذي نحمل مت عبء السنين
أترى من أجل هذا نحن نحيا؟
ما الذي ننتظر؟ ما الذي نحيا له؟
نحن قد يملؤنا وهمٌ نسمّيه الطموح
نكدح العمر ونشقى فيه كي نرقى الذّرى
نجري ونسعى لنفوق الآخرين
ثم ماذا؟ الخلود؟
لا تحدثني عن المهزلة الكبرى
عن الكذبة، دعها لمجانين الخلود.
………………………
أم ترى نحيا ليلقى المتعبون
عندنا الفيء، ليروى الظامئون
من عطاء البئر، بئر الخير والايثارفينا
ثم يمضون، ويمضي كل شيء
غير أحجار عقوق وجحود
أم ترى نحيا لكي تجرحنا كلمات الآخرين؟
………………………
ولكي تطعننا في الظهر في غفلتنا
الصداقات التي تفجعنا
والتي ننفض منها الكف نرتدّ على
أعقابنا من بعدها خاسرين.
أترى من أجل هذا نحن نحيا؟
………………………
أم ترانا نذرع العمر نشق الدرب
من أجل الوصول نحو قبرٍ
نحن ندري انه المصير!
………………………
منيتي، إن لم نكن نحيا لهذي اللحظات النادرات
هذه الواحات في صحرائنا
فيم نلقانا اذن نحيا الحياة؟
ما الذي ننتظر؟ ما علينا
ان تكن مرّت كظلّ الطير
خطفا فهي عمر