بقلم: بهاء الدين يوسف
أمام حالة الاهتمام الكبيرة التي حفلت بها مواقع التواصل الاجتماعي حول مسلسل (سفاح الجيزة) الذي يعرض حاليا على منصة شاهد المدفوعة، قررت مشاهدة الحلقتين اللتين تم عرضهما للوقوف على أسباب الإعجاب الواسع الذي ناله المسلسل منذ بداية عرضه.
(سفاح الجيزة)، بطولة أحمد فهمي ومن إخراج هادي الباجوري وتأليف محمد صلاح العزب بمشاركة عدد من الفنانين الشباب والمخضرمين، والحقيقة أن أولى أزماتي مع المسلسل قبل أن أشاهد أي حلقة منه كانت في بطل العمل (أحمد فهمي)، الذي أظن وليس كل الظن إثما إنه ممثل متوسط لم يترك بصمة في عالم الفن رغم كل محاولات النفخ فيه وإسناد بطولات عديدة له بخلاف برامج الترفيه وغيرها، وقد كان الرجل عند ظني فيه بالفعل!
إقرأ أيضا : جدلية العلاقة بين يوسف إدريس وخالد يوسف في (سره الباتع)
دعونا نبدأ بالجوانب المشرقة في الحلقتين اللتين شاهدتهما من المسلسل المأخوذ عن قصة حقيقية لمجرم يحمل نفس الصفة (سفاح الجيزة) وكان أسمه (قذافي فراج عبد الغني)، وفي مقدمتها المخرج (هادي الباجوري) الذي لم أكن قد شاهدت له أي من المسلسلات والأفلام التي قدمها في السنوات الماضية، وربما هذا سبب اندهاشي من أن المستوى الذي قدمه في إخراج مسلسل (سفاح الجيزة)، كان احترافيا بشكل مثير للإعجاب.
إبداع الباجوري في سفاح الجيزة
تقطيع المشاهد كان موفقا للغاية، النقل بين الكاميرات من اللونج إلى الكلوز والعكس كان أيضا محترفا بحيث نجح في التغلب على رتابة الحوار في بعض الأوقات، بل إنه ساعد المشاهد على التفاعل مع أحداث المسلسل لدرجة تشعر معها أنك تشاهد مسلسلا أمريكيا من تلك المسلسلات التي ينفق على إنتاج الجرافيكس فيها عشرات الملايين لكي يشعر المشاهد أنه مشارك في الاحداث وليس مجرد شخص تفصله شاشة فضية عن الدراما التي تراها، وأظن أن المسلسل سيكون خطوة عملاقة في مسيرة (الباجوري) الفنية ليكون ضمن مخرجي النخبة في مصر خلال الفترة المقبلة.
قدم فهمي شخصية (سفاح الجيزة) بملامح قريبة من تلك التي كانوا يصفون بها السفاح الأصلي، فهو بارد المشاعر خفيض الصوت مهذب مع الجميع، وهنا يمكن تفهم الأداء البارد للشخصية من الممثل لكن ما يصعب فهمه -على الأقل علي شخصي المتواضع- أن يكون الأداء والنظرات بنفس المستوى طوال أحداث الحلقتين اللتين لم تخلوا من مشاهد لفهمي، وبالتالي كان صعبا علىَ تقبل مشاهدته طوال ما يقرب من ساعتين وهو بنفس الملامح، حينما يكون في مشهد حب، وأحيانا حينما يكون في مشاهد تمثيل على فتاة ما بأنه يحبها، وحتى في مشاهد القتل الصريحة لا تتغير ملامحه.
إقرأ أيضا : محمود حسونة يكتب: (سره الباتع).. وسر الهجوم الشرس
وهو ما يتعارض مع فكرة بسيطة في سيكولوجيا الملامح تتعلق بأن الإنسان تتغير ملامحه حسب الحالة المزاجية والنفسية التي يتواجد فيها، فلا يمكن أن يكون استقباله لخبر أو حدث مفرح مثلا بنفس الملامح التي يستقبل بها حدث أو خبر حزين، حينما يفعل شيئا شريرا لا يحمل نفس ملامحه وهو يقدم على تصرف نبيل أو طيب.
أحمد فهمي وسفاح الجيزة
بالتالي ستظل فكرتي عن قدرات أحمد فهمي مستمرة لحين إشعار آخر وهى إنه ممثل محدود القدرات يمكنه أن يحقق النجاح لكنه أبدا لن يكون من أيقونات الدراما المصرية مثل العشرات ممن غابوا حتى عن المشهد الدرامي لكننا نتذكرهم ونتذكر بعض ادوارهم بما فيها من انفعالات وجمل حوارية وغيرها.
(صلاح عبد الله وميمي جمال) أديا دورين محدودين للغاية دراميا لدرجة يصعب معها الحكم عليهما، ولكنهما يظلان من الفنانين الكبار أصحاب البصمة في الدراما المصرية، وكانت إطلالتها في المسلسل إلى جانب (حنان يوسف) التي قدمت دور (أم سفاح الجيزة) كفيلة بتمرير شعور من الحميمية للمشاهدين، أما باسم سمرة فقدم دورا جديدا عليه وهو دور ضابط المباحث المكلف بالتحقيق في جرائم السفاح.
ورغم أن أداءه للدور كان أقل من مستواه المميز الذي قدمه في العديد من الأعمال السابقة مثل (حلاوة روح، بين السرايات، الصديقان) وغيرها خصصوا في قدرته الفريدة على تقمص الشخصية بأدق تفاصيلها، إلا إنه اجتهد في دور بدا عليه أنه لم يكن قريبا من قلبه مثل باقي أدواره.
مسلسب (سفاح الجيزة) قدم عدد من الوجوه الشابة مثل الأردنية (ركين سعد وهايدي خالد)، لكن لا يمكن القول أنهما نجحا في ترك بصمة في الحلقتين الأوليين بانتظار عرض باقي الحلقات الثمانية.
أخيرا نجح المؤلف (محمد صلاح العزب) في تقديم مسلسل استطاع جذب الانتباه له رغم أنه لا يزال في حلقاته الأولى، مع ملاحظة أن بعض المشاهد كان فيها من الرتابة أكثر مما يجب لكنها في كل الأحوال نسبة أقل بكثير جدا مما اعتدنا عليه في المسلسلات العربية في السنوات الأخيرة.