بقلم: محمد حبوشة
غابت النجمة ريهام عبد الغفور عن جوائز مهرجان القاهرة للدراما الذي أقيم في مدينة العلمين قبل أيام، وتبدو لي المجاملة الفجة واضحة، فبقراءة متأنية للجوائز في هذه الدورة سنجد انحيازا واضحا لكل مسلسلات (الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية) التي استأثرت على غالبية الجوائز، على مستوى جوائز الجمهور والنقاد.
وحتى التكريمات لم تتم على أسس موضوعية، والدليل أن النجمة الكبيرة (ريهام عبد الغفور) خرجت من السباق خالية الوفاض، رغم أنها النجمة المصرية التي تميزت خلال عام 2023 بأعمال تجعلها في مصاف النجوم الكبار وتستحق جائزة الجمهور بجدارة – لو تم أخذ رأي الجمهور طبعا –
إقرأ أيضا : اعتراف (باسم سمرة لريهام عبد الغفور) في (منعطف خطر) يشرخ جدار العائلة
لكن لجنة التحكيم العرجاء والقائمين على مهرجان (المتحدة للدراما، وليس مهرجان القاهرة للدراما) أعميت عيونهم وغابت عقولهم عن التقييم الموضوعي الذي يمنح الفنان المجتهد جوائز حقيقية جراء روعة الأعمال التي قدمها على الشاشة التلفزيونية.
قلت في مقال سابق عن النجمة (ريهام عبد الغفور) أنها تستحق لقب (سيدة الشاشة التلفزيونية 2023) بلا منازع، فهى التي برعت في أعمال تضعه في مكانة تليق بموهبتها الحقيقية، حيث تبدو ريهام طبيعية جدا بلا مكياج وملابس بسيطة تناسب الشخصية التي تلعبها.
تماما كما ظهرت في مسلسلاتها الأخيرة (رشيد، وش وضهر، منعطف خطر، الغرفة 207، أزمة منتصف العمر، الأصلي)، لتجسد ببراعة وتلقائية عجيبة دور الممرضة البسيطة أو الراقصة في الأفراح، أو الأم المكلمومة على ابنتها القتيلة في ظروف غامضة، أو الزوجة المعذبة، هذا مثال بسيط على أهمية الملابس.
فالممثل الموهوب كـ (ريهام عبد الغفور) هو الذي يعرف كيفية اختيار ملابس الشخصية، والتشبه بها تماما، فهذا يساعده على تقمص نفسيتها، وطريقة تصرفها وتفكيرها، هذا بالإضافة لعدة عوامل أخرى بالطبع مثل المكياج وطريقة الكلام الدارجة، أو ما يسمى باللهجات المختلفة، ولكن تبقى الملابس من أهم المكونات التي تعبر عن الشخصية.
قدرة ريهام عبد الغفور
تملك ريهام عبد الغفور، مجموعة واسعة من المهارات التي تعتمد بشكل أساسي على قدرة الشخص على تطويرها وتطويعها لطبيعة الدور، مثل الخيال والتقمص العاطفي واستخدام لغة الجسد، بالإضافة إلى وضوح مخارج الحروف والقدرة على فهم الدراما.
وهو ما يحتاجه الممثل أو الممثلة عبر الوقت والممارسة بالوقوف على المسرح أو أمام الكاميرا، حتى يصلوا إلى مرحلة الراحة بالوجود أمام مجموعة كبيرة من الناس، أما في حالة ضعف الثقة بالنفس عند الوقوف أمام الكاميرا أو الناس، فإن الممثل يندفع إلى حالة يمكن تسميتها (حماية النفس من الانكشاف العاطفي) أي يصاب بعقدة الخجل التي يصاب بها معظم الناس.
وهذا ما يميز ريهام عبد الغفور، بعد أصبحت مخضرمة في التمثيل إذ يساعد تراكم الخبرة لديها بزيادة ثقتها بعملها، حتى إن أخطأت في بعض الأماكن أو تعرضت للمعوقات في أثناء العمل.
إقرأ أيضا : عتاب يجرف نحو الحنين بين (إياد نصار وريهام عبد الغفور) في (وش وضهر)
ومن خلال متابعتي لأداء الممثلة الموهوبة (ريهام عبد الغفور) أستطيع القول أنها من الممثلات الجيدات اللاتي تعملن على تدريب حنجرتها ولسانها على أداء أكبر عدد ممكن من هذه الأصوات، خصوصا أن الصوت أداة رئيسية في مهنة التمثيل، وبالتالي القدرة على التحكم بالصوت تعني القدرة على ضبط إيقاع كلمات النص بما يناسب اللحظة الدرامية.
ورغم وجود بعض المعايير التي تحدد جودة الممثل أو الممثلة، يبقى الموضوع مسألة تفضيلات شخصية، فمن الطبيعي جدا أن لا تتوافق كل الآراء بخصوص الممثلين وحسن أدائهم، من جهة أخرى تؤثر الحياة الشخصية للممثلين والممثلات بشكل كبير جدا على تقييم الجمهور والنقاد لهم خصوصا ما بعد استخدامات وسائل التواصل الاجتماعي وانتشار المعلومات والأخبار، لكن ريهام عادة ما تبعد حياتها الشخصية عن عملها داخل أو خارج اللوكيشن.
براعة ريهام عبد الغفور
ظهرت الممثلة البارعة (ريهام عبد الغفور) خلال عام 2023 في عدة أدوار استطاعت من خلالها الإلمام بمختلف العواطف والمواقف والدوافع الإنسانية حتى تصبح تأديتها لأدوار وشخصيات مختلفة، ممكنة، على أنها يجب أن تكون أفضل من (الممكنة) لتكون قادرة على التعبير عن هذه العناصر حتى يتم للمشاهدين فهمهم، دون أن ننسى التبدلات النفسية.
ومن هنا يصبح ضروريا على الممثل المتقن لعمله أن يطور ذاكرة عاطفية تمكنه من استرجاع الموقف الذي أوجد عنده رد فعل عاطفي مماثل لذلك الذي يود تصويره، إلا أن هذه طريقة تمثيل معقدة لاتقوم (ريهام) باستخدامها إلا بعد أن تطور فهما شاملا وعميقا لها، وتتعلم فهم الآخرين بفهم ذواتهم وقدراتهم العاطفية قدر المستطاع، إنها تتصور الآخرين باستعمال معلوماتهم عن أنفسهم وتطوير نوع من التحكم بالاستجابة بعواطفهم.
إقرأ أيضا : ريهام عبد الغفور تلقن مصطفى درويش درسا قاسيا في (ربع قيراط)
واحدة من الملكات التي تتمتع بها ريهام عبد الغفور، هى قدرتها على ضبطها لنفسها، فعلى الممثل أن يكون باستطاعته وضع نفسه في مواقف خيالية، حاجبا عنه خلالها جميع المؤثرات الخارجية، مقنعا ذاته بأنه لا يمثل بل يقوم بدور حقيقي، وهنا يأتي دور التركيز لديه، ومدى قدرته على استحضار كل ما هو ضروري لعوالم الشخصية وترحيل كل ما يعيق وجودها الحقيقي من حولها.
وألحظ أن أول ما تقوم به ريهام عبد الغفور، عند تحضيرها لتقديم شخصية ما، هو تحليل الخصائص المختلفة للشخصية، مثل: المظهر، الوظيفة، المكانة الاجتماعية والاقتصادية، والسمات العامة؛ يأتي بعد ذلك فهم هدف الشخصية وتصرفاتها في العمل الدرامي بشكل عام، وفي كل مشهد واحد على انفراد، فعندما يصور العمل الدرامي زمنا معينا، فسيتحتم يتحتم عليه دراسة ذلك العصر من أكثر من ناحية، وفهم ثقافته الحياتية عموما.
مكانة ريهام عبد الغفور
ريهام عبد الغفور واحدة من أهم فنانات جيلها حاليا، فقد تمكنت خلال السنوات الأخيرة من تقديم مجموعة من الأدوار التي أبرزت جانبا كبيرا من موهبتها العريضة، واستطاعت أن تثبت أنها فنانة قادرة على التلون والتشخيص المتنوع وأن تخرج من عباءة الفتاة ذات الملامح البريئة والناعمة.
ومن ثم حجزت ريهام عبد الغفور مكانها باعتبارها واحدة من كبار النجوم على شاشة التلفزيون في مصر، وحققت نجاحا كبيرا، وعلى الرغم من بداياتها النمطية، شكلت البراءة التي تكسو ملامحمها إلى جانب كونها ابنة الفنان أشرف عبد الغفور، بوابة مرورها إلى الجمهور.
إقرأ أيضا : محمود حسونة يكتب: فتنة الميراث بين (الأصلي) و(أولاد عابد)
وفي النهاية لابد لي من تحية تقدير واحترام للنجمة المتألقة ريهام عبد الغفور، صاحبة وجه ملائكي جميل وموهبة فنية متميزة لم تكن وليدة المصادفة، وإنما نتاج أسرة فنية أهم أفرادها والدها الفنان القدير (أشرف عبدالغفور)، وهى فوق كل ذلك تتمتع بالكاريزما الخاصة والموهبة المميزة التي ساعدت في لفتت الأنظار إليها وحصولها على العديد من الأعمال المتنوعة، واشتهرت بتقديم الأدوار المركبة.
وتميزت بحضورها اللطيف وشخصيتها المرنة أمام الشاشة، فأدوارها تصل إلى قلوب الناس بسهولة ودون استئذان لأنها عفوية وتلقائية جدا في أدائها وإحساسها، لذا شاركت خلال مسيرتها المهنية الممتدى لأكثر من عشرين عام في الكثير من الأعمال التلفزيونية والسينمائية، ولا تزال مستمرة في تقديم الفن الجميل وتحقيق النجاح والشهرة التي تمنحها بجدارة لقب (سيدة الشاشة التلفزيونية 2023) بلا منازع.