بقلم الإعلامي: علي عبد الرحمن
يعد التواصل السياسي بين القيادة والحكومه وأجهزتها أمرا بالغ الأهميه دوما وخصوصا في وقت الأزمات والشائعات والانتخابات والضغوط الراهنه، وطبيعيا أن يتم هذا التواصل مع الجماهير لإطلاعهم علي مايحدث إيجابا وسلبا لأنهم أولا وأخيرا هم من يتحمل تبعات القرارات، ولما كان تدفق المعلومات والبيانات إلي الجماهير ليس بالقدر الكافي، بل ويقتصر علي خبر أو تكذيب لشائعة من بين مئات الشائعات وهذا خلف فراغا نمت فيه وترعرت شائعات شتي عن الأمور الإقتصاديه والسياسيه والعلاقات الدوليه مع الأشقاء والدول الكبري.
ورغم أن أجهزة الدوله بها وحدات إعلام كثيرة قادرة على التواصل السياسي ولديها متحدثون رسميون، وعندها حقائق الأشياء، إلا أن الوضع غير كاف لملئ الفراغ المعلوماتي لدي الجماهير، وأيضا غاب دور وسائل الإعلام الكثيره والمتعدده ذات الإنفاق المسرف، وأيضا غاب دور التواصل من نواب الشعب، كما اختفي دور النخب ورواد المجتمع نظرا لحالات الإقصاء والاستحواذ والتصنيف التي يمارسها البعض، ودعونا ندخل جليا في آثار غياب التواصل السياسي السلبيه على عقول وروايات وهموم أهل مصر البسطاء.
إقرأ أيضا : الإعلام المصري في قبضة (أسد جريح) لايسمح بالاقتراب من عرينه!
فالشارع يغلي من ارتفاع الأسعار اليومي دون ظهور لجهات رقابة الأسواق والأسعارالمتعددة، وظهرت شائعات اختفاء بعض السلع ومن يحتكر ذلك، ونقص احتياطي البلاد الإستراتيجي في ظل غياب التواصل السياسي، وأن الأيام القادمه حبلي بالضغوط والهموم، ذلك دون ظهور مسئول من جهات التموين والرقابه وغيرهم لتوضيح الصوره الفعليه لهذا الحديث المتواصل!، ثم ظهرت أحاديث الخلافات مع الأشقاء العرب ووقفهم دعم وتمويل مصر مع اتخاذ أدلة على ذلك مثل طرد الكويت للعماله المصريه تحديدا، وخلاف مع السعوديه لعدم تسليم جزيرتي تيران وصنافر والتنافس اللوجستي علي ضفتي البحر الاحمر.
غياب آليات التواصل السياسي
أضف إلي ذلك خلاف إماراتي حول النزاع السوداني والدور المتنامي للإمارات في المنطقه سحبا من مساحة دور مصر، وخلاف أمريكي حول موقف مصر تجاه حرب أوكرانيا ودعمها لروسيا، كل ذلك يشكل روايات المقاهي في الشارع المصري، وإفتكاسات المصري الفصيح أو عراف القعدة، وينمو ذلك ويزداد مريديه مع غياب آليات التواصل السياسي مع الجماهير، وتظهر روايات الخلاف والصراع بين أجهزة الدوله حيث يسوق كل طرف لشعبيته لدي الجماهير خصما من أرضيه جهاز أو مؤسسة أخرى، وكأننا في مباراة وليس كأجهزه تخدم وطنها وأهله في تكامل وتعاون بين وواضح، وأيضا لم يصارح أحدا جمهور مصر بذات الحقيقه تكذيبا أو توضيحا، ثم جاءت شائعات من يعاني مرضا او اكتئابا من مسئولي الدولة، ولم يلتفت لذلك أحدا، وانتشرت شائعات هروب المسئولين وتهريب الأموال قفزا من السفينة، وكأنها تغرق، بل وذكرت هذه الشائعات مسئولين بالأسماء ولم يهتم احد بتوضيح ذلك رغم ان لدينا أجهزة عديده لديها كوادر ووحدات لتحليل إتجاهات الشارع المصري ورفع التقارير بذلك.
إقرأ أيضا : الإعلام المصري بحاجة إلى يد حانية من جانب الرئيس السيسي
ثم جاءت حادثة الأمن الوطني بسيناء في غياب التواصل السياسي، ولم يتطرق لها الإعلام أصلا رغم أن معظم وسائل إعلام المنطقة والعالم تطرقوا للحادث نشرا وتحليلا وربطا، ومهما كانت دوافع التكتم فإن إذاعة خبر عن حادثة بثه للعالم كله ليس إضرارا بالسلم والأمن في مصر، وتعددت الروايات عن هذا الحادث وهذا التعتيم وتركنا المتأعلمون يفتون ويجتهدون لعبا في عقول الناس وخاصة البسطاء ومن أعيتهم ظروف المعيشة الحاليه، وجاء حديث الانتخابات وموعدها ومرشحيها وحدث ولا حرج.
التواصل السياسي ولهث الإعلام
كثيرة هى الأقوال العديدة، وكل مفتي يدلل علي صدق معلوماته ودقة مصدره، وأصبح الحال في الشارع مترقبا، قلقا، غير آمن علي غده، وسارع البعض بتهريب أموالهم، والبعض بنقل نشاطهم، والبعض بتسفير أولادهم، وغادرت شركات كبري وتوكيلات مشهورة مصر تحت وطأة شائعات الضغط المالي عليهم أو قسوة المشاركه معهم وغيرها روايات كثيرة، ولما استمر غياب التواصل السياسي واختفي الناصحون وجري الإعلام وراء الملاسنات لكل صاحب رأي أو مخالف وجد المتنطعون في الشارع والمقاهي فرصتهم للتطرق إلي مناقشة صحة وضرورة أولويات الدوله وألويات المواطن وخاصت الألسنه في ماهية حتمية بناء عاصمة إدارية فخمه في شرق القاهره وعاصمة صيفيه في العلمين وأيهما اهم الصحة ومستوي التعليم وبناء الشخصية المصريه وفرص عمل لشباب فقد هويته وضعف إنتمائه، وأصبح كارها لكل شئ.
إقرأ أيضا : علي عبد الرحمن يكتب: تحديات الإعلام المصري
أيهما أولي في السنوات الحالية.، وهل انخفاض الاسعار ومعقولية تسعير الخدمات، وأكل اليوم وقوت الغد أهم أم هذه المشروعات باهظة التكاليف؟، وامتلأ الشارع بروايات الاقتراض والديون التي ستصبح عبئا علي أجيالنا حتي عام 2047، هذا إن توقف الاقتراض وسعر العمله عند هذا الحد، ولحديث الشارع روايات جمه وإشاعات مقلقه وموضوعات متنوعه،لا يفندها أحد ولا يوضحها أحد، ويستمر غياب التواصل السياسي ويستمر نقص المعلومه وتنمو الشائعات، واكتفت الحكومه بتكذيب بعضها والتي تصل إلي أسماع كوادر مركز صنع وإتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء.
وغاب دور كل وحدات الإعلام والمتحدثين في الوزارات والهيئات، وغاب دور نواب الشعب،وغاب دور رواد المجتمع ونخبه،وغاب دور الإعلام اللاهث خلف مصالحه الخاصة، وازدهر دور الشائعة الإلكترونيه، وامتلأت المقاهي بالعارف أفندي وبالمطلع باشا، وبالفاهم المتصل بدوائر صناعة القرار، وأصبح الشارع مترقبا قلقا غير مطمئن، فهل من لجنة لإدارة أزمة التواصل السياسي مع الجماهير تكون مكونة من المتحدثين الرسميين ومسئول عن الإعلام المحتكر لكل شئ، وممثلا لمجلس النواب وآخر من نخبنا الوطنية وثالثا ممثلا لاجهزة المعلومات واتجاهات الراي العام، لترصد اللجنه مايتم تداوله، وتصحيحه، ولتضع أسسا للتواصل المستمر دوما حتي نعبر من هذه الازمه عبور الآمنين، حمي الله مصر، وتحيا دوما وطنا نعيش فيه ويعيش فينا والسلام.