غياب الرؤية والتكرار والرتابة.. شبح يهدد مهرجان القلعة للموسيقى والغناء
كتب: أحمد السماحي
يبدو أن النجاح الكبير الذي حققه مهرجان القلعة للموسيقى والغناء العام الماضي، أغرى المسئولين عن المهرجان هذا العام ودفعهم إلى تكرار نفس المطربين، والمغنيين، والمؤديين، حتى يحافظوا على النجاح!، فالمتابع للدور الـ 30 للمهرجان التى أقيمت العام الماضي يجد أن نجومها كانوا (علي الحجار، مدحت صالح، هشام عباس، نوال الزغبي، نادية مصطفى، هاني شاكر، أحمد جمال، ياسين التهامي، مصطفى حجاج، تانيا قسيس، دينا الوديدي، محمد محسن، لينا شاماميان، نسمة عبدالعزيز) فضلا عن بعض الفرقة الغنائية مثل (وسط البلد) وقد هز كل هؤلاء النجوم محكى القلعة بأصواتهم العذبة وأغنياتهم التى أثارت إعجاب وحب الجمهور، وجاءت قناة (الحياة) وأعطت المهرجان قبلة الحياة!.
ولأننا (عشريين أحنا يا حبايبنا عشريين، عشريين من جوه قلوبنا عشريين) ولا نريد أن نغضب أحد، ولا نحب تقديم الجديد أو المختلف، أو البحث عن أصوات مصرية وعربية لم تقدم من قبل في المهرجان، أو حتى تقديم رؤية جديدة لمهرجان مهم مثل مهرجان القلعة، لهذا حرص القائمين والمسئولين على المهرجان وبعد بحث وتفكير شهور طويلة، وبعد تعديل جدول المهرجان عشرات المرات، استقر هؤلاء المسئولين على أن تكون الدورة الـ 31 التى ستقام من يوم الخميس 24 أغسطس الجاري وحتى السابع من سبتمبر القادم، هى نفس الدورة الماضية!.. أه والله!.
فايا يونان في مهرجان القلعة
لا تستغرب عزيزي القارئ في عالمنا العربي فنحن في مصر المحروسة بلد البحيرة الراكدة عند معظم المسئولين، لهذا جاء نجوم الغناء في الدورة الجديدة من مهرجان القلعة هم نفس مطربيين العام الماضي، لكن للحق هناك جديد يتمثل في وجود المطربة السورية (فايا يونان) وفرقتها!، والتى أصبحت رمز لدولة سوريا، وكأن بلد الياسمين خلت من كل الأصوات الرائعة، وبقيت (فايا يونان) نستدعيها على الفور في كل مهرجاناتنا الغنائية، مع حبي وتقديري لصوت فايا يونان، كما تم استبدال المطربة اللبنانية نوال الزغبي التى أحيت ليلة ناجحة من ليالي المهرجان العام الماضي، بابن بلادها النجم العربي الكبير وليد توفيق، كما تم استبدال مطربة التسعينات حنان ماضي التى غنت العام الماضي، بمغنية التسعينات سيمون! التى ستحيي يوم الأثنين 28 أغسطس الجاري حفلا متميزا يشاركها المطرب جميل الصوت والأخلاق هشام عباس.
ولأننا (عشرين إحنا يا حبايبنا) كما قلت سابقا، فلم نستطع الابتعاد كثيرا عن المطربة التونسية (غالية بن علي) فبعد عدم مشاركتها لمدة ثلاث سنوات في مهرجان القلعة، سارع المسئولين في دار الأوبرا بالتعاقد معها حتى تسعد جمهور القلعة بإعادتها العصرية لأغنيات كوكب الشرق أم كلثوم، وموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب! حيث ستشارك المؤدية التونسية في المهرجان يوم الأربعاء 30 أغسطس الجاري، وسيشاركها الليلة المغني الجميل مصطفى شوقي وفرقته.
عز الأسطول يفتتح مهرجان القلعة
ولأن مهرجان القلعة ليس فقط قاصرا على الغناء، فيوجد هشام خرما وفرقته الذي سيحيي ليلة يوم الأحد 3 سبتمبر، وستشاركه الليلة لينا شاماميان، كما يشارك عز الأسطول وفرقته في المهرجان حيث يفتتح المهرجان يوم الخميس 24 أغسطس الجاري، وفي الفقرة الثانية من حفل الافتتاح ستشارك رائعة الصوت نسمة محجوب العاشقة لمهرجان القلعة والتى تشارك فيه بصفة منتظمة في السنوات الأخيرة!
إقرأ أيضا : (لينا شماميان) تطلق رسالة سلام من قلعة صلاح الدين
وليس هذا فقط ما طرأ على الدورة الـ 31 في مهرجان القلعة للموسيقى والغناء، والذي كان يطلق عليه في الماضي مهرجان (الغلابة)، فقام المسئولين عن المهرجان برفع سعر التذكرة من 20 جنية إلى 60 جنيه، نظرا لحالة الغلاء الفاحش التى يعيشها المجتمع المصري هذه الأيام، وكأن لسان حال المسئولين عن المهرجان يقول (هى جت علينا.. ليه منغليش سعر التذكرة) لهذا فعلى رب الأسرة الذي لديه أسرة مكونة من خمسة أفراد دفع 300 جنيه في حفل واحد بمهرجان تابع لوزارة الثقافة لا يهمه الربح بقدر ما يهمه نشر الموسيقى والغناء الرائع في مقابل التلوث الغنائي الذي خفت صوته إلى حد ما مؤخرا.
نفس الأسماء في مهرجان القلعة
بالمناسبة تكرار نفس الأسماء ليس قاصرا على هذه الدورة، والدورة الماضية، فالمتابع للدورات السابقة من مهرجان القلعة سيجد نفس الأسماء، مع تغييرات طفيفة للغاية، وفي النهاية نحن لسنا ضد المهرجان، ولا ضد كل المشاركين فيه، بالعكس كلهم تقريبا أصدقاء، وكلهم يتمتعون بأصوات رائعة بالنسبة للمطربين، وغناء جيد بالنسبة للمغنيين، وأداء متميز للغاية بالنسبة للمؤدين، ولكننا ضد غياب الرؤية والتكرار والرتابة، فهؤلاء العناصر الثلاثة سشبح يهدد مهرجان القلعة بقوة.
كما أن العالم العربي يشهد في هذه السنوات مجموعة كبيرة جدا من الأصوات الرائعة التى لم تمر من قبل على تاريخ الغناء، وكل هذه الأصوات العربية تتمنى المشاركة في أي مهرجان غنائي في مصر، لكن المشكلة في غياب الرؤية.
أذكر في نهاية التسعينات عام 1999 وعام 2000 كنت في بداية مشواري الصحفي وكنا ننتظر مهرجان القلعة بشغف وحب وشوق حيث قدم المدير الفني للمهرجان في هذا الوقت المايسترو والمؤلف الموسيقي شريف محيي الدين، حفلات متعددة من الموسيقى الخفيفة والجاز إلى الكلاسيكية، ومن الموسيقى العربية إلى الغربية، كما قدم أنواع مختلفة من الغناء سواء الشعبي المعاصر أو القديم، كما كان المهرجان نقطة انطلاق كثير من الفرق والمطربيين الموجود الأن بيننا.
وكنا طوال أيام مهرجان القلعة على موعد مع الدهشة والسحر والإبهار بسبب الموسيقى التى كانت تصدح في أرجاء محكى القلعة بقوة وعذوبة، و(يرحم زمان وليالي زمان، والناس يا متهني يا فرحان، الدنيا كانت وردة وشمعة، ولسه ما اخترعوش أحزان)!