كتب: محمد حبوشة
لست أدري لماذا تغط قنواتنا المصرية في النوم متسلمة لحالة الاستسلام اللذيذ إلى حد أن تغض الطرف عن ما نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية عبر تحليل مسموم يدعي عدم صدق الوعود التي قدمها الرئيس عبد الفتاح السيسي للمصريين على مدى 10 سنوات، وكيف أن أيا منها لم يتحقق، وأصبحت مصر على شفا الإفلاس.
التحليل الذي أعده الكاتب والباحث الأمريكي ستيفن كوك، ونشرته مجلة فورين بوليسي، رصد رحلة عقد كامل من عهد الرجل الذي يقود البلاد بصلاحيات مطلقة، وكيف بدأت الرحلة بحالة من الشعبية الجارفة، توصف بأنها (هوس السيسي)، وصولا إلى حالة من الاختناق شبه التام بسبب السياسات الاقتصادية التي أوصلت البلاد إلى حافة الهاوية، وادعى كوك في تقريره السام: فقد شهد الدَّين المصري تزايدا حادا خلال العقد الماضي، ووصل إلى مستويات قياسية، حيث بلغت الديون الخارجية فقط ما يزيد على 163 مليار دولار، أي أكبر بنحو 5 أضعاف ما كانت عليه عندما تولى السيسي زمام الأمور.
فورين بوليسي ووعود الازدهار
ولأنها تبنت تصعيدا متعمدا في هذا الوقت الحساس من عمر وطن تلاحقه الأزمات ولم تجد أية قناة أو سيلة إعلام مصرية ترد على مزاعمها!، فقد راحت فورين بوليسي، في تحليلها للأوضاع في مصر من صيف عام 2013، حيث قالت: حين كانت مصر في قبضة ما يمكن وصفه بـ (جنون السيسي)، حيث أشادت الأغاني ومقاطع الفيديو الموسيقية والقصائد، وحتى البيجامات بعبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع الذي أطاح لتوه بالرئيس الراحل محمد مرسي، الذي كان أول رئيس مدني ينتخبه المصريون في تاريخهم الحديث.
وبخيال طامح نحو الانحراف السلوكي بكتابة (مدفوعة الأجر بالطبع) الذي يحقق آمال وطموحات جماعة الإخوان الإرهابية قالت فورين بوليسي: من الخارج، كان مشهدا غريبا حيث احتفل الملايين من المصريين بتدخل الجيش القاسي والوحشي ضد مسؤولي جماعة الإخوان المسلمين، الذين كانوا قد جاءوا لسدة الحكم في البلاد قبل عام واحد فقط، في يونيو/حزيران 2012، عبر صناديق الانتخابات.
فورين بوليسي تستهدف مصر
وتمادي كاتب التقرير في غيه قائلا: حتى بعض الثوار والمعارضين للنظام السياسي الاستبدادي في مصر، بدا وكأنهم عشقوا بصدق القائد العسكري الذي وعدهم ببداية جديدة وعهد جديد وجمهورية جديدة، وكان ذلك بعد 18 شهرا فقط من اندلاع الثورة الشعبية ضد الرئيس الأسبق حسني مبارك، والذي كان قد ظل في الحكم لمدة 30 عاما، وتزامنا مع اعتقال الرئيس محمد مرسي، ووفاة بعض أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، واعتقال آخرين، أو هروبهم، انهالت وعود السيسي على المصريين بأن القادم أفضل على كل المستويات، واعداً إياهم بحياة أكثر رغداً.
إقرأ أيضا : الإعلام المصري بحاجة إلى يد حانية من جانب الرئيس السيسي
ولأن كاتب فورين بوليسي، لايبحث عن الحقيقة بقدر ما يسعي لتعكير الأجواء في مصر التي حققت إنجازات غير مسبوقة منذ عام 2014 وحتى الآن، فقد ذهب هذا الكاتب إلى سياسة قلب الحقائق قائلا: كانت مصر تعاني بالفعل من مشكلات اقتصادية واجتماعية وسياسية، وتخبطت البلاد في الأزمات المتتالية طوال فترة الانتقال الديمقراطي الحرجة وقصيرة المدى، ومع ذلك، وبعد عقد من الزمان، أثبتت الأيام أن السيسي وعد فأخلف، فلم يكافئ السيسي المصريين على صبرهم، بالعكس تماما: الرجل الذي من المفترض أن يكون قد أنقذ مصر، الآن هو نفسه يشرف على تدهورها في جميع المجالات، وهذا الكلام يعكس حقدا أعمى على مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أصبح الآن في مرمى وسائل الإعلام الأمريكية وبعض الوسائل العربية (الجزيرة) و(والعربي 21)، فضلا عن القنوات التابعة للإخوان في لندن في إطار حملة شرسة تسبق الانتخابات الرئاسية التي علىو شك الانطلاق.
وفي إطار التسخين واللعب بالنار عزفا على أوتار الأكاذيب، قام كاتب فورين بوليسي، بالافتراء على رجل أنقذ مصر من براثن نظام عنصري متحجر، كاد يخرج مصر من البوابة الخلفية للتاريخ قائلا بخبث معهود من هذه المجلة التي يدفع لها الإخوان مقابل استهداف مصر مستغلا الظرف الاقتصادي الضاغط حاليا، قائلا: وعد السيسي المصريين بالازدهار، ولكن مصر الآن باتت على شفا الإفلاس، إذ إن الإحصائيات مرعبة، فالتضخم يبلغ ما يقرب من 37%، ودولار واحد أمريكي يساوي نحو 31 جنيها مصريا بالسعر الرسمي في البنوك، بينما يساوي 38 جنيهاً في السوق الموازية (كان سعر الدولار يساوي 7 جنيهات فقط عندما تولى السيسي الحكم)، وبلغ الدَّين الخارجي لمصر ما يزيد على 163 مليار دولار، ومن المتوقع أن يصل الدين العام للبلاد إلى ما يقرب من 93% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الجاري 2023.
سخرية فورين بوليسي بطريقة مصرية
وبلغة ساخرة على طريقة المصريين قال كاتب مجلة فورين بوليسي: يقوم المسؤولون الحكوميون في مصر بإدارة الأمور المالية كما لو كانوا يلعبون لعبة (الاستغماية) بالعامية المصرية، أو (الغميضة) بلغة أهل الشام، حيث ينقلون الأموال من مكان لآخر، في محاولة عبثية لإخفاء الظروف الاقتصادية الهشة للبلاد، وهى سخرية في غير محلها!
واستطر كاتب مجلة فورين بوليسي – في غيبة وسائل الإعلام المصرية العابثة بالمشهد السياسي على حساب الترفيه – حيث قال: قام السيسي بجولة ماراثونية من الإنفاق على مشاريع ضخمة لا توجد لها مبررات اقتصادية كثيرة، مستنداً على الاستدانة ورفع الدعم الحكومي، الذي كان بمثابة الساتر للفقراء، وهم يمثلون أكثر من نصف عدد السكان، بحسب التقارير الرسمية، وضرب مثلا بقوله: أضخم هذه المشاريع وأكثرها إثارة للجدل هي العاصمة الإدارية الجديدة، التي لا تزال في مرحلتها الأولى وقد كلفت حتى الآن أكثر من 45 مليار دولار، وسعيا لضرب علاقات مصر بشقياتها العربية والآسيوية، قال كاتب مجلة فورين بوليسي: عندما انسحبت دولة الإمارات العربية المتحدة والصين من المشروع، صمم السيسي على مواصلة العمل فيه، وأجبر المصريين على تحمل التكاليف من خلال إضافة مبالغ ضخمة من الديون إلى ميزانية البلاد، وبالإضافة إلى بناء عاصمة جديدة تماما في وسط الصحراء، يشرف السيسي على العديد من المشاريع الكبيرة الأخرى، ومن بينها عاصمة الصيف الجديدة (الساحل الشمالي)، وتحديدا مدينة العلمين الجديدة، ومحطة للطاقة النووية (في بلد لديه تخمة في الكهرباء)، ومدينة مستدامة في دلتا النيل، وإحياء مشروع ضخم فاشل من عصر مبارك في صعيد مصر يُعرف باسم (توشكا).
إقرأ أيضا : الحقائق الغائبة عن إعلام التفاهة المشغول بالترند!
ولأنه ينفذ أجندة الإخوان وسياستها التي تنبتها مع بداية حكم الرئيس السيسي، قال كاتب فورين بوليسي: قبل ذلك كله، كان افتتاح مجرى جديد لقناة السويس – المعروف باسم (القناة الجديدة لقناة السويس) – في عام 2015، معظم هذه المشاريع لها قيمة اقتصادية مشكوك فيها، ولكنها (أو كانت) مهمة سياسيا، واستغل قضية ترشيد الطاقة التي تعاني منها غالبية الدول في العالم هذا الصيف، قائلا: ورغم التخمة في إنتاج الكهرباء، فوجئ المصريون في صيف 2023 الحارق بانقطاعات في الكهرباء أثارت غضباً عارماً، وجاء رد الحكومة مرتبكاً ومتخبطاً في تفسير السبب، ليصبح مصطلح (تخفيف الأحمال) مادة دسمة للسخرية على منصات التواصل الاجتماعي.
أين جيوشنا الإعلامية من فورين بوليسي
ولست أدري أين جيوشنا الإعلامية (قنوات وصحف وهيئة عام للاستعلامات، ومجلس أعلى للإعلام) التي تصرف المليارات بلا حساب من كاتب مجلة فورين بوليسي المأفون الذي يكتب بمقابل مجزي – على ما يبدو – حين قال بصفاقة تنم عن حقد أعمى في إطار سياسة تنتها مجلة فورين بوليسي: كان من المفترض أن تكون تلك (المشاريع القومية)، كما يسميها السيسي ورجاله، عروضاً ملموسة عن تجديد مصر تحت إشراف اليد الثابتة لضابطها العسكري الجديد الذي تحوّل إلى رئيس، وزملائه في وزارة الدفاع، قد يكون الهدف من تلك المشاريع هو رسالة مفادها أن مصر لا تزال قادرة على فعل أشياء عظيمة، ولكن هذه المشاريع الضخمة أصبحت أعباء اقتصادية يدفع فاتورتها المصريون، وبخاصة الفقراء والطبقة المتوسطة، أو ما تبقى منها.
يشير المسؤولون – بحسب كاتب مجلة فورين بوليسي – ولا أعرف في الواقع من أين جاء بهذه التصريحات المفبركة؟، إلى أن العديد من المصريين كانوا يعملون في بناء هذه المشاريع وهذا مقبول، ولكن بأي ثمن؟ تحمل الحكومات مسؤولية بناء البنية التحتية، ولكن يجب أن تفوق الفوائد طويلة الأمد التكاليف القصيرة الأمد، يقول تحليل فورين بوليسي.
ولأنه عمد إلى دس تحليلاته بقدر من السم في العسل قال كاتب فورين بوليسي: لاشك أن الجسور الجديدة والطرق والتقاطعات والمحاور وتحسينات المطارات والمترو تستحق أن يتم الإنفاق عليها، بسبب العائدات من هذه المشاريع في وجود نشاط اقتصادي أكبر وأكثر فعالية، وقد تندرج قناة السويس الجديدة ضمن هذا التصنيف كذلك، لكن العاصمة الصيفية والعاصمة الإدارية الجديدة هما (حفر ضخمة لأموال لا تمتلكها مصر) فتستدينها، ومن الصعب أن نفهم أنه في غضون عقد من الزمن، السيسي – الذي قام رعاته في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بإعادة تعويم الاقتصاد المصري بتحويلات نقدية مباشرة، والذي حصل على قروض من صندوق النقد الدولي بشروط ميسرة، والذي تمتع بسمعة طيبة بين الحكومات الغربية – استولى على دولة فقيرة وجعلها أكثر فقرا.
وذهب كاتب فورين بوليسي، في تحليل ممارسات صندوق النقد الدولي المشبوهة، قائلا: في أحدث اتفاق لها مع صندوق النقد الدولي، وافقت الحكومة المصرية على بيع أصول الدولة، بما في ذلك الأصول التي يمتلكها الجيش، ومع ذلك، كان هناك عدد قليل من المشترين، لأن هذه الأصول إما لا تساوي شيئا، أو لا أحد يعرف كيفية تحديد قيمة لها، أو أن المشترين المحتملين غير متعجلين وينتظرون تخفيضا آخر لقيمة الجنيه المصري حتى يتمكنوا من الحصول على شركات عالية الجودة بأسعار أرخص، وأعلنت الحكومة المصرية مؤخراً عن مبيعات بقيمة 1.9 مليار دولار من أصول الدولة، وهو أمر إيجابي، لكنه لا يفعل الكثير لتخفيف المعاناة الاقتصادية واسعة الانتشار.
فورين بوليسي وهجرة المصريين
ادعى كاتب مجلة فورين بوليسي في مداعبة خيال الجماعة الإرهابية، أن: ثار المصريون عام 2011 سعيا وراء (العيش والحرية والعدالة الاجتماعية)، لكن كثيرين منهم، وبخاصة الشباب، ملّوا من الاستمرار في انتظار الازدهار الذي وعدهم به قادتهم ، فبدأوا يغادرون البلاد بأعداد متزايدة، وعلى الرغم من التغطية المكثفة لمأساة غرق قارب الصيد المكتظ بالمهاجرين غير الشرعيين قبالة سواحل اليونان في يونيو/ الماضي، فإن ما غاب عن كثير من التقارير حول الكارثة هو حقيقة أنه ربما كان هناك 300 إلى 350 مصريا على متن قارب الموت ذاك.
وفي الإطار نفسه يقول كاتب فورين بوليسي: سجل المواطنون المصريون حوالي خمس المهاجرين غير النظاميين الذين وصلوا إلى إيطاليا خلال العام الماضي (2022)، بعدما بلغ عددهم 20 ألف مهاجر من بين 93 ألفاً عبروا البحر المتوسط، فضلاً عن تنامي هجرة الأطفال المصريين للاستفادة من القوانين الإيطالية التي تمنع ترحيل الأطفال، وتلزم السلطات بإيوائهم في مراكز تأهيل حتى بلوغهم 18 سنة، قبل منحهم حق الإقامة – وهذه أرقام لي مشكوكا فيها، بل هى عارية من الصحة تماما – مدعيا: على الرغم من زيادة عدد المصريين الذين يهاجرون إلى أوروبا عن طريق القوارب بعد ثورة يناير2011، فإن العدد ارتفع بشكل أكبر في السنوات الأخيرة.
إقرأ أيضا : أين دور الإعلام في حملات التشكيك الممنهجة ضد جهود الدولة ؟!
وقد اعتمد كاتب مجلة فورين بوليسي، على معلومات مضللة في قوله: فقد حاول أكثر من 6000 مصري الوصول إلى إيطاليا عن طريق البحر منذ بداية عام 2023، وذلك حتى يونيو فقط، وهم بذلك يشكلون ثاني أكبر مجموعة من المهاجرين الذين يأملون في الوصول إلى الشواطئ الإيطالية، ومن المنطقي أن تغادر أعداد أكبر من المصريين في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهونها. فالمتاعب الاقتصادية في مصر تعزز فقط فكرة تحول البلاد إلى قوة مستهلكة.
فورين بوليسي واستهداف السيسي
ولم تسلم الياسة الخارخية لمصر من قلم كاتب مجلة فورين بوليسي المسموم، حين قال: بالعودة إلى سبعينيات القرن الماضي، نجد أن الرئيس أنور السادات باع لوزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر قصة عن كيف كانت مصر لاعبا مؤثرا يمكن أن يساعد في تأمين السلام الإقليمي وأن تكون العمود الفقري في نظام إقليمي مناهض للسوفييت، ومع ذلك فقد اعترف ضمنيا: نعم، مصر شريك مهم للولايات المتحدة، ومع ذلك ، مع استثناءات قليلة – مثل عملية درع الصحراء/ عاصفة الصحراء – لم يكن لديها الموارد اللازمة للعب الدور الذي كان صانعو الساسة الأمريكيون يأملون أن تفعله عندما أعادت القاهرة توجيه سياستها الخارجية تجاه الولايات المتحدة، بحسب تحليل فورين بوليسي.
لكن كاتب مجلة فورين بوليسي، عاد إلى خبثه قائلا: الآن يبدو أن مصر فقدت كثيرا من ثقلها الإقليمي وباتت تابعا وليست فاعلا رئيسيا، فعلى الرغم من وجود السيسي في القاعة لعقد اجتماعات مهمة مثل القمة الروسية الإفريقية التي اختتمت مؤخرا في سانت بطرسبرغ أو اجتماع دول مجلس التعاون الخليجي الصيف الماضي مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، يرى تحليل المجلة الأمريكية أن حضور الزعيم المصري يبدو شكليا، صحيح أن التواجد في الغرفة يمنح قدرا معينا من التأثير، لكن مصر تحولت إلى مراقب في هذه التجمعات أكثر من كونها لاعباً.، والمثال الأكثر وضوحاً على نزول مصر وما يصاحب ذلك من سياسة خارجية جوفاء هو الغياب شبه الكامل للقاهرة في الحرب الأهلية في السودان – الفناء الخلفي للبلاد.
إقرأ أيضا : محمد الملا : السقوط في الهاوية للإعلام المصري !
لقد أراد كاتب فورين بوليسي أن يدفع ببكرة خيط معقدة حين ربط بين أحداث السوادن المنكوب حاليا، بقوله: في المرحلة الأولى من الصراع يقول كاتب مجلة فورين بوليسي، احتجزت قوات الدعم السريع التابعة للجنرال محمد حمدان دقلو (حميدتي) ما يقرب من 200 جندي وطيار مصري – كانوا في السودان لإجراء تدريبات مع الجيش السوداني – كرهائن (من أين جاء بهذا الهراء، الذي لايمكن أن تسكت عنه القوات الملحة المصرية مهما كانت الظروف والملابسات)، فقد استغرق في مزاعمه وأكاذيبه التي لاتعد سوى محض افتراء: تم إطلاق سراحهم بسرعة نسبية بمساعدة دبلوماسيين إماراتيين، لكن بعد تلك الحلقة المهينة، وقف المصريون على الهامش وشاهدوا السعوديين يلعبون دورا مهما في إجلاء رعايا الدول الثالثة من السودان، ثم تنازل السيسي عن أي جهد للتوسط في السودان لولي العهد الأمير محمد بن سلمان (بمساعدة من الأمريكيين).
فورين بوليسي تضرب علاقات مصر
وأيضا سعيا لضرب إسفين في العلاقات المصرية السعودية قال: لكن (يجب أن يشعر البعض في القاهرة بالحرج من أن المملكة العربية السعودية قد انتهى بها الأمر إلى لعب الدور الحاسم في صراع حيث يجب أن تتولى مصر – وفقاً لأساطيرها – زمام القيادة)، وحتى عندما استضافت القاهرة مؤتمراً لسبعة جيران للسودان في منتصف يوليو/ الماضي؛ للمطالبة بوقف إطلاق النار، لم يسر هذا الاجتماع على ما يرام ولم يحقق شيئاً للقاهرة، فقد كان أكثر بقليل من منتدى حديث وصورة فوتوغرافية – وخلال تصريحاته في الاجتماع السري، توجه رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد بالشكر إلى المملكة العربية السعودية على جهود الوساطة التي تبذلها.
وعندا تأملت هذا المشهد العبثي من جانب وسائل الإعلام المصرية أو الرد الرسمي لم أجد سوى رد وزارة الخارجية المصرية على التقرير المسموم من جانب فورين بوليسي، فلم أجد سوى ما نشرته صفحة وزارة الخارجية على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) الخميس، مقال المستشار أحمد أبوزيد، المتحدث الرسمي باسم الوزارة، ردا على مقال الكاتب الأمريكي ستيفن كوك تحت عنوان (كابوس مصر.. حرب السيسي الخطيرة على الإرهاب) والذي نشر في دورية فورين بوليسي (الشؤون الدولية)، وقال (أبوزيد) في مقاله إن (محاولة تحليل وشرح السياسة الداخلية والخارجية لدولة بأسرها من زاوية ضيقة هو أمر شديد الصعوبة، بل قد يضحي عديم الجدوى، وينطبق هذا الأمر علي المقال الأخير للمحلل المتخصص في شئون الشرق الأوسط ستيفن كوك.
ويهدف المقال إلي التأكيد على أن الدافع الوحيد وراء كل سياسات مصر كدولة هو هوس الثأر من جماعة الإخوان المسلمين، ومن المؤسف أن يتبني كوك وهو كاتب يحظى باحترام كبير في مجال تحليل شؤون الشرق الأوسط، هذا النهج التبسيطي والسطحي في تناوله لسياسات مصر، ودعما لحجته القائلة بأن الكراهية العمياء تجاه الإخوان المسلمين هى حجر الزاوية في سياسة مصر، يتغاضى المقال – سواء عن عمد أو غير ذلك – عن عناصر أساسية فيما يتعلق بكل من الوضع في مصر والمنطقة ككل وكذلك تاريخ جماعة الإخوان المسلمين.
فورين بوليسي تبرأ الإخوان
وأضاف أبو زيد: إن السعي لتبرئة الإخوان المسلمين من تطرفهم، رغم وجود أدلة وافرة على هذا التطرف، هو منطق قد عفي عليه الزمن، ولكنه يظهر في هذا المقال مرة أخري، والأدهى أن يواكبه خطاب مستهلك فيما يتعلق بالوضع السياسي والاقتصادي الصعب في مصر، ما هو جدير بالملاحظة حقا، هو تصوير مصر باعتبارها عامل عدم استقرار رئيسي في منطقة الشرق الأوسط، في تشويه صارخ للسياسة الخارجية المصرية، مع طمس تفاصيل هامة بشأن الأزمات التي تعاني منها المنطقة.
ويحاول مؤلف فورين بوليسي، جاهدا أن يرسم رابطا ممكنا بين انتقاده للشؤون الداخلية في مصر، وهجومه على سياسة مصر الخارجية، وجماعة الإخوان باعتبارها نقطة ارتكاز لحجته، على هذا النحو، يتأرجح المقال تحت وطأة هذا الأمر، مما أدى إلى خروجه علي نحو ضعيف وغير متماسك، ورغم ذلك، سنحاول الرد على بعض المزاعم الواردة بالمقال لتدارك ما به من مغالطات، ويرتكز هذا الرد علي التصدي لاثنين من العناصر الرئيسية لهذا المقال وهما: التصوير غير الدقيق للشؤون السياسية والاجتماعية والاقتصادية في مصر، فضلا عن التحليل الخاطئ للشئون الإقليمية ودور مصر فيها.
مقال السفير أحمد أبو زيد طويل جدا في إطار الرد على كاتب فورين بوليسي، وهو ما كان يتطلب تحليل مضمونه من جانب قواتنا الغارقة في مهرجان العلمين الترفيهي وغيره من تفاهات، وذلك من خلال خبراء يمكنهم الرد على مزاعم مجلة تخصصت في الهجوم على مصر منذ عام 2013 لمساندة الإخوان، وهنالك سر أبطل قواعد عمل قنواتنا وبالأخص منها القنوات الإخبارية التي أصبحت لا تصد ولاترد رغم التخمة التي يعيشها العاملين فيها بعد أن امتلأت كرشوهم بالملايين!