بقلم: بهاء الدين يوسف
كثيرون وأنا منهم ضحكوا عندما قال مرتضى منصور رئيس نادي الزمالك قبل فترة أنه يتدخل في عمل المدربين لأن التدريب ليس كيمياء تحتاج الى دراسات خاصة، وظن الجميع أن رئيس الزمالك يطلق مثل هذه التصريحات التي تقلل من شأن مهنة التدريب لأسباب خاصة به تبرر تدخل غير المحمود في عمل مدربي فريق ناديه، لكن المفاجأة التي كشفها المسلسل الأمريكي (تيد لاسو Ted Lasso) الذي يدور حول الجوانب الخفية من عالم كرة القدم أن مهنة المدرب فعلا ربما تكون من أكثر المهن التي تدخل فيها الصدفة والظروف المحيطة.
تيد لاسو الذي يقوم ببطولته الممثل الأمريكي (جيسون سوديكيس) الذي يعرفه جمهور السينما المصري من سلسلة أفلام الرؤساء المرعبون أو (Horrible Bosses) يعرض في 34 حلقة عبر ثلاثة أجزاء بدأ الأول منها في عام 2020 وعرض الجزء الثالث في مارس من العام الحالي، ويشارك في البطولة مجموعة من الممثلين البريطانيين بحكم أن المسلسل يتناول عالم الكرة الإنجليزية.
إقرأ أيضا : بهاء الدين يوسف: وراء كل منظمة عصابية مسؤول فاسد!
فكرة مسلسل تيد لاسو، تدور حول مطلقة رجل أعمال ثري تخرج من حصيلة الطلاق بملكية نادي يلعب في البريميير ليج أو الدوري الانجليزي الممتاز يطلق عليه نادي ريتشموند، ولأن السيدة تكره طليقها تحاول (تفطيس) ناديه الذي يعشقه فتقرر طرد المدرب الخبير والاستعانة بمدرب أمريكي للكرة الأمريكية لا يعرف شيئا عن لعبة كرة القدم من الأساس هو تيد لاسو الذي يجسد دوره جيسون سوديكيس، ويجب المدرب معه صديق ليعمل مساعدا له.
وعبر حلقات تيد لاسو، وأجزائه الثلاثة يفشل المدرب في البداية ويسقط الفريق للدرجة الأدنى، لكنه يتعافى ويصعد في العام التالي بل وينافس على الدوري مع (مانشستر سيتي) العظيم ويتأهل إلى دوري أبطال أوروبا، وهذه هي حكاية الحلقات الاربعة والثلاثين، لكن بين السطور كثير من التفاصيل التي لا أعرف إن كان (جيسون) الذي شارك في كتابة العمل أراد منها (دون أن يقصد أو يعرف بالطبع” تأكيد وجهة نظر مرتضى منصور في أن التدريب ليس كيمياء حيوية وأن أي شخص متى ما توافرت له بضعة أشياء يستطيع أن يقود فريق كرة الى النجاح، أم أنه كان محاولة لإظهار أن أي عمل مهما بدت صعوبته من الخارج يمكن ادائه طالما وجد الإخلاص، وهو أمر مرجح خصوصا إذا عملنا أن المسلسل حفل بالمواعظ الخطابية من تيد لاسو للاعبيه كانت نتيجتها تحسن مستواهم).
تيد لاسو.. إشارات كوميدية
تيد لاسو حفل بإشارات كوميدية نحو كثير من مشاهير كرة القدم دون تسميتهم مثل السويدي (زلاتان إبراهيموفيتش) الذي جسدته في المسلسل شخصية أطلق عليها زافا يحمل نفس الغرور والتعالي والموهبة الخارقة التي يتمتع بها زلاتان، هناك كذلك مهاجم مانشستر سيتي جاك غريليش الذي جسدته شخصية لاعب أطلق عليه (جيمي تارت)، وهو اللاعب الموهوب لكنه مدلل يفسد موهبته بالانشغال بعديد من الأمور خارج الملعب وبالعلاقات النسائية المتعددة، كما ظهر في الأحداث بعض مشاهير كرة القدم بأشخاصهم الحقيقية مثل (بيب جوارديولا) والانجليزي جاري لينيكر هداف كأس العالم 86 والمهاجم الفرنسي الشهير تييري هنري.
إقرأ أيضا : بهاء الدين يوسف يكتب : أفلام ديزني تنشر الشذوذ بين أطفالنا !
وتنتهي الأحداث في الجزء الثالث باستقالة تيد لاسو وعودته إلى أمريكا ليكون بجوار ابنه الطفل خصوصا بعد أن طلبت زوجته الانفصال وارتبطت بالطبيب النفسي الذي كان يقدم لهما استشارات من أجل إنجاح الحياة الزوجية.
كان ملفتا أن المسلسل أبرز تفصيلة مهينة لكل مدربي الكرة وهي استعانة تيد لاسو بعامل غرف الملابس نايثان شيلي وبخططه التكتيكية لأنه لا المدرب ولا مساعده يملكان أي رؤية أو خطة يمكن أن تفيد الفريق، والمفاجأة التي قدمها المسلسل أن خطط عامل غرف الملابس نجحت وقادت الفريق لتحقيق انتصارات متعددة لدرجة أن العامل بدأ في التمرد على المدرب رغم إنه قام بترقيته إلى مدرب مساعد، وقرر الانتقال في الموسم التالي لتدريب فريق وستهام الإنجليزي العتيد.
تيد لاسو ورؤساء الأندية الإنجليزية
التفصيلة الأخرى التي كشف عنها مسلسل تيد لاسو، أن رؤساء الأندية الانجليزية أو الذين ظهروا في الحلقات على الأقل يتدخلون أحيانا في عمل المدربين لأن مسائل الفوز والهزيمة بالنسبة لهم تتجاوز كثيرا حدود الرياضة إلى المنافسة الخاصة فيما بينهم على الوجاهة وحصص العمل وأحيانا الكيد بينهم وبين بعض.
الخلاصة: أن مسلسل تيد لاسو من الأعمال التي قد يستمتع بها المشاهدون خصوصا من يحبون كرة القدم ويملكون شغف الاهتمام بكل التفاصيل المرتبطة بها، لكنك عقب الانتهاء من مشاهدة الحلقات ستجد أنه من العسير الخروج بقيمة فنية مهمة من العمل اللهم إلا الضحك وربما هذا كان السبب الرئيسي في فوز المسلسل وابطاله بالعديد من جوائز إيمي وجولدن جلوب لدرجة إنه بات أول مسلسل في تاريخ جوائز إيمي يرشح لأكبر عدد من الجوائز في موسمه الأول حين تم ترشيحه لعشرين جائزة فاز بثلاثة منها ثم كرر الفوز في العام التالي بعدد من الجوائز.