بقلم الناقدة : علا السنجري
ينجذب اهتمامي للمسلسلات الاجتماعية التي تناقش موضوع هام من حياتنا اليومية، وهناك أعمال ناجحة جدا، لكن هناك بعض الأعمال التى تصيبك بالخيبة حين تجدها مختلفة عن توقعك مثل ليه لأ؟! 3، فلا تجد مناقشة للموضوع بشكل كامل بكل تفاصيله، عدم اهتمام بالتفاصيل والأبعاد النفسية السابقة للأحداث التي نراها، أو حتى وجود مبرر لتصرفات الأشخاص في بعض الأحيان، وهذا ما شعرت به مع الجزء الثالث من سلسلة ليه لأ؟!، يمكنك أن تعتبره مسلسل قصير لطيف للمشاهدة.
تدور أحداث ليه لأ؟! 3، من خلال الأم المطلقة التي تقوم بتربية ولد وبنت بعد انفصالها عن زوجها ، إلا أنها وقعت في خطأ واستبدلت الزوج بالابن، وجعلت ابنها (ياسين) راجل البيت يتحكم فيها وفي ما تلبس وكل تصرفاتها، وفي أخته ليتحول إلى وحش كبير يقف عقبة أمام رغبتها في الزواج مرة أخرى كما فعل والده بعد الطلاق، كما أنه يعاني من عدم اندماج مع مجتمع الجامعة، وأغلب وقته يقضيه في لعب البلاي ستيشن، وانصدم أكثر عندما علم علاقة والدته مع الطبيب البيطري (كريم)، ترك بيت والدته وذهب لوالده، لكن زوجة والده عاملته بطريقة متحكمة على عكس والدته، تطلب منه يجهز أكله و ينظف طبقه، ولم يستطع أن يغضب عليها.
إقرأ أيضا : نيللي كريم ترفع شعار عيني على المنصات وقلبي مع دراما رمضان !
على الجانب الآخر نجد أخته معتمدة على نفسها، تضع أهداف لحياتها وعملها، تتحمل المسؤولية رغم أن والدتها لا تراها، لا تهتم بما تحب من الأكل أو ما تريد ولا تتذكر إلا نوع الزبادي الذي تأكله، مهما تفعل لا تلاحظه والدتها.
في أحداث ليه لأ 3، (كريم) طبيب بيطري لديه عيادة خاصة، يقوم بمساعدة حالات الإنقاذ، يعيش مع والدته درية التى تعيش حياتها باستمتاع وتسافر مع اختها، تعجب بجارهم جدو لصديق حفيدتها، لكنها تعترض على زواج ابنها من مطلقة ولديها أولاد.
مسلسل ليه لأ 3، تناول موضوعات لمشاكل حقيقية في تربية الأبناء وازدواجية الفكر، حاول صناع العمل إيجاد المثالية والحياد في إبراز مشاعر الشخصيات من خلال أحداث سريعة وزوايا تصوير مبهرة واختيار الاماكن جيد جدا، لكن لم تخدم الحوار بل وقعوا في أخطاء عديدة!
أخطاء ليه لأ؟! 3
الخطأ الأول: في الحلقة الأولى، ترسل نيللي رسالة الى كريم تخبره أنها لن تستطيع محادثته لأنها مع ابنها، لا يرى الرسالة رغم أنه كان يتصل بها، ثم يراها صدفة ويطاردها مما يتسبب في غضب ابنها، الموقف مفتعل ليظهر للمشاهد مدى عنف الابن وتوجيه الضرب له، وبدلا من التصرف كأنه لايعرفها يسألها أمام ابنها إذا كانت بخير، لا يعتذر لها عما سببه من شكوك بينها وبين ابنها، يغضب منها ولا يتحدث معها، ولأن طبيعة البطلة تجعل الرجال في حياتها وحوش تقوم بالاعتذار له.
الخطأ الثاني في سيناريو ليه لأ؟!: رد فعل نيلي على معاملة ابنها لها وطريقة معاملتها معه غير ممهد لها ولو سياق الكلام بين أي شخصيات، الأب يظهر في حياة أولاده دون سبب منطقي لابتعاده عنهم سوى أنها لم تطلب تدخله، على الرغم أنه يعمل لزوجته الثانية اعتبار واهتمام، مشكلة (ياسين) بالتخبط في الأشخاص أثناء المشي مرت بسطحية دون التعمق أنها أحد علامات مشكلته النفسية في عدم الاندماج والاكتفاء بذاته ولا يتعامل مع الآخرين أو يشعر بوجودهم.
إقرأ أيضا : “نيللي كريم” تودع النكد بـ “100 وش”
مشكلة الحوار عن معهد السينما، وقسم المسرح بكلية الآداب، لا مغزى لها في الحوار، كان يمكن الاستغناء عنها، وتم اعتذار صناع العمل عنها.
مسلسل ليه لأ؟! 3، فكرة سارة الطوبجي، سيناريو وحوار سارة الطوبجي وسلمى عبد الوهاب وبولا ثابت، والتأليف لمريم نعوم، ورغم وجود الأشراف من مريم نعوم إلا إنك تشعر أن كل حلقة لها طابع مختلف في الكتابة، في بعض الحلقات رغم سرعة الأحداث وقعوا في فخ التطويل، لكن ذلك لا يمنع أهمية موضوع المسلسل، وإن كنت أتمنى الاهتمام بالتمهيد الجيد للأبعاد الاجتماعية والنفسية لماضي الأبطال ولو نبذة في الحوار.
نيللي كريم.. أداء مختلف
نيللي كريم دور مختلف عما قدمته من قبل في ليه لأ؟! 3، أداء جيد لأم جعلت ابنها وحش صغير رغم طلاقها من رجل تجده غير مسئول، الشاب معتز هشام موهبة رائعة بأداء طبيعي لشاب متخبط وعنيف لا يستطيع التعامل مع من هو أقوى منه.
أحمد طارق أشعر أن أدائه يشبه إلى حد كبير دوره في (البحث عن علا) الرجل الأربعيني الذي تعجب به السيدات، لا أعرف إن كانت وجهة نظري صحيحة أو لا، أرى أدائه يشبه إلى حد كبير ظافر عابدين، إلا أنه أكثر هدوءا منه، إلى الذي يجعل انفعالاته تبدو باردة أحيانا، عايدة رياض مازلت أراها قديرة ولديها الكثير لتقدمه، أجادت دور السيدة اللذيذة التي تجعل الجميع ينظر لها بإعجاب، لكنها مراهقة صغيرة تبحث عن الحب مع جارها، متناقضة التفكير حين يتعلق الأمر بابنائها، الفنان نبيل علي ماهر جميل وطبيعي في الأداء، رأيته في مسلسل (تغيير جو) بقدرته على التعبير الصامت، وهنا بدور الجد الذي يشعر بسعادة الحب مع جارته، حازم سمير ثقل ونضج في الأداء، إنجي علي رائعة في دور زوجة الأب.
من وجهة نظري كمشاهد لمسلسل ليه لأ؟! 3، أن جميع المواهب الشابة في العمل قدموا أداءا جيد جدا، أتمنى أن يتطورا أدائهم ويصبحوا نجوم، أولهم الشابة فريدة رجب، استطاعت جذب المتفرج لها بسلاسة للفتاة التي تعاني من مفاضلة والدتها للولد، تجد نفسها مع أصحابها وفي العمل وتحديد أهداف حياتها بالعمل والنجاح، لتمثل نموذج كبير لفتيات تعتمد على شخصيتها بسبب تهميش الاسرة لها، عمر يوسف الشاب الروش اللي مستقوي بنفسه وعايش الحياة، كل من لارا تاني وريم عامر ويوسف وهبي قدموا أدوارا جيدة.
صلاح عبد الله قمر ليه لأ؟! 3
أمير صلاح أداء هادىء، مريح للمفتوح بلا صوت عال أو انفعال زائد عن الحد، سامية أسعد أكملت الكيمياء بينها وبين أمير ليقدموا ثنائي جيد، نادين قدمت الصديقة التي دائما موجودة بجوار صديقتها وتحاول إيجاد حلول لمشكلتها في ذات الوقت.
ختامها مسك حين أتحدث عن قمرنا الفنان صلاح عبدالله، فهو حقيقي قمر يضيء أي عمل بادائه السلس، ليجعلك تشعر أنه والدك وصاحبك وجارك وصديقك، تشعر معه أنه حد قريب منك فتنسى إنه يؤدي عمل درامي.
الإخراج لنادين خان تأثر كثيرا باهتمامها بالزوايا والكادرات والتصوير بأحدث التقنيات، ألا أنها لم تضفي معنى أو تعبر عن مضمون الحوار، رغم تفاؤلي بها بعد مسلسل (مين قال؟)، لأنها ابنة أحد أساتذة الإخراج في مصر، فلابد أن تكون تلميذة نجيبة، وهذا ما انتظره منها في القادم.
الجزء الثالث من ليه لأ؟، ربما حقق أجواء إيجابية في المشاهدة لتعاطف العديد مع الأم التي تحاول الزواج مرة أخري ومع الابنة المهملة من الأم، وربما لإلقاء الضوء على قضايا كثيرة، إلا أن النهاية السعيدة بالزواج وموافقة الابن لم تقدم حلول حقيقة، بل قدمت مسكن وحل حيادي يرضي المشاهد، لهذا يمكن اعتباره مسلسل اجتماعي قصير للترفيه، وتقديم محتوى خفيف بلا كلكعة.