عبدالوهاب الدوكالي يكتب شهادة ميلاده في القاهرة بدموعه!
كتب : أحمد السماحي
من أجمل أغنيات عميد الأغنية المغربية عبدالوهاب الدوكالي، أغنية (حكايتي ويا حبي) من ألحانه، وكلمات الشاعر المبدع حسين السيد، والتى مازالت ناجحة ومحبوبة حتى الآن، وعندما تذاع من خلال محطات الإذاعة المصرية يتوقف الناس عندها وينتاب الكثير منهم الحنين والذكريات، ويسأل الجميع لماذا لم يستمر عبدالوهاب الدوكالي في مصر؟!، هذه الأغنية التى تثير كل هذا الحب والحنين والذكريات تعتبر أول أغنية قام بغنائها عبدالوهاب الدوكالي في مصر، وكان من المقرر أن يلحنها ملحن كبير جدا، لكنه رواغ الدوكالي لمدة 60 يوما.
ماذا حدث؟ ومن هو هذا الملحن؟ تعالوا بنا نتصفح مجلة (آخر ساعة) ونقرأ هذا التقرير الذي نشرته تحت عنوان (مولد نجم) في شهر مايو عام 1963 عن المطرب المغربي عبدالوهاب الدوكالى، وقصة انطلاقته الفنية.
إقرأ أيضا : بعد كوكب الشرق.. المغرب تكرم (عبدالوهاب الدوكالي) بمتحف يضم أعماله
الطريف أننا عندما أحببنا نتأكد مما قرأناه في (آخر ساعة) من مطربنا الكبير عبدالوهاب الدوكالي، أكد لنا صحة ما جاء في الموضوع، وذكر لنا اسم كاتب الموضوع وهو الشاعر والكاتب الصحفي الكبير جليل البنداري الذي كتب قائلا: (المطرب عبدالوهاب الدوكالى الذى بدأ يتألق فى شمال أفريقيا منذ ثلاث سنوات، وسجل بصوته ومن ألحانه ومن ألحان غيره من كبار الملحنين فى المغرب 65 أسطوانة، ثم قطع مئات الأميال ليبدأ حياته الفنية من جديد هنا فى القاهرة أو عاصمة النجوم والفنون كما يسميها!.
عبدالوهاب الدوكالي والموجي
فى اللحظة الأولى التى هبط فيها الدوكالي مطار القاهرة، هاتف الملحن محمد الموجى واتفق معه على اللقاء، وفى خلال ساعة كان الموجى ينتظره بمكتبه، وتناول الشاب العود وأخذ يعزف عليه ثم غنى بعض أغنياته بلهجته المغربية التى حولت كلمات الأغانى إلى ألغاز لم يفهم منها الموجى شيئًا!، ولكن الملحن المصرى استطاع أن يلمس بأذنيه شيئًا هاما فى صوت المطرب!، ثم طلب منه الموجى أن يغنى لحنا عربيا حديثا، فغنى قصيدة (لا تكذبى)، وأغنية (هان الود)، وكلما سكت الدوكالى أو توقف عن الغناء، قال له الموجى بصوت عالٍ: (سكت ليه.. غنى.. فى صوتك حاجة بتاخدني!).
وانصرف المطرب القادم من المغرب إلى بيته بشارع (الأنتيكخانة)، وما كاد يفتح الباب بالمفتاح حتى وجد جرس التليفون يدق باستمرار، ورفع السماعة ليترامى إليه صوت الموجى وهو يطلب منه أن يغنى له لحن (مغرور)!، وظل الموجى يلاحقه بالتليفون يوما بعد يوم، وأسبوعا بعد أسبوع، لكنه لم يتقدم معه خطوة واحدة فى نظير أن يقدم له لحنا جديدا يقوم بدور التعارف بين صوته وآذان الجماهير!
عبدالوهاب الدوكالي والبحث عن لحن
أثناء ذلك كان المخرج محمد سالم يبحث عن شيء جديد يقدمه فى فيلمه الاستعراضى الذى يقوم بإخرجه تحت اسم (القاهرة فى الليل)، كان يبحث عن وجه جديد، أوصوت جديد أو لحن جديد، ووضع القدر فى طريقه هذا الوجه وهذا الصوت عبد الوهاب الدوكالي، وبدأ سالم يبحث لهما عن اللحن الجديد! وطلب من مؤلف الأغانى حسين السيد أن يكتب له أغنية جديدة، فكتب هذه الكلمات:
حكايتى ويا حبي، ح أقولها فى كلمتين
ضحك لى يوم لقانى باعت له ضحكتين
قابلنى بفرحة حلوة، قابلته بفرحتين
وتانى يوم لقيته بينسى شافنى فين
نسينى مرة واحدة، نسيته مرتين.
الدوكالي والأمل الذى ضاع
إقر أ أيضا : الأسطورة عبدالوهاب الدوكالي : سعيد بافتتاح متحفي من فكرة ابني آدم !
قرأ محمد سالم هذه الكلمات وهتف بصوت عالٍ: (برافو! يا حسين)، وأخذ الأغنية وبدأ يبحث عن الموجى بملقاط فلم يعثر له على أثر!، وفى اليوم التالى تناول الموجى كلمات الأغنية ليلحنها، ومضى أسبوع وراء أسبوع، والمطرب الجديد عبد الوهاب الدوكالي ينتظر اللحن الذى سيقوم بدور التعارف بين صوته وآذان الجماهير، ولكن الموجى لم يلحن حرفا واحدا، وظل الشاب المتطلع إلى التألق فى عاصمة النجوم والفنون يطارد الموجى فى كل مكان، فى مكتبه وفى مدرسته وفى بيته وفى الإذاعة، وفى كل لقاء كان الموجى يطمئنه على انتهائه من اللحن!
بكاء عبد الوهاب الدوكالي
قبل تصوير الفيلم بثمانٍ وأربعين ساعة فقد الدوكالى الأمل فى غناء لحن الموجى، وبكى الشاب بالدموع، لكن حسين السيد نصحة بأن يلحن الأغنيه بنفسه، فسأل عبد الوهاب الدوكالى: (وهل يوافق المخرج على أن أتولى تلحين الأغنية بنفسي؟!)، فقال له حسين السيد: (المخرج لا يهمه إلا أن يقدم أغنية ناجحة).
وفى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، بدأ عبد الوهاب الدوكالى يلحن الأغنية بنفسه، وفى السادسة من مساء اليوم نفسه وقف أمام عدسات التصوير ليغنى اللحن الذى طارد به الموجى لمدة شهرين ولحنه هو فى بضع ساعات!
المفارقة المذهلة أنه حين سألت (آخرساعة) عبد الوهاب الدوكالى عن أفضل أسماء الملحنين بحسب ترتيب إعجابه بهم، ذكر اسم الموجى أولا، ثم كمال الطويل وبليغ حمدى فى المرتبة الثانية، واختار عبدالعظيم محمد فى المرتبة الثالثة.