كتب : محمد حبوشة
جواد وفاي وعاليا، ثلاثة أشخاص تجمعهم قصة تدور في فلك الحب والانتقام والانكسار، من خلال الدراما الاجتماعية العاطفية كريستال، المقتبسة عن المسلسل التركي الشهير (Gullerin Savasi)، أو (حرب الورود)، هى حكاية ثلاثي ترصد القصة حياتهم، حيث تنطلق مع جواد القادم لتقديم واجب العزاء إلى عليا التي توفي والدها للتو، عند وصوله، يلتقي صدفة بـ (فاي)، والتي تلفت انتباهه فورا منذ اللقاء الأول، واعتبرته الطبيب الذي أنقذ حياتها إثر تعرضها لحادث سير بسيط، لتتخذ علاقتهما بعد ذلك شكلا مختلفا، ولم تحتج (فاي) إلى البحث عن بطلتها في الكتب والأساطير ولا في الأفلام والمسلسلات، لأن القدوة التي افتتنت بها في طفولتها والمراهقة، كانت أمامها في المكان الذي نشأت فيه، هى ببساطة (عاليا) سيدة القصر، التي تمثل القوة والجبروت، الهيبة والسلطة، فيما لا ترى فيها عليا سوى خادمة، ومن هنا، تدور الصراعات بين هذا الثلاثي والمحيط الذي يجمعهم.
تألق محمود نصر
محمود نصر، في مسلسل كريستال، كعادته يبدو لي بأداء مختلف، حيث يتعرف على عالم جديد وطريقة تصوير مختلفة عن تلك التي اعتدنا عليها في أعماله السابقة، وذلك ضمن قصة حيوية ومشوقة ومليئة بالأحداث سريعة الإيقاع وقريبة من الناس في الوقت نفسه، وربما ما جذب نصر لشخصية جواد هو أنه طبيب تجميل، وهو يأتي بعد فترة وجيزة من تقديمي شخصية الطبيب النفسي المليء بالعقد والمحاط بالكثير من علامات الاستفهام، في مسلسل عرض على (شاهد) منذ فترة تحت عنوان (60 دقيقة)، وهو ما مكنه بالضرورة هنا من تقديم في شخصية طبيب التجميل الدمث والخير والمسؤول، وهو الشاب الذي يصلح أخطاء الآخرين والرجل المثالي، بمعنى الكلمة إن جاز التعبير.
إقرأ أيضا : محمود نصر .. موهبة على طريق العالمية
لقد بدا لي محمود نصر في مسلسل كريستال، بأداء احترافي فائق الجودة بتجسيده شخصية (جواد) طبيب التجميل الذي لا يرضى بالخطأ على المستوى الداخلي والخارجي للشخصية، حيث يبدو حقيقي وصريح مع كل الناس، مع أخيه وأمه وابن أخيه وزوجة أخيه، ومع الذين يحبهم ومع من لا يحبهم كذلك، وذلك على الرغم من أن هذه الشخصية تجنح أحيانا إلى الجنون والتهور بمفهومها الشخصي وليس الجنون والتهور في العموم، لأنه يضع حدودا لنفسه لا يسمح لنفسه بتجاوزها، وذلك ضمن أحداث تحمل معها التشويق والجريمة والحركة والقصص الرومانسية والعاطفية على امتداد 90 حلقة أظن أنه لن يفقد فريقه على طول الحلقات.
براعة باميلا الكيك
وعلى الرغم من عدم اقتناعي التام بالممثلة باميلا الكيك التي أراها تتمتع بنوع من البرود مصحوبا بوجه وملامح جامدة، إلا أنها للحقيقة وأعترف بذلك قد برعت في أداء شخصية عاليا في مسلسل كريستال، حيث تعرف نقاط ضعفها جيدا طوال الوقت، وتجيد استخراج قوتها من الضعف، وتبدو ظاهريا قوية لكنها تخبئ ماضيها، وما ارتكبت فيه من أخطاء في حق شقيقها في مرحلة الطفولة، وتستمر بوضع قناعٍ تخفي فيه حقيقتها، ومن هنا جاء تمثيلها لشخصية عاليا مبهراً، من حيث الحضور والأداء المميز، وفي نفس الوقت مختلفا، وظني أنه سيشكل نقطة فاصلة ونقلة نوعية في حياتها الفنية، حيث جسدت شخصية (عاليا) وهي مصممة أزياء مشهورة، تعود من الخارج بعد وفاة والدها، وتتفاجأ بوصيته بوجوب الإقامة مع شقيقها باسل الذي أداه الفنان السوري الشاب (خالد شباط) بحرفية وقدرة على التحكم في مفاتيح الشخصية، حتى تحصل على الميراث، وهناك تتعرف إلى الدكتور جواد (الذي يلعب دوره الممثل محمود نصر) وتعجب به، ولكن عندما تقع فاي (التي تلعب دورها الممثلة ستيفاني عطاللّه) ابنة البستاني في حب الرجل نفسه، سرعان ما تتحول المنافسة بينهما إلى صراع مفتوح.
إقرأ أيضا : محمود نصر يبهرنا بأداء بارع قبل موته في (60 دقيقة) !
ولعلى هنا أتوقف سريعا عند البصمة الجميلة التي تتركها الممثلة الكبيرة (رولا حمادة) في حياتها الفنية في مسلسل كريستال، في تفاعلها الحي مع عاليا، وهنا لابد لي أن أثني على الكيمياء الموجودة بين جميع الممثلين، لاسيما بينها وبين محمود نصر وسيتفاني عطالله، تلك الوردة الجميلة التي تطل في كل مشهد بعبق أريجها الفاتن في رومانسية مبهرة تضفي أجواءا وطاقة إيجابية على جميع العاملين بالمسلسل من خلال شخصية (فاي) التي تسير خطواتها وتتعرض للصفعات يمينا ويسارا، وقد لعبت ستيفاني دور الفتاة الطيبة التي تؤكد أن الإنسان وخصوصا عندما يكون طيبا، لابد أن يتعرض للكثير من الصفعات في حياته، لكنها كانت تشكل دروسا له، وهى دائماما تبرر لعاليا تصرفاتها وتجد لها أعذارا في تعاملها السيئ معها وإساءاتها المتكررة لها وللآخرين أيض، لأنها ببساطة تضع هدفا واحدا أمامها وهو أن تصبح مصممة أزياء مشهورة.
ومن بين الحلقات التي أتوقف عندها الحلقة 19، التي احتوت على مشهد قصير يعد (ماستر سين) الحلقات حتى الآن، والذي جاء على النحو التالي:
في نوبة تراجيدية مغلفة بمشاعر مزيفة تصحب عاليا جواد إلى قبر أبيها في محاولة للتمويه على الأسباب الحقيقية لمحاولة اعتداء أخيها باسم لها في الحمام وتبث له مشاعر مزيفة وهى تقف أولا أمام القبر قائلة: احنا جينا بابا!، وأردفت قائلة: زمان وأنا حزينة جيت أنا وانت لهاون، كان بدي البابا يكون حاسس فينا، بيضل عارف انك ماتركتني لوحدي، لو كان عارف انك لهالدرجة راح تكون شهم كان راح من هالدنيا وهو مبسوط ومطمن.
تجلس عاليا مقابل القبر، بينما صوت الكمال يبدو معبرا للغاية عن حالة التراجيديا التي تصطنعها، قائلة لأبيها: اطمن حبيبي.. اطمن، جواد حدي . مش راح يتركني، ثم تمسك بيد جواد: باعتذر عن حالة الجفاء العاطفية في الصبح، قولي: شو كان بدك تحكي معي؟
جواد: بعدين.. خلاص بعدين!
عاليا: فكرت انه شيئ مهم؟
جواد: لا لا مو شئء مهم.. نحكي بعدين!
عاليا: متل مابدك .. أنا باحكي .. باعرف انه الفترة الماضية صار كتير مشاكل بينتنا مالها طعمة، أنا ما كان بدي يسير هيك بس..!
جواد: عاليا إذا بتريدي خلينا نمشي.. لوسمحتي!
عاليا: أنا راح أبقى هاون.. بدي أبقى شويه مع البابا، انت فل ونحكي بعدين.. نحكي عشية.
جواد: متل مابدك!.. ثم يربت على كتفها: أشوفك.
تجلس عاليا على رأس قبر أبيها مرة ثانية بعد أن غادرها جواد: ميرسي بابا، وكأنها تشكره على استرداد جواد لها، لكنها تظل تخفي حقيقة محاولة خنق أخيها وهى طفلة، وهو ما جعلها تخفي مشاعر حقدها على كل من حولها في إصرار عنيد.