بقلم : محمد شمروخ
في الحقيقة لم أهتم ببيان الأستاذ الفنان مصطفى كامل نقيب المهن الموسيقية، حول حفل مغنى الراب الأمريكي، إذ أن اللهجة الحماسية التى طغت على البيان عادة ما تنتهى إلى لاشيء وأنها من وحى اللحظة التى كتب فيها البيان.
إذ أن توقعى بتراجع مصطفى كامل العظيم عن إلغاء ترخيص حفل الرابر الأمريكىي ترافس سكوت، نابع أساساً من إيمانى العميق والدائم بأن (وراء الأكمة ما وراءها) وهو ما جعلنى أتحسس تحت الضوء الباهر لنيران هذا الحماس المتقد، أن هناك صراعا ما قد جرى في الأعماق، لكن اتسترت وخلصت على خير.
ولو فيه تراجع فسيكون القرار لمن يقفون وراء الجهات المنظمة للحفل وليس لحضرة النقيب المحترم مصطفى كامل، لأن النقيب ليس طرفا في الصراع ولا العملية كلها!
بس سايق عليكم حبيبكم النبي عليه الصلاة والسلام، ما حد يسألني الصراع بين مين ومين، لأنى وحياة دى النعمة ما أعرف، يعنى زى ما تقول كده مجرد إحساس.. تصدق تكذب.. أنت حر.
بص يا حبيبي علشان أثبت لك إن المسألة مش خوف من (حد) هو أننى مؤمن تماما – واللى فيها تجيبه وآخرك هاته يا لنبي- إن النقابات لم تعد كما كانت من قبل، صاحبة قرار في المهن التى جعلت من أجله، ولا تقول لى نقابات صحفيين ولا موسيقيين ولا ممثلين ولا أطباء ولا (مهندسين).
سيادة النقيب مصطفى كامل
ولكن دعونى استلهم اللحظة الحماسية التى طغت على بيان حضرة سيادة النقيب مصطفى كامل، بل وأتجاوزها عامدا مستعمدا إلى المقولة الخالدة التى صارت مثلاً منذ ان نطق بها الفنان البديع الراحل أحمد توفيق ولأصرخ بأعلى صوتى واصفاً بيان النقيب: (أنا تلاتين عتريس في بعض، فقد ضحكت طويلاً لما سمعت البيان وضحكت أطول لما سمعت أن هناك تراجعاً عن الموقف الرشداوى ليتحول إلى الموقف الحنفاوى: خلاص تنزل المرادى.
بس خلينا في الجد.. فمن ضحكوا مثلى كانوا يعرفون جيداً أن قرار مصطفى كامل ليس بيد النقيب ولا النقابة!
أمال بيد مين؟!
هم الذين يقررون وليس غيرهم!
ومن هم؟
من بيدهم الأمر !
إنما ياريتها كانت يد واحدة كانت هانت، ولكنها أيدى كثيرة ولكنها مختلفة ومعاندة بعضها البعض، وكنت أود من الفنان النقيب مصطفى كامل أن يتريث قليلا حتى تصفى تلك الأيدى خلافاتها لتصفو الأجواء، إذ ربما تنقشع الغمة التى سببها نبأ قدوم الرابر الأمريكى ليقدم حفلته تحت سفح الهرم.
وفجأة صار ما قيل عنه وعن دعواته ومعتقداته مجرد هرى سوشيال ميديا وأتارى الحكاية لا فيها شيطان ولا عبدة شيطان وحتى لو فيها شيطان، فنحن آسفين يا شوشو ظلمناك المرادى، ثم إنه لو كان الأمر كذلك، أليس من حق عبدة الشيطان أن يمارسوا طقوسهم تحت حماية الدستور والإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يكفل حرية العقيدة؟!
طيب يا عم ما الإرهاب كمان عقيدة، وذبح الأطفال في حفلات تعميد السحرة عقيدة، والأفورة بعد سطر الهيرو عقيدة كمان!
يا عم مصطفى كامل الموضوع كبير وأنت سيد العارفين مدى قوة ونفاذ الجماعة التى يتبعها الرابر الأمريكى في الداخل والخارج.
اي جماعة؟!
هههههههههههه.. جماعة (النهي عن المعروف والأمر بالمنكر!).
ثم إن هناك اتفاقات حصلت وعرابين اندفعت وتذاكر اتحجزت وتظابيط اتظبطت والعيال المنتظرين للحفلة بفارغ الصبر، ولاد ناس وبلاش نعك في المعكوك!
ما دخل الأستاذ مصطفى كامل
ثم إنه من آخر الآخر ونهاية النهاية، فإن القضية في أساسها ليست قضية فن ولا موسيقى ولا غناء، فما دخل السيد الأستاذ مصطفى كامل نقيب المهن الموسيقية بالموضوع أساساً .
آه بيقولوا صحيح إن الموضوع موضوع دعاية لمصر بحفل من تحت سفح الأهرامات لواحد من أشهر الرابرز في الكون، لكن وحياتك لا القصة قصة دعاية ولا خوفو ولا خفرع ولا منقرع، والموضوع في أساسه لا علاقة له بالفن لا من ناحية الشكل ولا من ناحية الموضوع!.
فمن حيث الشكل، الأمر يقع تحت إشراف وزارة السياحة مع تمثيل لائق لوزارة الثقافة، فما دخل نقابة المهن التمثيلية؟!
ومن حيث الموضوع فالراب في أساسه نتاج علاقات سفاح صريح ممتد في الزمان والمكان، ما بين تراث حفلات السحر التى تحدثنا عن علاقتها بالموسيقى الصاخبة في الأسبوع الماضي وبين جلسات تعاطى المخدرات التى تطلب أفورة لتفعيل مفعول الأفاعيل.
ومجرد نظرة على طريقة وشكل وأسلوب الرابر الأمريكى أو العيال الرابرز عموماً، كانوا غربيين أم شرقيين، تعرف اللى فيها، فلا الغناء ولا الموسيقى ولا الرقص يمكن وصفه فى تلك الأشكال بالفنون.
ستقول لى إن هذا هو المناسب للأجيال الجديدة التى تعبد التغيير وتقدس التجديد وتسجد للأفورة!.. نعم مناسب جدا لكن لإخراج أجيال بلا عقل ولا هوية غير الجنون والانفلات والشذوذ!، فمن ذا الذي يختار للأجيال ومن الذي نصب نفسه هاديا لها؟!.
مثل هذه المقولات لم تعد تنطلى على أحد.
فلتكونوا أكثر صراحة
انهم يريدون أجيالا هشه مشوشة الوعى بصخب جنونى لا أثر للإبداع فيه ونسب زوراً وبهتاناً إلى الموسيقى والفنون.
تكذب على نفسك وتكذب على الآخرين، لو ظننت أن استلاب عقول الشباب بالموسيقى الصاخبة والرقص المجنون مجرد موضة أو تقليعة سوف تمضي، بل مخطط -آه مخطط- تقوم عليه أجهزة وتنفذه جهات دولية لها أهدافها الإيديولوجية والسياسية.
لا شيء يسير عبثاً او كيفما اتفق، ألا يلفت انتباهك ظهور أجيال جديدة من المخدرات تنتشر انتشار النار في الهشيم؟!
عذرا لا تظن ان تخليق هذه السلالات المستحدثة من المخدرات من الاستروكس وأخوته قد تمت صناعتها تحت السلم في الدويقة وباسوس، لا يا صديقي.. لقد أنفق على استنباطها بمعرفة علماء كبار في معاهد عليا قبل أن يتم توزيعها عبر شبكة عملاقة أكبر من شبكة محمول الثريا، إنك تخدع نفسك لو لم تنتبه إلى العلاقة الشرطية ما بين سماع الصخب الموسيقى من الجاز وحتى الراب وبين تعاطى المخدرات!.
لقد وضع سيادة النقيب مصطفى كامل نفسه في موقف محرج جدا عندما ظن ان هناك مساندة مجتمعية وإعلامية سوف تقف وراءه لتعاضد موقفه، لكن لم يمض ساعات على البيان العتريسي، حتى بدأت المراهنات وبدت لهجة السخرية واضحة منه ومن بيانه ومن نقابته.
يا عم انت مالك!.
هو علشان اسمك مصطفى كامل هتعمل فيها زعيم بجد؟!
عموماً الرسالة وصلت بتمام السيطرة وتم الاطمئنان أن الخلايا تعمل بنشاط وهمة.
يا أستاذ مصطفى كامل افتكر إن (الأولاد) الذين دفعوا 20 ألف فى التذكرة، لهم أهل وأهلهم كبار وكبار قوى.. بره وجوه
فهمت يا سيادة النقيب؟!
بلاش (تلاتين عتريس في بعض) وخليها: (خلاص تنزل المرادى.. إنما اعملوا حسابكم المرة الجاية لا ممكن تنزل ابدأ)، وأهو كله تراث من الزمن الجميل!
ايوه كده وتحت أي احتمال سواء فيها حفله ولا لا، فنهاية الريس حنفى أفضل بكثير جدا من نهاية رشدي!