لطيفة تنتصر للمرأة بخفة دم في (طب اهو)
كتب : أحمد السماحي
الاستماع إلى مطربتنا بهية الطلة لطيفة هو وقت استفيد به تماما، لأنه يترك في نفسي شيئاعظيما أعيش به يومي وليلي، ويملأ نفسي بالخير والصدق والجمال والمتعة، ويظل في وجداني وأحاسيسي فترة طويلة، فصوت لطيفة نابعا من القلب، ولذا يدخل بسهولة ونفاذ إلى القلوب، في أداء مهذب ونظيف وراق، وأغاني لطيفة لها معان مختلفة عند الناس المختلفة، ولكنها بالنسبة لي تعني الروح، إنها تخاطب روحي بذكاء ورشاقة.
وحينما أتحدث عن أغنيات لطيفة التي تخاطب روحي، فإنني أتحدث عن الدفء، عن الفهم، عن الحرارة، عن العاطفة، عن القلق، عن الحزن، عن السعادة، عن عدم السعادة، عن الحب، عن الإخفاق في الحب، عن الحب من جديد، عن القلب، عن الحياة، عن الانفعال، عن البكاء، عن البكاء من فرط السعادة، أو البكاء من شدة الألم، عن حقيقة أصبحت خيالا، أوخيالا يكاد من إلحاحه أن يصبح حقيقة، عن الألوان المحددة، وليست الرمادية، عن أشياء كثيرة جدا.
لطيفة .. طب أهو
يوم الأربعاء الماضي طرحت لطيفة كليبا مبهجا لأغنيتها الجديدة (طب أهو) كلمات عصام شعبان، لحن مصطفى الشعيبي، توزيع وسام عبدالمنعم، لحن الفاصل الموسيقي، حسن سراج، وقام بإخراج الكليب مخرج الكليبات الشهير جميل جميل المغازي، وقامت شركة (قنوات ميوزك) بتوزيع الأغنية، وظهر في الكليب النجم الأردني منذر ريحانه، فأعطى للكليب ثقلا، وكون ثنائيا ناجحا مع لطيفة أتمنى أن يتم الاستفادة بهذا الثنائي في أعمال درامية أو سينمائية قادمة.
تتحدث أغنية (طب أهو) للمطربة لطيفة عن حالة فراق بين اثنين من المحبين، وللأسف كتب كلمة النهاية الرجل عندما قام بخيانة الحبيبة عبر الهاتف الجوال (منه لله)!، لكن حالة الفراق هذه لم تؤثر في الحبيبة بالسلب، بل على العكس، يبدو أنها كانت تتمناها بدليل أنها طلعت (أجمد) من الحبيب و(رمت طوبته) وأخذت عربيتها وقالت (يفكيك)، وطارت على (الساحل) وقالت له وهي متهكمة وساخرة :
إخترت تفارق، بمزاجك
وفاكرنى هموت، موت وأحتاجك
لا لا ياحبيبى، ذكائك خانك، ركز وإسمعنى
أنا أجمد منك بمراحل
عربيتى وهطلع ع الساحل
وهفاجأك بجنانى أنا ماحدش يتوقعنى
ولأن كيدهن عظيم، ولكي تزيد الحسرة والألم واللوعة في قلبه، وتجعله يندم على ما أرتكبه في حقها، بدأت تعدد له مزايا تركه لها فقالت له :
سبتنـي طب أهوه، وأنا بحلو أكتر أهوه
بعدك عنى زادنى جمال، وبعينك أضعف وأتوه
شوف أهوه جرحى كام خربوش، والجامدين ما بيتهزوش.
م الأخر كدا الرايقين، يشغلوا بس ما ينشغلوش..
ولأن الحبيب (مش فارق) مع لطيفة أصلا، ولا تريد أن توجع رأسها بـ (ولا ليه، وأزاى، ولا تشرحلى) حيث تريد أن تفرح وتتهنى بوقتها، حيث أنها متأكدة أنه راجع، راجع لها، لذا فهي بدأت تغيظه وتقهره بطريقتها الخاصة، وليس هذا فقط ولكنها بدأت (تطلع لسانها له) ولسان حالها يقول له :
متخيل هتعب في بعادك، أية رأيك وأنا ملكة قصادك
ولا ليه وأزاى ولا تشرحلى، وأهتم بكل دا ليه
أنا شغلى الشاغل دلوقتى، إنى أفرح وأتهنى بوقتى
وأنا عارفة أن أنت هترجعلى، وأنا ناسية أنت أسمك أيه
طب أهوه، سبتنـي طب أهوه، وأنا بحلو أكتر أهوه
الأغنية المصرية وحالة الحداد
معظم أغانينا المصرية العاطفية يغلب عليها طابع الحزن والوعيد والانتقام، فهي في حالة حداد معظم الوقت، والدموع تسيل بكثرة من الأغنية المصرية، والضحكات فيها قليلة أو بـ (القطارة)، لهذا يحسب للشاعر عصام شعبان الذي تتعاون معه لطيفة للمرة الأولى أن طرح قضيته التى يناقشها بطريقة كوميدية، وبخفة دم، وكتب كلمات ومفردات (طعمه، ولذيذة) وجديدة تماما على قاموس الأغنية المصرية، وتستخدم للمرة الأولى مثل (كام خربوش) في جملة (شوف أهوه جرحى كام خربوش).
كما كتب جمل تصلح مأثورات شعبية مثل ( والجامدين ما بيتهزوش)، و(الرايقين، يشغلوا بس ما ينشغلوش)، وقد ذكرني أسلوب التناول خفيف الظل الذي لجأ إليه عصام شعبان بأغنية لشاعرنا العبقري صلاح جاهين، من ألحان سيد مكاوي، وغناء سعاد محمد، تتناول موضوع الخيانة، يقول مطلعها :
أحسن، تخاصمني، تخوني، أقول أحسن
ما أزعلش أبدا، ولا أحزن
هحب حد تاني، تاني زيك كده وأحسن.
لطيفة والشعيبي
قدم الملحن مصطفى الشعيبي الذي تتعاون معه لطيفة للمرة الأولى أيضا لحن بسيط يتميز بإيقاعه المقسوم، وجمل موسيقية سريعة خاطفة، فمع دخول الموسيقى وقبل الغناء سمعنا مقام (نهاوند) وهو مقام له طابع رقيق عذب يناسب الألحان العاطفية الحزينة، وأيضاً له طابع طربي فرح، وقد استخدم الشعبيي الطابع المرح الذي يتناسب مع موضوع الأغنية، وبعد ذلك ومع بداية الغناء استمعنا إلى مقام الكرد، حيث إنه يأخذ القلب عند سماعه، وله تأثير مريح على قلب وعاطفة المستمع، وكان الإيقاع المقسوم يرقص ويزغرد مع صوت لطيفة، التى لونت في أدائها واستخدمت حليات أضافت الكثير على اللحن، أما الموزع وسام عبدالمنعم فأضاف لمساته الرائعة على اللحن من خلاله إستخدامه بعض الآلات التى دعمت الحالة الغنائية، وسهلت وصول اللحن للمستمع.
عودة المغازي إلى لطيفة
بعد سنوات تعود لطيفة للتعاون مجددا مع المخرج المتميز جميل جميل المغازي، الذي نجح في تقديم صورة جميلة، ودافئة من خلال مكان واحد هو الفيلا، الذي دارت فيه كل الأحداث، قبل أن يخرج في النهاية للطريق العام، ورغم هذا لم نشعر بقلة أماكن الكليب، أو بالإختناق، بل شعرنا أن الكليب فيلم روائي قصير عبارة عن نزاع عائلي بين زوج وزوجته، وفي النهاية تلجأ الزوجة إلى صديقاتها للخروج للترفيه عنها.
وظهرت لطيفة بخمس إطلالات ناعمة مناسبة تماما لموضوع الكليب، وكانت مختارة بعناية وكل لون له توظيفه الدرامي بداية من الأصفر لون الغيرة، وانتهاءا باللون الوردي أو (الروز) لون العاطفة والحب، وأهم من الإطلالة الخاصة بالملابس، جاءت إطلالة لطيفة التمثيلية معبرة للغاية، وعليكم مراقبة تعبيرات وجهها، وهى تدخل بهدوء في بداية الكليب لرؤية زوجها والاستماع إليه أثناء حديثه في الهاتف، وأيضا نزاعها مع النجم الأردني منذر ريحانه الذي كان مفاجأة الكليب، وكون ثنائيا ناجحا مع لطيفة في الأداء التمثيلي، وغيرها من الحالات الدرامية المختلفة التى عبرت عنها لطيفة بشكل متميز للغاية.
الكوبليه الأخير
مع كل جديد تطرحه لطيفة تؤكد أنها تعرف بالضبط إلى أين تريد أن تتجه؟!، وهذا ضروري جدا لأن وجود الهدف واضحا في ذهنها كان بمثابة البوصلة التى حددت لها الطريق الصحيح وسط الأمواج المتلاطمة التى صادفتها طوال مشوارها، الذي حرصت خلاله على القرب من الناس، والتعبير عن أذواقهم وعواطفهم، لهذا أصبحت للناس تعويذة يستخدمونها للتعبير عن عواطفهم، تعويذة تجلب الحظ، وتثير المتعة، وتعبر عن الفرح والشجن وتخاطب الوجدان.
لينك أغنية ( طب اهو ) :