هند رستم .. تنزف سحرا وجمالا وفتنة في أفلامها (2/3)
* انفصلت عن مكتشفها المخرج حسن الإمام، وقامت بتنويع أدوارها
* كان جمال هند رستم هنا في (لوكاندة المفاجأت) مرتكزا على اكتمال الجسد
* في فيلم (لاأنام) كانت المرة الأولي التي نري فيه هذا الجمال بالألوان السينمائية
* يوسف شاهين استفاد منها للمرة الثانية وجعلها ترقص داخل عربة قطار مع تغيير نوع الجمهور
بقلم الناقد والباحث السينمائي : محمود قاسم
مازالنا نتحدث عن الفاتنة هند رستم، وكيف استغل صناع السينما فتنتها، وتأثير هذه الفتنة على أفلامها، بدا يوسف شاهين في فيلمه (أنت حبيبي) مشدوها بجمال المرأة وليونة جسدها، وهى لاتظهر إلا حين ترقص ويغني لها فريد الأطرش.
يجب أن نذكر للممثلة هند رستم أنها سرعان ما انفصلت عن مكتشفها المخرج حسن الإمام، وقامت بتنويع أدوارها، لكنها مهما حاولت إخفاء فتنتها فانها كانت تنز ف سحرا، ويذكر لها أنها أدت الأدوار المقابلة باندماج شديد، فهناك فارق واضح بين الفتنة التي تنزف منها وهى ترتدي المايوه علي شاطئ البحر في (لا أنام) لصلاح أبو سيف 1957 وبين دور الزوجة الوقور في (الحب الصامت) لسيف الدين شوكت، وأيضا هى امرأة ممزقة في فيلم (جريمة حب) لعاطف سالم 1958، التي يقتلها فيه حارس العوامة العجوز، وهى التي تستقبل عشيقها المحامي في عوامتها، وبين دورها في (ابن حميدو) لفطين عبد الوهاب، فهي ابنة الصياد البسيطة التي لاتجرؤ علي ارتداء ملابس البحر، وتبدو أكثر إغراء من فاتنة حقيقية هى نيللي مظلوم التي ارتدت المايوه دون أن تلفت إليها الأنظار مثلما حدث لجميلتنا وهى بملابس البيت.
إقر أ أيضا : حجاج أدول يكتب: ابن حميدو فيلم مفرح مبهج رائع!
هذا الجمال المصري مجسدا في الشخصيات التي جسدتها هند رستم يقول: أن هناك امرأة وقورة تستطيع أن تجعلك مقتنعا أنها امرأة فاضلة مهما فعلت، فهي دوما تنزع الي التوبة والرجوع الي الحق، تتمني أن تكون أما، وتحافظ علي الرجل الذي ترتبط به، لذا فان مشاهدتها لايربك المشاهد كثيرا، فهي ترجع عن نزقها في (صراع في النيل، ودماء علي النيل).
هند رستم في مستشفى المجانين
علي سبيل المثال فان دور هند رستم في فيلم (إسماعيل ياسين في مستشفي المجانين) نموذج واضح، فكم رأينا من جميلات على الشاشة بالقميص الأنثوي الداخلي المعروف باسم (اللانجري)، ألا أن هذا (اللانجري) الذي ارتدته نعمة في غرفة نومها إلى جوار الدولاب وهى تخفي حبيبها حسونة الفطاطري، بدا وهو يكشف جمال (الشاسية) الذي تمتلكه الفتاة، التى لم تتعمد الإغراء بالطبع، بل هى ظهرت بهذا (اللانجري الأسود) الذي بين التناقض بين البشرة البيضاء وسواد اللانجيري، الفيلم من إخراج عيسى كرامة.
وقد قامت هند رستم بدور حبيبة إسماعيل يس ضمن تعاون عديد فيما بينهما، لم تكن مغرية مثلما حدث أيضا في (لوكاندة المفاجآت) لكن ظهور فتنة الممثلة بهذه الصورة كانت من أفضل طلاتها لتؤكد أننا أمام أميرة للفاتنات، والمشهد الذي نذكره قصير للغاية، وعادة مايصعب إقتران الضحك بالاغراء، لذا بدت هند هنا فاتنة أكثر منها مغرية .
هند رستم.. اكتمال الجسد
يبدو جمال هند رستم هنا في (لوكاندة المفاجآت) مرتكزا على اكتمال الجسد، حيث يمكنه أن يتكسم في أي من الملابس التي ترتديها سواء كانت ملابس عادية أم شفافة شعبية، أم أرستقراطية مع التركيز علي أن يكون الكتف عاريا في أغلب الأفلام، باعتبار أنه عينة علي جمال بقية الجسد، وقد رقصت هند رستم ببدلة رقص في أغلب أفلامها، وهى ليست راقصة كي تكون هناك فرصة لرؤية المزيد من فتنتها، وقد ساعد ذلك علي تأملها بصرف النظر عن هل تجيد المرأة الرقص بالفعل أم لا!، ففي رأي أن الرقص الشرقي، خاصة في السينما مصنوع من أجل رؤية اهتزاز الجزء الغالب من الجسد أو رؤية كيف تتحكم الراقصة في أعضاء جسدها، وهى ترقص وتكشف مفاتنها، وقد رأيناها تؤدي هذا الدور في (شفيقة القبطية، والحب الأخير، ومعجزة من السماء، ورد قلبي، وصراع مع الحياة، وفطومة) وغيرها.
هند رستم .. شفيقة القبطية
في فيلم (لاأنام) كانت المرة الأولي التي نري فيه هند رستم بهذا الجمال بالألوان السينمائية، وكان حسن الإمام حريصا أن تكون أفلامه معها ملونة فيما بعد مثل (شفيقة القبطية، والراهبة)، ونحن نقول الألوان السينمائية لأن لها درجات خاصة من اللون خاصة بشرة الإنسان، حيث تميل إلى المبالغة، وقليلا ماتعكس لون البشرة كما هو في الواقع، لكن لاشك أن المشاهد من خلالها يتأكد من جمال المرأة، وحسبما أري فإن الألوان في تلك الفترة كانت أقرب إلى المبالغة، ما يجعل العين تستطعم بشرة وجمال هند رستم في الأفلام الأبيض وأسود، ويبدو ذلك واضحا في المقتطفات التلفزيونية التي كانت تبثها إحدي قنوات السينما عن مسيرة هند رستم فيما لايزيد عن عشرة دقائق، فتبدو المرأة شديدة الفتنة والجمال من خلال تضاريسها، يضاف الي ذلك غنجة صوتها في بعض المشاهد.
إقرأ أيضا : حجاج أدول يكتب : أقول : ابن حميدو العمل الصالح !
ويبدو ذلك واضحا أن هند رستم في (لاأنام) هى التلميذة اللعوب التي تتزوج الأب لطفي، وقد تم ذلك بتخطيط من الابنة (نادية) أن تزوج أباها المصدوم في زواجه السابق، فما أن رأى زميلة ابنته الطالبة حتي تاه في فتنتها، وبدت المرأة التي سبق لها الزواج والتي تتخذ عشيقا أثناء زواجها أمرأة مليئة بالطاقة والحيوية اللتين تشعان من الفتاة، لذا فان لغتها هى العزف بفتنتها لتؤسر قلب الرجل الجديد في حياتها، حيث ترتدي الملابس الضيقة التي تكسم جسدها وتبدو أحيانا علي الشاطئ بلباس البحر المثير، كما ترتدي الملابس العارية.
هند رستم.. باب الحديد
أما في فيلم (باب الحديد) فقد كانت ملابس هند رستم أكثر احتشاما وهى تتحرك في دهاليز محطة القطار، وتهز أجزائها ربما حسب أو ضد رغبتها، ما يلفت الأنظار إليها خاصة بائع الجرائد (قناوي) الذي يتبعها كظلها، والغريب أن المخرج هنا قد استفاد منها للمرة الثانية وجعلها ترقص داخل عربة قطار مع تغيير نوع الجمهور، ففي (أنت حبيبي) كانت وسط مجموعة من الصعايدة في عربة درجة ثالثة يعبرون عن بيئتهم المغلقة إلا أن الراقصة بدت كأنها حولت العربة الي ملهي ليلي على سفر، أما في (باب الحديد) فإنها رقصت وسط مجموعة من السائحين الشباب، وبدت أكثر خفة ومهارة.
كانت هناك تصرفات مقصودة تماما أمام كل مخرج وهو يدفع بالفنانة هند رستم لفيلم جديد، وهو أن يستفيد الي أقصي حد من إظهار الفتنة بكل السبل، وهكذا صار الجمال مضمون الظهور في الفيلم بالنسبة للمشاهد الذي يشتري التذكرة، فمن المعروف أن فطين عبد الوهاب وأيضا كمال الشيخ أن كل منهما لايميل إلى استخدام الفتنة لإثارة الجمهور، كما أن أغلب أفلامهما تخلو من مشاهد الرقص، لكن يبدو أن وجود هند رستم يمثل استثناء، فقد عملت أكثر من مرة مع كمال الشيخ وبدت فاتنة.
هند رستم.. الحب الصامت
في فيلم (الحب الصامت) لسيف الدين شوكت عام 1958 قامت هند رستم بدور زوجة شديدة الغيرة على زوجها الذي ارتبط بجميلات غيرها، لكن جمال الأخريات يقل كثيرا عن ما تتمتع به زوجته من فتنة، ويحدث أن تطلب منها شريكة زوجها أن تتقرب إليه، رغم أنها سعيدة بإحداث الفرقة بين الطرفين، فإن الزوجة تبدأ في التغير، وفي ليلة تعرف أنه عند عشيقته وهى تنتظره بملابس تكشف فتنتها، وبعد أن تجملت أمام المرآة لا يأتي الرجل رغم كل ذلك في هذا المشهد بدت الممثلة وقد كشفت عن كتفيها وإن كان (الديكولتيه) لم يظهر أي جزء من الصدر ولم تتعمد هند رستم أن تقوم بحركة إغراء واحدة وظلت فوق مقعدها لاتبارحه طيلة الوقت في حالة انتظار.
هند رستم.. جريمة حب
نفس الممثلة كان عليها أن ترتدي الملابس الجميلة الأنيقة من جديد في فيلم (جريمة حب) لعاطف سالم والذي عرض عام 1959، فهي هنا الزوجة المحرومة من العاطفة التي تعيش وحدها في عوامة، وتتعرف علي محامي متزوج فاشل في حياته المهنية والعائلية فيلتقط كل منهما الآخر كي يشبعا نفسيهما، ولا شك أن هذا الثنائي يغرق في لغة الجسد بشكل شره، ويظل الزوج في أحضان عشيقته الفاتنة حتي يأتيه حماه، ويطلب منه العودة إلى البيت لأن زوجته حامل.
ومن الملاحظ أن المخرجين يضعون في مواجهة هند رستم إمرأة ذات ملامح ملائكية يعود اليها الرجل بعد أن يشبع من فتنة الجسد، وقد حدث هذا بوجود مريم فخر الدين في مقابل هند رستم في أفلام عديدة منها (لاأنام، الحب الصامت، رد قلبي، جربمة حب)، وفي الفيلم الأخير كانت المرأة الفاتنة تمثل شيطان الحرارة الذي لايمكن صده، لكنه عابر في حياة الرجل، وفي البداية فإن الرجل مهما حاول المقاومة فلابد له أن يستسلم، وبعد أسابيع من عودة الزوج إلى داره فإنها تتصل به، ويقاوم رغبته في العودة الا أنه لن يلبث أن يعود و يرتمي في أعماق فتنتها.
هند رستم.. الفتنة والشر
قد صورت السينما هذا النوع من الفتنة علي أنه الشر بعينه، وصاحبة هذه الفتنة هند رستم مليئة بالشبق، تسعي لخطف الرجال، والزواج منهم، وقد رأينا هذا مرات عديدة في (لاأنام، جريمة حب، توحة، الأخ الكبير) والأخير هذا تقوم فيه بإغواء شقيق حبيبها الي فراشها انتقاما من الحبيب الذي يرفض الزواج منها، كما أن الأمر تكرر أيضا عام 1959 في فيلم (بافكر في اللي ناسيني) لحسام الدين مصطفي، حيث تقوم بدور الأخت التي تحاول امتلاك كل ماحولها، خاصة ماتحبه شقيقتها، فهى تسعى إلى اختطاف خطيب اختها، وتتمكن منه عن طريق ما تملكه من جمال فاتن، ثم ترمي بشباكهاعلي صديق له، ولا شك أن مثل هذه المرأة يجب أن تكون صاحبة قوة جذب بالغة القوة فلا يستطيع الرجل سوى الوقوع في هاويتها.