وعملت ايه فينا السنين .. تجربة مسرحية شابة وواعدة
بقلم : عمر علي
يعرض هذه الأيام على مسرح روابط بوسط البلد تجربة مسرحية مستقلة بعنوان (وعملت ايه فينا السنين)، من تأليف وإخراج المخرج محمد سمير في تجربته المسرحية الأولى التي يشارك فيها بالتمثيل أيضاً بدور صغير، يقدم بطولة العرض نجمين من أهم نجوم الشباب حالياً هما حازم إيهاب وثراء جبيل وشاركهما البطولة الوجه الجديد كاريمان حجازي.
فكرة العرض تجربة مسرحية بسيطة جداً، ولكنها في نفس الوقت عميقة وتدعو للتساؤل يطرح من خلالها الكاتب تساؤل بسيط، وهو ماذا يحدث للعلاقات مع تطور السنين، فهل الوقت وكثرة المسؤوليات يمكن أن تصيب العلاقات بالفتور؟
فمن خلال ثلاثة فصول قصيرة عبر تجربة مسرحية، نرى علاقة الصداقة بين بطلي العرض التي تتطور إلى علاقة حب ثم زواج ثم طلاق ثم تفكير في العودة مرة آخرى ، وقد لجأ الكاتب إلى حيلة درامية ذكية جعلت من فكرة العرض التقليدية نوعاً ما تقدم بشكل جذاب وبراق على المسرح، إذ جعل لكل شخصية من الشخصيتين الرئيسيتين صوت داخلي يقول حقيقة مشاعرها الداخلية في كل موقف درامي تمر به، وقد جعل الصوت الداخلي مجسداً في ممثلين يراهم الجمهور ويتفاعل معهم لكن الأبطال لا يرونهم.
تجربة مسرحية مختلفة
على المستوى الدرامي كان الحوار ذكياً في تجربة مسرحية مختلفة، وساهم بشدة في رسم الشخصيات وفي تطوير الدراما ربما عابه التطويل قليلاً في الفصل الثاني الذي كان يتحدث عن علاقة البطلين التي فترت بعد الزواج ، على مستوى الإخراج كان المشهد الثاني تحديداً بحاجة لمزيد من الحركة بين الشخصيات لأن المخرج لجأ للحركة الثابتة تقريباً طوال المشهد الذي كان البطلين فيه جالسين متجاورين على كنبة صالون منزلهم يتحدثان بانفعال، فلو كان المخرج لجأ لميزانسين أكثر من ذلك لكان المشهد أفضل بكثير على المستوى البصري لأن قلة الحركة جعلت المشهد يتسم ببعض الرتابة، أيضاً لم يلجأ المخرج للموسيقى التصويرية في الكثير من اللحظات الدرامية الهامة التي كانت تحتاج لذلك واكتفى ببعض الأغاني المعروفة التي تفصل بين المشاهد من بينها أغنية العيون السود لوردة، والتي اتخذ المخرج من جملتها الأولى عنواناً لمسرحيته.
إقرأ أيضا : محمود حسونة يكتب : لكل منا (وش) يكشفه و(ضهر) يخفيه
أما نقطة التميز الأساسية في العرض الذي يعد تجربة مسرحية مميزة، فكانت بلا شك هي الممثلين الذين أجاد المخرج اختيارهم وتوظيفهم بشكل رائع يحسب له ولهم بشدة وظهر ذلك في تصفيق الجمهور المتواصل الذي جاء في نهاية العرض.
فنحن أمام تجربة مسرحية فيها تجسيد رائع من حازم إيهاب الذي يتطور كممثل بشكل ملحوظ منذ بداياته في برنامج (SNL بالعربي) وظهوره في العديد من الأعمال التليفزيونية الناجحة مثل (الحساب يجمع) و(حكايات بنات)، فإنه يضيف لرصيده بهذا العرض دوراً جديداً ومميزاً يثبت به أن المكانة التي وصل إليها بين نجوم جيله ليست من فراغ وأن يمكن أن يجسد شخصية صعبة وبه الكثير من اللحظات الدرامية الصعبة وذلك مثلما قدم دوره المميز في رمضان الماضي في رائعة (مذكرات زوج) مع طارق لطفي.
ثراء جبيل.. تجربة مسرحية مختلفة
أما بطلة المسرحية النجمة الشابة ثراء جبيل فإنها كالعادة تقدم تجربة مسرحية فيها أداء اسثنائي لشخصية بسيطة وأعتقد أن من دونها كان العرض عبارة عن تجربة مسرحية سينقصها الكثير ، فمنذ بدايتها في مسلسل (ذات) لفتت الانتباه كوجه مصري بسيط ومنذ تلك المرحلة وهي تثبت نفسها عمل بعد عمل، حتى وصلت لمرحلة نضج فني كبيرة في أعمالها الأخيرة ووضعت نفسها في مصاف نجمات جيلها، والحقيقة أن ما أوصل (ثراء) لمرحلة النضج الفني الكبيرة هذه هى طريقة تفكيرها في اختيار أدوارها المختلفة تماماً عن الكثير من بنات جيلها، فبالرغم من عملها في أعمال تليفزيونية هامة مع كبار المخرجين ومؤخراً قدمت بطولتها الأولى في السينما بفيلم (رهبة)، إلا أنها لازالت تعمل في أفلام قصيرة وعروض مسرحية مستقلة مثل هذا.
وهذه الأعمال بالرغم من أن المقابل المادي فيها ضعيفاً وفي أحيان يكون معدوماً، إلا أنها أعمال بها حرية كاملة للممثل يستطيع أن يقدم تجربة مسرحية فيها ما يريد بعيداً عن الأعمال التجارية وحساباتها المعقدة، وأعتقد أن ذلك يعود لدراستها للسيناريو في معهد السينما فهي تبحث عن الدور الجيد بعض النظر عن مساحته أو مكانه، وبغض النظر عن ما إذا كان العمل تجارياً أم مستقلاً.. ثراء ببساطة ممثلة أحبت التمثيل فأحبها.