بقلم الإعلامي : علي عبد الرحمن
تعد مصرنا الحبيبة من أكثر بلاد الدنيا احتواءا للمجالس العليا لكل قطاع وللهيئات القومية والوطنية لكل نشاط، واللجان المتخصصة لكل شئ، ناهيك عن أن لكل مجلس أعلي مثل الاستثمار أو هيئه قومية أو لجنة وطنيه هيكل واختصاصات وموظفين ومقر ونفقات، إلا أن هذه المسميات تجتمع وتصدر قرارات وتوصيات بعيدة عن أرض الواقع، ولا تغير شيئا في حقيقة الأمر، لأنه ليس هناك تواصل مباشر مع أهل إختصاصها من خلال لقاءات مباشره أو كول سنتر أو حتي مقترحات ذوي الاختصاص.
إقرا أيضا : علي عبد الرحمن يكتب : الحوار الوطني وملفات هامه غائبة!
عليه فإن الكل يعمل في غرفه المغلقة من خلال أوراق لاترقي لأي إنجاز أو تغيير إيجابي علي أرض الواقع، وحتي لايكون كلامنا مثل مناقشات هذه المجالس دعونا نتذكر معا ما أنجزه المجلس الأعلى للسياحة في مجال تنشيطها وزيادة مواردها!، والمجلس الأعلي للتصدير والاستثمار وماقدمه للمنتج المصري وزيادة موارد مصر من التصدير! والمجلس الأعلي لتنظيم الإعلام وماقدمه لضبط المشهد الإعلامي وإعادته إلي رشده، أو تقديم محتوي جيد تنافسي إيجابي!، أضف إلي ذلك الهيئات الوطنية والقومية واللجان وماذا قدمت للوطن والمواطن، سواء في تحسين مستوي المعيشة، أو تقليل مشاكل الحياة، أو تقديم حلول لمعوقاتنا طويلة الأمد، رغم أن مصرنا تزخر بالخبرات والكفاءات ذوات الأفكار التي يطير بها العالم فرحا عندما يقدمها عالم أو خبير مصري خارج الوطن.
في مجال الاستثمار
وكثيرا ما طالبنا هنا بفتح ملف (أفكار للوطن) يقدم فيه كل صاحب فكر وخبرة اقتراحه في مجال تخصصه، خاصة في مجال الاستثمار، من خلال لجنه قومية عليا تراجع هذه المقترحات وتناقش أصحابها، وتستقر على أهمية الفكرة وآليات تنفيذها والجهه المسئوله عن التنفيذ وكيفية متابعة تنفيذ ذلك، ولكن لم يستجب لنا أحد! وكنت أتخيل أن (الحوار الوطني) وجلساته ومحاوره وحاضريه سيقدمون بديلا من الأفكار والمقترحات لصالح الوطن والمواطن وللآن لم نسمع عما تم اعتماده من أفكار وخبرات لصالح طموحات الوطن ومواطنيه!
وطالبنا هنا أيضا مرارا بحسن توظيف خبرات مصر المهمشه لصالح مصر وأهلها بدلا من تصدر الفاشلون لكل المشاهد وإقصاء الكفاءات والخبرات المركونة على الهامش!، وطالبنا أكثر بالكف عن التصريحات والشو الإعلامي والالتزام بحقيقة الوضع على أرض الواقع! ودعونا نعود لموضوع مقالنا وهو المجلس الأعلى لـ الاستثمار والذي تم تشكيله مؤخرا وتم عقد أول إجتماعاته بحضور السيد رئيس الجمهورية ليعطي دعما ودفعا للمجلس وقراراته، ثم جاءت متابعة السيد رئيس مجلس الوزراء لما تحقق من قرارات المجلس في اجتماعه الأول، وعلى أرض الواقع مازال المستثمر يلف كعب داير علي جهات عديده لإنجاز ترخيص شركة أو فتح نشاط، رغم أننا نصرح بفلسفة الشباك الواحد وتبسيط الإجراءات والحكومه الذكيه والتحول الرقمي منذ حكومة د أحمد نظيف!
تفعيل هيئة الاستثمار
ومازال المستثمر ينتظر شهورا حتي ترخص له هيئة الاستثمار ولدى مستثمر سوداني قدم أوراقه للهيئه منذ عام ونصف ومازال ينتظر الموافقه الأمنيه دون رد واضح يثلج صدره!، ونفس المستثمر نفقت شحنته من الحيوانات التي ظلت في المعبر قرابة شهر وتعرض لعمليات ابتزاز حتي إضطر لبيع ماتبقي من شحنته بأبخس الأثمان، وهناك مستثمر ينتظر موافقة أمنيه لمشروعه الإعلامي منذ 3 شهور، ومستثمر سعودي آخر لديه انتاجه الزراعي منذ سنوات في مصر يتعرض لروتين حكومي في تجديد إقامته رغم أنه مقيم أصلا، ومستثمر آخر جاء واستثمر وأعطي الدولة حقها ولما أراد أن يحول جزءا من أرباحه لأهله وجد معوقات تمنعه من ذلك، ومستثمرين صفوا مشروعاتهم وأقسموا ألا يعانوا في سبيل الاستثمار في مصر.
وفي المقابل حكي لي مستثمر عن تجربته في الاستثمار: أنه أراد فتح مشروع طبي في دبي، فحجز تذكرة طيران إلي هناك، وبمجرد نزوله من الطائرة وجد فتاة إماراتية تستقبله في قاعات كبار الزوار، وأطلعته على الأوراق المطلوبه أون لاين، فقام بملئها والتوقيع عليها، ثم عرضت عليه فيديوهات لعقارات تصلح مقرا لنشاطه وأخبرته بأن عليه يختار وهيسدد الإيجار للدولة وهى بنفسها ستقوم بالدفع للمواطن صاحب العقار، وهكذا أنهي المستثمر كل ما أراد في نصف ساعه وهو يشرب قهوة الاستقبال، لم يقابل موظفين من عدة جهات تبحث عن رسوم ولاموظف يبحث عن مصلحته الخاصة ولا مواطن يبتزه في إيجار، هكذا يحدث في دبي بمجال الاستثمار فلماذا لايحدث عندنا؟!
أيها الساده قابلوا المستثمرين، استمعوا لهم، بسطوا لهم الإجراءات، وحدوا لهم الشباك والجهه والرسوم، ردوا عليهم سريعا حتي لو خصصنا لهم خطا ساخنا أو مركزا قوميا لخدمة الاستثمار أو حتى شرطة خاصة بالمستثمرين، إنهم يخشون (عدم الأمان التشريعي) ويخشون تقلب الأمزجه التي تعرقل مصالحهم، نرجوكم مصر أولا والروتين كفي علينا سنينه العميقة، حمي الله مصر، وأنعش الاستثمار فيها، وتحيا مصر ومجالسها وهيئاتها ولجانها وحكومتها الرقمية.. آمين.