كتب : أحمد السماحي
لمذا لم يطبق نقيب الموسيقيين مصطفى كامل، قاعدة (المتهم برئ حتى تثبت إدانته) مع أحمد سعد؟!، مع أنها قاعدة قديمة وعامة في القانون الوضعي والديني، وهى من أهم مبادئ العدالة الجنائية كما تعتبر من أهم مبادئ حقوق الإنسان، وعنوان من عناوين الحرية وهى ضمانة موجودة في كل دساتير العالم، وقد انطلقت في الفكر القانوني الحديث كمبدأ دستوري بعد أن نص عليها إعلان حقوق الانسان والمواطن في مقدمة دستور سنة 1789 الفرنسي، وأصبحت قاعدة دولية لا يمكن نكرانها أو تجاهلها بعد أن نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948، بالقول على أنه (كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً حتى تثبت إدانته قانوناً بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات للدفاع عنه).
والحكاية أنه منذ أيام طالب نقيب المهن الموسيقية مصطفى كامل من النجم أحمد سعد الاعتذار لسيدات تونس، بعد واقعة تعصب المطرب أحمد سعد على منظمة حفله الأخير في تونس، وعلى أثر المشادة الكلامية الحادة التى اندلعت بينهما، وتلفظه بلفظ غاضب لها اعتبره البعض إهانة لسيدات تونس، حيث قال لمنظمة الحفل التى لم تعطيه الفرصة للكلام مع الزملاء الصحافيين (إسكتي لو سمحتي، اسكتي انتي)!
مصطفى كامل اتهم أحمد سعد دون أن يحقق معه أولا للتثبت من الواقعة استنادا إلى قاعدة (المتهم برئ حتى تثبت إدانته)، كما أنه غض الطرف عن قول نقيب الموسيقيين التونسيين ماهر همامي خلال مداخلة هاتفية لبرنامج (90 دقيقة) المذاع عبر شاشة (المحو) : إن الجهة المنظمة لحفل الفنان أحمد سعد في تونس؛ لم تكن محترفة، واصفا ما حدث بسوء التنظيم، لاسيما في ظل الإخلال بمبادئ العقود وإعلان قيمة أجر الحفل أمام وسائل الإعلام، موضحا أن الندوة الصحافية لم تكن ضمن إجراءات العقد.
قرأ أيضا : محمد حبوشة يكتب : مصطفى كامل يدخل عش الدبابير !
وتابع: (كان من اللازم أن يكون رد فعل الفنان أحمد سعد رزين وعلي قدر قيمته الفنية، كان يجب عليه التواصل مع النقابة التونسية وكنا سنأخذ كل حقوقه الأدبية والمالية وكل ما نص عليه في العقد)، لافتا إلى رفع النقابة التونسية شكوى ضد راعي الحفل بوزارة الثقافة التونسية على خلفية التشهير بقيمة أجر الحفل.
تحرك مصطفي كامل
إذن أحمد سعد وضع تحت ضغط أفلت أعصابه، وعلى الرغم من تقديري لسرعة تحرك مصطفى كامل لمحاولة احتواء الموقف بطريقة متسرعة، قبل أن يتصاعد في ظل بوادر اشتعال الأزمة بين مصر وتونس، لكن الحقيقة أن أحمد سعد كان ضحية الهواة والعابثيين والمغامرين، كما كتب الزميل الكاتب الصحفي التونسي (سمير وافي)، حيث قال: (قد ارتكب أحمد سعد خطأ بالتعامل معهم، وخطأ آخر بعدم ضبط النفس أمام الاستفزاز والعبث والإهانات) – أي أن الضغط كان كبيرا – وتأكد ما قاله الزميل التونسي بعد الفيديو المصور الذي قام بعرضه أحمد سعد على صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي، والذي اتضح منه أن منظمة الحفل أخطأت في حقه أولا، ولم تلتزم ببنود العقد المبرم بينهما.
لم نكد نفيق من أزمة أحمد سعد التى مازالت مفتوحة بينه وبين النقيب مصطفى كامل، حتى فوجئنا خلال الساعات الماضية بأزمة جديدة تخص نقابة المهن التمثيلية، والحكاية باختصار: أن جملة قيلت بعفوية ودون قصد في الجزء الثالث من مسلسل (ليه لأ) الذي بدأ عرضه منذ يوم 21 يونيو الماضي على منصة (شاهد)، حيث احتوى مشهد عرض في الحلقة الثامنة في الدقيقة 33 من المسلسل حوارا بين سيدتين، إحداهما تعرف نفسها للأخرى على أنها دكتورة تدرس المسرح في قسم المسرح بكلية الآداب، والأخرى تحكي لها عشق صديقة لها لفنون الغناء والتمثيل وتطلب نصيحتها، تقول الأولى للثانية بعفوية شديدة: (هو احنا مش بنعلم تمثيل أوي يعني، أكاديمية الفنون هى بتاعت التمثيل إللي بجد).
إقرأ أيضا : سب وقذف أشرف زكي .. جريمة لا ينبغي السكوت عليها !
أثار هذا المشهد موجة من الغضب عند البعض خاصة من الفنانيين الذين تخرجوا من أقسام المسرح في بعض جامعات مصر، حيث أعتقدوا أن هذا تقليل من دور أقسام المسرح بالجامعات في تعليم الطلاب أسس التمثيل، مقارنة بأكاديمية الفنون – حسب ما فهم البعض من الحوار – مما دفع نقابة المهن التمثيلية برئاسة الدكتور أشرف زكي، للتفاعل مع الأمر بطريقة متسرعة أيضا – كما فعل مصطفى كامل – إذ استنكر ما جاء بتلك الحلقة عبر بيان رسمي.
وقال بيان زكي: (إن أقسام المسرح بجميع الجامعات المصرية هى أقسام رائدة وقام بالتدريس فيها أعظم أساتذة التمثيل في مصر والوطن العربي، منهم (سعد أردش، وأحمد عبد الحليم، وأحمد حلاوة، وخليل مرسي، ورانيا فتح الله، وجمال ياقوت، وفريد النقراشي، وعبير منصور، ونبيلة حسن أبو الحسن سلام، ونبيل الألفي)، وآخرين، كما تخرج منها فنانين مشهود لهم بالكفاءة.
مصطفى كامل وأشرف زكي
ووجه مجلس النقابة – بنفس أسلوب مصطفى كامل – الشركة المنتجة لمسلسل (ليه لأ) بضرورة حذف المشهد المذكور، احتراما وتقديرا لفن المسرح وأساتذته، وللجامعات المصرية العريقة، بخاصة كليات الآداب وأقسام المسرح، ولم تقف الشركة المنتجة للمسلسل التى تريد أن يمر عرض المسلسل على خير مكتوفة الأيدي إذ أبدت اعتذارها بعد موجة الغضب الشديد من قبل بعض الممثلين، مشددة على احترام جميع المؤسسات التعليمية التي تقوم بجهد كبير في تعليم الأجيال وتخريج الكوادر الفنية، سواء في كليات الآداب أو أكاديمية الفنون.
وأصدرت الشركة المنتجة، بياناً توضيحياً جاء فيه: (قد لاحظنا غضباً شديداً من إحدى الجمل الحوارية بالجزء الثالث من المسلسل، نود التأكيد بأن هناك سوء تفاهم، وأننا لا نقلل من الجهود التي يقوم بها الأساتذة الأجلاء في هذه الأقسام، أو يقلل من المستوى الفني للطلاب والخريجين)، وأكدت الشركة أيضا: (إن هذا لم يكن مقصوداً، بل كان الغرض من هذا المشهد هو مجرد إشارة للتمييز بين الدراسة النظرية والتجربة العملية، وأن لكل جهة طريقتها الخاصة في تعليم الطلاب، ونكرر احترامنا وتقديرنا لكل الأساتذة والزملاء والأبناء الأعزاء الطلاب والخريجين).
ومن وجهة نظري الشخصية يبدو لى أن ماحدث في الواقعتين فيه تزيد واعتداء صارخ على حق فنان دون تحقيق مسبق، وعدم تقدير موقف لمشهد في ثنايا حلقات مسلسل لا أرى فيه إساءة، عندما شاهدته شخصيا، ومن هنا يبدو أن التصيد أصبح آفة مجتمعنا، فلا أدري ما سر حساسية بعض الفنانيين الذين تخرجوا من كليات الآداب – قسم المسرح في الجامعات المصرية من هذا المشهد العفوي البسيط، الذي عقد مقارنة بسيطة، إلا إذا كان لديهم ضغينة من جانب زملائهم الذين درسوا في أكاديمية الفنون، فكما معروف أكاديميا أن الفن والتدريس الاحترافي هو في (أكاديمية الفنون)، لأن الدراسة فيها أعمق وأشمل وأكثر قدرة وفاعلية على تعليم التمثيل، عكس الدراسة في الجامعات التى تدرس المسرح فيها مجرد دراسة نظرية ربما تركز أكثر على النقد، وظني أنها لا تقيم ورش تدريبية على فنون التمثيل مثل أكاديمية الفنون، ومن ثم لم يخطئ المشهد ولم يقدم أي نوع من الإساءة لأقسام المسرح في كليات الآداب بالجامعات المصرية.
إقرأ أيضا : أشرف زكي يثير الجدل بتصريحه تكريم عادل إمام بعيدا عن مهرجان القاهرة للدراما
ما أدهشني وتعجبت له هو استجابة الدكتور أشرف زكي لهذا الغضب المفتعل من بعض الفنانيين، ونشره لبيان رسمي، رغم أنه كان يمكن أن يهدئهم في التليفون وينتهي الأمر، لكن أن يصدر بيان والشركة المنتجة ترد ببيان آخر، فهذا عبث يجرجرنا إلى مناطق شائكة!، وبصراحة الفن المصري لاينقصه هذا النوع من الرقابة أو التعنت الغاشم، فيكفيه رقابة المجتمع الخانقة المشددة الموجودة في الشارع المصري وعلى منصات التباعد الاجتماعي التى تتنمر بالنجوم والأعمال الفنية كل يوم!
والسؤال الذي نوجهه الآن: هل ما حدث من الدكتور أشرف زكي ومصطفى كامل يعد خطة لإلهاء الناس عن حالة غلاء الأسعار؟! – كما يروج لذلك بعض الخبثاء والمرضى – وخاصة أن ما حدث كلام فارغ وافتعال زائد عن الحد بهدف صناعة حدث ساخن يتفاعل ويكبر شيئا فشيئا ككرة لهب تتدحرج في سرعة وانفلات حتى يصل إلى حالة الاشتعال الكبرى، ومن هنا يرقى إلى مستوى ركوب الترند المعلون الذي هو هدف للبعض لتحقيق الشهرة.