جاهدة وهبي: المتهمة بالنخبوية تبدع في تجليات الشعر والنغم
كتب : أحمد السماحي
جاهدة وهبي مطربة لبنانية تغني للإنسانية وتنادي بالحب والعشق، قدمت عدة ألوان غنائية راقية جدا، من الصوفي إلى الكلاسيكي، ومن الجاز إلى الأوبرا، ونجحت فيها جميعا، وقدمت من خلالها أوراق اعتمادها إلى الجمهور، فهي صوت دارس، وواعٍ، ومصقول بالحس الأكاديمي، أي ليست مجرد مطربة موهوبة بالفطرة، درست الغناء الشرقي في المعهد الوطني العالي للموسيقى في لبنان، وتابعت دراستها في العزف على العود، وفي الغناء الأوبرالي باللغة العربية، والإنشاد السرياني والبيزنطي والتجويد القرآني، وحائزة أيضا على دبلوم دراسات عليا في التمثيل والإخراج من الجامعة اللبنانية.
كما أن جاهدة وهبي، رئيسة لجنة الثقافة والبرامج في مجلس المؤلفين والملحنين، وعضو نقابة الموسيقيين المحترفين في لبنان، وجمعية الساسيم الفرنسية، وحاصلة على شهادتي البكالوريوس في علم النفس، والماجستير في التمثيل والإخراج، وعلى دبلوم في الأغاني الشرقية، والأنشودة السريانية، وتجويد القرآن.
جاهدة وهبي والمسرح
خاضت جاهدة وهبي، تجارب تمثيلية مسرحية بالإضافة إلى تجارب محدودة في التلفزيون والسينما، ووظفت دراستها الأكاديمية وخبرتها كممثلة لخدمة غنائها، وتقول في هذا الصدد في إحدى إطلالتها الأعلامية: (خبرتي المسرحية في التمثيل والإخراج تساعدني عندما أغني على المسرح، لأنها تمنحي بعداً درامياً في الأداء والحضور، لكنني أفضل أن أجمع بين التمثيل والغناء كما فعلت في أوبرا (شهرزاد).
من أهم المشروعات التى أنجزتها جاهدة وهبي، مشروعاً بعنوان (هن في مهب النغم: من أديث بياف إلى أم كلثوم)، قدمت فيه شخصيات نسائية مهمة جداً في تاريخنا الموسيقي العربي والعالمي، من بينهن (أم كلثوم، وأسمهان، وأديث بياف، وداليدا، وفيروز، وصباح) وإلى غناء أعمالهن تلبست روحهن في الأداء حتى أنها مثلت خلال العرض واستبدلت الملابس والأكسسوارات، لكي تتقمص الشخصية والزمن الذي عشن فيه، والطريقة التي يؤدين فيها.
كما غنت جاهدة وهبي على مدى مشوارها العديد من القصائد لمجموعة كبيرة من الشعراء منهم (جلال الدين الرومي، وأبو فراس الحمداني، وابن العربي، ومحمود درويش، وبدر شاكر السياب، وجبران خليل جبران، وأدونيس، لميعة عباس عمارة، طلال حيدر، أحلام مستغانمي) وغيرهم.
جاهدة وهبي نخبوية
وجاهدة وهبي – المتهمة بالنخبوية واختيارها قصائد صعبة قد لا يستوعب معناها سوى قلة من الناس – علقت قائلة في أحد حواراتها: (أنا سعيدة بهذا الاتهام وبأنني أتوجه دائما للمثقفين، ولكن يهمني أن أوضح أنني حاولت تقريب هذه القصائد من الأذن العادية، فأنا ضد المقولة الرائجة: الجمهور عايز كده)!.
على مدى مشوارها قدمت جاهدة وهبي عدة ألبومات غنائية تغنت فيها بأروع الكلمات وأعذب النغمات من هذه الألبومات (أيها النسيان هبني قبلتك، شهد، ملح وظلال، مزامير، أرض الغجر، ترجمان الأشواق) وغيرها.
هذا الأسبوع في باب (غلاف ألبوم) نتوقف عند واحد من ألبومات جاهدة وهبي الدسمة المليئ بالقصائد المهمة لكبار الشعراء وهو (تجليات الشعر والنغم) والذيي يتضمن 10 قصائد وأغنيات، هى: (يطير الحمام) كلمات محمود درويش، توزيع أسامة عبدالرسول (لا تلتفت إلى الوراء) كلمات غونتر غراس، تعريب أمل الجبوري، توزيع كلود شلهوب، (إذا هجرت) الحلاج، (ياريت) طلال حيدر، توزيع كلود شلهوب (لندع تلاقينا) أنسي الحاج، (أنشودة المطر) بدر شاكر السياب، توزيع رعد خلف (بيروت) لميعة عباس عمارة، توزيع عبده منذر، (أين النديم) عمر الخيام، وألحان وتوزيع زياد بطرس، (إن كنت لا ترهب ذمي) الجاحظ، لحن وتوزيع زاد ملتقى، (كلامولوجيا) كلمات ولحن جاهدة وهبي، توزيع مايك ماسي، (أيها الشحرور غرد) جبران خليل جبران، لحن جورج فرح، توزيع أنطوان فرح.
قصائد جاهدة وهبي
وهذا الأسبوع نعيش في حيرة مع جاهدة وهبي، فأي القصائد نختار لنشر كلماتها، وكنت أتمنى نشر كلمات كل القصائد لكي يستمتع القارئ العزيز بالجمال والرقي، والفن الخالد الذي سيبقى إلى الأبد، حتى لو لم يشعر به الجمهور حاليا في ظل حالة التلوث، والفوضى الغنائية التى تحدث الآن، لكن الأكيد أن جمهور ما، في زمن ما، سيستمتع بكل هذا الجمال ويأخذ حقه من الشهرة والأنتشار، متى سيحدث هذا؟ الله هو العالم.
تقول كلمات قصيدة (أيها الشحرور غرد):
أَيّها الشَّحرُورُ غَرّد، فَالغِنا سرُّ الوُجود
لَيتَني مِثلكَ حرٌ، مِن سُجونٍ وَقُيود
لَيَتني مِثلكُ رُوحاً، في فَضا الوَادي أَطير
أَشرَبُ النُّورَ مُداماً، في كُؤوس مِن أَثِير
لَيتَني مِثلك طهراً، وَاِقتِناعاً وَرضى
مُعرِضاً عَمّا سَيَأتي، غافِلاً عَمّا مَضى
لَيتَني مِثلُكَ ظرفاً، وَجَمالاً وَبَها
تبسطُ الرّيح جَناحي، كَي يُوشِّيهِ النَّدى
لَيتَني مِثلُكَ فِكراً، سابِحاً فَوقَ الهِضاب
أسكبُ الأَنغام عَفواً، بَينَ غابٍ وَسَحاب
أَيُّها الشّحرورُ غَنِّ، وَاِصرف الأَشجان عَني
إِنَّ في صَوتِكَ صَوتاً، نافِخاً في أُذن أُذني
……………………………………….
تقول كلمات قصيدة (بيروت) للشاعرة العراقية لميعة عباس عمارة : من واقع نصفها البادي، ومن حُلمٍ
أجواؤها ، مثلما الفردوس مثَّلها
عَـصِيَّةٌ لا توالي القهر بدَّلها
ولا الدمارُ ولا العدوانُ ذلَّلَها
يا بنتَ سبعةِ آلافٍ وما بَرِحت
صبيةً تشتهي الدنيا مُقَبَّلها
الأرزُ ظللها والثلج كللها
والبحر في زهوهِ يجثو ليغسلها
ويَعْجَبُ الموتُ هل صار الحياةُ بها
فكيف يُغري زؤامُ الموتِ أشْبُلها