بقلم الأديب الكبير: حجاج أدول
نسستمر في الابتعاد قليلا عن فيلمنا ابن حميدو فالمقال ذو شجون، ونعود للثلاثي أحمد وحسن وأتوني من الموضوع عامة، لكن أبقى مع أحمد رمزي خاصة، والقارئ العزيز حين يقرأ الأسطر القادمة، يمكنه أن ينعتني بالمبالغة أو سوء المقارنة أو أي نقد سلبي يتراءى له، أقول أن في السينما الهوليوودة، تواجد فتى وسيم لعب أدوارها مرحة وهو شاب، وبعد سنوات قام بأدوار هامة مثل دوره في فيلم (حطمت قيودي The Defiant ons) مع الفنان الأمريكي الأفريقي سيدني بواتيه، وهو فيلم من روائع هوليوود ومن الأفلام التي عرفت الجمهور المصري بتوني كيرتس وسيدني بواتيه معا.
بالطبع كبار السن مثلي أو أكبر قليلا أو أصغر، عرفوا أنني أقصد الممثل الوسيم توني كيرتس، توني لعب كثيرا أدوار الفتى المراهق الذي طالت مراهقته قليلا، أقول أن توني كيرتس السينما المصرية هما أحمد رمزي وحسن يوسف وهما في سن الشباب، ربما أو من الأكيد أن توني كيرتس كان منفلتا مع الجنس الناعم بما لم يفعله بطلانا، فهو وهو عجوز تزود من الممثلة المراهقة (كوفمان) التي كانت شابة جميلة عام 1961 عام عرض الفيلم الشهير (نضال الأبطال The Guns of Navarone)، وهو الفيلم الذي عرفنا بالممثل الفنان أنتوني كوين، وانتبهنا للجميلة كوفمان، وعموما عشقنا الفيلم ونحن طلبه، فكان التزويغ من المدارس والإسراع إلى كلية الهمبرا (سينما الهمبرا) أطلقوا عليها (كلية الهمبرا) لأنها وكر الطلبة المزغين، وهذا السينما هي التي عرفتنا أيضا بالأفلام الهندية الشعبية على غرار ابن حميدو، التي غزتنا الهند بها، مثل (سانجام/ كلهم أولادي/ آن الأميرة المتوحشة/ الفيل صديقي الخ)، ثم انهى توني زوجاته بالممثلة (جيا سكالا).
أحمد رمزي في ابن حميدو
الأمر الذي فعله تونيس كيرتس ولم يفعله لا أحمد رمزي ولا حسن يوسف، أن توني تزوج زوجته السادسة، وهو في سن الثالثة والسبعين!، ونقول الفارق بين رمزي ويوسف هو الفارق بين سينما هوليوود الرهيبة وسينما مصر التي نهضت وحاولت الصعود للقمة مثل السينما الهندية والنيجيرية، لكن سينما مصر خنقها المسئولين بالمبالغة في الضرائب فانغلب دور السينما بالعشرات، وضعفت الفتوة السينمائية المصرية، وهذا موضوع الحديث فيه ليس في مقالنا هذه.
إقرأ أيضا : حجاج أدول يكتب : أقول : ابن حميدو العمل الصالح !
ومن يريد معرفة خلفية عن أحمد رمزي في فيلم ابن حميدو وغيره، عليه بمشاهدة البرنامج (نجمك المفضل) – أرجو ألا أكون أخطأت في الاسم – ومذيعة البرنامج كانت النجمة التليفويونية ليلى رستم، ففي هذا البرنامج أتى رمزي وهو فرح مرح يضع سلسلة في رقبته، وشارك ليلي في الحوار بإجابات خفيفة ولم يتعصب من ضغوط ليلى في بعض التعليقات على السلسلة وغيرها، هنا نرى رمزي خارج الأفلام ونجده مثلما يمثل، ولتأكيد هذا حين نشاهد مشاركته في عدد من البرامج التليفزيونية في سنواته الأخيرة، نفس البساطة والابتسامة، الفارق الواضح أنه قد تخطى سنوات فتوته وصار عجوزا بالغ البدانة، أقول أن النجم أحمد رمزي دوره في فيلمنا ابن حميدو، دور بطولي، وإن كان غيره قد أشيد بهما كثير مثل أسماعيل ياسين وزينات صدقي عبد الفتاح القصري وتوفيق الدقن، فأحمد رمزي هو وهند رسم كانت جاذبيتهما غطت بساطتهما التمثيلة، أحمد بالمثل الرجولي الوسيم، وهند بالجمال الأنثوي العاصف.
هند رستم وابن حميدو
نأتي لعباس كامل المتكامل في فيلم ابن حميدو، فهو كما سطرنا من قبل صاحب القصة والسيناريو والحوار، أقول عظمة على عظمة يا عباس يا كامل، أقولها ونحن نقرأ تلك اللافتة المستحيلة (الباز أفندي – ساقط توجيهيه، وكيل أعمال وسمسار مراكب وقباني وبالعكس)!، تقوللي يعني إيه (وبالعكس) أقولك: ما تسألشِ ولا تستغربشِ، دا عباس كامل يا حبيبي، اتفرج واضحك، متعقدهاش.. أمّال واسمع المعلم حنفي وهو بيفخم في الباز ويقول: (دا الباز أفندي شهر عقاري متجول!).
طَنِّش الحشيش في المنديل في مشهد الخمارة، دا فيلم ابن حميدو فرفشة، وسيبك من موضوع الشمعة اللي في جيبه، واضحك وكأنك مش فاهم المغزى، صحيح العيلة فاهمة ماعدا الأطفال، اللي حيفهموها برضة بعد كام شهر، دا أحنا يا جدع في عصر الفيمتو، ولا نسيت؟ ثم حاليا نحن في حالة لذيذة من فيلم آخر لذاذة اسمه ابن حميدو.
مشهد فتشني فتش مع إسماعيل ياسين حسن أتلة في فيلم ابن حميدو، الذي ذكرته سابقا، حد يقدر ينساه أو حتى يتناساه؟، طَبْ مشهد تدشين الباخرة نورماندي تو، حاول ألا تهتز وأنت تسترجع في ذهنك طاقم الفيلم وهم على المنصة، والمعلم حنفي (القصري) يتراقص وهو ويردد: تو.. تو..، حاول عشان بس مقامك ميغرقش زي الباخرة نوماندي تو.. تو، مشهد من أجمل وأمتع وأحلى مشاهد السينما المصرية، ياللا بينا نسمع خطبة مدام حنفي البليغة وقد بدأت بـ:
- أيها الصياديون، بسعدني بصفتي مدام حنفي الخ.
فيهتف هتّيف..
- يعيش أم حميدة سيدة البحار!
فتجيبهم سيدة البحار وهي في حالة تواضع مصطنع..
- مش عايزة هتاف خاص، عايزة هتاف عام!
فينتفض الهتّيف صائحا:
- يعيش البحر الأحمر المتوسط!
بالذمة فيه أجمل من كده؟، ولا أظرف من كده؟، وتتقدم سيدة البحار فتنطلق الباخرة نورماندي تو لتشق مياه البحر، فتغرق بائسة مع موسيقى تصويرية لائقة، مشهد مضحك مضحك.
إسماعيل ياسين وابن حميدو
لم تعجبني بعض المشاهد في ابن حميدو، مثلا: سخرية إسماعيل ياسين من القزم، شيء سخيف، والمشهد الرائع وإسماعيل ياسين وأحمد رمزي في مكتب مأمور القسم، ثم والشاويش عطية الذي يرتعب حينما يعرف أن أحمد رمزي ضابط وإسماعيل ياسين صول!، تنقلب منه صينية الشاي، مشهد حلو قوي، المشهد رأيي انتهى بخروج الجميع من المكتب فيما عدا المأمور الجالس على مكتبه، لماذا ينادي العسكري لينظف المكتب؟!.. ما خلاص، المشهد انتهى وبالطبع سيتم تنظيف أرضية المكتب وغيرها.
معركة نهاية فيلم ابن حميدو، التي جانب منها هما أحمد رمزي، إسماعيل ياسين، والجانب المضاد هى عصابة المهربين، معركة سخيفة ليس فيها إضحاك، كان من المفروض أن تكون أفضل من هذا بكثير بما يليق بهذا الفيلم الجميل ابن حميدو، وأحشر هنا فيلم هوليودي (إنه عالم مجنون مجنون مجنون)، هو فيلم كوميدي، وقعت معركة جانبية رائعة بين من يمثل أميركا وبين ضابط انجليزي يمثل انجلترا (الإنجليز) وهما في السيارة، كلا منهما يسخر من بلد الآخر، وحين يهبطا من السيارة ليتضاربا يتصرف كلاهما حسب ثقافة بلده.
من قام بدور الضابط الإنجليزي وربما يكون الممثل (رد سكيلتون)، وربما لا، وأظن “ربما لا” هي الأصح. فمن يعرف يبلغني بالاسم وله الشكر، المهم المعركة التي أشير لها قلت أنها كوميدية تدفع المشاهد للضحك العميق، لأن الفيلم كوميدي، فيلمنا ابن حميدو، افتعل معركة ليس فيها من الكوميديا شيء، ورغم هذه السلبيات البسيطة، فالفيلم مفرح مبهج رائع.
فيلم ابن حميدو، نستمع لكل تنويعات الجمال ونقول: الله! سبحان الله الجميل الذي أبدع لنا كل جميل! ونقول جزاكم الله خيرا يا كل طاقم فيلم ابن حميدو، وجعل الفيلم في ميزان حسناتكم، فأنتم اسعدتمونا كثيرا، أليس العمل الصالح هو كل ما يسعد الإنسان؟، من يعارض مقولتي سأعده إنسانا مش صالح ولا صلاح ومصيره زي مصير نورماندي تو. تو. تو.
حجاج أدّول ون وليس تو.