بقلم الفنان التشكيلي الكبير : حسين نوح
لدى أمنيه أرجو أن تتحقق، وهى أن يكون المثقفون والعقلاء وأصحاب المواهب الحقيقيه علي سطح المشهد الإعلامي.. تلك أمنيه أجدها في غاية الأهمية في ظرف زمني يعاني منه العالم من كثير من التحديات، فالمعارك واستعراض القوة والأوبئه ومشاكل المناخ التي أصبحت تهدد البقاء في كثير من مناطق بالعالم، من هنا زاد التلاسن وعرض وجهات النظر وأصبحت بعض قنوات الإعلام تشاركها شبكات التباعد تتسابق في عرض لملايين وجهات النظر، منها الساذج والانطباعي والواعي، وأحياناً المختلط بالمشاكل أو المعاناة الشخصيه.
إقرأ أيضا : عصام السيد يكتب : رؤية الرئيس لدولة رائدة في الثقافة
عندما غاب المثقفون أصبحنا جميعا أمام أسراب مليونية من معلومات واجتهادات اختلط بها الحابل بالنابل بالحكيم بالمدعي والساذج والضحية الرأي العام والعقل الجمعي الذي أراه ومن وجهة نظري الشخصية في أسوأ حالاته وأصبح يضر أكثر ما يفيد، فالواضح أن الحاله العامه للمجتمع أصابها سيوله والكل يبحث عن الحقيقه والملفت لي ومن خلال متابعة مهمومة بمصر والإعلام والفنون أن لدي البعض حالة من عدم الفهم الواضح للأحداث أنتجت حاله من عدم الاهتمام والارتباك أفرزت بعض حالات أشعر أحياناً أنها غير منتميه وقد تبدأ بالأسرة ومن ثم بالحتمية الي المجتمع.
تلك الحاله جعلتني أفكر أين السبب؟ وكانت الإجابة: أنهم المتصدرون للمشهد الإعلامي والثقافي.. نعم كثير مما يقدم في الإعلام رغم تميز بعض البرامج والدراما لكنه غير كاف لمجتمع أصبح تعداده متجاوز المائة وأربعة ملايين بزيادة اتنين مليون سنويا، أي دولة صغيرة كل عام تلك الكثافة البشرية والمتنوعة في أشد الحاجة إلى إعلام واع يقوده المثقفون ليخترق العقل والعاطفه مدرك لخطورة ما نعيشه في مرحلة حاسمة في تاريخ البشرية، نعم فقد يسأل البعض هل نقترب من حرب عالمية قد تكون نووية؟، والإجابة: احتمال نعم، وهل نقترب من تمرد من البيئة والأوبئة؟، والإجابة: يجوز، وهنا تأكيد أننا في أشد الحاجة إلى إعلام واع مدرك لخطورة التوقيت.
دور الثقافة والمثقفون
ثم يأتي دور الثقافة والمثقفون، فأجد الدوله تحاول بكل الطرق مشكورة وترسل القوافل الفنية إلى كل المحافظات وقصور الثقافة، وتحتفل بالمواهب، وتقيم المهرجانات الفنية وتشجع المواهب، وأري أن ذلك يحتاج لتغطية إعلاميه كبيرة ليعرف المواطن أن الدولة تعمل على الثقافة وتنمية الفنون.
لقد تعلمت من أحداث عاصرتها أن الناجح في بلده بالحق ينتمي لفئة المثقفين، فـ المثقفون هم من يخافون عليها، فالواحد منهم يمتلك فيها أسرة ومنزل وحياة فيخاف عليها ويحافظ علي ترابها، أما الفاشل ومن لا منزل له ولا ملك فهو لا ينتمي ولا يسعي إلا للخراب، ونتذكر جموع ما أطلق عليهم الطرف الثالث سنة حكم الاخوان من المخربين، إنهم أولاد الشوارع والمهمشين والباحثين عن أي جديد ومصلحة وإن كان الوطن الثمن، إنه الجهل والفقر ثم اللانتماء بالحتمية الآن.
إقرأ أيضا : رسالة إلى وزيرة الثقافة : ارحمونا من هذا العبث السينمائي !
أتمنى أن يشكل المثقفون في بلدي تياراً فبدونه هى نقط ورزاز لأفكار لكنها لا تهدم جدار التخلف والردة وعدم إعمال العقل، أذكركم تيار الماء فكرة باقي زكي يوسف هى سبب هدم خط بارليف الحصين، والمؤسف أن يكون العقلاء والحقائق والمثقفون في بلدي لايشكلون تيارآً فبعضهم يحادثون بعضهم البعض رغم مجهودات حميدة كثيرة، فقد قرأت كتاب (حوارات مع الشباب لجمهورية جديدة ) للدكتور العزيز حسام بدراوي، وقد زادت دهشتي فكيف لا يناقش هذا الكتاب الذي يجاوب عن كثير من أسئلة يطرحها الشباب: كيف لانجد مردوداً لهذا الكتاب العظيم علي السطح الإعلامي وتقام له ندوات يستفيد منها الشباب ويجد إجابات لكثير من الأسئلة؟
إنها حاله تستدعي كثير من علامات الاستفهام فكيف يحدث كتاب (في الشعر الجاهلي – 1926) للعظيم طه حسين، هذا الزخم من النقاشات والحوارات وبالمثل كتاب (مستقبل الثقافة في مصر – 1938)، وأيضا كتاب الشيخ علي عبد الرازق (الإسلام وأصول الحكم)، وما أحدثه من تفاعلات وإن كانت في وقتها لغير صالح الكاتب، ولكنه سجل بكل صدق وجهة نظر تستحق الاهتمام وتزيد من اعمال العقل.
البحث عن المثقفون العقلاء
الفاشل لا ينتمي ويعتقد دائماً أن الناس من حوله تستيقظ لتحاربه على عكس فكر المثقفون، إنه استدعاء لنظرية المؤامره لتستتر بعجزك خلفها، لقد تأكدت لدى مقولة أعتز بها وهى: أن تنجح فهي فرصة لتستدعي عقلك لحراسة هذا النجاح فتبحث دائماً عن الحقيقة، فمع مهاترات وهرتلة شبكات التباعد الاجتماعي التي أصبحت تشكل وجدان الطيبين أصبح من الضروري الاهتمام بالإعلام وما يقدمه.
كفانا برامج للطبيخ وبرامج السفسطة ومشاكل الطلاق والخلافات وبرامج الأطباء مدفوعة الأجر، علينا البحث عن العقلاء والمثقفون وتقديمهم وعرض الأفكار ومشاركة الشباب في حوارات حتي تستنير عقولهم بالحقائق ولا نتركهم للمغرضين وأصحاب المصالح الخاصة مصر كانت ومازالت مليئة بالمفكرين والمثقفين وأصحاب المعارف في شتى المجالات، ومبدعون حقائق وجب على الاعلام تقديمهم والبحث عنهم في كل المحافظات لنستمع لهم فهم احق بكثير عما يقدمه البعض لمجرد ملئ الهواء الإعلامي.
لا تتركوا الساحة الإعلامية لأنصاف المواهب عقلية كانت أو فنية لا تتركوا الإعلام لأبطال التنقل بين القنوات وأهم مايشغل البعض منهم الظرف بالنقود بعد التصوير.. مصر تستحق أن نقف جميعاً على قلب رجل واحد لنشر قيم الانتماء والولاء والتصالح مع الحق والخير والجمال، وتفعيل واسترجاع الهوية المصرية، الأمم يا سادة تتقدم بالعمل والإخلاص والانتماء ولنا في كوريا والصين وسنغافورة موعظة، إنه تأكيد أن الوطن أنا وأنت وما نقدمه وليس تواكل وتكاسل وصب أسباب تخلفك علي نظرية المؤامرة.
فقد أكدت الأيام أن التقدم هو نتاج جهد وعرق وإخلاص وانتماء وقوة، لقد أصبحنا نعيش في عالم لا يعترف إلا بالقوي القادر الواعي.. مصر تنطلق وتستحق أن يسود الساحة المثقفون ثم المثقفون.