كتب : أحمد السماحي
فايدة كامل قدمت على مدى مشوارها الغنائي العديد من الأغنيات العاطفية الناجحة، وإن كانت حققت نجاحا أكبر في الغناء الوطني، ومن الأغنيات العاطفية التى قدمتها، وحققت نجاحا كبيرا، أغنية متميزة الكلمة واللحن بعنوان (قولي اسمك إيه)، كلمات محمد حلاوة، ألحان شقيقها عبدالرحمن الخطيب، وقد قدمتها عام 1958 في حفل (أضواء المدينة)، الذي حضره الرئيس جمال عبدالناصر، بمناسبة الوحدة بين مصر وسوريا، وقدمت معها أغنية وطنية أخرى بعنوان (ع الوحدة ماشاء الله) وكانت الإذاعة المصرية تذيعهما بإستمرار.
فايدة كامل.. قولي اسمك ايه
أغنية (قولي اسمك ايه) لها حكاية طريفة للغاية، حيث لحنت للفنانة والمطربة درية أحمد والدة نجمتنا الكبيرة سهير رمزي، لكن لظروف ما حدثت غنتها فايدة كامل، تعالوا بنا نترك ملحن الأغنية عبدالرحمن الخطيب يحكي لنا قصة أو حدوتة الأغنية من البداية إلى النهاية كما ذكرها في مجلة (الكواكب) عام 1958.
قال الخطيب: في أحد الأيام دق التليفون في بيتي، وكانت المتحدثة الفنانة درية أحمد التى قالت لي أنها قررت العودة إلى الغناء بعد فترة انقطاع ووقع اختيارها على لأقوم بتلحين أغنية العودة، وقد كتب زوجها الشاعر والسيناريست والمخرج السيد زيادة كلمات أغنية تريد أن أضع عليها لحن، واسمعتني كلمات الأغنية التى يقول مطلعها:
واتفقنا أن نتواصل بعد أن أضع لها اللحن، وخلال أيام قليلة وضعت اللحن، واتصلت بالفنانة درية أحمد لأقول لها أنني جاهز، وحددنا موعد للقاء عندها في البيت، وحفظت درية أحمد جزء من اللحن، ثم سجلته على (ريكوردر) عندها لكي تحفظه على مهل، واستغليت الوقت الذي تحفظ فيه (درية) اللحن، وبدأت اتصل بأفراد الفرقة الموسيقية التى ستسجل اللحن للإذاعة، وأجريت بروفة مع هذه الفرقة، وحدث كما يحدث دائما أن تخلف بعض أعضاء الفرقة، واحد ولا اثنين لا يؤثر على مجموع الفرقة ما دمنا في بروفة، لكن أحد ناقلي السوء ذهب إلى (درية)، وقال لها: انتبهي عبدالرحمن الخطيب يريد جعل عودتك للغناء باهتة، فالفرقة الموسيقية لا تجتمع في البروفات، وهو ليس حريصا على جمع الفرقة كاملة، ونظرا لطيبة قلب (درية أحمد) صدقت ما قيل لها، ولأنها على عجلة من أمرها وتريد العودة سريعا للغناء، أعطت كلمات الأغنية لملحن آخر، وحز في نفسي تصرفها.
فايدة كامل تعجب باللحن
وبعد أيام تقابلت معها عند بعض الأصدقاء وتعاتبنا، وكانت مهذبة ورقيقة جدا فقالت لي في نهاية عتابنا: أن لحن الزميل الثاني لم يعجبها وطلبت منه عدم تكملة اللحن لهذا فهي تصر على لحني، وعادت المياة إلى مجاريها، واجتمعنا في البروفة، وكانت سعيدة للغاية بالأغنية في صورتها النهائية، وغنت اللحن بتوفيق واحساس، وسررت للنتيجة، وفي نهاية البروفات طلبنا من الإذاعة أن تحدد لنا موعدا سريعا للتسجيل، وذهبنا مع الفرقة إلى ستديو الإذاعة، ولكن فتيات (الكورس) لم يحضرن، فغضبت جدا لكن (درية أحمد) بخفة ظلها خففت عني الغضب وتواعدنا على موعد آخر.
إقرأ أيضا : ننفرد بنشر نشيد (فايدة كامل) الذي منعته الإذاعة السورية لخوفها من أمريكا !
عندما رجعت البيت سألتني شقيقتي فايدة كامل عن سر تأخري في العودة، فحكيت لها ما حدث ولحني الجديد مع درية أحمد، فطلبت مني أن تسمعه وبمجرد أن سمعت الأغنية قالت لي: لابد أن أغني هذه الأغنية، فحفلة أضواء المدينة خلال أيام وسيحضرها الرئيس جمال عبدالناصر والرئيس السوري شكري القوتلي، ولدي أغنية وطنية جديدة بعنوان (ع الوحدة ما شاء الله)، ولابد من أغنية عاطفية جديدة وحلوة، ورفضت بقوة، لكنها ظلت تلح علي، فقلت لها: أن هذا ليس من مبدئي، فقالت لي: أنها ستتصرف مع درية أحمد وستقول لها أنها المسئولة!.
فايدة كامل تستعين بحلاوة
ورفضت لكنها بعد حوالي ساعة رجعت لي فايدة كامل وقالت: درية ستغضب إذا أخذت الكلام الذي كتبه زوجها والذي أعجبت به، لكنها لن تغضب إذا أخذت اللحن، وأنت قادر على تقديم لحن آخر لها، ولم تنتظر مني إجابة، وقامت على الفور إلى التليفون وطلبت الشاعر محمد حلاوة، وكان المطلوب منه شيئا جديدا في نوعه أن يستمع إلى اللحن ويضع له كلاما مناسبا، وجلس (حلاوة) ساعتين يستمع إلى اللحن ثم قدم لنا الأغنية، وكان يقول مطلعها:
قولي اسمك ايه، ولا أسأل مين
وفي عيونك ليه كلمتين حايرين؟
إقرأ أيضا : سؤال : أين ذهبت الصورة الغنائية التليفزيونية (نفرتيتي) لفايدة كامل وصلاح جاهين ؟
وأجرينا البروفات النهائية في يوم الحفل، وكان أعضاء الفرقة يعرفون اللحن لأنهم حفظوه من قبل، وفي الحفل وقفت فايدة كامل تغني وكان قلبي يدق بسرعة وبعنف، ومضت دقائق وإذا بي أسمع أصواتا عالية منغمة تنبعث من الصالة وكأنها هدير، واعتقدت أن الميكرفونات تالفة وأنها تجسم صوت الكورس بهذه المبالغة، ونظرت إلى فتيات الكورس، وفايدة كامل تغني فابتسمن بشرا، وتقدمت قليلا لأرى ماذا كان يحدث، فوجدت أن المتفرجون يرددون مع (الكورس) كلمة (ليه) التى ينتهي بها الكوبليه، يرددونها بطرب وانسجام.
رقة درية مع فايدة كامل
يضيف عبدالرحمن الخطيب: عدنا إلى البيت وطلبت من فايدة كانل أن تدبر أمرها مع درية أحمد، كما تعهدت إذ لاشك أن درية سمعت الحفلة، وطلبت فايدة منزل درية وهنا حدثت المفاجأة! حيث قدمت درية تهنئة رقيقة لفايدة وقالت لها: برافوا يا فايدة كنت رائعة وجميلة واستمتعتنا بغنائك ونحن نسمع الإذاعة، وتدخل السيد زيادة في الحديث وقال لفايدة: أنه غاضب جدا لأنها لم تغن كلماته، وكانت مجاملة أرق مما كنا نتصور، وأكثر مما كنا نتوقع، وستستمعون قريبا لحني الجديد لدرية أحمد مع كلمات السيد زيادة، وبهذا تكونوا عرفتم قصة لحنين تدخلت الأقدار فصنعت لكل منهما نهاية غير التى رسمناها لنا في أذهاننا.
