بقلم : محمود حسونة
حلا شيحة، أثارت حولها كثير من الجدل، وتعرضت للأكثر والأكثر من التنمر، جدل لم تقصد إثارته، ولكنه جاء نتيجة بعض القرارات التي اتخذتها في حياتها ولم ترق للبعض، بينما التنمر عليها والتجاوز في حقها فقد كان ولا يزال مقصوداً وعن سبق إصرار وترصد.
جريمة حلا شيحة ، أنها اختارت في لحظات ضعف أو ربما تشوش فكري أن تهرب من عالم الفن إلى عالم آخر، تهرب من نجاحها ومن الأضواء التي تحيطها ومن الجمهور الذي أحبها إلى عالم تخيلت أنه قد يكون الأفضل، علماً أنها ابنة بيت فني أصيل، أهلها أهل إبداع، إيمانهم مطلق بالفن وقيمه ورسالته، فوالدها هو الفنان التشكيلي الكبير أحمد شيحة الذي نال جوائز دولية واحتفت به عواصم مختلفة واقتنت لوحات متاحف شهيرة وأقيمت لأعماله معارض في الشرق والغرب، وهو من أشرس المدافعين عن الفن وحرية الإبداع والرأي والتعبير، ولعلنا نتذكر مواقفه خلال سنة الحكم الإخواني السوداء، ومشاركته الفاعلة والمؤثرة في اعتصامات المثقفين، وآراءه المعلنة ضد التطرف السياسي والعنف المنهجي والإرهاب الفكري والديني الذي مارسته عناصر الجماعة الإرهابية قبل وخلال اختطافها للدولة، وشقيقتها هي الفنانة هنا شيحة التي لحقت بحلا إلى التمثيل، ولكنها كانت أكثر ثباتاً في مواقفها من الفن، ولم تهرب أو تؤثر الاختفاء.
هروب حلا شيحة
مالا يعلمه الكثيرون أن هروب حلا شيحة، لم يكن نتيجة تشوش فكري، بقدر ما كان نتيجة ضغوط تعرضت لها سواء في حياتها أو في بعض أعمالها الفنية، احتضنها كبار وعلى رأسهم الزعيم عادل إمام الذي رأى فيها موهبة متفردة اكتشفها مبكراً بحكم علاقة الصداقة التي تربطه بوالدها كما كان يعتبرها ابنته التي لم ينجبها، والفنان الكبير صلاح السعدني الذي قال نصاً لوالدها في أحد لقاءاتهم أنها الامتداد الطبيعي لسعاد حسني، والراحلين العظيمين محمود مرسي وجميل راتب اللذين تنبأا لها بمكانة فنية رفيعة، وهؤلاء بعض من كبار أهل الفن الذين أدركوا مبكراً أن لدى حلا الكثير الذي يساعدها لأن تكون في الصدارة على خريطة النجومية وأن يكون لها مكانها الخاص بين نجمات مصر الموهوبات، وهو ما ترجمته عملياً من خلال مشاركتها في بطولة العديد من الأعمال التي حققت نجاحاً ونالت خلالها ثناء قطاعات جماهيرية مختلفة مثل: (غاوي حب، ليه خليتني أحبك، السلم والثعبان، سحر العيون، اللمبي، أريد خلعاً، عريس من جهة أمنية، تايه في أمريكا، كامل الأوصاف، زلزال، خيانة عهد، مش أنا).
كواليس الفن تخفي الكثير، فالتنمر لا يأتي من خارج الوسط الفني فقط ومن خلال السوشيال ميديا، بل هناك تنمر يتعرض له فنانون من فنانين، وتفاجأ ربما بأن من المتنمرين بعض النجمات الكبيرات، ولأن حلا شيحة بطبيعتها مسالمة وتؤثر الصمت، وهى التي لم تدخل الفن لتخوض معارك ولا بحثاً عن شهرة ولا سعياً وراء مال، بل حباً في التمثيل، فكان من الطبيعي أن تفضل الانسحاب والابتعاد مجدداً.
إقرأ أيضا : شيحة وبناته و (الروح المصرية)
كلنا نمر بتجارب في هذه الحياة، وكل منا يتعلم درساً وتعلِّم فيه المواقف التي يواجهها وعليه أن يختار، إما أن يقف فوق الأزمات لينطلق من جديد نحو إنجازات جديدة، وإما أن يبقى تحت الأزمات فتتكدس فوق كاهليه ليشعر بعبء وكأنه يحمل جبالاً تعيق حركته وتمنعه من التقدم؛ وحلا شيحة التي اعترفت بعد صمت أربعة أعوام أنها عاشت أسوأ وأصعب مرحلة في حياتها خلال هذه المدة، قررت الانطلاق مجدداً نحو التفاؤل، وتعود إلى بيتها الثاني الفن، معتذرة عن كلام كُتب بالنيابة عنها وباسمها على صفحتها أساء لزملائها وللمهنة وجرحها هي شخصياً؛ فلماذا تخرج أصوات تلاقيها بأبواق التشاؤم والاستفزاز والكراهية وكأنها فعلت ما لا يفعله بشر؟!.
حلا شيحة لم تكتب البوست
ما لا يعرفه الناس أن حلا شيحة لم تكتب البوست الذي أشعل الغضب منها بعد عرض كليب أغنية تامر حسني (بحبك) والمأخوذ من فيلم مش أنا الذي شاركت تامر بطولته، ولم تتبرأ من الفيلم، ولكن (يد عابثة) هى التي كتبت البوست على صفحتها، أملاً في أن يخرجها من عالم الفن بلا عودة، ومن يعرفون حلا شيحة الفنانة يدركون جيداً أنها لا تنبش في ماضي زملائها ولا يمكن أن تكتب لتذكّر تامر حسني بتصريح له في أحد البرامج الفنية الذي أُذيع عام 2007 وفيه قال: (لا أريد أن أموت وأنا مطرب)، وعلّقت: (شاهده مرة أخرى قد يذكّرك بأن بداخلك صراعاً مثلي ومثل الجميع، الجميع يخطئ ولكن المهم أن نتدارك الخطأ ونصححه)، فحلا شيحة لم تتفرغ يوماً لللتنقيب في أرشيف الفنانين، كما أن من يتأمل هذه الكلمات والمصطلحات يدرك أنها لا تصدر إلا عن شخص يريد أن يستغل الصراع النفسي لدى بعض الفنانين ليخرجهم من الخريطة ويستقطبهم إلى عالم هو أحد رموزه، ولعلنا نتذكر أن الفنان التشكيلي الكبير أحمد شيحة لم يغضب من ابنته مثلما غضب بعد هذا التصريح عندما قال: “هذا الكلام لا يصح”.
إقرأ أيضا : حلا شيحة .. ممثلة فاشلة ترتدي ثوب الوعظ !
بعد زواجها من معز مسعود رفضت حلا أن ترتدي الحجاب واكتفت بارتداء غطاء رأس يكشف مقدمة شعرها، ومن ترفض ارتداء الحجاب لا يمكن أن تحرّم الفن ولا يمكن أن تغضب زملاءها، ولكن معز مسعود أراد لها ذلك وحاول جاهداً ونجح بعض الوقت حتى انفصلت عنه وعادت إلى عالمها نادمة وواصفة سنواتها الماضية (معه) بأنها الأسوأ، حيث قالت حلا شيحة: (مررت بأربع سنوات في حياتي كانوا من أصعب ما يكون، ولكن الحمد لله مع كل لحظة تعب أو ألم مررت به تعلمت الكثير وازددت قوة وإصراراً على الخروج من المحن التي لا بد منها في الحياة.. متشكرة على كل الدعم من زمايلي.. كلهم بحبهم وبتمنى لكل واحد فيهم النجاح دايمًا، وتوجهت إلى الجمهور بكلمات تعكس ندماً على ما فات وإصراراً على تحدي المحن وتجاوزها، وتقطر حباً وسلاماً لزملائها وتحمل عشماً في جمهورها.
ليست حلا شيحة الوحيدة التي تتعرض لهجوم وتنمر وليست الوحيدة التي يواجهها البعض بكلمات تنم عن حقد ورغبة في تحطيم معنوياتها، فالنجوم يتعرضون للكثير، والكلام حين يتحول إلى ذم وتشويه وهجوم مباشر، لا بد أن يكون خلفه نوايا غير سليمة وأهداف غير موضوعية ولا بريئة ولا مهنية. فأهلاً بك مجدداً يا حلا شيحة، أبواب محبيك لك مفتوحة، وأبواب الكارهين لك لم ولن تغلق أبداً، إنما الرد يكون بإثبات الذات مجدداً وتدريب الموهبة على إخراج أفضل وأجمل ما تخبئه في أعمال جيدة بل أعمال مميزة، فأحسني الاختيار لتجيدي الرد برقيّك المعهود وهدوئك اللافت وببصمة فنية جميلة.
mahmoudhassouna2020@gmail.com