بقلم الإعلامية الكبيرة : هدى العجيمي
في الحلقة الماضية ذكر لنا الفنان الكبير يحيى شاهين عددا من المواقف الغريبه والطرائف التي صادفته أثناء تصوير الأفلام واليوم يستكمل حديثه عما يصادفه من مواقف وطرائف غريبة في حياته الفنية.
يقول يحيى شاهين : من الأفلام التي أعتز بها كثيرا فيلم (شيء من الخوف) عن قصة الأديب الكبير ثروت أباظه وإخراج المخرج حسين كمال، الذي كان مايزال شابا في بداية حياته العملية، لكنه كان رائعا ومخرجا قديرا يتمتع بذكاء حاد وواعدا يبشر بالخير، كان متفهما جدا للسيناريو وحركة الفنانين وحركة وزوايا الكاميرا بدقة شديدة، واختيار أماكن التصوير بعناية فائقة والممثلين بقدرة عجيبة على التجكم والسيطرة عليهم.
يحيى شاهين .. رجل الدين الطيب
الفيلم كان بطولة محمود مرسي وشادية وأنا يحيى شاهين ، وكان العملاق محمود مرسي في هذا الفيلم يقوم بدور الظالم الشرير قوي الشكيمة وأنا اقوم بدور رجل الدين الطيب الذي يحبه أهل القرية ويثقون به، وكان هناك في فيلم (شيء من الخوف) مشهد لاينسي وهو خروج مظاهرة من جانب أهل القرية في انتفاضة شعبية ضد (عتريس) ذلك الرجل الظالم الشرير الذي تزوج (فؤادة/ شادية) رغما عنها، ومن ثم أغضب كل أهلها وأهل القرية التي خرجت الجماهير ليلا تحمل المشاعل، وأنا كنت كرجل دين علي راس هذه المظاهرة الحاشدة التي كانت الجماهير تهتف فيها هتافا واحدا وهو: (زواج عتريس من فؤادة. باطل.. ، زواج عتريس من فؤادة باطل..)
يقول يحيى شاهين: هذا المشهد أخرجه حسين كمال على مستوى الحركة والسكون ورصد المشاعر الإنسانية التي تختلج الممثلين كأروع ما يكون لدرجة أن مشاهده لا تمحي من ذاكرتي، بل إنه أثر في الجماهير التي شاهدت الفيلم تأثيرا كبيرا لدرجة أنني عندما كنت أمشي في بعض المناطق أجد الأطفال ينظرون إلى وهم يلعبون ويردون نفس الشعار، وهو (زواج عتريس من فؤادة باطل.. ، زواج عتريس من فؤادة باطل..)، وهذا إن دل على شيئ فإنما يدل علي ما قام به المخرج حسين كمال من جهد رائع في إخراج هذا.
إقرأ أيضا : هدى العجيمي تكتب : يحيى شاهين .. مواقف وطرائف في حياته
ويضيف يحيى شاهين : هذا المشهد يظل محفورا في ذاكرتي ثم بعد ذلك تأتي الثلاثية رائعة نجيب محفوظ، والتي قمت فيها بدور السيد أحمد عبد الجواد (سي السيد) وأنا شخصيا رغم كثرة الأدوار التي قمت بها في السينما فإنني أعتز بهذا الدور اعتزازا كبيرا، وكلما عرض بالتلفزيون أجد من يتصل بى لكي ينبهني لذلك، ويقول سوف نسهر سهرة جميلة مع السيد أحمد عبد الجواد وشخصية السيد أحمد عبد الجواد هذه أنا درستها دراسة جيدة، وعملت من أجلها مجهودا شخصيا كبيرا جدا بيني وبين نفسي. وأول شيء عملته يقول يحيى شاهين: أني قرأت رواية نجيب محفوظ وأعجبت بها، وأنا من طبعي أحب ان أخوض التجارب الجديدة والصعبة أو المركبة، وكان لي صديق من سكان حي الحسين فكنت أذهب إليه كي يأخذني في جولات بحي الحسين والفيشاوي وخان الخليلي، ولهذا تعرفت على كل ملامح سكان هذه الأحياء من حيث عاداتهم وتقاليدهم وملابسهم، وحفلاتهم، وقعدات الرجال وسهراتهم، وعلاقاتهم ببعض رجالا ونساءا.
يحيى شاهين وسي السيد
ويؤكد يحيى شاهين: أحببت دور السيد أحمد عبد الجواد حبا كبيرا، وأديت الشخصية بكل الصدق والواقعية لأن الروائي العظيم نجيب محفوظ كان كاتبا واقعيا جدا وظهر هذا أيضا بكل الصدق في مشاهد الثلاثية بكل اجزائها الثلاثة، في الستينيات قدمنا بين القصرين و قصر الشوق وفي السبعينيات قدمنا السكرية، وفي قصر الشوق التقيت بابني الفنان الناشيء في وقتها نور الشريف الذي قام بدور (كمال) وظهر في السينما لأول مرة، شعرت بأنه ابني حقيقي، وقلت له سوف يكون لك شأن كبير في عالم التمثيل، وفعلا حدث هذا وأصبح نجما كبيرا.
إقرأ أيضا : ابن النيل .. بين الغواية والهداية
ونفس الشيء حدث مع الفنان حسين فهمي يقول يحيى شاهين : التقينا معا في فيلم (ملكة الليل)، بطولة هند رستم وأنا يحيى شاهين، عملت مع حسين فهمي وكان أول ظهور له في السنما في هذا الفيلم، وفعلا تنبأت له أيضا بمستقبل كبير في التمثيل السينمائي، وعملت معه فيما بعد في فيلم (الأخوة كرامازوف) وقد أدي فيه حسين فهمي أداء رائعا، ونجح نجاحا كما توقعته له منذ أول دور صغير قام به معي في فيلم (ملكة الليل)، وأصبح بعد ذلك نجما كبيرا في السينما.