بقلم : محمد حبوشة
خلال رحلتها الطويلة في عالم الفن الرفيع أثبتت الفنانة الاستعراضية فريدة فهمي ، أن الرقص هو واحد من أقدم أشكال التعبير عن الذات، ويخترق جوانب كثيرة من عالمنا ويجمع بين الموسيقى والحركة والتاريخ الثقافي والاجتماعي، ويرتبط الرقص عند فريدة فهمي بالمفاهيم السائدة في أي مجتمع، كما يرتبط بمصطلحات كالمحافظة والتغيير إلى جانب الإصلاح أو خرق القوانين، ويمكن للرقص دوما من وجهة نظرها الكشف عن حدود قبول الأعراف الاجتماعية لمفهم التغيير، فرقصة الفالس اعتبرت في البداية على أنه رقصة من النوع الهابط بسبب اقتراب الراقصين من بعضهما البعض بشدة، ما يجعلهما في حالة النشوة أثناء الدوران بسرعة.
ورسخ فن الرقص عند فريدة فهمي بمفهوم اجتماعي يعبر عن قضايا المجتمع بالحركة والسكون، لكن حتى ولو تم ابتكار أنماط رقص جديدة فهناك أشياء لابد من تغيرها دوما، كعلاقة الجنسين ببعضهما البعض والأزياء والآداب وسلوك المرء تجاه الآخر، ويبقى الرقص لدى فريدة فهمي هو تعبير عن روح العصر وغالبا ما تكون شعبيته مرتبطة بفترة معينة، إذ يحافظ الشباب على أداء الرقصات الشعبية التقليدية، ويزيد رغبتهم بالتعرف على الأنماط المعروفة كرقصة الفلامينكو الإسبانية المثيرة، والذي غالبا ما كانت تنتمي إليه فريدة فهمي في تابلوهاتها سواء على مسرح فرقة رضا أو من خلال شاشة السينما التي تألقت فيها بلوحات غاية في الرقي والجمال.
الجسد عند فريدة فهمي
ويعد الجسد في فكر فريدة فهمي هو الأداة الرئيسية في الرقص، وبمرور الزمن وتغير الظروف الاجتماعية والثقافية اختلفت النظرة في عملية تقييمه، فما كان يعتبر قبيحا بالأمس أصبح جميلا اليوم وبالعكس أيضا، إذ أثار مصممو الرقصات تساؤلات حول الأشياء المألوفة، إذ يعتبر الفرنسي (كزافييه لو روي) الجسد الراقص كمادة مرنة يمكن تطويعه، أما الألمانية (ساشا فالس) فشعورها بالجسد يكون وفقا للحدود الكامنة فيه، أماالراقص الروسي (فاسلاف نيجنسكاي) الذي نجح بأداء حركات الرقص ألذكوري والأنثوي، فقد وضع قبل عقود الصور النمطية بين الجنسين موضع تساؤل.
إقرأ أيضا : أوليفر ستون وسعاد حسني وفريدة فهمي في الدورة الثانية لمهرجان البحر الأحمر
يقول الناقد فرانكلين ستيفنز: (كلنا راقصون، نحن نستخدم الحركة للتعبير عن أنفسنا، عن جوعنا، عن الأمن، عن غضبنا، عن أفراحنا، عن اضطراباتنا، وعن مخاوفنا، قبل استخدامنا للكلمات بكثير؛ ونحن كذلك نفهم معني الحركات قبل ان نفسهم معاني الكلمات بكثير)، لهذا آمنت فريدة فهمي بأن فن الرقص هو أقدم الفنون، فعمره التقريبي يبلغ 25000 سنة، النقوش الفرعونية القديمة تصور راقصين وراقصات، وتذكر التوراة كيف رقص داوود أمام الرب، كما يخبرنا هوميروس عن الرقص عند الاغريق، في (الالياذة والاوديسة)، والأهم من كل هذا هو أن نعلم بأن الرقص كان آنذاك.
إذا الرقص بحسب اعتقاد فريدة فهمي، يعتبر شكلا من أشكال الفن، فيستطيع أن يعبر عن جميع العواطف الإنسانية حب، كره، ألم، سعادة.. إلخ، ويستطيع أن يعبر عن شعورنا بالحياة، كما أن الإنسان القديم عرف الرقص للتعبير عن كينونته وقيمه وانفعالاته المختلفة فقام بنقلها للمشاهد من خلال الحركات البدنية المنظمة وتنوعها كوسيلة نقل، ومن ثم أمكنه التعبير والايحاء عن جميع المشاعر والايماءات، وقد ظهرت عدة ألوان من الرقص تختلف وتتباين حسب الثقافات، ومراحل التطور التي تسود البلاد، خلال فترات ظهور وانتشار كل من تلك الرقصات؛ حيث يوضح هذا الاختلاف والتباين مدى تأثير الأفكار والتقاليد والقوميات على تنوع ألوانها، وقدرته الواسعة في انتاج أشكال كثيرة تعكس الإحساس بالحياة.
هذه الاشكال والأنواع لا يمكن أن تتشابه عند الشعوب باختلافاتها الواضحة؛ فهناك الرقص الشعبي والرقص النقري ورقص الجاز ورقص الباليه الكلاسيك،.. إلخ، كل نوع من هذه الرقصات له ما يميزه من العناصر الحركية التي تثير عدة عواطف مختلفة في وجدان المشاهدين عن مثيلاتها من العناصر الحركية للرقصات الأخرى لديهم، وهو ما جعل فريدة فهمي تختزن كل تلك المورثات الإنسانية وتنتج لونا من الرقص الإيقاعي المعبر عن قضايا الإنسان المصري في تجليات واضحة نحو تحويل هذا الفن إلى الشق الاجتماعي في جل أهدافه ومفاهيمه السامية.
لغة رقص فريدة فهمي
ولأن الإنسان دوما يبحث عن وسائل غنية ليعبر بها عن مشاعره تجاه واقع ما، أو حدث يواجهه، هذه الوسائل هى التي جعلت فريدة فهمي تعبر عن حالة إنسانية يتحدث بها كل إنسان بشكل مطلق، ودون استثناء، ومن هذه الوسائل تأتي لغة الرقص عندها لتأخذ ميزتها الإنسانية، فعندما يرقص أي إنسان، فإن أي إنسان مهما كان موقعه، أو لغته، يصغي إلى هذه اللغة ويتفاعل معها دون أن ينبس ببنت شفة، ودون أن يسمع لفظاً واحدا، ثمة لغة لايمكن التعبير عنها إلا بلغة الرقص، ولذلك نرى مختلف شرائح الناس تستخدمها كونها الأكثر تعبيراً، والأكثر تأثيرا كما أكدت فريدة فهمي في لوحاتها المزركشة بالألون والملابس الشعبية والتراثية التي جعلتها تتبع أساليب مصرية حالصة في فنها الرفيع على مدار مشوارها الطويل.
ودوما سعت فريدة فهمي وفي كل وقت لاكتشاف وسائل التعبيرعن مشاعرها نحو مواقف وأحداث الحياة، وهى بذلك تحاول أن تضفي لمسات جمالية وفنية عن تعبيرها للتأثير بتلك الوقائع والأحداث، وأدركت (فريدة) منذ الصغر أن الرقص فن احتفالي اكتشفه الإنسان ليستطيع من خلاله أن يعبر عن مشاعره من واقعة ما، وهو يحدث على الأغلب في طقوس تكاد تكون تلقائية، لأن المحتفل يريد ألا يشغله شيء من أمور الدنيا عن لحظات الاحتفال التي يرقص في محرابها، إنها هنا تمتلئ بحالة كرنفالية غامرة من النشوة يمكن معها أن يتسامح مع أي شخص يراه ولو مصادفة حتى لاتفسد عليه هذه الطقوس الاحتفالية والاحتفائية سواء بالذات أو بالآخر.
إقرأ أيضا : عصام السيد يكتب: محمود رضا .. رائد الإضاءة والمسرح الراقص
وجسد فريدة فهمي هنا يعبر عما لايمكن لأبلغ لغة أن تعبر عنه، وهناك أيضا أشكال للرقص الانفرادي الذي يمكن أن يؤديه الفرد في منزل مغلق عليه كتعبير عن تلقي خبر مفرح، وكذلك يمكن أن يؤدي الرقص لدى جماعة متصوفة أوغير متصوفة إلى طقس عبادي يتقرب العبد من خلاله إلى ربه، لكن عالم رقص فريدة فهمي هو عالم غني وممتع لأنه يعني جوهر الإنسان من خلال الظاهر لأن الرقص هو حالة ظاهرية، بيد أنه يعبر بقوة عما يجول في الداخل، وهنا يمكن أن نلحظ بأن عالم الرقص هو عالم صريح ومشع ليس فيه موضع للزيف، فأنت يمكن أن تلحظ على شخص يرقص رقصا باردا في مناسبة فرح، فتدرك بأن مشاركة هذا الشخص هي مشاركة غير فعلية، بل هى ظاهرية فحسب، وهذا يؤكد مجددا بأن الرقص هو حالة تلقائية بدرجة عالية ليس من اليسير على المرء أن يقوم بمحاولة التزوير في محرابها.
المفكر المصري العملاق سلامة موسى عبر عن فن الرقص فى كتابه (المرأة ليست لعبة الرجل)، تحت عنوان (الرقص والشخصية) كتب يقول:
الرقص إلى المشى هو كالشعر إلى النثر
هو إيقاع له قوافيه، بل له قصائده
فريدة فهمي في السينما
وهى في واقع الأمر لغات غير لفظية، فهو يمكن أن يعبر عن موقفه من واقعة ما من خلال نظرات عينيه، ويمكن أن يعبر من خلال حركة بشفتيه، من خلال تقطيب في الحاجبين، أو حركة في قسمات الوجه، الضحك أيضا محاولة للتعبير والمشاركة في حدث ما دون لغة، كما أن البكاء له ذات الوق، وهذا مالاحظناه في كل أعمال فريدة فهمي السينمائية.
وقد اعتمد الرقص لدى فريدة فهمي أحيانا على الصمت في محاولة لإبداء رغبة، أو رفضها، كما أنها يمكن أن تعبر بالصمت ذاته عن الفرض فتبدي استياء يظهر على قسمات محياها، وقد تهز رأسها علامة على الرفض وتستدير ذاهبة إلى حجرتها، وكما يطرب الصبى ويثب ويمرح، ويصفق بيديه، كذلك يطرب الشاب أو الفتاة فيرقصان فى إيقاع، كما ظهر ذلك في تابلوهات فريدة فهمي الآسرة في مخاطبة روح النص السينمائي أو المسرحي في جل إبداعها الذي لايفنى.
إقرأ أيضا : مهرجاني (القاهره السينمائي، والبحر الأحمر) يعيدان ترميم كلاسيكات السينما المصرية
الممثلة والفنانة الاستعراضية الفنانة فريدة فهمي، واحدة من أشهر راقصات السينما المصرية التي كانت أحد أهم عناصر فرقة رضا، أول فرقة استعراضية مصرية، قام بتكوينها الأخوين علي رضا و محمود رضا، وفريدة فهمي من مواليد محافظة القاهرة يوم 29 يونيو عام 1940، وعاشت فريدة حياتها والتحقت بالمدرسة وكانت تحب التعليم وكانت من أكثر الطالبات المتفوقات، حتى تمكنت من الالتحاق بكلية الآداب جامعة القاهرة، فريدة فهمي، وهى ابنة عميد المعهد العالي للسينما المصري حسن فهمي، ولكنها لم تعتمد على والدها في سلك طريقها، فقد كانت تحب الرقص والتمثيل ولكنها قامت بالبحث عن فرصة من خلال موهبتها وليس من خلال والدها.
من أكبر قصص الحب التي عرفها الوسط الفني هى قصة الحب التي جمعت بين الفنانة فريدة فهمي والمخرج الراحل علي رضا، كانت البداية من خلال ذهاب الأختان (نديدة وميلدا) المعروفة فنيا باسم (فريدة) إلى بلطيم في فصل الصيف، لتتعرف على الوسيمان علي رضا ومحمود رضا، ومنذ تلك اللحظة بدأ (علي وميلدا) يتبادلان نظرات الإعجاب، حتى علم علي أن أسرة (فريدة ونديدة) تتردد على نفس النادي الموجود في مصر الجديدة، والذي يكون هو وشقيقه محمود عضوان فيه، ومن هنا بدأت علاقة الصداقة تتطور بين (فريدة وعلي)، كانت في تلك الفترة لا تزال في مرحلة الثانوية، وكان علي يكبرها سنًا ولكن ثقافته وحضوره جعلا فريدة تغرم به دون أن تشعر، في تلك الفترة كان محمود قد سبق علي وقام بخطبة نديدة شقيقة فريدة ومن بعدها تزوجا.
زواج فريدة فهمي وعلي رضا
وكان زواج (محمود من نديدة) السبب الرئيسي في تقوية علاقة علي وفريدة فهمي، أصبح علي يتردد على بيت (نديدة) كثيرا بحجة رؤية أخيه، وكان يذهب إلى أي مكان توجد فيه (فريدة) بحجة وجود (محمود)، حتى قام (علي رضا) بالاعتراف لفريدة بحبه لها ليتفاجأ باعترافها هى أيضا ثم تقدم لخطبتها وهي في عامها الثامن عشر، ثم تزوجا بعد 6 أشهر، وأصبحت أسرة حسن فهمي تضم الأخوين علي رضا ومحمود رضا.
بعد زواج فريدة فهمي من المخرج ومصمم الرقصات علي رضا، أصبحت فريدة مهتمة كثيرا بتعليم الرقص وممارسته، كان زوجها يحرص دائما على المواظبة على تمرينها، حتى قرر الأخوين علي ومحمود رضا تكوين أول فرقة رقص شعبي في الوطن العربي وهى فرقة رضا، وكان علي هو مصمم الرقصات ومخرجها، وكان محمود رضا الراقص الأول في الفرقة ويشارك أيضًا في التصميم، ثم عرض علي على زوجته الانضمام لهم لتصبح من مؤسسي الفرقة وتصبح أول فتاة تنضم لفرقة رضا للرقص الشعبي، ومن هنا بدأت علاقة الأخوة بين محمود رضا وفريدة فهمي تزداد، وذلك بعد مشاركة فريدة لمحمود رضا عدد من الرقصات، بجانب قيامهما بالفيلم الاستعراضي الأشهر غرام في الكرنك.
أقرأ أيضا : محمود رضا .. ابن العالم الديني الذي احترف الرقص
كما قام الموسيقار علي إسماعيل بتكوين أول أوركسترا خاص بالفنون الشعبية، قام بتلحين أول رقصاتهم الاستعراضية، وقام الفنان حسن فهمي بتصميم الديكور الخاص بالرقصات الخاصة بهم، وبذلك تصبح فرقة رضا أهم وأشهر فرقة رقص شعبي في مصر وفي العالم العربي، ولم تكن بداية معرفة الجمهور المصري بـ فريدة فهمي كراقصة، ولكنها أيضا ممثلة من الدرجة الأولى، فكانت المشاركة الأولى لفريدة فهمي في السينما المصرية من خلال الفيلم العربي (فتى أحلامي) أمام العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ،.
فريدة فهمي وإسماعيل يا سين
ربما لا يعرف الكثيرون عن مشاركة الفنانة فريدة فهمي البطولة مع نجم الكوميديا الأشهر في الوطن العربي إسماعيل ياسين، فقد حصلت فريدة على بطولة واحد من ضمن سلسلة أفلام إسماعيل ياسين الشهيرة وهو فيلم (إسماعيل يس في البوليس الحربي)، ونالت فريدة إعجاب الجماهير المصرية بسبب ملامحها الرقيقة وتمثيلها البسيط الذي ملكت من خلاله قلوب الملايين، ومن أهم أعمال فريدة فهمي أفلام (فتى أحلامي عام 1957، غريبة، وساحر النساء، وجميلة، الأخ الكبير، إسماعيل ياسين في البوليس الحربي عام 1958، إجازة نصف السنة، غرام في الكرنك عام 1962، حرامي الورقة عام 1070، أسياد وعبيد عام 1978.
إقرأ أيضا : شهادة نادرة للأديب الكبير “يحيي حقي” عن “محمود رضا”
جدير بالذكر أنه قبل يومين كرم الفنان تامر عبد المنعم، مدير عام الثقافة السينمائية، مدير قصر السينما، تحت رعاية الدكتورة نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة، الفنانة القديرة فريدة فهمي، وسلمها درع الهيئة، وشهادة تقدير من وزارة الثقافة، كما سلمها تكريم زوجها علي رضا بعدما طالبت بتكريمه، وقالت الفنانة فريدة فهمي خلال ندوة تكريمها بقصر السينما: سافرنا العالم كله وعرضنا في أفضل المسارح وعملنا حفلة لجمال عبد الناصر في قصر القبة فيها 50 رئيس دولة خلال مؤتمر القمة العرببة مقدرش أنساها، كما عبرت عن استيائها لعدم تكريم زوجها الراحل على رضا في مهرجان القاهرة السينمائي حتى الآن.
أشهر أقول فريدة فهمي:
** حياتى عشتها كما أريد وقررت أن أعمل ما أحب وأن أكون صاحبة القرار فيما أفعله، فأسست فرقة رضا مع عملاقين، جعلا منى أنا الأخرى عملاقة، وهما الفنان محمود رضا، وزوجى الفنان على رضا.
** أنا شغوفة بالقراءة، وبالمعرفة فى أى مجال يثير اهتمامى، ومتابعة جيدة للتطور حتى إننى نسخت شرائط الفيديو الخاصة بأعمالنا الفنية على (سى ديهات)، والدى دائما ما كان يقول لى إن الجمال والشباب يذهبان أما العقل فلا.
** قرار التوقف عن الرقص اتخذته وأنا فى قمة شهرتى، رغم أن عمرى وقتها كان 43، لكننى كنت أتمتع بنشاط وصحة أكثر ممن حولى، وقررت التوقف أيضا عملا بنصيحة والدى، فالصحة والشباب ليسا دائمين.
** أنا مبسوطة جدا، بأنى أصبحت بيتوتية وأعيش حياة مليئة بالنشاط، فأنا أقرأ وأعمل مربى، وأسافر بين الحين والآخر، كما أننى أرسم، وأحاضر فى عدد من المدارس خارج مصر.. وحياة الوحدة لاتزعجنى إطلاقا، فقد عشت الشهرة منذ سن الـ 19 عاما.
** كنا نضحك كثيرا عندما نسمع ذلك، فالجمهور أحبنا سويا أنا ومحمود رضا، لأننا كنا شركاء فى أعمال كثيرة، وكثيرا ما كانت الجرائد والمجلات تتناولنا أنا ومحمود رضا بالفعل كزوجين.
** فن الرقص هو الوحيد الذى يستطيع أن يفهمه الجميع لأنه بلا كلام، وقد احتفت بنا كل شعوب العالم، على الرغم من أننا كنا نقوم بعروض مغرقة فى المحلية (من حيث الملابس والأغانى والحركات)، ولكننا وصلنا بالفعل إلى العالمية، خاصة أننا كنا نتميز بخفة الظل.
** أرقص الآن على فترات متباعدة لكن داخل المنزل، وأنا وحدى، وعندما ألقى بعض المحاضرات فى الخارج تطلب منى الراقصات أن أؤدى بعض رقصاتى السابقة أمام الطلبة فأرفض، وأطلب منهن أن يقمن بها وأنا أقيم أداءهن.
** كنا قديما نشعر بما نفعل، فنحن لم نكن نرقص، بل نوثق تاريخ مصر من خلال حركات فنية، جمعها محمود رضا من كل محافظات الجمهورية، لذا فإن حركاتنا وأداءنا على المسرح كان ينبع من القلب، أما الآن فالأمر مختلف، فالكل يرقص لغرض فى نفسه.
** لا توجد رقصة سهلة أو صعبة وإنما حركة مفهومة أو لا، وقد كان هناك تفاهم شديد بينى وبين محمود رضا، لذا كنت أؤدى حركاتى بسهولة، والإبداع الحقيقى هو توصيل موهبتى للجمهور من خلال الرقص، كما فعلت كوكب الشرق أم كلثوم، التى استساغت ألحان السنباطى وكلمات رامى، وتوجتهما بصوتها فكانت مبدعة.
** هذه الأجيال تفكر دائما بطريقة (هات من الآخر)، ولا يوجد فيها من يحاول تثقيف نفسه، فالكل يؤدى فقط، لكننا قديما كنا نؤمن بفكرة، وكان محمود رضا هو النقطة التى ندور حولها.
** أرى أن المرأة الآن تعيش حالة من الردة، فقديما خرجنا على تقاليد المجتمع واستطعنا تغيير واقعنا بمساندة أهلنا ومن حولنا، أما الآن فهناك عودة إلى الخلف، على الرغم من أننا كنا نتوقع الوصول للأفضل.
الرئيس السيسي يكرم فريدة فهمي
وفي النهاية لابد لي من تحية تقدير واحترام فن وذوق وشياكة الفنان القديرة فريدة فهمي ، أيقونة فرقة رضا، التي كرمها الرئيس السيسي ضمن فعاليات احتفالية تكريم المرأة المصرية والأم المثالية لعام 2022، وقد حصلت على الدكتوراه في الرقص من الولايات المتحدة في الثمانينيات، وتعتبر أحد أهم الراقصات في تاريخ الرقص الاستعراضي المصري، وكانت هى البطلة والنجمة الأولي لفرقة رضا ومن مؤسسيها مع زوجها علي رضا شقيق الفنان محمود رضا، وقد ظلت طوال مشوارها الفني نموذج مشرف للرقص الشرقي الاستعراضي ولذلك فهي ملكة في هذا الفن لأنها قدمته برقي واستطاعت أن تصنع لنفسها شكلا مختلفا في الرقص و(ستايل) لا وجود له قبلها فأصبحت أسطورة في هذا اللون من الرقص التعبيري الصادق في بلاغة آسرة.