كتب : محمد حبوشة
دماء طاهرة تأبى أرض الأديان أن تخفيها عن أعين الأبطال، وأنفس ما زالت تحيى عند ربها ترى الجنة بنعيما لم تراه أعين بشرا، ترى هل كان الجندي محمد صلاح يدرك معنى تلك الكلمات؟، ويردد بينه وبين نفه قول سميح القاسم وغناء مرسيل خليفة وهو مقبل على عمليته التي هزت أرجاء إسرائيل قبل أيام قليلة:
منتصبَ القامةِ أمشي
مرفوع الهامة أمشي
في كفي قصفة زيتونٍ
وعلى كتفي نعشي
وأنا أمشي وأنا أمشي..
قلبي قمرٌ أحمر قلبي بستان
فيه فيه العوسج فيه الريحان
شفتاي سماءٌ تمطر نارًا حينًا حبًا أحيان..
في كفي قصفة زيتونٍ وعلى كتفي نعشي
وأنا أمشي وأنا أمشي.
استشهاد المجند محمد صلاح
استشهد المجند محمد صلاح بقطاع الأمن المركزي، في عملية بمعبر العوجا الحدودي بين مصر وإسرائيل، حيث كان يقضي حراسته، خلال حادث إطلاق نيران متبادل خلال مطاردته عناصر تهريب المخدرات؛ ما أدى إلى مقتل 3 أفراد من عناصر التأمين الإسرائيلية، وإصابة اثنين آخرين، بالإضافة إلى استشهاد المجند محمد صلاح، والذي أهملت سيرته العطرة كل القنوات الفضائية تماما، وحدها فقط قناة (صدى البلد) عبر برنامج (على مسئوليتي) الإعلامي هى التي اهتمت، وفقا للتفاصيل التي أعلنها الخبير العسكري اللواء سمير فرج في تصريحاته للإعلامي أحمد موسى.
وأوضح المفكر الاستراتيجي اللواء الدكتور سمير فرج، في مداخلته الهاتفية عبر فضائية (صدى البلد) أن تأمين مصر لحدودها يصب في مصلحة الجانبين، حيث لا يستفيد أحد من التسلل عبر الحدود، من ناحيته، وكشف اللواء سمير فرج، الخبير الاستراتيجي، تفاصيل الواقعة البطولية للجندي المصري الشهيد محمد صلاح، على الحدود المصرية – الإسرائيلية، والتي راح ضحيتها 3 من عناصر الجيش المحتل بالإضافة إلى إصابة ضابطا برتية عميد رفيع المستوى.
إقرا أيضا : وائل الإبراشي: الاختيار أعاد الاعتبار للأعمال الوطنية
وطالب اللواء سمير فرج الشعب المصري الوثوق في بيانات القوات المسلحة، مشيرا إلى أنه كان متوليا إدارة الشؤون المعنوية سابقا، والذي حرص حينها على إظهار الحقائق للمواطنين بكل شفافية، وأكد سمير فرج أن حادث الحدود الشرقية مع إسرائيل سبب لهم حالة من اللاوعي، وحتى الآن لا تعلم إسرائيل ماذا تقول فيما حدث لهم من خسائر في الجنود؟، لافتا إلى أن بين مصر وإسرائيل 3 معابر، (العوجا – إيلات – رفح) والعوجا هو أخطرهم؛ لأن محاولات التسلل تتم من خلاله والذي يستخدمه المهربون في عملياتهم، خاصة أن الحدود بين البلدين تصل لـ 200 كيلومتر تقريبا، ويوجد فيها 3 معابر.
بطولة الشهيد محمد صلاح
ونوه سمير فرج، أن بداية قطة البطولة للجندي المصري الشهيد محمد صلاح، بدأت خلال وقوفه في خدمته لتأمين الحدود المصرية من المهربين، وفي تمام الساعة 4 فجرا تقريبا رأى عناصر من المهربين وتسلل خلفهم، وهناك جندي وجندية في البرج ونزلا منه للتعامل مع الشهيد الجندي المصري وأطلقا عليه النيران، ولكن الشهيد محمد صلاح قتل الجنديين الإسرائيليين، وذلك وفقا لرواية إسرائيل، وتابع الخبير الاستراتيجي أن الجانب الإسرائيلي يعشق خدمات الأبراج العالية، عكس نظام التأمين المصري على الحدود، التي تكون في هيئة النقط مستوية بسطح الأرض في شكل (حفر) مجهزة، ويكون لدى الجندي المصري معداته الخاصة من الأسلحة، الأجهزة اللاسلكية والذخيرة، علاوة عل وجود نقاط سرية مخفية لا يمكن لأي شخص اكتشافها بسهولة.
إقرأ أيضا : “الاختيار” يرفع الروح المعنوية لأسر شهداء بئر العبد
واستكمل فرج قائلا: الجندي المصري الشهيد محمد صلاح أحس بوجود قلق في النطاق القريب منه، وقد خرج من الحفرة الخاصة به حاملا معه سلاحه وذخيرته، وتابع وراء المهربين، وحينما شاهد الجنديان الإسرائيليين الجندي المصري، نزلا من البرجين أطلقوا عليه النار، خاصة وأن تبادل إطلاق النار كان بين الجنود والمهربين والشهيد البطل، وبعد انتهاء العملية أعلن الإعلام الإسرائيلي أن مجموعة المهربين وجد بحوزتهم نحو 400 ألف دولار عبروا بها الحدود من دون الكشف عن أي معلومات أخرى.
وفي إطار بطولة الشهيد المصري محمد صلاح، قال اللواء سمير فرج: في ظلام دامس قتل جنديين إسرائيليين، وهذا يوضح كفاءة الجندي المصري وقدرته على التصويب، ولديه روح معنوية عالية، موضحًا أن الجندي المصري محب لوطنه، لذا رفض الرجوع ووقف كالبطل أمام الجنديين الإسرائيليين، وعلق الخبير الاستراتيجي قائلا: الشهيد الجندي المصري محمد صلاح أثبت أن الجيش الإسرائيلي لا يساوي شيء، كما وأن الحادثة بمثابة (فضحية داخل الجيش الإسرائيلي)، كاشفا أن الجيش الإسرائيلي سيتخذ مجموعة من الإجراءات بعد حادث الشهيد محمد صلاح، للحد من تسلل المهربين، ومن بينها زيادة الكاميرات وأبراج المراقبة على الحدود مع مصر، وهذا سيحدث أيضا من قبل القيادة المصرية.
محمد صلاح أصاب عميدا
ونوه سمير فرج أن البطل المصري الشهيد محمد صلاح أصاب عميدا في الجيش الإسرائيلي رفيع المستوى، بالإضافة إلى مقتل 3 عناصر، الأمر الذي أحدث قلقا في الجيش بعد مقتل جنديين على الحدود، مما دعا الحكومة بقيادة نتنياهو رئيس الوزراء إلإسرائيلي يصف في رعونة وعدم حكمة الحادث بالعمل الإرهابي، واختتم الخبير العسكري قائلا: كيف سيقنع نتنياهو الإسرائيليين أن جندي مصر قتل 2 وأصاب آخر بـ 100 طلقة رشاش فقط؟، مشددا على أن وزير الدفاع الإسرائيلي في موقف سيء جدا، دعاه لطلب التنسيق مع وزارة الدفاع المصرية للتشاور بشأن الأزمة، وكان هذا اليوم هو يوم حزين على كل إسرائيل أشبه بيوم العبور لقناة السويس، مؤكدا أن إسرائيل أصدرت قرارا متسائلة: أين المهربين وأين جثثهم إذا تم قتلهم؟.
إٌقرأ أيضا : المصريون والفلسطينيون يذرفون الدمع على “منسي”
كان ينبغي على قنواتنا الفضائية تغطية الحدث بما يليق ببطولة محمد صلاح بدلا من ترك القنوات الإخوانية تخوض في الأمر على هواها وما يوافق رغبتها في الحدث سلبيا عن الجيش المصري، كما كان ينبغي رصد رد فعل أهالي منطقة عين شمس حول منزل المجند الشهيد محمد صلاح، حيث شهدت الشوارع المحيطة بالمنزل حضور عشرات المواطنين، معظمهم من عين شمس وبعضهم من مناطق مختلفة بمحافظتي القاهرة والقليوبية، إلا أن معظم المشاركين كانوا من أقارب محمد صلاح وأصدقائه الشباب، وشهدت الشوارع الجانبية المحيطة بمنزل أسرة الشهيد محمد صلاح، تواجدا لبعض الجيران الذين وقفوا لتبادل العزاء مع بعضهم البعض، وأخذوا في ذكر مناقب محمد صلاح والترحم عليه، ووصفوه بـ (الشهيد والبطل). كما علق عدد من الجيران لافتة متوسطة الحجم على عقار بمدخل الشارع الذي كان يسكن فيه، تحمل صورة محمد صلاح، مكتوبا عليها: (فرحين بما آتاهم الله من فضله).
ولدى سؤال يفرض نفسه لماذا لم تتحرك القنوات الفضائية وتجرى حوارات حية مع أهل الشهيد محمد صلاح وأهل منطقته الذين وقفوا في جنازته وهم يعددون مناقب هذا الشهيد البطل؟، الذي شغل الرأي العام المصري والفلسطيني والكيان الصهيوني والعالم بأكمله، وحتى بعد أن تصدرت واقعة مقتل 3 جنود إسرائيليين وإصابة رابع برصاص الشرطي المصري محمد صلاح عند معبر العوجة الحدودي، منصات التواصل العربية، وسط احتفاء شعبي واسع رغم تضارب الروايات الرسمية بين الجانبين المصري والإسرائيلي بشأن الواقعة.
كما كان ينبغي أن تركز القنوات الفضائية بدلا من غراقها في براثن التفاهة، وأن توضح الدلالات والإشارت حول عملية الشرطي المصري التي أربكت كيان الاحتلال وأوضحت أن صورة (الردع الإسرائيلي) تضعف بتأكيد إعلامه.. أي دلالات حملتها هذه العملية الفدائية؟ ولماذا الارتباك في الرواية الإسرائيلية؟
دلالات عملية محمد صلاح
فبحسب وسائل إعلام الاحتلال الإسرائيلي: فيما كان (جيش) الاحتلال الإسرائيلي يقوم بمناورة متعددة الساحات، تحت اسم (القبضة الساحقة)، وجه الفدائي المصري محمد صلاح، قرب معبر العوجة على الحدود المصرية، ضربة مؤلمة ومحرجة للاحتلال على المستويين السياسي والعسكري، وقد استطاع رجل أمني مصري تجاوز الحدود، وتخطى كل الإجراءات، وقتل جنديين إسرائيليين، قبل الاشتباك مجددا مع قوة إسرائيلية وقتل جندي ثالث منها، ليصدع بذلك صورة الجيش الإسرائيلي.
وعلى حد قول معلقين إسرائيلين: فقد جاءت هذه الضربة قاسية، وفي ساحة غير متوقعة، وأظهرت أن هذا (الجيش) يعاني فشلا كبيرا، وخطرا في منع التسلل، ما دفعهم إلى التحذير من أن هذا النوع من العمليات هو جزء من تآكل (الردع) الاسرائيلي وضعف صورته، ودفعت هذه العملية، التي (لا تحتمل نتائجها) كبار الخبراء والمعلقين الأمنيين في كيان الاحتلال إلى طرح (الأسئلة الصعبة)، والدعوة إلى التحقيق في هذا الفشل المريع للجيش، إذ تظهر عمليات كهذه الفجوة الكبيرة بين واقعه على الأرض، وبين التمنيات والادعاءات بشأن كفاءته وجاهزيته.
ووفق صحيفة (معاريف) فإن خطة الشرطي المصري التي نجحت بالرغم من بساطتها، بينت انهيار منظومة الدفاع لجيش الاحتلال الإسرائيلي في القطاع تماما، وتسببت بنتائج (مؤلمة)، وقد رأى الإعلام الإسرائيلي أن هذه العملية كشفت نقطة ضعف يمكن أن تفرض على (الجيش) تغيير عقيدته، وعلى حد قول محلل الشؤون العسكرية في صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية، عاموس هرئل: إن (نيران الشرطي المصري، التي قتل فيها ثلاثة جنود، ستفرض على الجيش الإسرائيلي استبيان ما إذا حدث تغيير نحو الأسوأ في القطاع، ما سيتطلبه من انتشار قوات مختلفة، وتخصيص موارد إضافية وتحسين القدرات الاستخبارية).
وصفت إسرائيل محمد صلاح بالمجنون
هرئل وصف الحادثة بـ (غير العادية والخطيرة، سواء في ظروفها أو في نتائجها القاتلة)، مشيرا إلى أن (الحادثة ستفرض تحقيقا عسكريا معمقا، سواء لتحديد مكامن الخلل التي مكنت محمد صلاح من التسلل، أو لإعادة فحص عقيدة الدفاع على طول الحدود، التي سادها الهدوء النسبي ووضعها في أسفل سلم أولويات الجيش الإسرائيلي، في تخصيص موارد وقوات، ولفت إلى أن حوادث كهذه، تبرر عادة بأن شرطيا (أُصيب بالجنون) – بحسب وصفه الأحمق – وفتح النار من تلقاء نفسه، لكنه رأى أن الوضع مختلف هذه المرة.
ألم يلفت نظر قنواتنا السابحة في فضاء الفوضى والعشوائية ما قالته وسائل الإعلام الإسرائيلية حول هذا الحادث ودلات وقعها على العدو الإسرائيلي، والرد على مزاعم صحيفة (معاريف) الإسرائيلية التي قالت: إن حادثة إطلاق النار على الحدود المصرية الفلسطينية، هجوم مخطط له من قبل الشرطي المصري محمد صلاح، الذي الذي دخل (إسرائيل) على ما يبدو عبر ثغرة معروفة في السياج، استخدمها كنقطة ضعف، ومن ثم أتاحت له الاقتراب الشديد من موقع الجيش الإسرائيلي وفتح النار من مسافة قريبة جدا.
ولفتت الصحيفة إلى أن (الجيش يعاني من فشل جسيم وخطير في منع التسلل إلى الداخل، والطريقة التي كان من المفترض أن يكون عبرها جاهزا للتعامل مع الهجوم المفاجئ)، وتابعت أنه: في هذا الهجوم الخطير، لم يقتصر الأمر على حسم المسألة من قبل الجندي المصري، بل إن مفهوم الدفاع بأكمله فشل أيضا في الاختبار الحقيق، وبحسب الصحيفة، يتبين أن طلقات الشرطي المصري على المقاتلين في الساعات الأولى من الصباح سمعت في القطاع، لكن تم التعامل معها على أنها رصاصات روتينية في العمق المصري، بالإضافة إلى العلاقة بين إطلاق النار الذي سمع والموقع المعزول الذي لم يستجب للاتصالات، وجاء متأخرا لساعات.
مثل تلك التصريحات كانت تتطلب تحليللا سياسيا معمقا من جانب قنواتنا الغراء عن تداعيات ما حدث في العوجا، وتقديم تفسير يقبل العقل والمنطق من جانب قنوات تفرغات لملاحقة ترندات الحمقى وتصريحيات المذيعات اللائي يتمتعن بقدر من التفاهة في مضمار الهوس والتباري في الانتقاص من المرأة والرجل على حد سواء.. لله الأمر من قبل ومن بعد، ولمصر التي لاتستحق كل هذا الهراء، الحب والتقدير والاحترام، ولا وفق الله السفهاء من بعض أبنائها من الإعلاميين.