نكشف عن أوبريت مصري نادر للراحل محمد جمال
كتب : أحمد السماحي
محمد جمال المطرب اللبناني جميل الصورة، عذب الأداء، ساحر الألحان، الذي ملأ الدنيا غناءا وشدوا، رحل عن حياتنا يوم الخميس الماضي عن عمر يناهز الـ 89 عاما، عندما تستمع إلى صوت محمد جمال تشعر إنه ينتشلك من همومك، وتشعر مع إيقاع صوته كأنك صرت إنسانا جديدا، فكان صوته كتلة من الأحاسيس المرهفة، والمشاعر الفياضة الجياشه، قدم على مدى مشواره الطويل حوالي 300 أغنية تنوعت ما بين الطقطوقة، والديو، والأغنية الخفيفة، والموشح، والقصيدة.
جمع محمد جمال قلوب الجماهير العربية حول أغنياته فمن منا ينسى (أنت والرقص، قسم شرقي بلدي، الليلة الليلة رايح لأبوكي الليلة، لما ضحكتي ضحكتينا، يفرجها الله، بدي شوفك كل يوم يا حبيبي، هل تعلم أم هى لا تعلم؟، آه يا أم حماده، قسم شرقي بلادي، ماعندي مال أعطيك عندي هالقلب، سيارته أكبر، بيغفي الليل، يسعدني صباحو، كنا أنا وانتي، مزيكا يا مزيكا، رحتى رحتي، وصلوني وراحوا، بردى بردى، حملتك سلامي، المطارات، سألت عني، يا جمال) وغيرها من روائعه الغنائية.
محمد جمال وسلوا قلبي
بدأ محمد جمال أو (جمال الدين محمد تفاحة) مشواره منذ الطفولة، حيث نشأ في بيت محبا للفن والغناء، فكان يغني لزملائه في المدرسة بعض مما يسمعه من خلال راديو البيت، وفي هذه الفترة كان والده يمتلك محلا لتصليح وبيع الآلات الموسيقية، كما كان مدربا للعزف على الآلات الموسيقية ويمتلك هواية الإلمام بالأجهزة الالكترونية فصمم بنفسه إذاعة خاصة صغيرة تبث في مدينة طرابلس اللبنانية، وعندما بلغ عمر ابنه عشر سنوات جعله يغني قصيدة (سلوا قلبي) لكوكب الشرق أم كلثوم أمام ميكروفون الإذاعة، ونال إعجاب كثير من الملحنيين والشعراء والمطربين.
إقرأ أيضا : في ذكراه الخامسة: نكشف قصائد (فاروق شوشة) المجهولة للمطربين العرب
في عام 1949 سافر الأب إلى دولة العراق وأخذ معه ابنه (جمال) وابنته (فاتن) للغناء في العراق وظلوا هناك لمدة عام تقريبا، وفي تلك الفترة كان (جمال) قد تعلم عزف العود والمقامات الشرقية على يد والده، وبعد حصوله على شهادة في هندسة الكهرباء من مدرسة الصنائع ذهب إلى شركة الكهرباء للحصول على وظيفة، ولكنه لم يجد عملا فتوجه إلى الإذاعة اللبنانية ولحن أغنيتين وقام بغنائهما، وأعجب الموسيقار حليم الرومي بألحانه، ولكنه نصحه بالتلحين دون الغناء، ولكن الفتى الواثق من موهبته أصر على الغناء فتم قبوله كمطرب وملحن في الإذاعة اللبنانية حيث افتتح مسيرته بلحنين هما (قالولي أهل الهوى، وأسمر يا شاغل بالي) .
محمد جمال وحلمي رفلة
وأثناء وجود المنتج والمخرج الشهير (حلمي رفله) في لبنان في منتصف الخمسينات أعجب بوسامة وصوت محمد جمال وطلب منه النزول معه إلى القاهرة حيث أشركه عام 1956 في بطولة فيلم من إخراجه بعنوان (الأرملة الطروب) قصة وحوار أبوالسعود الأبياري، وبطولة (كمال الشناوي، ليلى فوزي، عبدالسلام النابلسي، زينات صدقي)، وفي هذا الفيلم غنى أغنية كانت الإذاعة ترددها كثيرا وهي (آهين يا ناس) من ألحانه وتأليف فتحي قوره يقول مطلعها :
آهين يا ناس وآه ياني
على الدنيا اللي ناسيني
نهاري يبان أقوم من النوم
ويجيي الليل أنام تاني
آهين يا ناس
محمد جمال وطروب
بعد انتهاء محمد جمال من تصوير فيلم (الأرملة الطروب) وعرضه بنجاح رجع إلى لبنان، وفي عام 1957 وأثناء وجوده في حفلة للمطرب الكبير وديع الصافي تعرف على المطربة طروب وتزوجا وكون معها ثنائيا فنيا، وبعد حدوث الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958 نزل هذا الثنائي إلى مصر واستغل المذيع جلال معوض المسئول عن حفلات (أضواء المدينة) جمال اللون الغنائي الذي يقدماه وقام بإشراكهما في كل حفلات أضواء المدينة سواء في محافظات مصر أو الدول العربية، وخلال مدة زواجهما التى استمرت حوالي سبع سنوات قدم هذا الثنائي العديد من الأغنيات الثنائية الشهيرة مثل (اطلبي واتمني، سامعة دقة قلبي، أنا مسكين، من فضلك يا ست البيت، قول كمان، أنا شفتك فين قبل كده، يا ختي عليها) وغيرها من الأغنيات الفردية لكل منهما، فضلا عن قيامهما ببطولة فيلم (هـ 3) بطولة (رشدي أباظة، نجوى فؤاد، ماهر العطار) وغيرهم.
محمد جمال وعزيزة ويونس
من الأعمال المجهولة التى قدمها محمد جمال في مصر عام 1959 والتى لا يذكرها أحد بما فيهم المطرب نفسه الأوبريت الإذاعي (عزيزة ويونس) تأليف محمود بيرم التونسي، تلحين الشيخ زكريا أحمد، إخراج عثمان أباظة، الذي طبع على شريطين كاسيت، ويتحدث عن الصراع بين أبو زيد الهلالى سلامة، ودياب ابن غانم، وقصة الحب الشهيرة بين السفيرة عزيزة ويونس.
وقام بالبطولة الغنائة في هذا الأوبريت كلا من (صباح، ومحمد جمال)، وقام بالتمثيل كوكبة من النجوم هم المطربة صباح فى دور(عزيزة)، صلاح منصور (يونس) تمثيلا، محمد جمال غناءا، محمد علوان (مرعي)، عمر الحريري (يحيي)، محمد الطوخي (أبوزيد)، رفيعة الشال (أم علام)، عايدة كامل (سعده)، نادية السبع (فوزية)، محمد السبع (السلطان حسن بن سرحان)، كمال ياسين (دياب بن غانم)، فؤاد شفيق (القاضي يحيي)، لطفي الحكيم (الزناتي خليفة)، عبدالعزيز خليل (السلطان الوهيدي).
إقرأ أيضا : نور الهدى .. رفضت الرقص مع الملك فاروق فأهداها لوحة
وفي هذا الأوبريت الذي يعتبر من روائع الأدب الشعبي قدم محمد جمال مجموعة من الأغنيات الرائعة، مثل: (تونس خضراء، فارس من الفرسان، يا حبيبتي) وغيرها فضلا عن أكثر من (ديو) غنائي مع المطربة صباح مثل (من أول يوم آسرتينا من أول يوم)، و(يا دليل الحي).
محمد جمال وغرام المهرج
ظل محمد جمال في مصر حتى عام 1964، بعدها عاد إلى لبنان ومارس نشاطه الفني، وقدم العديد من الأفلام اللبنانية والسورية والمصرية المشتركة مثل (شروال وميني جيب، نساء للشتاء، غرام المهرج، مهمة رسمية)، فضلا عن مجموعة من المسلسلات الدرامية، والأغنيات العاطفية.
في أواخر عام 1981 هاجر محمد جمال بسبب ظروف الحرب الأهلية في لبنان إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث افتتح مطعما في مدينة لوس انجلوس بولاية كاليفورنيا أسماه (الجندول) بقرب ديزني لاند، وكان يغني فيه يوميا، وفي عام 1984 أغلق هذا المطعم، وعاد إلى لبنان حيث قام بنشاط فني ملحوظ بين عامي 1984 و1986حيث قدم عام 1985 أغان جديدة منها (عالشوق بعتللك، زينه الملامح، من دنيا عيونك، قلتلا بحبك، هلا لا لا ليا).
بعدها ترك لبنان، وسافر إلى الولايات المتحدة مجددا، وافتتح عام 1986 مطعما جديدا اسماه (بردى) واستمر يقدم فنه للجاليات العربية في أمريكا وكندا عبر جولات فنية في الولايات الأمريكية والكندية، وفي بداية التسعينات أخذه الحنين إلى لبنان، فعاد وقدم عدة حفلات وقدم أغنيتين هما (بجناح الطير طيرتلك رسالة) والثانية (يا نسيم الليل سلم عالحبايب).
ثم سافر مجددا إلى مدينة لوس أنجلوس في ولاية كاليفورنيا بعد وباع مطعمه، واعتزل الغناء في الحفلات، واقتصر غناؤه على المناسبات، حتى وافته المنية عن عمر ناهز الـ 89 عاماً يوم الخميس الماضي 25 مايو، بعد يوم واحد من الاحتفال بعيد ميلاده يوم 24 مايو .. رحم الله المطرب جميل الصورة والصوت محمد جمال.
لينك أغنية قسم شرقي بلدي :