إحسان عبدالقدوس : إليزبيث تايلور تافهة، ولا تقاطعوا عمر الشريف!
كتب : أحمد السماحي
إحسان عبدالقدوس ، كان له دورا بارزا في السينما المصرية، وذلك عن طريق الأفلام التى أعدت عن قصصه ورواياته، والتى شارك في كتابة السيناريو أو الحوار للكثير منها، وأفلام سينما إحسان عبدالقدوس أخرجها عدد محدود نسبيا من المخرجين، فأكثر من نصف أفلامه من إخراج (صلاح أبوسيف، وحسين كمال، وحسام الدين مصطفى، وأشرف فهمي، وأحمد يحيي)، وهذا يعني أن الكاتب لم يكن يتعامل مع أي مخرج يقترح عليه إخراج أحد أعماله، وإنما يتعامل فقط مع من يثق في قدرتهم على استيعاب عمله، والتعبير عنه بصورة جيدة.
إقرأ أيضا : في ذكرى رحيله نكشف عن بطولة إحسان عبدالقدوس لفيلمه (لا تطفئ الشمس) !
وسينما إحسان عبدالقدوس كما يراها الناقد السينمائي المبدع سمير فريد : (تعبر عن المراحل المختلفة التى مر بها المجتمع المصري من الخمسينات إلى التسعينات، فهو نموذج للكاتب الذي يتفاعل مع المجتمع على نحو مباشر، وربما كان هذا التفاعل الحي هو ما جعل نقاد الأدب لا يهتمون بقصصه ورواياته، ويعتبرونها من الأدب الصحفي، إذا جاز التعبير، فهو ليس أديب، وإنما صحفي أيضا، وصحفي سياسي كان له دوره في التمهيد لثورة يوليو 1952، وفي تأكيد وجودها، وفي نقدها بعد ذلك).
حوار إحسان عبد القدوس للكواكب
عام 1963 سافر إحسان عبدالقدوس إلى لندن، وبعد عودته أجرى الكاتب الصحفي عبدالنور خليل حوارا مطولا معه في مجلة (الكواكب) في شهر سبتمبر، ننشر منه جزء بسيط يتحدث فيه عن رؤيته لفيلمي (كليوباترا، ولورانس العرب) وزيارته للنجم العالمي عمر الشريف، فإليكم أعزائي نص ما دار في الحوار.
* ماذا فعلت في لندن؟ أقصد ماذا رأيت؟
** عندما وصلت كان عرض فيلم (كليوباترا) قد بدأ، وصلت بعد بداية عرضه بيومين، وحرصت طبعا على أن أراه، ورأيت أيضا فيلم لورانس العرب، وكلا الفيلمين له علاقة بنا، وبفترة من تاريخنا، وأنا أعتقد أن (لورانس) فيه دعوة مقنعة للوحدة العربية، فهو يتحدث عن فترة من تاريخنا، ويكشف جانبا من أساليب الاستعمار البريطاني، وإن كان في الفيلم مساس بنا نحن العرب، فأنا أعتقد أننا قد قلنا عن بعض أكثر مما جاء فيه، بل هو يصف فترة نحن ثائرون عليها من التاريخ العربي، ولابد أن نعرف و نرى كيف يتحدث عنا الغير، لهذا فأنا لست من أنصار منع عرض هذا الفيلم، بل أنني أطالب بأن نتولى الرد عليه بفيلم ضخم ملون لا يقل عن (لورانس) فخامة إذا كنا شطارا!.
إقرأ أيضا : نكشف رأي إحسان عبدالقدوس في (فاتن، ولبنى، ومريم، وسميرة، وزبيدة، وزيزي)
ورأيي فيما يتصل بفيلم كليوباترا هو نفسه، أننا يجب أن نرى الفيلمين، ولا يجب أن نمنع عرضهما عندنا ونحرم جمهورنا من مشاهدتهما بأي حجة من الحجج، و(كليوباترا) فيلم جيد، وحرام أن نحرم جمهورنا من رؤيته لأن ممثلته الأولى (إليزبيث تايلور) لها ميول صهيونية ونحن نقاطعها، أنها لا تستحق في نظري أن نلتفت لها، فهي تافهة جدا كفنانة وكسيدة!، وقد نشرت رأيي بالتفصيل في الفيلم هنا في (الكواكب).
أما (لورانس) فهو بحسب إحسان عبد القدوس قصيدة شعر، سيمفونية ممتازة، لوحات رائعة تجل عن الوصف، وحرام ألا نستمتع به، ونجمنا العربي عمر الشريف برز فيه كممثل، وأحيط بعناية كبيرة، وكان دوره منذ لحظة ظهوره الأولى مقدما تقديما ممتازا، وإن كان الدور نفسه جامدا غير متلون، ولم يساعد عمر على الانطلاق في تمثيله، ألا أنه في رأيي قد أفاده كثيرا جدا، ووضعه بين صف ممثلي العالم الممتازين.
إحسان عبد القدو س وعمر الشريف
* هل قابلت عمر الشريف؟
** يقول إحسان عبد القدوس : ويبدو أنني لم افاجئه بالمقاطعة إذ أجابني على الفور: طبعا وقضيت معه يومين في باريس حيث كان يعمل في آخر أفلامه مع جريجوري بيك، وأنتوني كوين، وأصر على أن يصطحبني معه إلى الاستوديو، ولكنني لم أكن أملك الكثير من الوقت، وما أعجبني منه هو أنه يعطي عمله كل دقيقة من وقته، وينفق كل قرش يكسبه في تنمية هذا العمل وتقويته، أنت تعلم أن الفنان في مثل هذا الجو يجب أن يعتمد على صلاته المتعددة بالناس المهيمنيين على صناعة السينما هناك، وقد أسعدني أن أجد عمر فطن جدا، وذكي جدا فيما يتصل بهذا العمل، أنه لا يقضي وقته إلا مع المخرجين الكبار والنجوم الذين نسمع عنهم.
* هل لمست من عمر أنه يضيق كما يتردد بعروبته أو يتنكر لها؟!
** أعوذ بالله أقول لك بصراحة: أنا فخور بعمر الشريف!، إنه مثال للشاب العربي المخلص لبلده ولعروبته، تصور أننا كنا نجلس بين عدد من رجال السينما، وأكثرهم من الأمريكيين، وكنا نتحدث بالعربي لساعات ولم يحفل عمر بالضيق الذي كان يبدو عليهم، ولا أقام وزنا لشيئ إلا أنه مع واحد من أبناء بلده، تربطهما ذكريات الوطن، وطوال الوقت أحسست أنه يشعر بالكرامة لأنه عربي، ولأن العناصر المعادية للعرب تعاديه، وتناصبه العداء.
وكلنا يعلم أنه لم يفز بالأوسكار لأنه حورب حربا عنيفة، وأنا شخصيا لا أقر أن يهاجم عمر الشريف ويتهم في عروبته، فهو فنان عربي كل نصر يسجله يسجل لنا معه فخرا لأن واحدا من أبنائنا استطاع أن يشق طريقه بين نجوم العالم، ولقد قال لي عمر الشريف أنه عائد في أكتوبر، وأنه سيبقى فترة يسعده فيها أن يمثل فيلما عربيا يخدم تقدم السينما في بلادنا ويحقق لها الرواج الدولي، إذا كان قد كسب لنفسه جمهورا بين متفرجي العالم.