بقلم الشاعر الكبير : إبراهيم رضوان
إلي كل الذين صدموا من مذكراتي، أو ذكرياتي مع محمد منير ، الذي صدق أنه ملك، كما أقنعوه بذلك، أقول لهم: لو جمعت ما كتبته بقلم الحب عن منير في الفترة التي كان فيها صديقي و كان يغني خلالها بشكل طبيعي بعيدا عن النفسنة، كنت سأحتاج إلي أكثر من ديوان في جميع أعياد ميلاده ومناسبات أخري، كنت أكتب له أحلي الأشعار، الغريب في الأمر أن الفنان (محمد نوح) كان يفرح جدا، عندما يقرأ أشعارا عن منير، ويقول لي: (هى دي الأصاله اللي بيفتقدها الوسط الفني).
أتذكر أن آخر سداسيه كتبتها عنه في أحد أعياد ميلاده، كانت تقول :
يا كنج..يا بلال الغنا الحقاني..
إرعش في الوتر
واسبق في راكبين الجحوش العوجه..
فوق سكك العرج
بكره إذا طال الجفاف يا حبيبي..
ها يهل المطر
وها يبعت الرحمن لنا وياك.
يا صاحبي في الفرج
ما تنامش..قوم الفجر..
قول للقلقانين التعبانين
قلب الوطن مجروح..
و انا نازف غنايا سنين معاه
عازف بنبض عروقي..
نازف شوقي في بحر الحنين
و ما زلت ناوي يكون غنايا..
أو منايا لمنتهاه
عصافير علي أشجار حياتي..
رعشني من صوتها الأنين
و كتير كتير من أهلي..جوه الدنيا..
مش عايشه الحياه
مهر النغم يا حبايبي..رغم غنايا..
قرب م الخطر
و السر..لو طالت ليالي العتمه..
راح نلقاه..خرج
إقرأ أيضا : إبراهيم رضوان يكتب: أنا ومحمد منير.. مطرب جديد.. جاء من النوبة (4)
هكذا كنت أحبه وأحترمه، معظم عشاقه حزنوا جدا عندما غني من كلمات و ألحان (أبو حفيظه)، ثم اكتشف الجميع، أن الأغنيه مسروقة بالنسبة للكلمات، واللحن، لماذا غضب محمد منير، عندما علم أنني حزين من هذه الجريمة التي ارتكبها في حق نفسه وحق جمهوره الذي كان عريضا، هل كان يرضي مثلا أن أتركه و أكتب لشاكوش ثم أدافع عن ذلك؟!
لن أتعامل مع محمد منير
أذكر أنني نشرت بيانا أعلن فيه، أنني لن أتعامل مع محمد منير نهائيا، و سأتركه لأبو حفيظه ومبروك سعيد بمسعده، لكن الصديق الحبيب (أحمد السماحي) كتب لي علي الخاص : (أرجوك، احذف ما كتبته عن منير، حتي لا يصطاد أي أحد، في المية العكرة)، وحذفت ما كتبته.
ويبقي السؤال حائرا: هل من الممكن أن تعود المياه بيني وبين محمد منير مرة أخري؟!، أجيب على من سألني وأجيب علي نفسي: لا يمكن ولن أسمح لنفسي بذلك، لأن منير أصبح غير قادرا علي احترام أي أحد!، خصوصا من لعبوا دورا في نجاحه، ليتني أعرف السبب، وهل يوجد مرض نفسي له هذه الأعراض، بحثت عن شخص واحد كتب أو لحن لمنير عملا ناجحا، وما زال منير علي علاقة به فلم أجد! .
إقرأ أيضا : إبراهيم رضوان يكتب: أنا ومحمد منير.. واحد ومات (6)
وكلما يسأله أي أحد عنهم يقول: (الجماعه التقدميين دول خلاص راحت عليهم.. أنا عايز أغني صح!)، محمد منير وللأسف الشديد لا يغني صح هذه الأيام ولا يحترمه كل الذين قدموا له أعمالا ناجحه، لأنه أيضا لا يحترمهم ولا يرد علي تليفوناتهم، فامتنعوا عنه.
كنت في بعض الأوقات أشعر بالحنين لسماع أغنية جديدة من أغنياتي الكثيره بصوته، مؤمنا بأنني الوحيد القادر على إعادة محمد منير لجمهوره وإعادة جمهوره له، لماذا؟، لأنني الشاعر الوحيد الذي تفرغ له عندما يزداد الحنين وتمنعني كرامتي من الاتصال به، أتصل بأحد الملحنين الذين لعبوا دورا في مسيرته الناجحة، وأقول له : (عندي لك أغنية ممكن تعيد منير تاني لجمهوره)، يقول لي : (يا ريت، أرسل له الأغنية أستمع إلي اللحن شئ مذهل) أسأل هذا الملحن: (هاتقابل منير امتي علشان يسمعها؟!)، فيجيب هذا الملحن: (منير مين؟!هو أنا اتهبلت، واللا ما عنديش كرامة، علشان أعرض عليه لحن جديد، إن شالله ما غناها، لو فيه لسه سكه بينكم خدها واعطيها له وأنا مش عايز منه حاجه، و لا عايز أقابله!).
أساتذة محمد منير
هكذا وصلت العلاقه بين محمد منير وكل أساتذته، أقول أساتذته لأن كل من ساهم في نجاحه يعتبر أستاذا له، الكل يعرف ذلك إلا منير نفسه الذي ما زال يلبس تاج الجزيرة السلطانية! مرة كتبت من وحي منير أغنية تقول:
خمس دقايق محتاجك .. أرسم مراكبى فى أمواجك
أنا الملك .. لكن ريقى .. يا حبيبتى ها يلمع تاجك
خمس دقايق مش أكتر .. من فرع رُمانك أفطر
يا اللى الملك عايز ييجى .. من شَهد رِيقك يتعطر
سيبى على كتفى عبايتك .. أنا طيرى لايف على طيرك
واقف حرس على باب بَيْتِك .. وعنيّه ما شافت غيرك
قلبى يمام منقوش ريشُه .. ولا حد عنك هايحوشُه
خمس دقايق مش أكتر .. من فرع رُمانك أفطر
يا اللى الملك عايز ييجى .. من شَهد رِيقك يتعطر
لما القمر ليكى بينزل .. أنساه وابص بشوق ليكى
الكل فيكى بيتغزل .. يا اللى الجميع مجنون بيكى
يا مرحلانى لأحزانى .. يا جايّه من كوكب تانى
خمس دقايق مش أكتر .. من فرع رُمانك أفطر
يا اللى الملك عايز ييجى .. من شَهد رِيقك يتعطر
أرجع صبى لو حطيتى .. إيدك برعشه على اكتافى
غطيتى روحى وخطيتى .. على بيتى بالحضن الدافى
يا بَلَّه ريقى بهمساتك .. صوتى صبح يشبه صوتك
خمس دقايق مش أكتر .. من فرع رُمانك أفطر
يا اللى الملك عايز ييجى .. من شَهد رِيقك يتعطر
خُوخه بتحضن فى التوته .. والحسن زايد عن حَدُه
البدر شافك حدوته.. الدمعه نزلت على خَدُه
يا اللى صالحنى الله بيكى .. فى عنيّه بان ضىّ عنيكى
خمس دقايق مش أكتر .. من فرع رُمانك أفطر
يا اللى الملك عايز ييجى .. من شَهد رِيقك يتعطر
كنت متفرغا لـ محمد منير
هكذا كنت متفرغا لـ محمد منير لدرجة أنني كتبت عنه كتابا بعنوان (حدوتة مصرية)، وقدمته للدكتور (سيد غيث) لطبعه في دار (الأديب للنشر) لكني سحبته فورا، بمجرد أن تأكدت أن منير يحاول إهانة كل من رفعوه إلي السماء، وأحرقت الكتاب، حيث ضرب منير علاقته بكل من قدموا له ورده عرض الحائط!، كما فعل في ورثة (أحمد منيب)، و(عبد الرحيم منصور)، وكما سيفعل مع ورثتي!
منير تركني وترك فؤاد حداد و صلاح جاهين و عبد الرحيم منصور ومجدي نجيب ليغني لكل أمة لا إله إلا الله: (ما تروحشي تبيع الميه، في حارة السائقين، علي مين علي مين علي مين)، و(آه يا اسمراني اللون)، و(أنا علي الربابه بغني) لوردة التي قال عنها أنه هرسها (بج…)!
وغنى أيضا (خلي السلاح صاحي) لحليم الذي لن يتكرر، والذي لم يسلم من لسانه أيضا، لذلك أنصح كل من تعامل مع منير، ألا يقترب منه، الزجاجة فيها سم قاتل!!
ومن الذي قال أن محمد منير يحب النوبة، يتكلم بلهجتهم، نعم، يأخذ من تراثهم بعض الألحان التي يكلف بعض الشعراء بكتابة كلمات جديدة على اللحن، كما فعل معي عندما كتبت له مجموعه من الأغنيات مع الألبوم الذي كان به أغنيتي (الناس نامت إلاك)، ونسبها لشاعر آخر لأنني تكلمت معه عن أجري.
وعندما استولي علي أغنية لي تقول:
أنا جيلك واسرج قناديلك
لما الله يريد
واناديلك و أسمع مواويلك
لما الله يريد، وأما الله يريد، إلخ
أخذها و كلف أحد الذين يتعاملون معه بكتابتها بعنوان (ربك لما يريد)، ولم ألجأ للقضاء احتراما للصداقة التي لا يحترمها ولا يقدرها ولا يقدسها!.
و بمناسبة النوبه، كتبت له أحلي ما يمكن أن يقال عنها بشهادة أهل النوبة، حيث قلت:
أرقص على دقة خيلك .. تسحرنى رنة خلخالك
يشرب نخيلك من نيلى .. وابدأ غنايا بموالك
يا ( نوبه ) توبه على فراقك .. يا حجاب فى دمعة عُشاقك
لو يوم أخدنى الشوق على فوق .. يبقى وصلت على بُراقك
يا نوبه .. راضع من طميك .. وسمارى من شمس سماكى
مين فى الوجود صابر زيك .. بدء اللغه .. هى لُغاكى
يا فرعونيه فى تقاطيعك .. بعد الإله .. قلبى يطيعك
يا ( نوبه ) توبه على فراقك .. يا حجاب فى دمعة عُشاقك
لو يوم أخدنى الشوق على فوق .. يبقى وصلت على بُراقك
يا نوبه .. أمى بتندهلى .. ووصلنى مكتوب من أهلى
وان كنت مش عارف قيمتك .. سامحينى دايما على جهلى
طالت ليالى التغريبة .. ولا بد نرجع م الغيبه
يا ( نوبه ) توبه على فراقك .. يا حجاب فى دمعة عُشاقك
لو يوم أخدنى الشوق على فوق .. يبقى وصلت على بُراقك
وفتحت فى كتابى النُوبى .. شفتك بدايه لتكوينى
فى نبضة الشريان دوبى .. دا الغربه لسه بتكوينى
ولا حد أبدا نسانى .. يا لهجه لسه على لسانى
يا ( نوبه ) توبه على فراقك .. يا حجاب فى دمعة عُشاقك
لو يوم أخدنى الشوق على فوق .. يبقى وصلت على بُراقك
يِدَّن على سطحك ديكى .. واصبح فى نار شمسك ضله
من عمرى آخد واديكى .. وارسم على بابك قُله
يا اللى انتى أجمل إنسانه .. ربك لا يمكن ينسانا
يا ( نوبه ) توبه على فراقك .. يا حجاب فى دمعة عُشاقك
لو يوم أخدنى الشوق على فوق .. يبقى وصلت على بُراقك)
وطبعا لم يغنيها ولن يغنيها لأنه يكره النوبة، وكما ذكرت في حلقة سابقه، ثار و سب بالدين عندما كتبت عنه (أخبار اليوم) مرة : المطرب النوبي محمد منير، يومها قال لي : يعني لما ينشروا عمن محمد ثروت، هايقولوا المطرب الطنطاوي!
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة…