سر نصيحة أم كلثوم لساحر الجيتار عمر خورشيد بالزواج
كتب : أحمد السماحي
يُقال التعبير المصرى الشائع (ابن موت) عن الشخص الذى يعيش الحياة بكل ذرة في كيانه، ويقوم بأعمال كثيرة جدا في وقت قصير، بحيث لا يصير لائقًا بالبقاء فى دنيانا، وساحر الجيتار عمر خورشيد الذي نحيي هذه الأيام الذكرى الـ 42 لرحيله كان من هذا النوع، شابا مفعما بالحيوية ومحِبا للحياة، وسامته كانت رجولية أنيقة، وشعره أسود فاحم، وقامته فارعة ممشوقة، وملامحه منبسطة، وابتسامته ساحرة، وصوته دافئ عميق، ونظراته بها حزن لا تخفيه سعادة عابرة أو ضحكات عالية.
إقرأ أيضا : اليوم ذكرى رحيل عمر خورشيد ملك الجيتار العربي
عندما تقع عليه العين على عمر خورشيد ، فتدرك لأول وهلة أنها أمام نجم سينمائي بالفطرة والسليقة، وأنه لابد أن تتخطفه السينما المصرية ليرفع مستوى دور الفتى الأول، ويقدم له صورة من أنقى الصور وأشدها تألقا، الرقة بادية في أعطافه، وحركاته وإيماءاته فإذا تكلم فصوت هادئ الإيقاع عميق النبرات، كالشريط الحساس تطبع عليه حروف الكلام واضحة محددة الجرس.
عمر خورشيد صراع في الوادي
رغم أنه من أسرة فنية حيث الوالد هو مدير التصوير المبدع (أحمد خورشيد) لكن طريقه الفني لم يكن مفروشا بالورود، فقد جاهد وأعتمد على نفسه منذ الصغر، كان من المقرر أن يبدأ عمر خورشيد مشواره الفني هو في السادسة من عمره، وبالتحديد عام 1951 من خلال فيلم (السبع أفندي) إنتاج وإخراج والده مدير التصوير الشهير (أحمد خورشيد)، وبطولة (شادية، وسعيد أبوبكر، وسراج منير) لكن أثناء تصوير الفيلم أصيب بالمرض، ولم يستطع تمثيل دوره، مما جعل الوالد يحذف الدور.
وبعد هذا الفيلم بحوالي أربع سنوات وقع اختيار المخرج يوسف شاهين على عمر خوشيد لتمثيل دور طفل صغير في فيلمه (صراع في الوادي)، لكن حدث ما حدث في الفيلم الأول، حيث أصيب بمرض مفاجئ مما حال دون ظهوره وهو طفل صغير.
عمر خورشيد وعمر الحريري
وهو في سن العاشرة من عمره، ومع انتشارموجة موسيقى (الروك اند رول) وظهور النجم العالمي إلفيس برسلي معشوق الشباب في هذه الفترة، والذي كان يغني وهو يعزف على الجيتار، مما جعل الجيتار حلم عزيز عند كثير من الشباب منهم عمر خورشيد، الذي أخذ يلح على والده بأن يشتري له جيتاراً، ولكن والدته رفضت ذلك بشدة حتى لا يشغله اللعب بالجيتار عن دراسته، لكن (عمر) بإصراره وحبه للجيتار ادخر من مصروفه اليومي مبلغا وذهب لشراء الجيتار بلهفة وشوق وحماس، وذهب هو وأثنين من زملائه للتردد على محل لبيع الآلات الموسيقية لشراء الجيتارات الثلاثة.
وكانوا (يفاصلون) في الثمن، ويحاولون شراء الجيتارات ولكن البائع عندما لمس شدّة رغبتهم في الحصول على الجيتارات أخذ يرفع الثمن أكثر وأكثر، إلى أن أوصله الى اثني عشر جنيهاً للجيتار الواحد، ويومها لجأ عمر خورشيد الى الفنان عمر الحريري، وكان قريباً لأحد أصدقائه، فتوسط له بحكم شهرته عند البائع، وأقنعه بأن يبيع الجيتار بثمن مخفّض، وهكذا كان، وامتلك أول جيتار في حياته، وتحقق ما توقعته والدته، حيث أهمل دروسه، مما جعل والدته السيدة (عواطف هاشم) ترمي الجيتار من (البلكونة)!.
إقرأ أيضا : “إشاعة حب” .. الفيلم الوحيد الذي تمنى “عمر الشريف” إعادته!
لكن ما فعلته والدته خلق لديه إصرارا بتكملة طريقه في العزف على الجيتار، وعندما بلغ (عمر) الثامنة عشر أعجب بوسامته المنتج والمخرج حلمي رفله، وطلب أن يمثل في أحد أفلامه، لكن والده أحمد خورشيد رفض هذا العرض حتى لا يأخذه من المذاكرة، خاصة أن عمر كان قد بدأ يشق طريقه في الموسيقى مع مجموعة من زملائه الذين قاموا بتكوين فريق موسيقى يعزف ويقدم (نمرة) في بعض الملاهي، والفنادق، وبدأ حلم الفتى الوسيم يبتعد عن السينما ويتجه إلى الموسيقى بقوة.
وعندما لاحظ والده عشقه للموسيقى في هذه الفترة أحب له أن يتخصص في الموسيقى التصويرية، وأحضر له بالفعل مجموعة من الكتب باللغة الإنجليزية، وترجمها له، لكن انشغاله الشديد بالعزف على الجيتار ومهارته في العزف جعلته يتنقل بين الفرق الموسيقية المنتشرة في النوادي والملاهي والفنادق، مما جذب انتباه العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ له، فطلب منه الأنضمام إلى الفرقة الماسية التى يقودها أحمد فؤاد حسن، وبالفعل بدأ عمر خورشيد العزف مع (حليم) في أغنية (سواح)، وجذبت مهارته في العزف أنظار كوكب الشرق أم كلثوم فعمل فطلبت منه العمل معها، وسعد جدا بالعرض خاصة أنه كان يعرفها منذ طفولته بحكم صداقتها لولدته، وكانت البداية في أغنية (ودارت الأيام).
عمر خوشيد والعرافة
لفتت وسامته أنظار المخرجين فعاد المخرج حلمي رفله عام 1970 وطرق بابه للمشاركه في دور صغير في فيلم (ابنتي العزيزة) مع رشدي أباظة ونجاة، ووافق عمر خورشيد ليكون هذا الدور الصغير هو بدايته في السينما التى قدم لها حوالي 20 فيلما سينما في عشر سنوات بداية من عام 1971 حتى عام 1981 وكان آخر فيلمين عرض له هما (العرافة) الذي عرض في شهر مارس عام 1981، قبل رحيله بشهرين، وفيلم (دموع في ليلة الزفاف) الذي عرض قبل رحيله بأربع أيام حيث عرض يوم 25 مايو 1981.
إقرأ أيضا : أسمهان ونعيمة عاكف وعزالدين.. نجوم سبقوا (مصطفى درويش) في الرحيل وهم في ريعان الشباب
كما قام عمر خورشيد بتأليف مجموعة كبيرة من الموسيقى التصويرية للأفلام وصل عددها إلى حوالي 35 فيلما سينمائيا، وكان يتمنى أن يحصل على جائزة عن موسيقى فيلم (أين عقلي) بطولة سعاد حسني، ومحمود ياسين، ومصطفة فهمي، لعتزازه الشديد بموسيقى هذا الفيلم.
عمر خورشيد وميرفت أمين
كانت سيدة الغناء العربي أم كلثوم هي السبب في زواج الراحل عمر خورشيد مبكرا، حيث لاحظت أثناء عمله في بروفات أغانيها، حضوره متأخرا، ويبدو عليه الإجهاد الشديد، والتعب، حيث كانت تربطه في هذه الفترة علاقات غرامية كثيرة جدا مع فتيات وسيدات، كنا يطاردونه، وعندما علمت بأنه يسهر يكل يوم مع فتاة، فطلبت منه أن يتزوج فورا، ولا يترك نفسه فريسة سهلة لأي فتاة أو إمرأة ساقطة، وبالفعل استمع (عمر) إلى نصيحتها حيث كان يعتبرها مثل والدته، وتزوج أول مرة من السيدة (أمينة السبكي) عام 1971، لكن الزواج لم يستمر طويلا لغيرتها الشديدة، بعدها تزوج من الفنانة ميرفت أمين، ثم من السيدة اللبنانية (دينا)، وأخيرا من الفنانة مها أبوعوف.
لقي عمر خورشيد مصرعه يوم 29 مايو 1981 وهو في الـ (37) ربيعا جراء حادث تصادم مروري عقب خروجه من ملهى ( الرولاند) هو والفنانة مديحة كامل شريكته في فيلم (العرافة) في نهاية شارع الهرم أمام (مطعم خريستو).