ننفرد بنشر صور كواليس مسلسل (آن الأوان) لـ (وردة)
كتب: أحمد السماحي – تصوير: موسى محمود
نحيي هذه الأيام الذكرى الحادية عشر لرحيل وردة الغناء العربى، وأميرته المتوجة على عروش قلوب الجماهير، والتى أضفت على وجداننا أحلى المشاعر، ولونت صفحات أيامنا وليالينا بالزهور.
وردة التى بدأت مشوارها الفنى من باريس، حيث ولدت لأب جزائرى اسمه (محمد فتوكى) وأم لبنانية اسمها (نفيسة يموت)، كان والدها يقيم فى باريس، وعندما زار فى إحدى المرات بيروت تعرف على والدتها فاقترن بها واصطحبها معه إلى فرنسا حيث كان يعمل وأثمر زواجهما وردة التى نشأت وتلقت تعليمها فى إحدى مدارس باريس.
كانت وردة تعشق الغناء منذ طفولتها، وتردد أغنيات: (يا ظالمنى، وبكره السفر) لأم كلثوم، و(ظلمونى الناس) لسعاد محمد، و(فرق ما بينا ليه الزمان) لأسمهان، وفى هذه الفترة غنت فى برنامج للأطفال فى الإذاعة فساعدها ذلك على اكتساب الشهرة، إلى أن جاء شخص اسمه أحمد التيجانى أعجب بصوتها وطلب من والدها أن تصبح مطربة، لكن الأب رفض ذلك حتى تتم دراستها رغم أنه كان يملك ملهى ليلياً يدعى (طام طام)، وكان يستقبل على خشبته كبار المطربين العرب، أمثال: (فريد الأطرش، وصباح) وغيرهما.
وقد اعتادت وردة وهى صغيرة استراق السمع من أولئك المطربين وهم يؤدون فقراتهم الغنائية، وتزامنت هذه الفترة من حياتها مع الاستعمار الفرنسى للجزائر، ودون أن تدرى تحول الملهى الليلى إلى مركز للمقاومين ومخبأ لأسلحتهم وعتادهم، وكثيراً ما حملت الطفلة وردة أسلحة ومنشورات فى حقيبتها المدرسية وهى لا تدرى، ولكن سرعان ما امتدت يد الغدر والخيانة إلى المقاومة والمقاومين بملهى والدها الوطنى ليلقى بهم المستعمر فى غياهب السجن، وتصبح وردة وحيدة بعد غياب والدها الذى كان يقوم بدور الأم والأب معاً.
عانت فى هذه الفترة كثيراً، وفى سن السادسة عشرة أفرج عن والدها، ونفى بعدها إلى فرنسا، وانتقلت الأسرة الصغيرة إلى موطن والدتها لبنان، وهناك عادت إلى الغناء بملهى شهير اسمه (طانيوس)، وتعرفت على بعض الشعراء والملحنيين الذين أعطوها أغنياتها الأولى التى كانت لبنانية وسورية لكن يغلب عليها الطابع المصري من هذه الأغنيات ثلاث ألحان للملحن محمد محسن وهى (دق الحبيب دقة) كلمات محمد على فتوح، (ياأغلى الحبايب) كلمات عمر حلبي، (وفر مراسيلك) كلمات إسماعيل الحبروك.
وتعاونت مع الملحن عفيف رضوان في أغنيتين هما (على مفرق درب الحبايب) كلمات ميشال طعمه، (سهرانة إيدي على خدي) كلمات عبدالجليل وهبي.
وفى إحدى الليالى حضر الموسيقار محمد عبدالوهاب بصحبة رياض السنباطى إلى الملهى واستمعا إليها وأبديا إعجابهما بصوتها ودعاها (السنباطى) للحضور إلى مصر، وعندما عاد إلى مصر طلب من المخرج حلمى رفلة السفر إليها فى لبنان والتعاقد معها لبطولة فيلمه الجديد (ألمظ وعبده الحامولى) عام 1962، ووفر لها المخرج مدرساً خاصاً ليشرف على تعليمها اللغة العربية وشيخاً من المشايخ الكبار ليقرئها القرآن الكريم حتى تقوم بدورها فى الفيلم على أكمل وجه، وأحضر لها عمالقة التلحين والشعر، أمثال: (رياض السنباطى، ومحمد عبدالوهاب، وفريد الأطرش، وبليغ حمدى)، وحقق الفيلم نجاحاً منقطع النظير.
فى الفترة نفسها دعاها (محمد عبد الوهاب) للاشتراك فى أوبريت (الوطن الكبير)، وبعد انتهاء الأوبريت صافحها الرئيس جمال عبدالناصر، ثم غنت لرياض السنباطى رائعتها (لعبة الأيام)، وبعد النجاح الذى حققته عادت مرة أخرى إلى الجزائر إثر بعض المضايقات، وبإلحاح من والدها تزوجت هناك من أحد كبار الضباط فى الجيش العسكرى واسمه (جمال قصيرى)، وعاشت فى بيتها كأم وأنجبت ابنتها (وداد) وابنها الذى أسمته (رياض) على اسم رياض السنباطى.
وكانت دائمة الغناء وهى فى بيتها إلى أن تلقت عام 1972 دعوة من الرئيس الجزائرى (هوارى بومدين) يطلب منها أن تغنى فى العيد العاشر لاستقلال الجزائر، وقد غنت بعد موافقة زوجها الذى سمح لها بالغناء فى تلك الليلة فقط، وحضر بليغ حمدى للجزائر ولحن لها أغنية خاصة بتلك المناسبة بعنوان (من بعيدأدعوك يا أملي) التى غنتها لأول مرة، وقد استقبلها الجمهور بالتصفيق والهتاف طوال وصلتها الغنائية الشىء الذى أعاد إليها حنين العودة إلى الغناء مرة أخرى.
ولكن زوجها لم يسمح لها بذلك، فطلبت منه الطلاق، وهو ما حدث، وعادت إلى مصر، وقدم لها بليغ حمدى أغنيتين (كسروا الدنيا) هما (العيون السود، والله زمان يا مصر)، وبعد النجاح الذى حققته، تزوجت من العبقرى بليغ حمدى، وبدأ المشوار الذى قدمت فيه مجموعة كبيرة من الأغنيات المحفورة فى وجداننا جميعاً، كما تعاونت مع أساطين الشعر والتلحين مثل: (رياض السنباطى، محمد عبدالوهاب، محمد فوزى، منير مراد، محمود الشريف، عبدالعظيم محمد، كمال الطويل، محمد الموجي، حلمى بكر، عمار الشريعى، صلاح الشرنوبى، ووليد سعد).
ومن الشعراء (أحمد رامي، صالح جودت، حسين السيد، عبدالوهاب محمد، محمد حمزه، عبدالرحيم منصور، عمر بطيشة، عوض بدوي، خالد تاج الدين) وغيرهم.
وبمناسبة ذكرى رحيلها ننشر لأول مرة مجموعة من الصور الحصرية أهداها لنا الزميل المصور (موسى محمود) لكواليس مسلسلها الأخير الذي حضرناه (آن الأوان) تأليف يوسف معاطي، إخراج أحمد صقر، وبطولتها مع مجموعة كبيرة من النجوم منهم (ياسر جلال، حسن حسني، حسن كامي، روجينا، نشوى مصطفى، خالد سليم، سعد الصغير، منة فضالي، إدوارد) وغيرهم.