نزار قباني يعترف للشهاوي بسر رفض أم كلثوم لقصيدة (إغضب) التى غنتها (أصالة وبهيجة وأنوار)
كتب: أحمد السماحي
مرت منذ أيام الذكرى الـ (25) لرحيل شاعرنا العربي الكبير نزار قباني، كما نحيي هذا العام الذكرى المئوية لميلاده حيث انه من مواليد 21 مارس عام 1923، بدأ شاعراً عاشقاً ينشد الحب والجمال والمرأة، وانتهى في المنفى الاختياري يائساً محبطاً من وضع عالم عربي مفكك، وما بينهما نجح كشاعر بقوة وسط المثقفين وعشاق الشعر، لكنه أصبح نجما له شهرة نجوم الفن الكبار حين عرفت أشعاره الجميلة المتميزة بلغتها، والجديدة بموضوعاتها، والجريئة بأفكارها طريقها إلى أجمل الأصوات العربية، وساهم بقصائده فى إضافة قاموس لغوي جديد للأغنية العربية، معانيه ليست كالمعاني التي ألفها الجمهورعند شعراء الأغنية الآخرين وإن كانت لاتلغيها أوتقصيها، وكلماته ليست كالكلمات التى أعتاد عليها.
هذا الأسبوع في باب (حواديت الأغاني) نستحضره من خلال واحدة من أشهر قصائده المغناة، وهى (إغضب) التى لها حكاية من الطريف أن نقصها، حيث عرضت في البداية على السيدة أم كلثوم، وأشتهرت في نهاية التسعينات بصوت المطربة أصالة، وما بين (أم كلثوم وأصالة) تم تلحين القصيدة مرتين في المغرب والعراق، فتعالوا بنا نقص الحكاية من البداية.
في منتصف الستينات وبعد النجاح الكبير الذى حققته قصيدة (أيظن) حاول شاعرنا الكبير نزار قباني أن تعناق كلماته حنجرة سيدة الغناء العربي أم كلثوم، وعرض عليها بالفعل ولأول مرة وعلى غير طبيعته، قصيدة (إغضب)، لكن (ثومه) لم تتفق مع مفهوم الحب في معاني القصيدة، وقد اعترف الشاعر الكبير نزار قبانى للكاتب للصحفى والشاعر أحمد الشهاوى، بهذا الاعتراف في مجلة (نصف الدنيا) والذي قال فيه: (هناك قصيدة حب كتبتها وعرضتها على أم كلثوم لكنها لم تر النور لأنها اصطدمت بمبادئ كوكب الشرق السيدة أم كلثوم وفكرها الصوفى، وكنت قد قدمتها لها فى بداية السبعينات، كان عنوانها (إغضب كما تشاء) ويقول مطلعها:
حطم أوانى الدهر والمرايا، هدد بحب امرأة سويا
فكل ما تقوله سواء، وكل ما تفعله سواء
فأنت كالأطفال ياحبيبى، تحبهم مهما أساءوا
إذهب إذا أتعبك البقاء، فالأرض فيها العطر والنساء
وعندما تريد أن ترانى، وعندما تحتاج كالطفل إلى حنانى
فعد إلى قلبى متى تشاء، فأنت فى حياتى هواء
لابد أن تعود ذات يوم، وقد عرفت ما هو الوفاء)
عندما قرأتها على (أم كلثوم) فى فيلتها بالزمالك قالت: (قصيدتك جميلة جدا يا نزار لكنها بكل أسف تتعارض مع مبادئى ومواقفى ونظرتى إلى الحب، إن أم كلثوم لا تسمح لنفسها ولا تسمح لها تقاليدها وقيمها أن تقول للرجل الذى تحبه إذهب شمالا أويمينا، شرقا أوغربا، وأدخل فى علاقات غرامية مع ألف امرأة لأنى حاضرة للصفح عنك فى أى لحظة، وهذا موقف لا أقبله يانزار) .
وتقبل الشاعر رأى كوكب الشرق، وزاد احترامه الكبير لها لكونها فنانة وفية لمبادئها، وأنها تتعامل بجدية مع الكلمة كما اللحن والأداء.
إغضب وثلاث ألحان عربية
الطريف أن هذه القصيدة وقبل ثورة الإنترنت لحنت بعد رفض أم كلثوم لغنائها ثلاث مرات في ثلاث دول عربية مختلفة الأولى كانت عام 1965 عندما لحنها الملحن المغربي الكبيرعبداللطيف السحنوني، وغنتها مطربة المغرب الأولى في هذا الوقت (بهيجة إدريس)، والمرة الثانية عام 1970حيث قام المطرب والملحن العراقي الشهير (جعفر حسن) بتلحينها، وسجلت عام 1972 بصوت المطربة العراقية (أنوار عبدالوهاب)، كما غناها جعفر حسن نفسه في عدة مناسبات، وكانت المرة الثالثة في نهاية التسعينات حيث قام الموسيقار الكبير حلمي بكر بتلحينها للمطربة أصالة، فحققت من خلالها شهرة كبيرة.