بقلم: علا السنجري
في دراما رمضان هذا العام لفت نظري تمثيل فنانين استطاعوا جذب انتباه وإعجاب المشاهد بأدائهم الاحترافي الراقي في أكثر من عمل، قدموا أدوارًا تجعل الأجيال الجديدة تتعلم الأداء السلس والنطق الجيد لمخارج الحروف، والتحكم في ملامح الوجه، والتجسيد الحي بلا انفعالات زائدة.
القدير محمد التاجي
الفنان محمد التاجي (الكيوتي) تألق كبير جدا في (الصندوق والأجهر)، دائما يؤدي بصدق المشاعر والتميز في الإحساس بالدور، فهو لم يكن من نجوم الصف الأول لكنه نجم في كل أدواره التي تركت أثرا لدى المشاهد، مثل دوره في (عاشور الناجي والبشاير والمتزوجون)، فهو أكثر الفنانين صدقا في الأداء، لدرجة أنه أبكى المشاهدين في مشهدين له في مسلسل (الصندوق)، وهذا ما عبر عنه متابعيه على صفحات التواصل الاجتماعي.
المشهد الأول في المقابر وهو يتحدث لابنه الذي فقده، لكن المشهد الثاني كان أكثر قوة هو حين اعترف له (شريف) إنه المتسبب في قتل ابنه، أجاد الفنان (محمد التاجي) التعبير عن الغضب والحزن، انهياره ووقوفه في وجه (شريف) بقوة ليضربه، مشاعر كثيرة متباينة في لحظات قليلة توحي ببراعة التعبير.
دوره في مسلسل (الأجهر) قدم دور (أنوش) العازف الذي يعيش مع ابنته الوحيدة ويوهم الجميع أنه يعمل بالأوبرا، يتفق مع (مصطفى) ليبعد ابنته عن (شريف) في مشهد رائع جدا، حوار متنوع بين (محمد التاجي ودرة وعمرو سعد)، تحكم فيه (التاجي) بروح وخفة دم، علاقة (أنوش) بابنته جعلت المشاهد ينتظر مشاهدهم معا.
الفنان محمد التاجي (الكيوتي) في مظهره الخارجي، أداء متميز جدا في كل دور وتجسيد لكل شخصية باختلاف وانفراد بالتألق.
الأستاذ أشرف عبد الغفور
عدد كبير من المشاهدين تعاطف مع (المهندس فاروق) الذي قدمه الفنان أشرف عبد الغفور في مسلسل (رشيد)، تمكن شديد من الشخصية وتحكم جيد إلى أبعد الحدود في الانفعال.
الفنان أشرف عبد الغفور في هذا الدور قدم درسا للأجيال الجديدة في كيفية امتلاك (كاريزما) وقدرة على جذب الإعجاب رغم المشاهد القليلة له، من خلال حواره الذي يحمل دلالات فلسفية عميقة استطاع من خلالها التأثير بطبقة الصوت والنطق الواضح والسليم، كما تمكن من تقديم مشاعر بلا انفعال زائد، خاصة في مشهد استعداده وذهابه للقاء ابنته، ملامح بين الفرحة والتوتر، بين الخوف والانتظار، ثم تعبير جيد جدا عن اليأس وإحساس القهر لعدم مقابلتها، تعبير عن مرارة السجن والألم من عدم رؤيتها.
يمكنني القول: أن عودة الفنان أشرف عبد الغفور إضافة جميلة لمسلسل (رشيد).
الملكة صفصف المعروفة بهالة صدقي
الفنانة (هالة صدقي) في (جعفر العمدة)، كانت هى السارقة للأضواء من كل نجوم العمل في دور صفصف ببراعة أداء لافت للانتباه، لتترك أثرا كبيرا لدى المشاهدين، مما دفع البعض إلى القول بأن دورها هو أفضل دور (أم) منذ سنوات طويلة، قدمت دور (الأم بنت البلد الجدعة)، واهتمت بكل تفاصيل الشخصية من نقاط القوة والضعف لتصبح جملة (أنا الملكة) تريند طوال شهر رمضان.
(هالة صدقي)، بثقل موهبتها تترك شخصيتها الحقيقية تنصهر في تجسيد الدور بكل صفاتها بعمق شديد، وربما هذا كان واضحا في اختلاف الأداء بين دورها في (سره الباتع وجعفر العمدة)، لا تكرر ولا تتبع نمط واحد في الأداء، (صفصف) أم في حي شعبي و(أم حامد) دور أم بطل يقاوم الحملة الفرنسية، لكل دور مذاق وأسلوب مختلف، وإن كنت أعترض على صوتها في بعض المشاهد بطبقة عالية زائدة وانفعال عالي أحيانا.
الفنانة سماح أنور (العبقرية)
أداء وتقمص الفنانة سماح أنور لدور (هالة) في مسلسل (الصندوق) من وجهة نظري أفضل أدوارها منذ عودتها في (الليلة وما فيها)، تقمص غير عادي وثقل فني وموهبة جبارة في التعمق في الشخصية.
(هالة) مريضة سرطان تقاوم المرض بتصميم في استمرار عملها ومتابعة فتيات الورشة ومشاكلهم، لكنها في المساء حين تنام تصبح ضعيفة هيكل عظمي بلا شعر، منهكة من جرعات الكيماوي، نوبات العصيبة والقيء، إلقاء الضوء على مريض السرطان واحتياجه للاهتمام وقضاء وقت أطول معه ومراعاته نفسيا ومعنويا، كل هذا قدمته (سماح أنور) بعبقرية وإتقان في كل التفاصيل.
(سماح أنور)، في نهاية سطوري عن دورك الرائع دعوت الله أن يسامحك لأنك كنت سببا في بكائي في كل مشهد لك، تذكرت والدتي ومعاناتها مع المرض اللعين وكيف كانت تنام في السرير وعصبيتها والألم، لكنك أيضا كنت سببا في فهم طبيعة هذا المرض لمن لديه مريض به.. حقيقي أبدعتي.
الفنان رشدي الشامي
عاد مرة أخرى الفنان (رشدي الشامي) لأدواره الجادة غير المستهلكة لموهبته ،قدم في (الصندوق وتحت الوصايا)، دورين مختلفين في طبيعة كل منهم من حيث الانفعال والأحاسيس، مختلفين حتى في الشكل والملامح وطريقة النطق، ليثبت أنه فنان قدير.
الدور الأول ظهر في حلقة واحدة بدور الرجل الذي أساء لزوجته وقتل أخوها وتعرض لعقوبة السجن، ليقع في بئر عميق من الندم والشعور بالذنب، لتصيبه الذكريات بمرض الأرق، عدم النوم وتتمكن منه الهلاوس إلى حد الجنون والهذيان طوال الوقت، أداؤه هنا فيه تركيز عالي في كل تفاصيل الشخصية من حيث الحركة والشكل.
الدور الثاني في مسلسل (تحت الوصاية)، عم ربيع البحار الذي تقدم به العمر ولا أحد يريد أن يعطيه عمل، يقف الى جوار (حنان/ منى زكي) طمعا في عمل، ثم يتعامل معها كأنه والدها، يساعدها في كل مشاكلها ويقدم لها أحيانا الحلول، حاضر دائما ينصحها بلا خطب رنانة.
قدم رشدي الشامي الأدوار بدقة وتمكن بلا نمطية معتادة في الأداء، بشكل صادق وطبيعي، ليثبت انه مثل (الصلصال) يتشكل جسدًا وروحا طبقا لتفاصيل الشخصية.
درة
البرنسيسة (درة) تألقت في مسلسل (الأجهر)، في دور (الدكتورة نهلة)، جسدت الشخصية بدقة وأجادت في التحكم في تعابير وجهها لترسم ملامح مشاعر (الدكتورة نهلة) جيدا، ففي أكثر من مشهد صامت تحكمت في نظرات عينيها ولغة جسدها، وفي المشاهد الحوارية تحكمت في نبرة صوتها وانفعالاتها بشكل جيد، اعتمدت على ملامح وجهها في لفت الانتباه لشخصية البنت التي تعيش لأجل والدها ومتمسكة بنجاحها، قدمت الشر والخير بتوازن.
حمزة العيلي في (الصندوق)
(الحاوي) حمزة العيلي الذي يخدعك بسحره ليجعلك تنسي أنه (حمزة)، وتتفاعل معه على أنه الشخصية التي يجسدها، يقوم بدراسة تفاصيل العمل من خلال السيناريو وما يحصل عليه من الحياة ليقدم لك إبهار في الأداء، ودهشة من موهبته الفذة، يبتعد عن المبالغة والصوت العالي.
في رمضان هذا قدم الفنان (حمزة العيلي) ثلاثة أدوار مختلفين دراميا، قدم شخصية (ناجي) في (الصندوق)، شبح متهالك من المرض والذنب من فكرة الموت الرحيم التي أقنعها به والده، وذنب أخوه الذي أصبح يتلذذ القتل وليس للرحمة من عذاب المرض، ساعده في تجسيد الشخصية بهذا الاتقان الحركة واللبس وتعبيرات الملامح والصواب.
قدم شخصية (السري بن الحكم) في مسلسل (رسالة الإمام)، شخصية قوية تتغير نبرة صوتها وسلوكها حسب الموقف، تعبيراته مع (الوالي) غير تلك التي مع (جنوده)، ويختلف حاله تماما حين يراقب (حسن) لشدة حبه لها، السواك الذي لا يفارقه دلالة على قوته حين قال: (وحدها الأسنان القوية تستطيع أن تلتهم فرائسها بسهولة والسري: لهذا لا يفارقني السواك أبدا) .
الشخصية الثالثة هى (الدكتور الشرشابى) في (الكبير أوي – الجزء السابع)، بصوته المميز الذي يشبه إلى حد كبير صوت (حزلقوم)، دور إضافة كوميدية ممتازة للعمل، فقد تحول (الترند) إليه من أول ظهوره، ليثبت أنه قادر على كل الألوان في التمثيل.
رانيا فريد شوقي
الحلوة التي استطاعت تغيير طاقتها بشكل رائع في دور (أحلام) في مسلسل (المداح 3 – أسطورة العشق) كواحدة من أدوات الشر تتحرك بهدوء ضد عائلة صابر، ثبات انفعالي وقدرة على التعبير بالعين، عينيها كانت تتحدث أكثر من كلامها، دور غير تقليدي لـ (رانيا) بعد أدوار كثيرة معتادة، ابتعدت به عن نمطية الأداء كسيدة مجتمع أم أو زوجة ،دور تؤكد على موهبة كبيرة ونضوج فني.
محمد رياض
الرزين في دور (هايم)، في مسلسل (المداح 3 – أسطورة العشق) لاقدم دور الشرير ليتغلب على ملامحه الهادئة، ليؤدي بسلاسة وثقة، وبذكاء شديد غير (محمد رياض) أدائه في (المداح) بالتحكم وفرض سيطرته بالشر، استخدام الصوت والنظرات من غير افتعال، قوة وبساطة تحوله إلى السهل الممتنع ليثبت أنه فنان بارع .
خالد سرحان
قدم دور (حسن) في (المداح 3 – أسطورة العشق) بسهولة وخفة دم وروح طبيعية، فهي شخصية غنية بالتفاصيل، وبسهولة تمكن من جعلها إحدى الشخصيات الرئيسية للعمل على مدار ثلاثة أجزاء، خالد سرحان بحركاته العفوية وتلقائية الأداء الكوميدي والجاد جذب المشاهدين إليه.
لم يقدم (حسن) فقط في (المداح)، بل أيضا في مسلسل (سره الباتع) (قدم الشيخ عبدالله) أحد أتباع (السلطان حامد)، الذي يحكي باقي قصة (السلطان حامد) بنظرات الندم والخوف والغضب.
كل دور قدمه مختلف عما قبله، لم يقع (خالد سرحان) في التكرار، بل في كل دور يثبت نضج فني وجهد لتطوير موهبته.