(عأرض الغجر).. رائعة (مروان وغدي الرحباني) التى تتحدث عن الإنسان والأرض والوطن
كتب : أحمد السماحي
من الأعمال المسرحية الغنائية اللبنانية الرائعة التى أحن إليها وأسمع أغنياتها بصفة منتظمة مسرحية (عأرض الغجر) تأليف غدي الرحباني، إخراج مروان الرحباني، وبطولة مجموعة كبيرة من نجوم الغناء والتمثيل منهم (غسان صليبا، إلين لحود، بول سليمان، بيار شمعون، أسعد حداد، مايا يمني، طوني عيسى)، ونخبة من ألمع الممثلين في المسرح الغنائي اللبناني مع فرقة استعراضية كبيرة تضم أكثر من سبعين من أفضل الممثلين والمغنين والراقصين في مسرح الرحباني.
وقد تم تسجيل الأغنيات في (ستديو D.zz) الذي يعتبر واحدا من أهم وأكبر ستديوهات أوروبا، والذي يشرف عليه مهندس الصوت المبدع (ميخائيل ديدكوفسكي)، وعزفت الموسيقى الأوركسترا السمفونية لمدينة (كييف)، ومن المعروف عن أعمال (مروان وغدي الرحباني) أنها تتميز بأصالتها، وإبداعها ورقيها.
و(عأرض الغجر) من العروض المسرحية الغنائية التي شهدت كتابات نقدية مهمة ومشاهدة جماهيرية ضخمة منذ عرضها الأول الذي جرى على مسرح (كازينو دو ليبان) في لبنان عام 2012، والعرض فيه من الحقيقة الكثير وفيه من الخيال والابتكار والفنتازيا والحلم الأكثر، وتميز بموسيقاه الرائعة وأغانيه التي تبقى لصيقة في الأذهان والحبكة المتقنة التي كُتب بها، والذي يعالج واحدة من أكثر الصراعات الإنسانية صعوبة، تلك التي تتعلق بالنضال القديم المتكرر على الأرض، ويطرح العمل العديد من التساؤلات عما هو أهم، الأرض أم الإنسان وهل نحن مسيرون أم مخيرون، عبر قصة (سلفادو قزحيا حسين/ غسان صليبا)، أحد الأثرياء المغتربين في أميركا اللاتينية، والذي يكتشف أن جده في لبنان ترك له أرضاً باسمه بعد وفاته فيقرر العودة ليُعاين الأرض التي يَنوي أن يبني عليها منزلاً فخماً لخطيبته التي تركها في البرازيل، إلّا أنه يصطدم بقبائل من الغجر المقيمين على هذه الأرض، والذين يرفضون الرحيل.
يبدأ الصراع على الأرض في سلسلة أحداث حتى يكتشف (سلفادو) التواطؤ المحكَم بين عدد من أصحاب المصالح المتنفذين مع جماعة الغجر الرحَّل، ويصطدم في الوقت نفسه بزيف المجتمع وفساده وافتقاده إلى العدالة، ويقرر البطل التخلي عن الأرض حين يقع بحب (زينة/ إلين لحود) ابنة زعيم الغجر، ويترك أحلامه السابقة وقبول الواقع كما هو بعد أن أخفق في تغييره، والعيش مع الغجر الفقراء الذين هم ضحايا صراع أكبر منهم.
تميز العرض بروعة موسيقاه وأغنياته حيث تضمن (C.D) الذي نحتفظ به حوالي عشرين أغنية، فضلا عن مقدمة موسيقية أولى وأخرى ثانية، ومعظم الأغنيات تأليف وتلحين وتوزيع غدي الرحباني وهى (لا عم نتلاقى، يمكن هيدي أول مرة، آخ يا بلدنا، يا سهل البقاع، خايف يجي وقت) غناء غسان صليبا، و(مواقد النار، حكيلي عن وطنك البعيد، زينة يا زهرة الصبح، كيف الدنيا بتوديك) غناء غسان صليبا وإلين لحود، ومن تلحين وتوزيع أسامة الرحباني، وغنت إلين لحود أغنية (كيف بيكون الحب) تأليف غدي الرحباني.
وغنى الفنان طوني عيسى أغنية بمفرده بعنوان (بعينيكي تغيير)، كما شارك غسان صليبا وإلين لحود غناء تريو بعنوان (أنا العم طالب بأرضي)، كما غنى إيلي خياط أغنية بعنوان (يا معلم نحنا رجالك)، وغنى نادر خوري وبول سليمان أغنية (رجعنا يا شيخ مصبح)، وشارك بول سليمان وبيار شمعون في غناء أغنية (جريس السمسار)، وقدم غسان صليبا وبول سليمان أغنية (يلا وقفولي بالصف)، وغني بيار شمعون والفرسان الأربعة أغنية (جريس والعمال).
استطاعت الموسيقى والأغنيات التى استعرضناها والمشغولة بمواصفات عالمية عزفاً وتنفيذاً أن تأخذنا إلى أرض الغجر بخيَمِهم وتقاليدهم ونمط عيشهم ونسائهم ورجالهم وأطفالهم وزعيم عشيرتهم الطامح إلى السياسة والتجنس والثروة (بول سليمان)، وإلى جماعة المهربين والهاربين من وجه العدالة والمحميين من زعماء ومصالح مشتركة بين دولة القانون والخارجين عنها (أسعد حداد، طوني عيسى) وإلى السمسار جرجس بو دقن (بيار شمعون) الذي يبيح كل شيء للبيع حتى الأرض والعرض والكرامات، كل هذا بشكل موسيقي مبهر ورائع.