بقلم: محمد حبوشة
بعد أن غاب الفنان القدير أسامة الروماني 40 عاما عن سوريا ولم يكن حاضرا إلا في ذاكرة مسرحيات محمد الماغوط، عاد الروماني قبل سنتين ليعاود تألقه الفني في الدراما التلفزيونية حتى توفي أمس عن عمر يناهز الـ 81، إثر سكتة قلبية، وقد نعت نقابة الفنانين السوريين الروماني في تدوينة على فيسبوك قائلة : (نقابة الفنانين في الجمهورية العربية السورية تنعي إليكم وفاة الزميل الفنان أسامة الروماني.. لروح فقيدنا الرحمة والسكينة ولنا ولكم ولأسرته ومحبيه خالص العزاء والصبر والسلوان)، وعبر كثير من الفنانين السوريين عن حزنهم العميق لغياب أسامة الروماني كقامة فنية عريقة اكتسب ثقة الجمهور من أول إطلالة لها على المسرح قبل أكثر نصف قرن قدم خلالها روائع مسرحية وتلفزيونية ستبقى طويلا في ذاكرة الجمهور السوري والعربي، خاصة في الكويت التي قضى فيها أكثر من أربعة عقود عابد في محراب فن المسرح والتلفزيون.
عديدة هى مصادر الممثل أسامة الروماني : التجربة الحاتية، الخبرة الثقافية، الخيال، الذاكرة، الرصد والملاحظة، كل ممثل يحتاج إلى هذه المصادر، أو يبحث عن مصدره الخاص، لأن ذلك يعزز طريقته فى الأداء ويثرى تجربته ويساهم فى تطوير إمكاناته وأدواته التعبيرية، يقول روبرت دى نيرو: (يتعين على الممثلين أن يعرضوا أنفسهم لما يحيط بهم، أن يخلقوا نوعا من الاتصال، ويحتفظوا بأذهانهم مفتوحة لتلقى كل ما يحدث فى هذا المحيط عاجلا أم أجلا، سوف تنسل فكرة إلى رأسك، شعور، مفتاح، أو ربما حادثة، هذه الأمور ستفيد الممثل فيما بعد، ويستطيع أن يربطها بالمشهد عند التنفيذ).
إقرأ أيضا : الدراما السورية تستعيد حضورها وتشعل فتيل المنافسة !
وكان الفنان المسرحي السوري القدير أسامة الروماني ضيفنا في باب (بروفايل) قبل 20 يوما الأسبوع، وقد كتبت عنه في ذلك الوقت، أنه هو واحد ممن يملكون تجربة حياتية ثرية، ناهيك عن الخبرة الثقافية، الخيال، الذاكرة، ولأن الممثل لايستطيع أن يعزل نفسه عن المحيط، فإن أسامة الروماني يتأثر ويتفاعل مع ما يراه وما يحدث وما يزخر به الواقع من نماذج وعادات وسلوكيات، وردود الفعل التى عادة تكون عفوية وسريعة عند الفرد، لكنها عند (الروماني) تصبح مدروسة وخاضعة للتحليل وذلك بالتركيز عليها وتمديدها ومنحها خاصية استثنائية.
أسامة الروماني وتأمل الآخرين
أسامة الروماني في تجربته العريضة في التمثيل لايكف عن تأمل الآخرين، دراستهم تحليلهم ومحاكاة حركاتهم وأصواتهم إذا اقتضى الأمر، فهو تماما مثل دوستين هوفمان : يستمد مصادره غالبا من مراقبة الآخرين فى أماكن تواجدهم وهو يرصد فى المقام الأول ايقاعهم الخاص، صحيح أن لكل فرد ايقاعه المميز، ليس هناك تشابه بين ايقاعين، لذا يحرص (الروماني) أن يجد أولا الايقاع الخاص للشخصية التى يخلقها، وأفضل وسيلة هى متابعة الشخص عبر الشارع، التقاط طريقة مشيته، محاكاتها فيما تفعل، وهو في عمله التمثيلي سواء في المسرح أو شاشتي السينما والتلفزيون يؤمن جيدا بالتركيز على إيقاعهم الشخصى، ومن ثم يدرك: ستجد أنك قد أصبحت شخصا مختلفا.
الذاكرة من المصادر الأساسية لدى الفنان الكبير أسامة الروماني) وكل ممثل يمتلك مخزونا يستخرج منه ما يحتاجه، انه يرصد الآخر بإمعان ثم يحتفظ بهذه الكينونة الأخرى فى ذاكرته، وعندما تسنح الفرصة لاستثمارها أو الاستفادة منها فإنه يستحضرها ويسبرها محللا كل مظاهرها وأفعالها وحركاتها، شيئا فشيئا تأخذ الشخصية فى الامتلاء كما يبدو ذلك واضحا في أعماله المسرحية الأولى، وحتى شاشة التلفزيون تجده يتجلى في أدائه فهو معني بملاحظة الآخر، وهنا ليست غايته المحاكاة فقط، وإنما هى وسيلة لحث وتحفيز المخيلة.
المحاكاة عند أسامة الروماني تحقق التصوير المقنع لسمات الشخصية وتؤكد على ما هو خارجى وليس ما هو باطنى، فالممثل لايستطيع أن يعبر عن مشاعره وعواطفه عن طريق محاكاة مشاعر وعواطف شخص آخر، ذلك لأنها جزء من ذاته من تكوينه وطبيعته، وربما الدراسة مهمة لـ (الروماني) لأن بإمكانها أن تفهم التقنيات الضرورية وأن تطلق الإمكانية الخلاقة بداخله، إن كانت موجودة، لكنها لاتمنحه الموهبة، فالدراسة لاتعلمه كيف يشعر وكيف يستخدم مخيلته وكيف يسبر الشعور، إنها أشياء يمكن اكتسابها من الحياة، من التجربة، من التفاعل مع العناصر المحيطة به من خلال الشخصية التي يجسدها.
إيحاءات وإشارات أسامة الروماني
لكل ممثل طريقته فى التحضير للدور وإعداد نفسه لتجسيد الشخصية ثمة ممثلون لايكتفون بقبول الدور المرسوم كما هو فى النص بل يحللون الشخصية ويحاولون اكتشاف منبعها، خلفيتها، ثقافتها، أسلوب حياتها، رغباتها، مخاوفها دوافعها، ماضيها، حياتها العائلية، نوعية الملابس التى ترتديها، الأشياء التى تقتنيها، الأماكن التى ترتادها، حركاتها المميزة، طريقتها فى الكلام، وجهة نظرها فى أمور عديدة، هكذدا يبدو لي أسامة الروماني في كل حالاته التمثيلية، حتى وإن لم يكن هذا متضمنا فى النص أو أنه مطروح عبر إيحاءات وأشارات عرضية، إنه في العادة يقوم بإجراء بحوث فى طبيعة وسلوك وعلاقات الشخصية قبل أن يجسدها على المسرح أو الشاشة السينمائية والتلفزيونية.
التحول خاصية أساسية للتمثيل عند أسامة الروماني، انه انسلاخ عن الذات وتقمص للآخر (الشخصية)، فهو ممثل عندما يتقمص الشخصية بكل سماتها وخصائصها ومميزاتها يمحو ذاتيته تقريبا، أى لا يكشف ذاته إنما يجسد الشخصية أو يختفى ويتوارى داخلها، بل إنه فضلا عن ذلك يلتحم بالشخصية فى مستوى سيكولوجى عميق، غير أننا نعى حضوره ونشعر بأن هذا الحضور يضاعف ويحدد فهمنا للشخصية، وذلك من خلال سعيه الدؤوب إلى التماهى والتطابق مع الدور، حتى وإن كان متعارضا مع ذاته الحقيقة، انه يكيف ذاته ويلج الدور ليقطن فى الشخصية، وأثناء ذلك يقوم بتحويل نفسه ليس جسمانيا، كمظهر وانتحال حركى وصوتى فحسب، بل أيضا ذهنيا وروحيا، بحيث يبدو مختلفا تماما.
إقرأ أيضا : الدراما السورية واللبنانية 2022 .. حضور حثيث يعوض غيابا مؤقتا !
لكن التحول ليس عملية سهلة وسريعة، فالممثل لايملك أداة سحرية يمكن بواسطتها تغيير الشخصيات متى وكيف يشاء، ويكشف الممثل الايطالي (فتوريو جاسمان) عن شىء آخر: (التحول أو تقمص ذوات أخرى، ليس حالة طبيعية بالنسبة للممثل ولهذا السبب لاينبغى للممثل أن يملك روحا، بل يجب ان يكون قادرا على انتحال هويات مختلفة، وهذا ماكان يفعله أسامة الروماني بفضل امتلاكه أفكارا ومشاعر ثابتة ودائمة لا تعوق عملية الانتحال، ومن المؤكد أن الممثل القدير أسامة الروماني يملك القدرة على الانفعال عن شخصية، أيضا يتأثر بها إذا كانت معايشته للدور عميقة واستحواذية، عندئذ قد يتعرض لحالة من الازدواجية الواعية بسبب هيمنة الشخصية واستبداديتها، ومن ثم يبلغ درجة عالية من التعايش، إلى إحداث تأثير كبير على شخصيتها.
أسامة الروماني والكاميرا
وكأن لسان حال أسامة الروماني يقول: إننى أتحول إلى تلك الشخصية ذاتها، المستبدة، التى تنبض بالحياة فى داخلي، سواء عندما أواجه الكاميرا أو ابتعد عنها، إنك فى هذه الحالة تفقد القدرةعلى ممارسة الأشياء التى كنت تمارسها بشكل طبيعى فى حياتك العادية، تكون أشبه بالمشلول، عاجزا عن فعل أى شىء آخر، لقد وهبت نفسك لذلك الكائن الذى تمثله والذى احتل عقلك وجسدك، هناك ممثلون يجسدون الشخصية بطريقة مباشرة وغير معقدة، ومع ذلك نحس بالصدق فى ادائهم، ويظهرون قدرة عالية على فهم الشخصية وتوصلها ببراعة واقناع، وآخرون يعايشون الأدوار لكن دون القيام بتحريات أو عملية استقصاء سيكولوجى بشان الشخصيات، بل يعتمدون على الخبرة والحدس والغريزة مثلما يفعل (الروماني) دائما.
يقول (كلاوس كينسكى): أنا لا أقوم بتحضير للدور، حتى أننى لا التزم بالحوار الكثير، فما أفعله نابع من مدى انسجامى مع المخرج، فيما يرى ممثل آخر، مثل الفرنسى (لينو فينتورا) عدم حاجته إلى التحضير وأن ما يحدد اختياره هو تماثله مع الشخصية، لكننا في حالة أسامة الروماني نرى أنه يستخرج تلك الطاقة الإبداعية الكامنة فى الممثل بداخله، والتى بها يجسد الشخصية على نحو متكامل، ويعبر عن مختلف انفعالتها ومشاعرها وتناقضاتها بصورة مقنعة ومثيرة للاعجاب، بعض المخرجين يهملون هذا الجانب، معتمدين فى اختيارهم للممثل على موهبته، مع إعطاء الأولوية للشكل الجسمانى وأحيانا لشعبيته النسبية، لكن مع (الروماني) عادة ما يكتفون بما يقدمه هذا الممثل، أو بما يضيفه ضمن حدود ضيقة، فى تأديته للدور، انطلاقا من توجيهات المخرج، وذلك دون أن يولوا عملية السير والاستنباط لذات الممثل واستنطاق دواخله ذلك الاهتمام الضرورى.
بالتأكيد العملية تقتضى وعيا فنيا ومعرفة ثقافية وسيكولوجية ومقدرة استثنائية لدى المخرج، فالشخصيات التى يتعين على الممثل أن يجسدها ينبغى معرفة خلفيتها الاجتماعية والتاريخية ودوافعها، والمحركات أو المكونات التى تجعلها تفكر أو تشعر أو تتصرفى بطريقة معينة، ولهذا مع أسامة الروماني يعتمدون على أنه ممثل يتحمل مسؤوليته فيما يتصل بعملية السبر، فمقابل تجاهل المخرج، على الممثل أن يبادر من تلقاء نفسه، ودون أن يملى عليه أحد ذلك، إلى الكشف عن مخزون الذاكرة وفحص تجربته الحياتية والثقافية لعله يجد تماثلات مع الشخصية، أو حالات ومواقف تثرى وتعمق الشخصية، وذلك بعد دراستها من جميع جوانبها وعبر مختلف المستويات.
أسامة الروماني مع شكسبير
الفنان أسامة الروماني، ولد في دمشق لوالد الفنانين (أسامة وهاني الروماني)، الذي كان سياسيا ينتمي للكتلة الوطنية، عارض الاحتلال الفرنسي لسوريا منذ عام 1920 حتى عام 1946، وفي معرض الحديث عن سيرته الذاتية قال: وقفت على خشبة المسرح لأول مرة عندما أسند إلى دور صغير في مسرحية (الليلة الثانية عشرة) لشكسبير، ثم شاركت في مسرحية (تاجر البندقية) وعدد من الأعمال المسرحية العالمية التي كانت تقدمها الندوة التي أسسها مع شقيقه الأكبر (هاني الروماني)، والتي اتجهت فيما بعد للمسرح العربي، فتم الاعتماد على نصوص (توفيق الحكيم، ويوسف مقدسي، وعلي كنعان، ومن ثم سعد الله ونوس)، مؤكدا أن (الندوة) كانت تقدم عروضا مسرحية جيدة إلى درجة أن الدكتور رفيق الصبان، في العام 1976، أخرج مسرحية لطلاب الأدب الإنكليزي تحت عنوان (جعجة بلا طحن) باللغة الإنكليزية، وشارك فيها (أسامة وهاني)، وتم تقديمها كنشاط للجامعة، ثم تم عرضها في الجامعة الأميركية في بيروت لمدة أسبوع، وقد أشاد النقاد بها كثيراً رغم أن جميع المشاركين فيها كانوا من الهواة.
كما لم ينس أسامة الروماني ردة فعل أحد الأساتذة الفرنسيين الذي كان يدرس في جامعة دمشق، وكان يدعى (بيير لابير)، والذي حضر إحدى مسرحيات (الروماني) وزملائه، وكيف صفق لهم وهنأهم على ما قدموه، وكان ذلك مصدر استغراب لهم، وهو الفرنسي القادم من بلد تقدم فيه أهم العروض، وحين سئل عن سبب هذا التصفيق أجاب: (أنا أصفق للجهد الذي بذلتموه ولمحاولاتكم).
وبدأ أسامة الروماني مسيرته الفنية في الستينات، وذلك عندما شارك في مسلسل بعنوان (ساعي البريد) في عام 1963، شارك بعدها في مسلسل بعنوان (زقاق المايلة)، ثم شارك بعد ذلك في مسرحية بعنوان (ضيعة تشرين) وهى مسرحية سورية كوميدية وتصنف أنها أدب سياسي ساخر، تدور أحداث المسرحية قبل حرب تشرين عام 1973، في سوريا وبعدها وانعكاس الانتصار على السوريين وعلى المواطنين العرب، المسرحية من تأليف محمد الماغوط، دريد لحام وألحان عبد الفتاح سكر ومن إخراج المخرج السوري خلدون المالح.
غربة أسامة الروماني
وقدم أسامة الروماني مسرحية أخرى بعنوان (غربة)، والتي أصبحت من أهم كلاسيكيات المسرح السوري والعربي، وهى مسرحية هادفة واجتماعية وسياسية تم إنتاجها في سوريا، تظهر المسرحية واقع الوطن العربي في فترة السبعينات بطريقة كوميدية ساخرة وكذلك نص منقطع النظير، وتدور أحداث المسرحية حول ضيعة قرية تسمى (غربة) يحكمها (بيك) يقوم بسلب الخيرات واستعباد المواطنين فيها وتركهم يعانون من التخلف والفقر، المسرحية قصة الكاتب الكبير (محمد الماغوط)، وتتوالى الأحداث عن القرية والحنين إلى الوطن، شارك في بطولة المسرحية شارك (الروماني) نخبة من كبار الفنانين والفنانات ومنهم الفنانون الكبار (دريد لحام، نهاد القلعي، ياسر العظمة، سامية الجزائري، صباح جزائري، عمر حجو)، وعدد كبير من نجوم ونجمات الفن السوري، وحققت المسرحية نجاحا كبيرا على المستوى العربي وهى من إخراج (خلدون المالح) وتم إنتاجها في عام 1976.
إقرأ أيضا : نسرين طافش تعيد ألق الدراما السورية بـ (جوقة عزيزة)
بعد ذلك سافر أسامة الروماني إلى الكويت والتحق بالعمل في مؤسسة الانتاج البرامجي المشترك لدول الخليج العربية في العام 1979، ظل يعمل في هذه المؤسسة منذ ذلك التاريخ وساهم في برنامج (افتح يا سمسم) بأجزائه الثلاثة وكان مديرا للعديد من مشاريع الموسسة التوعوية والتسجيلية والدرامية، كما ساهم في صياغة مجموعة من السيناريوهات لأفلام تسجيلية ووثائقية وعلمية كان آخرها فيلم عن الآثار في دول مجلس التعاون، وقام بتصميم المحتوى للعديد من الفعاليات المحلية كاحتفالات جامعة الكويت ويوم المعلم وغيرها من الانشطة والفعاليات في مناسبات وطنية وثقافية، وأنجز للتلفزيون برامج عدة كان أحدثها سيناريو فيلم (المستشفى الامريكاني) بمناسبة مرور مائة عام على انشائه.
أروع أعمال أسامة الروماني
معروف أن الفنان القدير شارك في أعمال سورية مثل مسلسل (زقاق المايلة)، وهو مسلسل سوري، كتب السيناريوله الكاتب الراحل (عدنان حبال) وأخرجه الفنان الراحل شكيب غنام والمسلسل معد على نص مسرحي كتبه المؤلف المصري (محمود دياب)، وهو من التجارب القليلة في الدراما التلفزيونية العربية التي تعتمد على نص مسرحي، حاول كاتب السيناريو أن يبتعد في أحداث المسلسل بقدر الإمكان عن المشهدية المسرحية وساعده على ذلك النص الذي يعتمد بشكل كبير على التشويق، وحاول كاتب السيناريو التطوير من النص ليخرج بصورة مقبولة، شارك في بطولة المسلسل كل من الفنانين (هالة شوكت، منى واصف، الفنان عدنان بركات، أحمد أيوب، عصام عبه جي، علي الرواس، نور كيالي، فايزة الشاويش، يوسف شويري، محمد خير حلواني) وغيرهم.
وتبدو مشاركته الملحوظة في المسلسل السوري الشهير (حمام القيشاني) الذي ضم خمسة أجزاء، تم إنتاج الجزء الأول منه في عام 1994، وهو من تأليف (دياب عيد) ومن إخراج (هاني الروماني) الشقيق الأكبر للفنان أسامة الروماني، عرض المسلسل وقائع تاريخية في الأراضي السورية في حارة تسمى (حمام القيشاني)، وقد نال المسلسل الجائزة الثانية في حفل تكريم في أحد مهرجانات تكريم الأعمال الدرامية السورية، وصنف المسلسل أنه درامي تاريخي، شارك في بطولته الفنان (سلوم حداد) الذي جسد شخصية شوكت القناديلي، أما الفنان أسامة الروماني فقد جسد شخصية (أديب الشيشكلي) الذي ظهر في الجزأين الثاني والثالث.
إقرأ أيضا : الدراما السورية تهرب من الواقع باللجوء للبيئة الشامية
ثم شارك أسامة الروماني في مسلسل بعنوان (ساعي البريد)، والذي تم عرضه في عام 1963 ويعتبر بداية المشوار الفني للممثل السوري أسامة الرومان، ومن بعده شارك في فيلم بعنوان (العجاج)، وشارك في مسلسل (أسود وأبيض) عام 1964، وشارك في فيلم (وجه آخر للحب) عام 1973، وشارك في مسلسل (بريمو) عام 1973أيضا بشخصية نعمان)، وشارك في فيلم (المغامرة) عام 1974، وشارك في مسلسل (الأميرة الخضراء)، وهي الحكاية الثانية من (سيرة بني هلال) عام 1978، وشارك في (حياتنا) في عام 1980، وشارك في مسلسل (بصمات على جدار الزمن) عام 1980 وجسد فيه شخصية (مصطفى).
كسر عظم ومربى العز
وما ما أن شاع خبر عودة الفنان أسامة الروماني إلى دمشق في الأوساط الدرامية – قبل عامين – بعد غياب طال لعقود طويلة حتى تلقى عروضا عدة، من المخرجين وشركات الإنتاج، للعودة إلى الدراما التي انقطع عنها لعقود، وشارك بالفعل من خلال عشارية (وثيقة شرف) بدور (الكاتب ممدوح)، إخراج باسم السلكا، نص عثمان جحى ومؤيد النابلسي، تلتها مباشرة تجربته الثانية مع المخرج المميز والموهوب باسم السلكا، في مسلسل (على قيد الحب) مع رفيق دربه (دريد لحام)، نص فادي قوشقجي، كما شارك في مسلسل كسر عضم ، بدور ذي ملامح شيطانية، إخراج رشا شربتجي، نص علي الصالح، والعمل يتناول استغلال حيتان المال لثغرات القوانين، بغية تنفيذ مآربهم الشائنة، كما حل ضيفاً على المسلسل الكوميدي (حوازيق) في حلقات متصلة/ منفصلة، مع عدد من نجوم الدراما السورية، إخراج رشاد كوكش، نص زياد ساري.
وكان له ظهور مميز للغاية في مسلسلي خريف عمر، و مربى العز في موسم رمضان 2023، حيث لعب في الثاني بعذوبة درور أحد شيوخ الحارة (أبو علاء) ليقدم دورا مهما يؤكد على موهبته التي لم تصدأ أبدا رغم الانقطاع الطويل عن الشاشة التلفزيونية.
أشهر أقوال أسامة الروماني :
** المسرح لاينهض على أكتاف محبيه من ممثلين وفنيين بلا دعم مادي من الوزارات القائمة عليه ففي كل دول العالم هناك ميزانيات كبرى لدعم المسرح.
** السينما فن محلي، إذا لم تحقق إيرادات الجمهور المحلي تكلفة الأفلام وأرباحها، يفضَل ألا نقوم بصناعتها.
** الشخص المناسب للمكان، هو من يحسب حسابا لمن هم أقل منه رتبة، ويحسب له حساب ممن هم أعلى منه رتبة، مع تقديري لكل الأوضاع الحرجة التي يمر بها وطننا، ولكن دور هذه المؤسسات الآن هو رد للجميل الشخصي فقط.
** هناك فهم خاطئ للنظام الداخلي للنقابة، لايجوز فصل عضو من نقابة مهنية من أجل الرسوم الماديّة فقط، يتم تجميد عضويته حتى يتم الدفع، وللأسف عند تواصلي مع أحد الإداريين في النقابة منذ سنتين قال لي: يجب أن تدفع الرسوم ومن ثم عليك أن تقوم بتقديم طلب إلى مجلس الإدارة وبعد ذلك يتم النظر بأمره إما مع الموافقة أو عدمها لذلك لم ولن أجدد انتسابي.
** لا أمانع من دخول أبنائي الوسط الفني، لأنه ليس كما يتبادر للذهن أنه مليء بالعقبات، فهو مثل أي وسط آخر فيه بيئات مختلفة، وأفكار متنوعة، والشخص هو الذي يحدد مكانته في هذا الوسط.
** ما قدمته مع أبناء جيلي فتح نافذة لأسلوب جديد بعد تجارب الرواد التي اعتمدت على المسرح الكوميدي من (عبد اللطيف فتحي، ونزار فؤاد ومحمد علي عبده، وشفيق المنفلوطي، وعلي الرواس، ومحمد خير حلواني) الذين ناضلوا وساهموا بتثبيت دعائم المسرح السوري ممهدين الطريق لهم.
** المسرح الخاص لم يكن ظاهرا على الساحة بشكل كبير ومن أمثلته (مسرح الأخوين قنوع، وناجي جبر)، الذين استثمروا نجاح أعمال (صح النوم وملح وسكر) وشخصياتها فنسجوا مسرحياتهم بناء عليها.
** في زمننا كنا نتعلم ونكتشف من أنفسنا ونسمع النصائح ونقوي ما نمتلكه ونتجنب ما نخطئ به، وكنا صادقين مع أنفسنا، مؤكدا أن الفن ابتكره الإنسان ليرتقي بنفسه.
** ليست كل البرامج المستوردة هدامة، هناك الكثير من المعلومات التي تقدم من خلالها وترعاها مؤسسات محترمة لديها أهداف تربوية تسهم في تعليم الطفل على أسس صحيحة، ومن الممكن الاستفادة منها، وببساطة يمكن التمييز بينها وبين البرامج الهدامة وغير المفيدة التي تسيء لعقول أطفالنا.
** الدراما السورية رغم أنها تعرضت لنكسة خلال سنوات الأزمة الماضية إلا أنها حاولت بكل جهود الناس الموجودين ورغبتهم ألا يغيبوا عن المشاهدين الذين اعتادوا عليهم، لذلك فإن الصعود والهبوط هو عائد للظروف أكثر من عائديته للفنانين.
** قرار العودة كان محسوما بالنسبة لي، فسوريا قدمت لي الكثير وعودتي شكل من أشكال رد الجميل، مؤكدا أن وجوده في وطنه يحقق له الراحة النفسية.
وفي النهاية لابد لي من تحية تقدير واحترام لروح الفنان القدير الراحل أسامة الروماني، فنان كبير أخلص بعمله ممثلا، مؤلفا، مخرجا، ومديرا للإنتاج، تلازم اسمه مع اسم شقيقه الممثل والمخرج الراحل (هاني الروماني)، حيث ساهما في تأسيس المنتديات الفنية والفكرية بالتزامن مع إنشاء المسرح القومي في سورية، فاستجابا لمبادرة الكاتب (سعدالله ونوس والمخرج علاء الدين كوكش) في تأسيس فرقة مسرحية خاصة تاركين بذلك نقاط وعلامات مهمة في مسيرة المسرح السوري، وهو من أوائل من نهضوا بالحركة المسرحيّة الطلابية، وأحد مؤسسي مهرجان دمشق للفنون المسرحية، وتميز بعفوية الأداء وخفة الظل، وبالإضافة لعمله كممثل، ساهم في التأليف ومعالجة النّصوص الدرامية مع (فرقة الفنون الدرامية للتلفزيون السوري) التي أسسها الدكتور رفيق الصبّان عام 1963.. رحم الله الفنان القدير بقدرعطائه الوفير في المسرح والسينما والتلفزيون.