في ذكرى (محمد رشدي) نكشف سر تنازله عن أغنية (الهوى هوايا) لعبدالحليم
كتب : أحمد السماحي
نحيي هذه الأيام ذكرى مطرب العمال والفلاحين (محمد رشدي) الذي رحل عن حياتنا يوم 2 مايو عام 2005، وكأنه يريد تذكيرنا حتى في رحيله بالعمال الذي نحتفل بعيدهم في الأول من شهر مايو، والذي غنى لهم أروع أغانيه، وكأنه يواكب في حياته ورحيله هذه الفئة الشعبية التى وقع عليها ظلم كبير، حتى جاء (أدهم الغناء) وساندهم ووقف بجوارهم وأنشد لهم أروع أغنياتهم.
ويحسب لمحمد رشدي أنه حقق في الفن مالم يحققه مطرب قبله!، حيث جعل كل مطربين مصر من منتصف الستينات وحتى بداية السبعينات يتجهون بقوة إلى الأغنية الشعبية التى نجح فيها بقوة، وكانت سببا في التفاف الجماهير المصرية والعربية حول صوته، وعلى الرغم من ضراوة الحرب التى شنت عليه، فقد أثبت وجوده بارتباطه بالغناء لفئات الشعب التى كانت تفتقد اللون الشعبي الذي قدمه.
في الذكرى الثامنة عشر لرحيله نكشف عن سر مجهول لا يعلمه أحد وهو تنازله عن أغنية (الهوا هوايا) كلمات عبدالرحمن الأبنودي، وألحان بليغ حمدي، لزميله المطرب عبدالحليم حافظ، والحكاية ببساطة كما جاءت في مجلة (الموعد) عام 1967، أن محمد رشدي استطاع بدون قصد وبصورة عفوية أن يأخذ المبادرة في تحقيق الفكرة الفنية التى كان يحلم وينادي بها الموسيقار بليغ حمدي، وهي مشروع (المائة أسطوانة فولكلورية) التى تبعث الحياة والتجديد في مئات الأغنيات الفلكلورية العربية.
وكان محمد رشدي أو (مطرب الأرض الخضراء) كما يسميه الموسيقار (محمد عبدالوهاب) قد سجل أكثر من عشرين أغنية فولكلورية مصرية من التراث الفني القديم، وعندما سافر إلى ليبيا للغناء في (مهرجان معرض طرابلس الدولي) استهواه أيضا الفولكلور الليبي فسجل من أغانيه أنشودة بعنوان (من جلبي وروحي) التى ألفها الشاعر الليبي (محمد الشيخي)، ولحنها ملحن طرابلس الغرب (كاظم نديم)، ويبدو أن المطرب الذي تنبع أغانيه من صميم الأحاسيس الشعبية، لن يقف في خطواته عند هذا الحد بل سينتقل إلى بيروت ليسجل مجموعة من الأغنيات الفولكلورية اللبنانية سيبدأها بأغنية قام بتعديل كلماتها إلى اللهجة المصرية الشاعر (عبدالرحمن الأبنودي)، ولحنها (بليغ حمدي)، بعنوان (الهوا هوايا) والتى يقول مطلعها:
الهوا هوايا ابنيلك قصر عالي
وأوهبلك كل مالي، وأشوف منك عيالي
صبيان ولا صبايا، أنا الهوا هوايا
لن يكتفي رشدي بليبيا ولبنان بل سينتقل إلى سوريا والعراق والكويت، للغرض نفسه، ولن ينتهي من رحلاته هذه إلا بعد أن يحقق فكرة المائة أغنية فولكلورية التى هى حلم من أعز أحلام الموسيقار (بليغ حمدي) الذي سيكون جنبا إلى جنب مع (محمد رشدي) في طوافه حول الأرض العربية.
والسؤال الآن الذي سيسأله القارئ العزيز كيف انتقلت أغنية (الهوا هوايا) من رشدي لحليم، والحكاية ببساطة أثناء وجود (العندليب، وبليغ حمدي، وحسين كمال) في لبنان لمعاينة أماكن تصوير فيلم (أبي قوق الشجرة) وارتباط عبدالحليم حافظ بعدة حفلات في بيروت، سمع بالمصادفة (بليغ حمدي) وهو يدندن لحن (الهوا هوايا) فجن جنونه باللحن، لكن توقف عند الكلمات وطلب تعديلها، ووقع (بليغ حمدي) في حيره بين (حليم ورشدي)، لكن نظرا لمعرفة بليغ حمدي بطيبة قلب (محمد رشدي) عندما حضر إلى مصر، زار (محمد رشدي) وطلب منه أن يتنازل عن أغنيته (الهوا هوايا) لأن حليم يريد ضمها لفيلمه (أبي فوق الشجرة)، ورغم أن (عم محمد رشدي) كان يجري عليها بروفات مع المايسترو صلاح عرام، لكنه وافق بطيب خاطر، حتى لا يخسر (بليغ حمدي) حيث خسر من قبل (الأبنودي) عندما قال: (الأبنودي الشاعر بتاعي) يومها غضب الأبنودي وقال: (أنا مش بتاع حد!)، وهكذا انتقلت أغنية (الهوا هوايا) من محمد رشدي إلى عبدالحليم حافظ، وقريبا سننشر كلماتها الأولى كاملة في باب (محذوفات الأغاني).