مريم فخر الدين ومحمود ذوالفقار .. الأرض الطيبة سبب زواجهما (1/2)
* دخلت المجال الفني بسبب غلاف لها على مجلة (إيماج) الفرنسية
* بعد فوزها بلقب (فتاة الغلاف) طرق بابها أنور وجدي وفريد الأطرش وحسين صدقي
* أحمد بدرخان أقنع والدها بدخول ابنته السينما بسبب مشهد الصلاة
* محمود ذوالفقار جاء ليبارك لصديقه (إبراهيم عماره) فيلمه الجديد فوقع في غرام الوجه الجديد
* الأب اشترط على محمود ذوالفقار مجموعة شروط فطلب أن يتزوج مريم فخر الدين
كتب : أحمد السماحي
سعت الأضواء والشهرة مبكرا إلى النجمة مريم فخر الدين ولم تسع هى إليها، على مدى تاريخ السينما المصرية لم ترى السينما جمالا مثل جمالها، لهذا أصبحت فى سنوات الخمسينات وحتى منتصف الستينات أيقونة الجمال والرومانسية في زمن الأبيض والأسود، حيث كانت تمتلك وجها جميلا عشقته كاميرات السينما حتى لو كان خاليا من الانفعالات!، لكن وجودها كان يمنح الكادر السينمائي القدر المطلوب من الجمال.
إقرا أيضا: هربت من نار صلاح نصر في القاهرة إلى جنة فهد بلان في لبنان
مريم فخر الدين غلاف مجلة إيماج
لم تسع مريم فخر الدين للفن، ولكن الفن من سع إليها، عبر غلاف مجلة (إيماج)، حيث ذهبت الأم لتصور ابنتها فى عيد ميلادها السابع عشر، ويومها أقنع المصور الفوتوغرافي (واينبرج) الأم بأن تشارك ابنتها في مسابقة (فتاة الغلاف) التي تنظمها إحدى المجلات الفرنسية (إيماج)، وأن الصورة ستكون مجانية، بينما إذا رفضت هذا العرض، ستدفع خمسة جنيهات لست صور، ووافقت الأم على الفكرة، ووقتها كانت المجلة تصدر من مؤسسة (دار الهلال)، وبالفعل اختيرت (مريم) كأفضل وجه من بين مئات المتسابقات، وفازت بالجائزة الأولى، وقدرها 250 جنيهاً، وكان مبلغاً كبيراً في ذلك الوقت.
ثورة الأب على مريم فخر الدين
استشاط الأب مهندس الري (محمد أفندي) والد مريم فخر الدين غضباً، وعنف زوجته المجرية، وألقى بشيك الجائزة على الأرض، ودبت الخصومة بينهما أياماً، بينما قامت (مريم) بصرف الشيك من البنك، واشترت ملابس جديدة لها ولشقيقها يوسف، وبعض الهدايا لأبيها وأمها، ومنها مناديل حريرية، لم يستعملها والدها طيلة حياته.
لفتت صورة الفائزة في مسابقة (أجمل وجه) أنظار المنتجين والمخرجين، لاسيما بعد أن نشرتها (دار الهلال) على أغلفة إصداراتها الأخرى مثل (المصور، والكواكب) وطرق باب المهندس (محمد فخر الدين) نجوم بحجم (أنور وجدي، وفريد الأطرش، وحسين صدقي)، ليقنعوه بالموافقة على اشتغال ابنته بالتمثيل، لكنه رفض طلبهما، وحسب قول (مريم) فى أحد الحوارات بيننا أنه طردهم.
أحمد بدرخان ومريم فخر الدين
لم تقتصر دقات منزل (محمد فخر الدين) على أهل الفن فقط، فقد سعى إلى ابنته التى لم تكمل السابعة عشر، كثير من الأعيان والوجهاء، وكبار الموظفين، لدرجة أن جسدها ضعف من كثرة التفكير في عروض الزواج والسينما، لكنها كانت تفضل عروض السينما، وأثناء ذلك دق الباب المخرج السينمائي الشهير (أحمد بدرخان) صاحب أشهر الأفلام الغنائية لـ (أم كلثوم، أسمهان، فريد الأطرش) وغيرهم، وطلب من المهندس المتنقل من محافظة إلى أخرى أن تعمل ابنته معه فى أحد الأفلام التى يستعد لإخراجها، ولكن قوبل طلبه بالرفض مثل غيره، لكن الميزة التى كانت فى (بدرخان) إنه لم ييأس، حيث حاول مرة واثنين، وثلاثة.
اشفق (محمد فخر الدين) على ابنته (مريم) من الضعف والهزال، واستطاع (بدرخان) من ناحية ثانية أن يلين أعصابه، بعد أخذ، ورد، وذهاب، وعودة، فقال للأب أن أول مشهد لابنته في فيلم (ليلة غرام) ستظهر وهى جالسة على السجادة تصلي، وهذا سيكون قدوة لبنات كثيرات، وبعد طول تفكير وافق والداها على عملها فى السينما.
شروط مريم فخر الدين القاسية
وضع الأب قائمة من الشروط، أهمها خاص بالملابس، فالفساتين التى ستمثل بها ابنته يجب أن تكون مقفولة ولا يظهر منها أي جزء من أجزاء الجسم، القبل ممنوعة في أي مكان وزمان، الكلام في الحب ممنوع، ويجب أن تظهر مريم فخر الدين على الشاشة بكل وقار واحترام، ويجب أن يكون الدور الذي ستقوم ببطولته دور بنت مستقيمة، وشريفة، وتحافظ على الأخلاق والقيم، ولا تخرج عن الأصول والتقاليد أبدا.
والشرط الأخير والهام لـ مريم فخر الدين هو يجب أن يقرأ السيناريو كله، كلمة، كلمة، وأن يوافق عليه، ورغم كل هذه الشروط المجحفة وافق (أحمد بدرخان)، وتم الاتفاق، وتم توقيع العقد، وكانت هذه خطوة كبيرة جدا بالنسية لـ مريم فخر الدين، بل وربما كانت أكبر خطوة فى حياتها على الإطلاق، وظل والدها نادما عليها، فقد كان سعيدا بتحمل كل هموم البيت، وكان يقول باستمرار: (نفسي تتجوز مريم، وأشوفها مستورة في بيت زوجها).
عندما بدأت مريم فخر الدين عملها الفني غير والدها كثير من قوانين البيت، وكان من جملة هذه القوانين، قانون مادي يقول: (كل قرش تكسبه مريم يضع فى البنك باسمها، ولا يصرف منه شيئ على البيت أبدا)، بل يبقى لها ولمستقبلها، وفتح لها والدها حسابا بالبنك، وقال لها: (طالما أنا حي فيجب أن تعيشي بفلوسي أنا، يجب أن تضعي كل قرش في البنك، مفيش صناديق رنجة التى تحبيها، مفيش فساتين يمين وشمال، فلوسك فى البنك وتعيشي فى البيت كبنت لـ محمد فخر الدين).
ليلة غرام مريم فخر الدين
بدأ العمل في فيلم (ليلة غرام) وكل نجوم الإنتاج والإخراج جاءوا يباركوا للمخرج الكبير (أحمد بدرخان)، وكثير منهم خاصة من نجوم الإخراج والإنتاج تسمروا أمام جمال الوجه الجديد مريم فخر الدين حيث رأوا فتاة ممشوقة القوام، فاتنة الجمال، شعرها خليط من اللون الأصفر والبني، لها ابتسامة جذابة تأسر القلوب، تشبه نجمات هوليود، وبدأ الجميع يتودد لها، ويطلب القرب منها.
إقرأ أيضا : مريم فخر الدين وافقت على الزواج من محمود ذوالفقار بشرط أن تكون العصمة في يدها !
قبل أن ينتهي فيلمها الأول كان والدها يقرأ فيلمها الثاني (المساكين) الذي عرضه عليه الفنان (حسين صدقي) وأثناء القراءة عرض فيلم (ليلة غرام) وحقق نجاحا طيبا، شجع كثير من المخرجين والمنتجين لإسناد بطولة فيلمهم للوجه الجديد (مريم فخر الدين)، وأثناء ذلك عاد (حسين صدقي) يتردد على منزل (محمد أفندي فخر الدين) للحصول على موافقته على قيام ابنته ببطولة فيلم (المساكين) الذي يروي قصة صداقة بريئة تربط بين الطفل الثري (ممدوح/ حسين صدقي) والطفلة الفقيرة (فتحية/ مريم فخر الدين)، إلا أن الظروف تُفَرِقهما ليعودا ويلتقيا بعد سنوات، يصير الشاب ضابطًا، في حين تعمل الفتاة في كباريه مع شقيقتها الراقصة (منيرة/ تحية كاريوكا)، ولكنه لا يستطيع البُعد عنها بالرغم من ذلك، وتتوالى الأحداث.
وبعد قراءة (محمد) والد مريم فخر الدين لفيلم (المساكين) وافق أن تقوم ابنته بالبطولة خاصة وأن بطل الفيلم ومخرجه (حسين صدقي) ملتزم أخلاقيا، وأفلامه كلها إجتماعية هادفة.
أثناء قيام (مريم فخر الدين) ببطولة فيلم (المساكين)، جاء المخرج الحاج (إبراهيم عمارة) للتعاقد مع والدها على بطولة فيلم (السماء لا تنام) بطولتها مع النجم الجديد (جمال فارس) الذي سبق وتعاون معها في بطولة فيلمها الأول (ليلة غرام)، وأحب (عمارة) بحكم ذكائه الفني المعهود أن يستفيد من نجاح (ليلة غرام)، ونظرا لأنه مثال للقدوة الطيبة في الوسط الفني وافق الأب على بطولة ابنته للفيلم الذي كتبه الكاتب (صالح جودت) وشارك في بطولته (عباس فارس، لولا صدقي، صلاح منصور، ثريا فخري، عايدة كامل، محمد الديب).
مريم فخر الدين تغسل وتكنس
رغم أن (مريم) أصبحت نجمة سينمائية لها الكثير من المعجبين والمعجبات، وتكسب الألوف من الجنيهات، ولكنها ظلت في بيت والدها تعيش مريم فخر الدين كبنت وليس كنجمة أو ممثلة، بل وأكثر من كانت تعود من الاستديو لكي تعمل في البيت، وكانت أحيانا تستعجل المخرج فى الإسراع من تصوير مشاهدها لأن اليوم يوم الغسيل، أو يوم المسح، وكانت والدتها تصر على أن تطبخ وتكنس، وهذا شيئ بسيط جدا إذا قيس بمسح البلكونة، حيث كانت لا تستطيع أن تقنع والداتها بإعفائها من ذلك بحكم أنها أصبحت معروفة وبنات وشباب الحي أصبحوا يراقبون حركاتها، فكانت تضع الطرحه على رأسها لكي تخفي ملامحها عن الجيران، و(هات يا مسح وكنس)!
في أحد الأيام وهى تعمل في فيلم (السماء لا تنام) بطولة مريم فخر الدين وجدت بعد انتهاء أحد المشاهد المخرج (إبراهيم عمارة) يستقبل رجل في بداية الأربعينات على قدر كبير من الوسامة، وإن كان يميل بعض الشيئ للسمنة، وعندما سألت عنه زميلتها في الفيلم الفنانة (لولا صدقي) استغربت بشدة، وقالت لها باندهاش وهى تنطق حرف الراء غين : معقولة متغفكيش محمود ذوالفقاغ! هذا واحد من أكبغ نجوم الفن في مصغ، وكان زوجا للمنتجة والفنانة الكبيغة (عزيزة أميغ)! تعالي أعرفك به!.
صاعق في عروق مريم فخر الدين
تيار صاعق سرى في عروق (محمود ذوالفقار) عندما لمس راحه يده كف يد مريم فخر الدين تبادلا نظرة كانت الطريق الذي فتح رحلة الحب الكبير بين الرجل الناضج والفتاة الصغيرة، و(لولا) كانت تشهد اللحظة وتسجلها وتكتب مولدها، ورهبة المكان تضاعفت وانخلع قلب (محمود ذوالفقار) عندما جذبت (مريم) يدها من يده في رقة مثيرة، دق قلب (محمود) ونسى المكان والزمان، كأن الأرض انشقت ولم يبق فوقها من المخلوقات غير (محمود ومريم)، كانت الفتاة البريئة لم تجرب هذا الإحساس من قبل، وكان هو أحد دنجوانات السينما المحاط بالنساء في كل مكان يذهب إليه بحكم نجوميته وشهرته ووسامته وإسم عائلته الكبير.
إقرأ أيضا : حيرة رشدي أباظة بين “سامية جمال ومريم فخر الدين”
ورغم هذه الخبرة والتجارب الكثيرة في عالم الحب والغرام، إلا أن (محمود ذوالفقار) تلعثم ولم يستطع الترحيب بالنجمة الشهيرة، وكأنه فقد النطق فجأة وهو الرجل (المفوه)، واستأذنت (مريم ولولا) فى الانصراف وظل هو يتابع في صمت رحيلهما ولم يفق من هذه الحالة إلا على صوت الحاج (إبراهيم عماره) وهو يقول للمخرج الشهير : ايه رحت فين يا محمود.!
مطاردة غرامية لـ مريم فخر الدين
بعد انتهاء (مريم) من بطولة فيلم (السماء لا تنام) الذي عرض وحقق نجاحا كبيرا، جعل اسم النجمة الجديدة مطلب جماهيري، تعاقدت على بطولة أفلام (نافذة على الجنة، ووعد، ورسالة غرام، وشيطان الصحراء)، ولاحظت (مريم) أن المخرج الشهير الذي يكبرها بحوالي 20 عاما يهتم بها، ويتردد على الاستديوهات التى تعمل بها دون أن يكون له عمل فيها، وعندما كانت تسلم عليه كان لا يريد أن يترك يدها، وهذا كان أقصى ما يستطيع فعله في ظل وجود حارس لا يتركها إطلاقا هو والداها.
الأرض الطيبة بطولة مريم فخر الدين
في أحد الأيام وأثناء تمثيلها بطولة فيلم (رسالة غرام) لصديقه (فريد الأطرش) وفى فترة الاستراحة استغل أن والدها خرج من الاستديو ليأتي بواجبة الغذاء فاقترب منها وقال لها: عندي فيلم جديد بعنوان (الأرض الطيبة) وشايفك في دور البطولة، نظرت إليه وقالت له بهدوء ورقة: أرسله لـ (بابا)، وبالفعل أرسلها لوالدا وبعد أن قرأ الوالد السيناريو وافق على بطولة ابنته للفيلم.
وجاء (محمود ذوالفقار) ليتعاقد مع بطلته الجديدة، وأثناء التعاقد أخرج الوالد (محمد فخر الدين) ليستة الشروط مع العقد، لا للقبلات، لا حديث في الحب، لا، لا، لا، ففجأة وضع محمود يده على رأسه وقال للأب المتشدد: ايه كل ده ما اتجوزها أحسن!
خرجت الكلمة من فم محمود ذوالفقار بسرعة وتلقائية، لكن لم يكد (محمد فخر الدين) والد مريم فخر الدين يسمع كلمة (ما اتجوزها أحسن!) حتى تمسك بها وقال للمخرج والفنان الشهير: اتجوزها أنا موافق.!