بقلم: الإعلامي: علي عبد الرحمن
مع بدء الحرب الأوكرانية منذ 14 شهرا فوجئت وكثير معي بأن لمصر 3000 طالب يدرسون في روسيا وعدد في أوكرانيا، وبعد ظهور نتيجة الثانويه العامة الأخيرة فوجئت أيضا بعدد غير قليل من طلابنا يسارعون إلي جامعات تركيا والأردن علاوة على طلابنا بالخليج ودول أوروبا وأمريكا.
ومر الأمر بشكل ملفت للتفكير وامتلأ العقل بتساؤلات كثيره سنذكرها سويا في مقالنا هذا، ثم جاءت الأزمه السودانيه ليتفاجئ كثير من المصريين بأن لنا 100 ألف طالب بالسودان، واشتعلت وسائل التواصل بالتندر والتساؤل عن مبرر تعلم هذا العدد الكبير في السودان، وهل مستوي التعليم هناك أفضل من مصر؟، أم قلة المجاميع المقبولة هناك هى الدافع؟، أم إنخفاض تكلفة التعليم والإعاشه هناك هى السبب؟.
وبالمناسبه أيضا طلابنا في روسيا وأوكرانيا وتركيا والأردن وغيرهم ليس سبب سفرهم للتعلم هو الثراء لأن في حديثي مع بعضهم وجدت أغلبهم من عامة الشعب ومن فقرائه، ومنهم مع باع أرضا أو مواش أو اقترض ليعلم إبنه، إذن السبب في سفر هؤلاء ليس الثراء وليس السياحة وليس انخفاض تكلفة التعليم والإعاشة، إنما هى تحسين مستوى التعلم في كليات القمة غالبا وكليات تقنية حديثة التخصص.
والسؤال: لدينا كل صنوف التعليم (حكومي، وخاص، وأهلي)، ولدينا مجلسين أعليين للجامعات، أولهما للجامعات الحكومية، والثاني للجامعات الخاصه والأهلية، ولدينا في كل محافظه جامعه حكوميه وأخري أو أكثر خاصة، وبدأت منظومة الجامعات الأهلية، ولدينا وزارة للتعليم العالي وحده، ولدينا لجنة قوميه لجوده التعليم؟، والسؤال الآخر: أعتقد أن عدد طلابنا بالخارج معلوم بالأرقام لمؤسسات الدولة، سواء إدارة الجوازات أو سلطات المطار أو سفاراتنا في هذه الدول، وملحقنا الثقافي فيها أيضا، وبالتأكيد معلوم لجهات أخري في مصرنا الحبيبة، ألم يثر هذا الرقم وهذه الدول شهية البحث حول أسباب خروج هذه المجاميع من طلابنا للتعلم بالخارج؟، أو كم ينفقون خارج مصر للتعلم؟، أو كم تعاني الأسر المصرية من فقدان لم الشمل.
وهذا القلق البالغ علي أبنائنا في مناطق الصراع الخارجية، ألم يفكر أحد في أن نظامنا التعليمي المتعدد الوجوه (الحكومية، والخاصة والأهلية) المترامي الكليات المتكررة، المتنوع في تكلفته علي عدة مستويات، هذا النظام التعليمي المصري بكل هذا الشمول الذي فيه، مع مايعرف عنه من تدني جودته عالميا، أليس في هذا النظام نافذة لكل هؤلاء الطلاب المغتربين تعلما؟
هل ستنقلب الدنيا لو خصصنا لهم كليات أو مقاعد في كليات في بعض الجامعات لتلبية رغباتهم التي سافروا من أجلها حتي ولو بنفس تكلفة التعلم بالخارج ونوفر عليهم تكلفة السفر والإعاشة، ونجمع شمل الأسر ونبعد عنهم هذا القلق والتوتر؟، وماهو المانع من التفكير في هذا الطرح، بل لماذا التقاعس أصلا عن التفكير في هذا الأمر؟، ولماذا أصبحنا طاردين في مجال التعليم بعد أن كنا قبلة الراغبين في التعليم؟، ولماذا أصبحت سمعة تعليمنا ليست كسابق عهدها، لدرجة أن بعض السفارات أصبحت توصي رعاياها بعدم التعلم في مصر لانخفاض جودة التعليم فيها؟، ولماذا انخفض مستوي التعليم عندنا؟، ولماذا أصبح الخريج عندنا أجوف بدون أساسيات تخصصه.
ومن فوق كل ذلك إلى متى نفرط في قوانا الناعمة واحدة تلو الأخرى؟، فبعد الريادة الإعلامية والثقافية والفنية والدينية والتعليمية والسياحية وغيرهم من روافد قوتنا الناعمة، وها هو التعليم في مصر بما يصاحبه من سياحة وتسوق ذهب مع الريح، حتي أن أبنائنا أصبحوا يغادرون للتعلم في الخارج في دول ليست سباقة تعليميا أوربيا ولا أمريكيا بل هى دول علي قدها في مضمار التعليم.
أرجوكم راجعوا مصادر قوة مصر الناعمة قبل أن يبعد عن أطراف أصابعنا بساطها، وراجعوا أسباب هجرة أبنائنا للتعلم، ووفروا لهم ما يسافرون من أجله، ودعواتنا بالاستجابه لمطلبنا القومي هذا ولتعليمنا بجودة أفضل، ولمصرنا الحب كله، وتحيا دوما مصر..آمين.